الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

إيران عام 2011

سعد محيو
حين بدأت وثائق “ويكيليكس” عن الشرق الأوسط تطفو على السطح، علّق كاتب في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي عليها بالقول: “إنها، وبسبب كون إيران محور معظمها، جعلتنا نعتقد أن ثمة دولتين عظميين في العالم، إحداهما في واشنطن والأخرى في طهران” .
هذه الملاحظة ستُعجب بلاشك الإيرانيين الفخورين بتراثهم الحضاري الإمبراطوري العريق، وبالموقع البارز الذي تحتله بلادهم هذه الأيام في الحلبة الإقليمية- الدولية .
بيد أن هذا الإرضاء الذاتي سيكون كعمر الورود حين يجابه الإيرانيون الأزمات الداخلية الحادة التي ستنفجر في وجوههم في السنة الجديدة 2011 .
إذ سيشعر ال76 مليون إيراني بآلام اقتصادية حادة لم يعاينوها من قبل، حيث يتوقع أن تقفز معدلات البطالة، خاصة بين الشباب إلى 29 في المئة (والعد مستمر) . التضخم، بلغ وفق الأرقام الرسمية 9 في المئة عام 2010 ووفق الأرقام غير الرسمية 30 في المئة . وقود الديزل وحده، الذي يستخدم أساساً في التدفئة والنقل، قفز سعره في الهزيع الأخير من العام المنصرم بنسبة 900 في المئة .
وفي هذه الأثناء، يواصل إنتاج النفط، الذي يشكّل المصدر الرئيس للدخل في البلاد، انخفاضه بثبات بسبب النقص في التكنولوجيا والاستثمارات التي فاقمت من خطورتها العقوبات الأمريكية . في عام 1978 انتجت إيران 6 ملايين برميل في اليوم، فيما هي الآن لا تنتج أكثر من 3،5 مليون برميل في اليوم .
كبش المحرقة المتوقع في العام الجديد قد يكون الرئيس أحمدي نجاد، الذي سيتعرّض إلى هجمات من كل الجهات تقريباً:
فالايرانيون الفقراء (وهم الأغلبية)، قد ينزلون إلى الشارع خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة للاحتجاج على ارتفاع الأسعار، بعد رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية في مجالي الغذاء والطاقة . وعلى رغم أن نجاد خصّ هؤلاء بدفعة نقدية قدرها 40 دولاراً شهرياً لكل منهم، إلا أن مفاعيل هذه الهبة سرعان من التهمها التضخم، ماترك الفقراء عراة أمام قوى السوق الجامحة .
والحرس الثوري، الذي يفترض أنه الدعامة الرئيس لنجاد الذي جاء من صفوفه، قد يتمرّد هو الآخر عليه لأن سياساته الاقتصادية التي وصلت إلى طريق مسدود، أضرّت بالامبراطورية الاقتصادية التي يملكها الحرس وتنتج كل شيء من صلصة الطماطم إلى قطع السيارات، عبر تدهور الطلب على بضاعته .
ثم إن أقساماً كبيرة من جناح المحافظين في المؤسسة الدينية الحاكمة بات يناصب نجاد العداء علناً، ويتهمه بسوء الإدارة والعشوائية، وحتى بتبديد أموال الدولة في طموحات إقليمية تفوق قدرة إيران على تحمّل أكلافها الباهظة .
وإذا ما أضفنا إلى كل هذه المعطيات الحقيقة بأن هناك من يُشكك أصلاً بفوز نجاد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فهذا يدفعنا هذا إلى الاستنتاج بأن الوقود ربما بدأ ينفد من الماكينة النجادية، وأنها قد تتوقف في وقت ما خلال عام 2011 .
وفي حال حدث ذلك، ستكون المؤسسة الدينية أمام امتحان عسير ربما يُحدد مصير النظام نفسه: إما العودة إلى كنف الاصلاحات الخاتمية والرفسنجانية، أو تسليم مقاليد الأمور بالكامل إلى الحرس الثوري على الطريقة الروبسبيارية .
الحليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى