صفحات الناس

كيف تعرف أنك تشاهد التلفزيون السوري

null
إذا شاهدت مذيعة من عيار (خراس وتفرج) كانت تقدم منذ كنت طفلاً برنامجاً لم يتوقف حتى اليوم، رغم أنك تخرجت من الجامعة وتزوجت، وهاهم أولادك يتابعون اليوم هذه المذيعة التي هي من الثوابت الإعلامية الراسخة ومن أهم تحفنا الوطنية الباقية على الشاشة ومنهم ..أم عمار..مذيعة البرنامج التراثي ما يطلبه المشاهدون!
إذا كان أحد المذيعين .. المسمى أمجد طعمة.. يقلد بإبداع برنامج (ميشو شو) بلباسه وابتساماته وحركات يديه ونطه في برنامج مسابقات يبث يومياً وعلى الهواء مباشرةً من باب توما أو حديقة الطلائع أو نفق الأمويين أو كراجات البولمان أو حتى في البولمان نفسه كمفاجأة, وعلى جميع القنوات الأرضية والفضائية وصوت الشباب وأبطال الديجيتال واللاسلكي والأقمار الصناعية المشفرة بآن واحد دون أن ينسى أن يقول لك: إلك أو معك…
إذا رأيت أن السهرة اليومية الوحيدة هي برنامج حواري ممتع جداً مع نائب لبناني سابق ووزير قبل أن يكون نائب ونائب قبل أن يكون وزير.., مضافاً إليه نكهة محلل سياسي واستراتيجي وعسكري هندي أو كوبي أو خبير فضائي ماليزي, أو مدير مركز الدراسات الشرق مريخية الأثيوبي.. وطبعاً محور الحلقة الوحيد والثابت هو التنديد بالسياسة الأمريكية في المنطقة والمجرة الشمسية, والإشادة بأداء إعلام جمهورية بوركينا فاسو في التغطية الحصرية لأخبار مهرجان الزهور, مع بعض النصائح السريعة للاتحاد الأوربي في معالجة
الأزمة المالية, ولكوريا الشمالية في التعاون مع المجتمع المخملي..
إذا خرجت مذيعة الأخبار وهي تضع ابتسامة عريضة (مسبقة الصنع) على وجهها، لتزف لنا خبراً مفجع من انفجارات ووقوع ضحايا وشهداء وأطفال من غزة والعراق!!
إذا شاهدت الخبر الذي تناقلته الفضائيات العربية منذ ثلاثة أيام يظهر على شريط أخبار شاشتنا ضمن (خبر عاجل!), مع بعض الإرشادات بعدم التعامل مع الكهرباء والمياه نهائياً لأن ضوء الشمس صحي وبالمجان.
عندما تكون معدة برنامج الصحة والحياة من خريجي معهد الصناعات النسيجية قسم الجينزات. ويحاور الطبيب الضيف مذيع عبقري ” جداً ” يحاول إظهار نفسه أنه ملم بكيفية استئصال الطحال والبنكرياس والقلب المفتوح وأمراض اللثة والمسالك البولية وفوائد الشاورما وأضرار الكولا, وأنه لولا سوء الأحوال الجوية لكان أفهم من ابن سينا ذاته.
عندما تكون المقابلة مع مسؤول حكومي, و يتصل مواطن جريء, فتجد مقدم البرنامج يحاول سحق المواطن وإظهاره بموقع المتسلط والمفتري خوفا من إحراج الضيف.. لنجد فجأة – وبالصدفة – انقطاع الاتصال وتجاهل ما عرضه ذلك المواطن القذر!
إذا شهدت خلال فترة الأعياد (سهرة تلفزيونية) تبدأ من الصباح الباكر دون سابق إنذار, وتستمر حتى آذان الصباح التالي, مع نفس الضيوف في كل عيد ديني أو وطني أو قومي أو حربي.. أمثال بطل الأناقة الأول علي الديك,وبطلة غينس في عمليات التجميل سلمى المصري, وأنطوني كوين ضيعة ضايعة نضال سيجري, وسنفورة مبيض أوريس (شو يلمع غسيلي) عبير شمس الدين..!
إذا كنت من متابعي برنامج (غنيلي أحسنلك) من تقديم طالب من طلاب التعليم المفتوح (سنة أولى مكرر)… يرفع الكلفة مع المتصلين (خوش بوش): عبودة, حمودة, عبورة, فيدو, سمرة, علوش, أبو الروض, أبو الميز,… فتأكد إنه الرياضي والإعلامي والكاتب والمؤلف والسيناريست والمؤرخ واللغوي الأستاذ عبد المؤمن الحسن, وأحلى أبو عبيد الورد…
عندما تشاهد برنامج مدته ربع ساعة, ويعمل به ست مهندسي إضاءة, وخمس مهندسي صوت, وثمان مهندس وصل انترنت, وعشر مهندس ديكور, وعشرون مهندس كهرباء, وستين فني, مع المخرج والمعد والسائق والحاجب وصبيب المتة والسنترال وابن المخرج وابنة المنتج …
عندما تشاهد في شارة برنامج ما – وبالصدفة طبعاً – أن أسماء جميع العاملين من أسرة واحدة جمعتهم الميجانا والموهبة الإعلامية والإخراجية!
إذا كانت المذيعة التي تحاور الضيوف تبدو بحالة دهشة وذهول وانبهار بالضيف وكأنها رسول نسي وصاياه العشر، ولم يتذكر إلا الحادية عشرة منها وهي التسليم بقناعة ورضا بالسيناريو المرسوم من قبل المعد وعدم الشذوذ عنه!
عندما تشاهد برنامج مباشر يعرض على الهواء, وتسمع صوت خبيط و نجارة و بكاء أطفال, فتأكد أن مكان التصوير قريب من استديو تصوير برنامج بريد الأطفال لماما فاتنة!
عندما تشاهد في النشرة الإخبارية الفضائية أحوال الطرق العامة, بما فيها طريق القرندح الغاب, ونشرة اقتصادية يظهر فيها سعر برميل النفط دائماً بأعلى مستوياته دائماً, ودولار يتحرك في كل دول العالم إلا في أسعار الصرف الخاصة بالتلفزيون, ونشرة جوية تحسب لك كميات الأمطار بالميلي متر يوماً بيوم مع حساب المعدل اليومي والأسبوعي والشهري والسنوي الحالي ومقارنته بالأعوام السابقة لمثل هذه الفترة من السنة !!
عندما تشاهد فيديو كليب وتجد أنه ممزوج مع شريط أسود من الأعلى والأسفل لإخفاء إشارة انه ملطوش من قناة فضائية أخرى..
إذا وجدت أن جميع البرامج المباشرة تتضمن مشاركات بالبريد الإلكتروني, تحوي إهداءات وبطاقات معايدة بمناسبة المولود والزواج والحج والعمرة مع بعض عبارات الإعجاب بالمذيعة ومفاتنها وبنطلونها – واللون الأسود يلي بيجنن عليها – وخفة دمها وغمازاتها..
عندما تشاهد ديكور في استوديو من تصميم بياع مخلل (خيار أو فليفلة صراً) وبكلفة لا تتجاوز 5000 ليرة سورية, وباقي الإنارة مستعارة من غير ستوديوهات.. وتكون متأكدا أن فاتورة الديكور تجاوزت الـ 250000 ل س على لورق والإيصالات..
إذا رأيت الإعلانات نفسها تتكرر دون انقطاع, لمنتجات وطنية داعمة لاقتصاد الوطني, مثل شوكولا عمار(تويكس سابقاً), وعلكة سهام (شو طيبة), محارم ديمة (بكل علبة هدية شلمونة)!!
فأنت تشاهد التلفزيون السوري بكل اعتزاز وفخر.. وغداً نلتقي..
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى