صفحات العالم

ضجة مفتعلة

بقلم رنده حيدر
تثير الضجة التي تفتعلها إسرائيل في الأيام الأخيرة حول حصول “حزب الله” على صواريخ “سكود” متطورة من سوريا، التساؤلات حول هدفها الحقيقي، إمكانية استغلال إسرائيل الموضوع للقيام بتوتير الوضع على الحدود اللبنانية، واستدراج الحزب الى مواجهة عسكرية جديدة، بذريعة أن هذه الصواريخ تشكل خرقاً لتوازن الردع القائم حالياً.
للوهلة الأولى يبدو ان ما يجري هو حلقة ضمن سلسلة التهديدات الإسرائيلية الموجهة الى لبنان عامة و”حزب الله” خاصة، في حال قام الحزب بعملية ضدها سواء داخل إسرائيل ام في الخارج. وكانت  إسرائيل قد أدخلت ضمن إطار تهديداتها والخطوط الحمر التي وضعتها، حصول “حزب الله” على سلاح استراتيجي يشكل خرقاً لتوازن الردع القائم منذ انتهاء المواجهات المسلحة صيف 2006. وسبق لها أن حذرت الحزب من عواقب حصوله على صواريخ متطورة مضادة للطائرات من شأنها تقييد حرية الطلعات الجوية الإستطلاعية التي يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية. وها هي اليوم تعتبر حصول الحزب على صواريخ “سكود” روسية من سوريا بمثابة خرق لتوازن الردع، لأن هذه الصواريخ تجعله قادراً على ضرب عمق الأراضي الإسرائيلية.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو حجم الخطر الذي تشكله صواريخ “سكود” الأخيرة على إسرائيل، وهل من الممكن ان يتحول الموضوع أزمة حقيقية  تطاول لبنان و”حزب الله”، وسوريا؟
يتحدث الخبراء الأمنيون الإسرائيليون عن ثلاثة نماذج من صواريخ “سكود”: النموذج الأقدم “سكود – بي” من صنع الاتحاد السوفياتي سابقاً، والقادر على الوصول الى مسافة 300 كيلومتر، والنموذج الثاني “سكود – سي”، وهو نموذج جديد جرى تطويره بالتعاون بين سوريا وكوريا الشمالية، ويبلغ مداه 500 كيلومتر، اما الطراز الاحدث فهو “سكود -دي” ويمكن أن يصل الى 700 كيلومتر، ولكنه ما زال قيد التجريب ويعتبر الأكثر دقة في إصابة الهدف. ولا يعرف الإسرائيليون بدقة ما هو نوع الصواريخ الأخيرة التي حصل عليها الحزب، ولكنهم يجمعون على ان وجودها بين يدي “حزب الله” يضاعف بصورة كبيرة من قدرته الصاروخية التي طوّرها بصورة كبيرة في الأعوام الأخيرة، وتشكل تهديداً جدياً لاسرائيل، في حال تجددت المواجهات العسكرية.
من جهة اخرى استغل السياسيون الإسرائيليون موضوع صواريخ “سكود” لشن هجوم على سوريا، كما فعل رئيس الدولة الإسرائيلية شمعون بيريس عندما اتهم من باريس سوريا باستخدام لغة مزدوجة، فهي من ناحية تتحدث عن السلام ولكنها من ناحية أخرى تقوم بتهريب السلاح المتطور الى”حزب الله”، وذلك في مسعى واضح للتأثير على موقف الرأي العام الدولي من سوريا التي استطاعت في السنتين الأخيرتين تعزيز مكانتها الدولية والخروج من عزلتها.
ووفقاً لتقارير صحافية أجنبية وإسرائيلية، تسببت قضية تهريب السلاح من سوريا الى الحزب بتصاعد الجدل داخل الولايات المتحدة بشأن تأجيل التحاق السفير الأميركي الجديد روبرت فورد بمنصبه في دمشق احتجاجاً. ولكن يبدو ان الإدارة الأميركية ترى خلاف ذلك وتعتقد أن هذا القضية تحديداً تجعل من المهم وجود سفير أميركي في سوريا يمكنه أن يتابع المسائل الحساسة عن قرب مع السلطات السورية. وما زالت إدارة اوباما على اقتناعها بأن الحوار مع سوريا خطوة ضرورية على طريق احلال السلام في المنطقة.
قد يكون من بين الأهداف الأخرى للضجة الإسرائيلية حول صواريخ “سكود” توجيه إنتباه المشاركين في قمة الأمن النووي في واشنطن الى خطورة حصول تنظيمات عسكرية تعتبرها إسرائيل “إرهابية” على أسلحة استراتيجية.
لكن المؤكد أن من مصلحة إسرائيل جعل خطر سلاح “حزب الله” يتقدم جدول الأعمال على غيره من الموضوعات الساخنة الأخرى الملحة مثل الرد على المطالب الأميركية بشأن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، والإجراءات التعسفية الإسرائيلية بطرد فلسطينيين من الضفة الغربية، واستمرار الإستيطان في القدس الشرقية.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى