صفحات من مدونات سورية

الشارع الأميركي : حفاة ؛ عراة ؛ غاضبون !

ظهرت سيدة على شاشات التلفزيون الأميركي مساء الأسبوع الماضي ترتدي ملابس السباحة الصيفيّة المألفة من قطعتين ( بكيني ) في عزّ الشتاء الثلجي البارد في إحدى المطارات الأميركية و عندما سألها المذيع عن السبب قالت بلهجة متهكمة أنـّه ُ ربما لن يقتنع المعنيون بأنها أرادت أن تسهـّل عمل المعنين بالتفتيش فلا داعي لإستخدام جهازهم الجديد لرؤيتها عارية ، بامكانها أن تظهر عارية برغبتها و اذا كان لديهم شك ّ بأنها تخبأ شيئا ً في ملابسها فليقوموا بالتفتيش داخل القطعتين الوحيدتين التين تغطيان أكثر المناطق حساسية في جسد الأنثى ، و زيادة ً بالتهكم قالت بلهجة ساخرة و مستفزّة معا ً : “ اذا كان هذا ما يريدون ، و يرغبون حقا ً بالتفتيش داخل ملابسي الحالية ، فليتفضلوا ، ليس َ لدي ّ ما أخفيه “ . أتت ردّة الفعل هذه كواحدة من العديد من ردات الفعل التي اعترضت على استخدام جهاز يظهر الجسد عاريا ً ( أو أقرب ما يكون للعري ) في المطارات الأميركية معتبرين أن ّ ذلك يخترق ُ الكثير من خصوصية الشعب الأميركي .
أمّا أنا فقد كانت ردّة فعلي أخف ّ وطأة ً ، و لكن بنفس حدّة التهكم ، فقد أضحكني كثيرا ً – بذات السخرية – جهاز التفتيش الحديث هذا والذي تمـّت اضافته ُ مؤخرا ً إلى المجموعه غير المتناهية من اجهزة التفتيش المستخدمة في المطارات الأميركية . أعتقد ُ في بعض الأحيان أن ّ الاف بي آي و صديقتها السكيورتي يمارسن هواية جمع أجهزة التفتيش كما يفعل ُ الأطفال مع الطوابع و العملات الدولية المختلفة .
أوّل ما مرّ في خاطري عند سماعي لنبأ بدء استخدام هذا الجهاز هو سؤال ٌ واحد ٌ بسيط جدّا ً : هل استفادت ، الاستخبارات الأميركية أو غيرها ، لو لمرّة واحدة على الأقل ، من مـنع عمليّة ٍ ارهابيّة ٍ ما قبل وقوعها باستخدام ايّ من هذه الأجهزة العالية التطور و الحساسية ؟؟
و الجواب معروف !

أحدهم قال أنـّه ُ على أوباما أن يمر ّ مع زوجته و بناته داخل هذا الجهاز أولا ً قبل َ أن يخترق خصوصية باقي شعبه ، و آخرون رفضوا المرور عبره ُ و فضلوا التفتيش باليد على عرض اجسادهم على شاشات الكومبيوتر ، هذا بالإضافة إلى ما يتناقله ُ الشارع الأميركي على أن ّ الجهاز يصدر اشعاعات تضرّ بالصحة و لا تظهر أعراضها إلّا بعد عدد ٍ معيّن ٍ من السنين .
كل ّ يغني على ليلاه ُ و ينعت ُ الجهاز الجديد بالصفات التي تحلو له ، أمـّا الحكومة الأميركية فكعادتها تعرف ُ كيف َ تتلقى غضب شعبها بحكمة ٍ فتصمت و كأن ّ الأمر لا يعنيها شيئا ً. هذا هو الحال المعتاد ، يثور الشعب و لكنه ُ سيهدأ بعد َ قليل – كما ثار و هدأ على خلع الأحذية سابقا ً و كما ثار و هدأ على العديد من الأمور الأخرى – و سيعتاد الجميع عرض اجسادهم عراة على شاشات السكيورتي و الاف بي اي و صديقاتهنّ جميعا ً . و سنشهد ُ في الأعوام القليلة القادمة اختراعا ً آخرا ً قد يضطرّ المسافر فيه للقيام بتحليل الدم و البول و ربما الضغط و السكري و لا مانع من بعض الرنين المغناطيسي و الأشعة ما فوق ( و تحت ) الحمراء و الزرقاء و البنفسجية ، كل ّ ذلك في سبيل الحصول على الإشارة الخضراء في السفر بــ “ راحة و أمان “ !

http://www.freesham.com/2010/12/blog-post_16.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى