صفحات الناس

بالمقلوب : من يحمي المعلمين السوريين من الضرب !!!

null
المحامي لؤي اسماعيل
منذ بضعة أشهر انشغل الرأي العام المحلي وربما العالمي بما با يعرف بقضية ” معلمتي الفايس بوك ” وذلك من خلال نشر مقطع فيديو يصور فيه قيام معلمتين بمعاقبة وضرب الطلاب بصورة وصفت بالوحشية ، وقد تنادت العديد من المواقع الالكترونية والصفحات الشخصية للقيام بحملة إعلامية واسعة تستهدف تلك المعلمتين بالعقاب وتجعل منهما عبرة لمن يعتبر ولمن يتجرأ على ” تعقيد ” الطلاب بالضرب والاهانة وقد أدى ذلك إلى حد تدخل وزير التربية شخصيا بالموضوع حيث بدأت عملية بحث مكثفة لمعرفة هوية المعلمتين صاحبتا التسجيل ، كل هذا والمواقع الالكترونية تراقب وتحلل وتطالب وتناشد وتستنتج.. إلى تم أخيرا معرفة هوية المعلمتين حيث تبين أنهما قد عوقبتا سابقا ولكن ربما لم يكن العقاب كافيا لذلك تمت إعادة تشكيل العقوبة لتصل إلى الفصل نهائيا من مهنة التعليم التي يجب أن تتوافر فيها الكثير من الصفات الأخلاقية والتربوية لمن يريد أن يدخل ذلك السلك ويحمل عبء تأهيل الأطفال عمليا ونفسيا بعيدا عن العنف والضرب والاهانة حفاظا على توزان الأطفال النفسي وبهذا القرار هدأت فورة الإعلام وطويت الصفحة .
في سوريا صدرت أوامر مشددة أكد عليها السيد وزير التربية مرات عديدة حيث منع الضرب بالمدارس منعا باتا تحت طائلة المسائلة المسلكية التي قد تكون قاسية ولربما قضية معلمتي الفايس بوك قد تجعل الكثير من المعلمين ينفخون على اللبن وبكل الأحوال لا يعد الضرب وسيلة للتعليم والتأديب على أن يشمل منع الضرب المعلمون أنفسهم وليس الطلاب فقط !!
منذ فترة قريبة تعرض مدير إحدى المدارس في طرطوس للضرب المبرح من قبل أحد الأشخاص بعد قيام المدير المذكور بمحاولة جاهدة لمنع تواجد الشباب أمام مدرسته لدرجة انه استعان بالشرطة للقيام بذلك وكانت النتيجة محاولة انتقام قام بها أحد أقارب شخص قد طالته إجراءات المدير حيث انهال عليه بالضرب ببورية الحديد الامر الذي استدعى نقله إلى المشفى لتلقي العلاج .. أين وصلت تفاصيل هذه القضية قضائيا لا أعلم لكن إعلاميا أقول أن هذه القضية مرت كخبر عابر تم حشوه كتكملة عدد في بعض الجرائد والمواقع الالكترونية وتم تجاوزه خلال فترة قصيرة دون توقف عنده ودون أن نسمع على سبيل المثال أن السيد وزير التربية قد زار المدير المذكور في المشفى أو المدرسة وخفف عنه الألم النفسي والجسدي الذي تعرض له – هل حدث ذلك لا أعلم لكن إن حدث فثمة تقصير من قبل الوزارة نفسها في الكشف عنه – ولم نشاهد نفس الحملة على الفايس بوك أو الصفحات الشخصية للحفاظ على كرامة العملية التربوية من الهدر الأخلاقي الذي قد يصل إلى الاعتداء على مدير المدرسة وهو موظف قائم على رأس عمله فهنا يجب أن تتدخل وزارة التربية نفسها في الدعوى كما يجب في كل الأحوال أن يمتنع المدير عن إسقاط حقه الشخصي – هذا إن لم يفعل – لان الامر لم يعد يمسه منفردا بل يمس العملية التربوية كاملة ..
ومنذ بضعة أيام وبواقعة مستهجنة وتحمل أبعاد خطيرة جدا اعتدى عدد من طلبة مدرسة ثانوية الخريطة (6 كم عن مركز مدينة دير الزور) بالضرب المبرح على مديرها (ع. م. ح)، لينتهي الأمر إلى نقله إلى أحد مشافي المحافظة متأثراً من الضرب الذي طال أغلبية أنحاء جسده وعلى مرأى من عيون بعض الكادر التدريسي المقيم في المدرسة المذكورة ما شكَّل حالة من الرعب فيها والسؤال الذي بات يطرح نفسه هو هل بتنا أمام ظاهرة هي ظاهرة ضرب المعلمين ؟؟
لا أعتقد عمليا أننا وصلنا إلى هذه المرحلة فحوادث الاعتداء على المعلمين هي محدودة وما تزال تعتبر تصرفات شاذة وغير مقبولة ولكن طالما أنها تكررت فهذا يعني أنه يجب العمل بشكل جدي وحازم على قمع هذه الأفعال لمنع تفاقمها وهذا سيعتمد بالضرورة على مدى قوة القانون والإجراءات المتخذة ضد الفاعلين من جهة ومن جهة أخرى علينا أن نعيد قرءاة جميع التدابير المتخذة في وزارة التربية فيما يتعلق بما يمكن أن أسميه عملية التحديث التربوي ومدى تأثيره الفعلي على كل من الطالب والمعلم حيث أنني وبرأي شخصي أعتقد انه هذه الإجراءات أدت في جوانب منها إلى اضعاف هيبة المعلم والعملية التربوية في رمتها وهذا لا يعني بالمطلق العودة إلى أستاذ ” الفتوة ” رغم أن البعض ما يزال يعتقد أن لأستاذ الفتوة بعض الجوانب الجيدة من حيث إلزام الطلاب ببعض الانضباط والاحترام للمنظر العام للطالب فمن يرى الكثير من الطالبات اليوم بمظهرهن الخارجي يظن للوهلة الأولى أنهن ذاهبات لإحدى المعارض لا للمدرسة ..
وفي المحصلة هنالك علامة استفهام عريضة وعريضة جدا أضعها برسم جميع وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والالكترونية عن سبب تجاوزها لمثل هذه الحوادث وعدم التوقف عندها على غرار حادثة الفيس بوك أم أن المعلمين لا يستحقون مثل هذه الوقفة معهم ؟ على كل سأنتظر ما سيصدر عن وزارة التربية بهذا الخصوص فالمعروف عن وزير التربية تشدده في مسألة ضرب الطلاب ونحن ننتظر موقفا منه أشد فيما يتعلق بمسألة ضرب المعلمين .
– كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى