صفحات سورية

لمصلحة مَن التقارب السوري – السعودي إذا ما تحقق في العمق؟

null
اميل خوري
لمصلحة من يكون التقارب السعودي – السوري اذا تحقق في العمق، وكذلك الانفتاح الاميركي على سوريا؟ هل يكون لمصلحة قوى 8 أو قوى 14 آذار، ام لمصلحة لبنان اذا خلطت اوراق هذه القوى او تلك نتيجة هذين التقارب والانفتاح، فلا يكون ثمة غالب ومغلوب في الانتخابات النيابية المقبلة؟
ثمة من يعتقد ان التقارب السوري – السعودي الذي يفتح الباب لتقارب مصري وتالياً عربي شامل، قد يكون لمصلحة قوى 14 آذار لانها تدين بالولاء لخط سياسي لا تدين به قوى 8 آذار التي تساند خطاً سياسياً آخر، لا علاقة للعرب ولا للغرب به، لان ايران هي التي تقوده وتعرض امن المنطقة للخطر بمد ثورتها اليها. وقد يأتي وقت ترى فيه سوريا ان لا مصلحة لها في استمرار سيرها مع هذا الخط، والعودة الى الفلك العربي… وثمة من يعتقد ان التقارب والانفتاح قد يصبان في مصلحة قوى 8 آذار لانها هي الاقدر على تنفيذ ما لا تستطيعه قوى 14 آذار في ظل الوضع القائم في لبنان سواء في ما يتعلق بالقرارات الدولية، ام بالعلاقات مع سوريا، وبالامن على الحدود مع اسرائيل.
لكن اوساطاً سياسية مراقبة ترى ان التقارب السوري – السعودي والانفتاح الاميركي على سوريا يصبان في مصلحة الامن والاستقرار في لبنان والمنطقة ويؤديان تالياً الى خلط الاوراق عند تشكيل اللوائح الانتخابية، بحيث تزول اسباب التوتر والتشنج بين المرشحين المتنافسين ولا يعود الخطاب السياسي والانتخابي شديد اللهجة، لان هذا الخطاب يفقد المادة التي تصلح لتبادل الاتهامات والانتقامات بين من يهاجم السعودية ويحمل عليها، ومن يهاجم سوريا ويحمل عليها، او من يهاجم الولايات المتحدة، لان التقارب والانفتاح بين هؤلاء يجعل المرشحين المتنافسين يفقدون ورقة تجييش الناخبين وتعبئتهم مع هذا الطرف او ذاك ودعوتهم الى الاختيار بين هذا الخط السياسي او ذاك، اذ يصبح الخط واحداً مع تحقيق هذين التقارب والانفتاح، حتى ان القضية الفلسطينية لا تبقى ورقة للمتاجرة عندما يتم التوصل الى اتفاق على اقامة دولة فلسطينية الى جانب الدولة العبرية كخطوة مهمة على طريق تحقيق السلام الشامل والعادل.
لوائح ائتلافية…
وتذهب الاوساط نفسها الى ترجيح التوصل الى اتفاق على تشكيل لوائح انتخابية ائتلافية حيث يمكن ذلك وخصوصاً في الدوائر الحساسة منعاً لاي تصادم وتوتر. فكما صار اتفاق في مؤتمر الدوحة على ان يكون العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً، وان تؤلف حكومة وحدة وطنية، وان تجرى الانتخابات على اساس قانون 1960، قد يصير اتفاق على تشكيل لوائح انتخابية توافقية ايضاً بسعي محلي وعربي ودولي، حرصاً على الامن والاستقرار في لبنان والمنطقة وكي ينصرف الجميع الى مواجهة الازمة المالية العالمية باتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع تداعياتها وتوفير الاجواء الملائمة للاستثمار وايجاد فرص عمل من اجل محاربة البطالة التي يزداد خطرها على الاوضاع الاجتماعية والمعيشية في كل دولة.
وعندما تجرى الانتخابات النيابية في اجواء هادئة يسودها الوفاق والتوافق في كثير من الدوائر الانتخابية، يصبح في الامكان التوصل الى اتفاق على تأليف حكومة وحدة وطنية لا خلاف بين اعضائها على برنامج عملها ولا تناقض في مواقفهم من القضايا المطروحة كما هي الحال داخل الحكومة الحالية، لان اجواء ما بعد الانتخابات قد تكون مختلفة عن اجواء ما قبلها عندما يتحقق التقارب في العمق بين سوريا والسعودية، ويتوصل الانفتاح الاميركي على سوريا الى تفاهمات على كثير من الامور التي كانت موضع خلاف. وقد تكون هذه الاجواء التي يتوقعها الرئيس نبيه بري هي التي جعلته يتحدث عن ربيع لبنان ويؤكد تأليف حكومة وحدة وطنية لان لبنان لا يحكم الا بالوفاق والتوافق، ولانه راهن في الاساس وقبل الدوحة على معادلة “س س” اي سوريا والسعودية لانها وحدها القادرة على ازالة التوتر الامني والسياسي في لبنان واشاعة الامن والاستقرار فيه. فكما ان التأزم في الانتخابات الرئاسية انتهى بالاتفاق على ان يكون العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وقد حظي ذلك بتأييد محلي وعربي ودولي، فإن التأزم الذي يواجه الانتخابات النيابية قد ينتهي بالاتفاق على تشكيل لوائح ائتلافية يكون للقوى السياسية الاساسية في البلاد حصة عادلة فيها، وان مجلس النواب الذي ينبثق منها لا يعود مجلساً منقسماً بين كتلتين كبيرتين 8 و14 آذار بل بين مجموعة كتل تلتقي غالبيتها على خط سياسي واحد اساسه الحرص على سيادة لبنان واستقلاله وقراره الوطني الحر، واعتماد سياسة الحياد الايجابي بعيداً من سياسة المحاور التي تحول لبنان ساحة صراعات او حقل صيد، مع الانفتاح على جميع الدول الشقيقة والصديقة والتعاون معها في ضوء مصلحة لبنان وخدمة لها.
… وحكومة منسجمة ومنتجة
وعندما تكون لغالبية النواب رؤية مشتركة حيال معظم القضايا المطروحة، فإن تأليف حكومة وحدة وطنية او وفاقية من هذه الغالبية، لا يعود يواجه ما تواجهه الحكومة الحالية التي تضم اضداداً ومتخاصمين ولا رؤية مشتركة لهم في اي موضوع مهم، بل تكون حكومة منسجمة ومتجانسة ومنتجة، وخصوصاً في ظروف اقتصادية ومالية واجتماعية ومعيشية صعبة وتتطلب مواجهتها اتخاذ القرارات من دون ابطاء واقرار المشاريع المهمة، دونما خوف من وجود “ثلث معطل” ولا من وجود اكثرية تستأثر باتخاذ هذه القرارات.
فهل يتحقق التقارب السوري – السعودي في العمق كي تتحقق هذه الصورة المطمئنة في الانتخابات النيابية المقبلة، والا كانت انتخابات “كسر عظم” وفيها غالب ومغلوب، ولو اصبح لبنان هو المغلوب؟… والوضع في المنطقة يميل الى الانفجار وليس الى الانفراج.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى