صفحات الناس

علي العبد الله في زنزانته الانفرادية.. ليس وحيداً

null
افتتاحية النداء
فقد أمضى علي العبد الله شطراً مهماً في مسيرته مناضلاً في الفضاء الفلسطيني، ومازال يحمل في جسده آثار جراح تلك الفترة وعقابيلها. ثمّ عاد إلى وطنه في منتصف التسعينات، بعد أن أدرك أن تقدمه وديمقراطيته هما مفتاح تحقيق الحقوق الوطنية والقومية، فكان أن سجنته سلطات بلده للمرة الأولى فور وصوله، ثم منعته من السفر بعد إطلاق سراحه!
وعاد إلى السجن مرّتين بعد ذلك، لأسباب محض سورية، في سياق نضاله الديمقراطي. والمرّة الرابعة (الحاليّة) جاءت بعد انعقاد المجلس الوطني لإعلان دمشق، وانتخابه إلى الأمانة العامة، ثم إلى هيئة رئاستها.
ومع رفاقه، تتّهمه السلطات الأمنية المهيمنة بأنه يعمل على “توهين نفسية الأمة” و”نشر الأخبار الكاذبة” و”إضعاف الشعور القومي”.
علي العبد الله، الرمز الوطني القادر بعطائه وتضحيته على الإسهام في “تصليب نفسية الأمة”، والمثال في الصدق والتواضع والعمل الصامت الصبور، الذي انطلق من الشعور إلى ميدان الفداء القومي على الأرض، وعاد ليبدأ البناء في بلده لبنةً لبنة.. تُوَجّه إليه هذه التهم الباطلة الظالمة؟!
يمكن أن نقول عن مثل هذه الاتّهامات إنها سخيفة ولا تعدو أن تكون مهزلة عموماً، لكنها في حالة علي العبد الله وحدها وثيقة كافية للتساؤل عمّن يرتكبها بالفعل!!
لقد دعا المجلس الوطني إلى السير نحو الديمقراطية بشكل سلمي تضمنه القوانين والشرائع، متدرّج صبور غير متسّرع ولا عَجول، آمن محافظ يدعم اللحمة الوطنية ويدعو إلى مبدأ المواطنة؛ وكل ذلك بواسطة حوار وطني متكافئ، فردّت السلطة بالقمع والترهيب والاعتقال.
وهي الآن، إذ تجنح إلى معالجة أزماتها الخارجية، لا تزال تتجاهل الأساس هنا داخل البلاد، إذ تستمرّ في تغليب الحلول الأمنية على غيرها، وتقمع الرأي الآخر وحريات المواطنين، ولا تعترف بالمعارضة السياسية ما لم تكن على مقياسها وهواها. إنها بذلك تزيد من ضعف مقاومة الدولة والمجتمع للأخطار، ولا تبني أساساً للمستقبل.
لا تتولّد الحلول والمخارج في ظلام زنزانة علي العبد الله. فهناك لا يرد إلى الذاكرة إلاّ الابن البكر المنفيّ محمّد، والابن الآخر السجين عمر، والزوجة التي تغالب آلامها ومرضها في غياب الجميع. تلك الحلول تأتي في نور الشمس وأجواء الحرّية، التي لم يعد ممكنا ولا معقولا لبلادنا البقاء خارجها.
وبدلاً من الاستمرار في السياسات الأمنية الضارة بمستقبل سوريا، سيكون المفتاح الأول البديل هو التخلي عن المضيّ قدماً في إجراءات المحاكمات الظالمة المزمعة، والإ فراج عن علي العبد الله ورفاقه.. وعن جميع السوريين.
المصدر : موقع  النداء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى