الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

فتوى خامنئي

ساطع نور الدين
الحكم القاطع الذي أصدره المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي على المحكمة الدولية بالبطلان يعادل الفتوى، التي تتخطى الشأن السياسي وتلامس التحريم الديني، مع أنها موقف في السياسة أكثر مما هي موقف في الدين، يضيء على حقيقة معروفة أن لبنان ومقاومته هما جزء من الأمن القومي في إيران، وعنصر من عناصر ملفها في المفاوضات النووية مع الغرب، المقرر أن تستأنف في اسطنبول في نهاية الشهر المقبل.
لم يكن خامنئي في موقفه المدوي من المحكمة يساجل ضيفه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي بات يشاطره نصف رأيه وأكثر من نصف مخاوفه في الشأن اللبناني الحرج، ولا كان يخاطب أحدا في بيروت، لا حزب الله الذي يعرف قيمته بالنسبة إلى القيادة الإيرانية، ولا خصومه الذين يعرفون حجمهم بالنسبة إلى إيران. كان القائد الإيراني الأعلى يتحدث مباشرة مع الأميركيين ومع شركائهم المفاوضين حول الملف النووي الإيراني، ويبلغهم فتواه النافية للقضاء الدولي، والناهية عن أي شكل من أشكال المحاكمة في لاهاي.
قال خامنئي للمرة الأولى إن إيران نفسها هي المستهدفة من تلك المحكمة، وهي ستتصرف على هذا الأساس. وكان يلاقي بذلك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي صنف المحكمة في آخر خطبه العاشورائية باعتبارها عدواناً دولياً سافراً على المقاومة وعلى لبنان كله، يستدعي رداً مناسباً، يشبه أو ربما يفوق الرد على قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559 … الذي لم ينجح أحد في المناسبة في الحؤول دون تنفيذه، أو على الأقل دون تنفيذ بنده الأول والأهم، الخاص بالانسحاب العسكري السوري من الأراضي اللبنانية.
وهذا ليس تصعيداً في الموقف الإيراني، ولا هو إفصاح مفاجئ عنه، حسبما اكتشف بعض المسؤولين والسياسيين اللبنانيين. الجانب الوحيد المثير فيه هو أنه يتميز عن الموقف السوري المعلن، الذي بات يميل إلى التسليم بالقضاء الدولي وحكمه المرتقب إذا كان مبنيا على أدلة دامغة، وصار يكتفي ببعض حلفائه اللبنانيين لكي ينشر فتواه المعروفة من المحكمة… بخلاف طهران التي قررت كما يبدو أن تتقدم الصف الأمامي من المواجهة لحملة غربية متصاعدة لا تنكر أن الهدف هو حزب الله ومن ورائه إيران بالتحديد.
لا شك أن كلام خامنئي يوفر مظلة حماية واسعة لحزب الله أولا، وتالياً لإيران نفسها. لكنه سيف ذو حدين، يمكن للوهلة الأولى أن يطمئن الحليف اللبناني القوي، لكنه في مرحلة لاحقة يستدرج الأميركيين للمضي قدماً في تطوير عملية استخدام سلاح المحكمة، الذي لم يعد سلاحاً نفسياً أو معنوياً فقط، وتزويده بعناصر إضافية تخدم آليات الصراع الشامل مع إيران الذي يقترب من لحظاته الحاسمة.
صارت المحكمة بنداً على جدول أعمال مفاوضات اسطنبول الغربية الإيرانية: الاستنتاج بديهي. لكن الغوص فيه يتطلب الكثير من الحذر والمزيد من التدقيق في عرض تبادل اليورانيوم المخصب، الذي لم يكن يوما يستثني لبنان.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى