صفحات الحوار

مقاطع من حوارات مع الروائية السورية إبتسام إبراهيم تريسي

null
قام موقع صفحات سورية بالاتصال بالروائية السورية إبتسام إبراهيم تريسي  من أجل نشر روايتها على حلقات في الموقع، الواقع نحن ممتنون للتجاوب الجميل الذي لقيناه منها..  وقمنا وبمساعدتها باختيار مقاطع من حوارات أجريت معها، نقدمها لكم بمثابة تقديم بسيط للروائية المبدعة إبتسام إبراهيم تريسي
-1-
في هذا الحوار سنحاول تلمس الجانب الآخر من حياة الكاتبة إبتسام إبراهيم تريسي  بعيداً عن الكتابة وهمومها ، نلقي الضوء على الجانب الشخصي ، نتلمس بعض جوانبه الإنسانية .
إبتسام تريسي ـ روائية سورية ـ عضو اتحاد الكتاب العرب
صدر لها :
مجموعة قصصية ـ حائزة على الجائزة الأولى لمسابقة سعاد الصباح 2001 ـ 1 ـ جذور ميتة
2 ـ جبل السماق ج1/ سوق الحدادين / رواية عن دار فصلت 2004
3 ـ نساء بلا هديل ـ مجموعة قصصية / الجائزة الأولى لموقع لها أون لاين الرياض
دار الحوار 2006 4 ـ ذاكرة الرماد / رواية
5 ـ جبل السماق ج2/ الخروج إلى التيه ـ الجائزة الأولى لمسابقة المزرعة ـ سوريا ـ دار العوام ، دمشق 2007
6 ـ المعراج / رواية / عن دار العوام 2008
عين الشمس/ رواية/ الدار العربية للعلوم ناشرون /بيروت/2010
1ـ  بداية ما الذي تبقى في الذاكرة من مرحلة الطفولة ؟
لا زالت تسكنني بقايا ذاكرة حادة التفاصيل لاذعة الحضور، أعيد إنتاجها غالباً على لسان شخصيات أخرى لأحتفظ بها دائماً حية وإن على ورق. تمنحني بهجة عيد ملون كقوس قزح فقد ألوانه وبهجته الآن ! ألجأ إليها لأتدفأ بحضن جدتي لأمي، تسكنني تفاصيل حي الشيخ ضاهر في اللاذقية.  أسرق من ياسمينها المتساقط في أرض الدار متعة البياض ، أول مرّة نزلت البحر ، لأتعلم السباحة.  عندما اصطحبتني إلى بيروت في منتصف الستينات وضعت في شوارعها . رهاب الأماكن المغلقة حين سجنت في حمّام المدرسة لأن القفل الصدئ استعصى على الفتح . اختراق طائرة إسرائيلية لجدار الصوت في اللاذقية في الخامس من حزيران 67 ، وسفر الكثيرين إلى الداخل خوفا من هجوم متوقع . تفاصيل البيوت والأزقة في مدينتي أريحا لا تغادرني ، وجعلتني أحافظ على ملامحها في “جبل السماق” بعد الهجوم العمراني الشرس على الجبل .
2 ـ مابين المراهقة الفكرية الأولى ـ إن صح التعبير ـ وبين اكتمال الوعي وتبلور الشخصية ، ثمة انكسارات وإحباطات كثيرة ، ما أبرز هذه الانكسارات التي مررت بها  ؟
أحمل في القلب انكسارات كثيرة قد لا تكون شخصية بحتة، فجيلنا نتاج مرحلة من الإحباطات أثرت على مسيرته ، فقد تأرجح بين مرحلتين ، ولا يعرف بالضبط إلى أيهما ينتمي . أكثر الانكسارات وضوحا في تلك المرحلة هو الإحساس بعدم جدوى الحياة والكتابة ، والدخول في نفق مظلم من الركود ، والانسحاب نهائيا من الحياة الاجتماعية والثقافية . لا شكّ أن الإحساس بعدم الجدوى كان نتيجة ما أفرزته تلك المرحلة بأحداثها العنيفة والمربكة والتي أودت بالكثيرين ، بطريق الخطأ غالباً ، إلى تصنيفهم على لائحة المنبوذين ، لأنّهم اتخذوا موقفاً وسطاً لا يرضي السلطة ولا المتطرفين. فإن لم تكن “مع” فأنت “ضد” وهذا يدعو إلى محاربتك من الأطراف المتصارعة ، وللمحافظة على الحياد ستجد نفسك حتماً على هامش الحياة ، على هامش ما يجري ، منكفئاً على ذاتك ومتشبثاً بانكساراتك !
3ـ هل تثقل عليك ابتسام الكاتبة ؟ ما تأثيرها على حياتك الخاصة ؟
لا أستطيع أن أفصل بين ذاتي كمبدعة ، وذاتي كإنسانة، فكلاهما مكملة للأخرى ، وتأخذ منها، ربما حددت ذاتي المبدعة أسلوب حياتي رغما عني ، فقد أورثتني أمراض الكتابة كلّها ، التوتر والعصبية ، وعدم الاستقرار والاكتئاب ، فهي تسرق وقتي ولا تمنحني فسحة لأتنفس بعيداً عنها . قليلاً ما أعود إلى طبيعتي البسيطة الهادئة الطيبة .  وهي في الواقع تشكّل خطراً على علاقتي بالأولاد ، فهم يتهمونني بالتقصير تجاههم، وبأني لا أملك الوقت الكافي لمحادثتهم والاهتمام بأمورهم ، لكنّي لا أملك لها حلاً فهي أنا ، وأنا هي ، وكلانا ينطلق من روح واحدة.
4 ـ كيف تملئين أوقات فراغك لحظة الاستراحة من الأدب ؟ ما هي انشغالاتك واهتماماتك ؟
بعيداً عن الكتابة ، أعود سيدة بيت بسيطة ، أقوم بأعمال البيت كلها ، لكنّي أشعر أثناء ذلك بضرورة أن أكون مبدعة في طريقة إعداد الطعام ، أو ترتيب البيت .  أنسج الصوف للعائلة شتاءً وفيه أجد وجهاً آخر للإبداع ، فأخترع أشكالاً لغرزة الصوف ، وأدخل ألواناً مختلفة للزي الذي أنسجه ، ولا أقبل أن أنسج شيئاً عادياً. أحبّ الزراعة والنباتات والشجر والأرض، في الصيف تستهويني الزراعة ، لكن بحكم سكني في الطابق الرابع لمنزل عادي ، وعدم امتلاكي لقطعة أرض، حاولت عمل مملكة خاصة للنباتات على شرفتي، أعتني بالزهور كعنايتي بأبنائي، فهي تفهمني وأفهمها ، في الصباح ألامس الندى على خدها وأقول لها “صباح الخير”. أنزع الأعشاب الضارة ، وأسقيها، وأطلق عليها أسماء جميلة. بطبيعتي لا أخرج من البيت إلاّ نادراً ، لا علاقات اجتماعية ولا زيارات ، أحضر بعض النشاطات الثقافية ، وأقرأ .
5 ـ في واقع كهذا تفرض الهموم ذاتها على الإنسان . ما هي همومك ؟ وما تأثيرها على حياتك الأدبية ؟
همومي مادية في أغلبها ، الوضع المادي أثر على حياتي منذ بداية تكويني لأسرتي الصغيرة وحتى اللحظة . فقد اضطر زوجي للسفر للعمل في الكويت ، وهذا فرض عليّ غربة داخل الوطن ، وسعيا للتفكير في كيفية تأمين سكن ، وتربية الأولاد ، وتأمين حاجياتهم ، حتّى أني في مرحلة ما لم أكن أكتب سوى الفواتير ! وكبر الأولاد ، وكبر الهم معهم .
لا ينفصل هذا عن الهم العام الذي نعيش تفاصيله المرعبة يومياً ، الحروب ، والضغوطات الدولية .
في مثل هذا الجوّ عليّ أن أنتج أدباً ! أضحك أحياناً من فكرة ارتباط الكتابة بالمعاناة ، فهذه الفكرة أثبتت فشلها في الواقع . فما أراه أن المعاناة تصبغ الأدب بصبغة معينة ، تؤثر على اختيار الفكرة، والكلمة ، والطقس . فأن تكتب وأنت تعاني ، معناها أن تكتب على حساب ” بيتك وأولادك وساعات نومك، وعملك أحيانا” يجب أن تعاني لتأمين احتياجات الحياة ، وتسرق منها أيضا الوقت الذي تكتب فيه . في الدول المتقدمة مبدعون طارت شهرتهم في أرجاء الكرة الأرضية ، مع أنهم لم يرزحوا تحت الضغوطات التي يعاني منها الكاتب العربي ، لم يتعرضوا لأمراض قاتلة ولم يجدوا ثمنا للدواء ، ولا ماتوا في قبو مهمل تحت الأرض دون أن ينتبه إليهم أحد ، ولا اضطروا إلى اللجوء لمن يقوم “بالاستجداء” عنهم ليلقوا العلاج اللازم . في مثل هذه الظروف مطلوب من الكاتب العربي أن يبدع ! فماذا يكون تأثير الظرف في اعتقادك ؟ لا شك أنّي سأختار الحديث عن الألم والموت واللاجدوى ، والمآسي التي لا نهاية لها في عالمنا ، ولن أفكر بكتابة عمل إبداعي يعطي جرعة أمل لقارئه !
6 ـ في كثير من الأحيان تفرض الحياة الإبداعية على الكاتب أسلوب حياة ما . ما الأثر الذي يتركه ذلك على نمط العيش الذي كان قد تعوده ؟
قد يودي به ذلك إلى نسف نمطية حياته من أساسها ، أو يرفض الحياة الاجتماعية بكلّ اعتياديتها ليبني له حياة خاصة ، مع هذا الكثير من الكتاب دجنوا أنفسهم للحياة ضمن الإطار الاجتماعي المعتاد ، من تكوين أسرة، والعمل على عدم ترجيح كفتي الميزان . ليس من العدل أن يحكم الكاتب بقوانين الحياة الاجتماعية ، لكن السائد أن يكون كذلك ! وهو أمام خيارين دائماً ، ويعيش تحت ضغوطات نفسية مزعجة . شخصيا ، تأقلمت مع ظروفي الحياتية الصعبة ، وكتبت تحت أقسى الظروف الممكنة ، حين كتبت جبل السماق الجزء الأول ، خطر لي مرة أن أحصي عدد المرات التي أترك فيها الورقة وأعود للكتابة ، فكانت 12 مرة ، ولما عددت السطور وجدتها لم تتجاوز العشرين سطراً . فأخرجت ورقة وضعتها بجانبي وكتبت عليها .
نهضت لأسقي ابني الدواء ، لأخرج الغسيل ، لأرد على الهاتف ، لأفتح الباب ، لأرضع الطفل ، لأحرك الطبخة ، لأحمل الطفل حتى يهدأ ، لأهز له كي ينام ، لآخذه إلى الطبيب وووو
ثم قارنتها بالصفحة التي في الرواية ، وضحكت من ألمي وقلت” ماذا لو أضفت هذه إلى تلك وجعلتها من صلب الرواية من باب التجديد ! ؟
7 ـ هل لك أن تذكري لنا شيئاً عن أقصى لحظات الحزن التي عشتها ، وآخر عن أقصى لحظات الفرح لديك ؟
إنّه الفراق ، ذاك الذي يتربص بأحبتنا . قناعتي أنّ الموت حق لا تنفي أنّي أعيش بمن أفارقهم ، وأكاد أراهم وهم تحت التراب . أقسى تلك اللحظات كانت عندما فارقني أبي بالموت، خف الألم قليلاً حين عشت لحظة وداع ابني بالموت ، لكنّ فقدي لأختي الصغرى جعل أبي وابني بعيدين جداً ، الآن أعتقد أنّه لا يمكن أن أعيش لحظة حزن أقسى وأشرس من تلك التي فارقت فيها أخي وصديقي بالموت . يقال إن من يموت أخيراً يشعرك بالفقد أكثر !
أقصى لحظة فرح ، حين أرى أحد أولادي وهو يتفوق في حياته الدّراسية ، أشعر أنّي أنا من قدّم الامتحان ، وأنا من نال النّجاح . ربّما اللحظة الّتي أترقبها وأعتقد أنّها أجمل لحظة فرح ستكون حين أرى أوّل حفيد لي !
الحوار أجراه عبد الرحمن حلاق لجريدة أوان الكويتية.
-2-
**أستاذة ابتسام ، ونحن نرحب بك ، أولاً دعينا نقدمك للقراء الليبيين الذين يريدون التعرف على  شخصيتك ونشأتك .
كاتبة سورية،  أفخر بانتمائي إلى بلدة صغيرة جميلة بطبيعتها وناسها البسطاء الذين كانوا بذرة أوّل رواية أكتبها.
نشأت في بيئة الكتاب له قدسيته فيها، لأبٍ عمل معلماً ، ثمّ محامياً، وضع قدمي منذ نعومة أظفاري على طريق القراءة، وتنمية عقلي أولاً بطرق مختلفة، ومنحني ثقته الكاملة ، وحرية التّعبير عن رأيي في مجتمع كان يحترم صمت النّساء ! لكنّه بحكم ثورته على الكثير من القيم السّائدة، والمفاهيم المغلوطة ، أراد أن يفتح عينيّ على عالم مختلف، فأدخلني مجالس أصحابه ليصبح عندي الاختلاط ومناقشة الرجال أمراً مألوفاً! ووجّه دفة القراءة عندي حسب تصوراته الشخصية، فلم أختر كتاباً أريده إلاّ في المرحلة الجامعية ، حتّى تلك الكتب التي كنت أستعيرها سراً من صديقاتي في المدرسة، وأقرؤها في الفسحة بين الحصص، كان اختيارها عشوائياً يتبع مزاج صديقاتي واهتماماتهن. حرص أبي أن أبدأ قراءاتي بمحمود درويش ، وطه حسين ، ونجيب محفوظ، ومحمد عبد الحليم عبد الله.
** في سن المراهقة كتبت في مجلة المرأة .. هل نعتبر هذه المرحلة المبكرة , ميلاداً حقيقياً للكاتبة ابتسام تريسي؟
من حيث كونها انطلاقة إلى عالم النشر ، نعم يمكن ذلك ، فهي مرحلة مؤسسة في حياتي ، على الرغم من بساطتها وتواضعها. بعدها كان لمجلة الثقافة الأسبوعية لصاحبها مدحت عكاش الفضل في ترسيخ خطواتي، قبل أن أتوقف عن المسير، وأدخل عالم الصّمت الكامل .
*** بعد هذه المرحلة كتبت القصة القصيرة، وأبدعتِ،  متى كان ذلك تحديداً؟ وهل تذكرين أولى محاولاتك ؟
نعم أذكر ذلك ، كنت في العاشرة ، أذكر أنّي كتبت قصّة عن فقير يسعى لإيجاد رزق أولاده، وأعطيتها لوالدي، فقرأها على أصحابه، كانوا يتحلّقون في حديقة بيتنا القديم حول حقل الفول الأخضر وعبّاد الشّمس، ما أذكره بسعادة كاملة أنّ صديق أبي الحميم هاشم، ضحك ضحكته المميزة بعد سماعه القصّة، وقال لي: “فرخ البط عوام” كان أعظم مديح، وأحبُّ مديح أتلّقاه في حياتي. لكنّ أبي رحمه الله لم يبدِ إعجابه ، بل مسح على رأسي ، وقال: “عليك الاهتمام باللغة أكثر، ثمّ الانتباه إلى أهمية أن يكون الحدث مقنعاً للقارئ ، لأنّ هناك فرق بين حكايات جدتك، وقصتك!
بعد هذه القصّة مباشرة، سعى لأن يجعلني أقرأ روايات يختارها لي بدل مجلات أسامة وميكي وسمير !
أمّا انطلاقتي الحقيقية التي استمرّت إلى الآن ، فقد كانت بعد وفاة والدي، الذي صادف اختيار الكويت عاصمة ثقافية للوطن العربي ، ومشاركتي في مسابقة سعاد الصباح، وحصولي على الجائزة الأولى.
تحدّثت في روايتك “المعراج” عن القضية الفلسطينية ، هل كان “معراجك” شبيها بمعراج المعري ؟
لم يكن معراجاً سماوياً كما في رسالة الغفران للمعري ، ولا يشبه معراج دانتي في جحيمه ، بل أردته معراجاً أرضياً، يجوب فيه البطل أماكن في العالم، تاقت روحه إليها ، بحثاً عن الحبّ والحرية المفقودة .
بطل رواية المعراج أراد أن يقول دون أن ينطق بحرف ” هذه الأرض فلسطينية ، وهذه الروح أيضاً ، والعيش في الشتات ، والطرد ، والحروب ، لا يمكنها أن تغيّر من هذا الواقع شيئاً ، ولا بدّ أن تغلق الدائرة يوماً ، فتعود الروح إلى حيث انبثقت من رحم الأرض “الأم” ، كما تندرج حبات السبحة في دائرة لا نهائية.
في الرواية مستويان من العيش أحدهما في الزمان والآخر في الدهر ، والبطل يسرد لنا أحداثاً عاشها على المستويين الجسدي والروحي .
على المستوى الجسدي ، تحدثت عن حياة البطل في الزمان ، وانفصاله عنه بروحه ، فهو لا يعيش في العالم ، بل في عالمه ، ومن هنا بدا سلبياً ، حيادياً تجاه ما يجري حوله ، مستسلماً لأقداره ، يروي الحدث وكأنّه يعيش خارجه.
طُرد البطل من قريته ، واتّجه شمالاً ، ثمّ اختار الغربة هرباً من القمع والظروف القاسية للعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي ، وسعياً وراء الرزق . في الغربة تراكم القهر ، لاحقه هاجسه في إنجاب صبي يرثه ، ويحمل اسمه ، حضرت أمنيات أمه قوية ، الرجل عمود البيت ! لكنه لم ينجب رجلاً من صلبه ، وذهب بحثه عن الحب سدىً ، فرضي بما بين يديه ! فهل تحقق له الحياة في الدهر ما عجز عن تحقيقه في الزمان ؟
هذا ما سرده القسم الثاني من الرواية .
على المستوى الروحي ، أردت القول ، إنّ الحياة في الزمان والدهر واحدة وإن توسطهما الموت ، وقدّمت بمقولة لأبي حيان التوحيدي ، توضح الفكرة ، وتضع القارئ في أجواء القسم الثاني الذي اختلفت لغته باختلاف الأماكن والشخصيات فيه ، ووثّق لثقافة الإنسان في مختلف انتماءاته ودياناته ، والتقطت نقاط التشابه والاختلاف بين تلك الديانات وأصولها .
من حوار أجراه الكاتب الليبي عواض الشاعري، لجريدة البطنان.
-3-
ـ في روايتك جبل السماق ـ سوق الحدادين ، ثمة بوح زاخر بالأحداث لربع قرن من عمر الاحتلال الفرنسي لبلدتك.. هل اقتربت الرواية من مواصفات التاريخية في السرد ؟
ـ ما التاريخ ؟ في اعتقادي ، التاريخ هو كل لحظة نحياها بغض النظر عن عمرها . فإذا كان للسرد التاريخي مواصفاتٌ معينة ، أستطيع القول إنّي لم ألتزم بها لأنّي في الأصل لا أعرفها ، ما أعرفه أنّ كل ما نكتبه يصبح تاريخاً بمجرد خروجه من أدراجنا . وقد حاولت أن أكتب التاريخ كما يعرفه البسطاء ، لا كما يدرّس في كتب التاريخ . ليقيني أنّ معظم ما يكتب في الكتب الرسمية خضع للانتقاء والتشويه ولوي العنق ليلاءم الحكام ، ولعبت فيه أمزجة ناقليه ورقابتهم الداخلية ، وهذا ما جعل التاريخ الرسمي يتجاهل بطلاً مثل نجيب السخيطة ويكرّس أبطالاً آخرين ربما لم يطلقوا في وجه الاحتلال رصاصة مباشرة وإن أطلقوها فقد فعلوا ذلك لمصالحهم الشخصية ، أمثال هؤلاء دُرِّسوا في مدارسنا على أنّهم أبطال الثورة .
ـ ثمة محددات للكتابة الابداعية عند المرأة  وخاصة العربية.. حدود لا يمكن أن  تتخطاها لأنها محظورة ربما .. كيف تناولت قضية الجسد والرذيلة عند فضة بائع الجسد في روايتك مثلا ..؟
الكاتبة المرأة تجاوزت في عصرنا كل المحددات والمحظورات ، أنا قدمت فضة بحياد ، لم أستطع رجمها ، ولم أدافع عنها ، وتركت للقارئ أن يحكم وفقاً لمرجعيته الأخلاقية والدينية ، قد تُعدُّ هذا تهرّباً من مسؤولية يجب أن أحملها تجاه شخصياتي ، وقد ترى فيه تناقضاً مع ما قلته سابقاً عن محبتي للشخصية التي أكتب عنها . لكنّي ببساطة لا أودُّ أن أدافع عن فضة وإن قدمت لها المبررات الكافية ” نشأتها في بيت أم عاهرة ، ظروف الاحتلال والفقر والجوع ، سيطرة الرجل المطلقة ، المفاهيم الاجتماعية القامعة لكلّ امرأة تحاول أن تخرج من جلدها لتغيّر طريقة عيش لا تحبه ، وقد تحايلت لها ، فأودعت في نفسها قوة روحية جعلتها تغادر البلدة وهي على يقين أنّها تطهرت من آثامها ، وعادت قبل نهاية الرواية بشكل مختلف ” عادت شيخة تعرف المستقبل ، وتكتب أحجبة للحمل ، وتشفي المرضى . وهذا التحايل هو موقفي من هذه الشخصية فقد أوجدت لها طريقاً للخلاص لم تمنحه لها الظروف ولا المجتمع ،
في الواقع انتهت فضة مقتولة بطريقة غامضة وقيّدت الجريمة ضد مجهول ، لكنّي أردت لها نهاية أخرى ـ في الرواية ـ  تتفوق فيها على مفاهيم اجتماعية بالية تنظر إلى الجسد كمقياس للطهارة والعفة .

ـ في كتابك القصصي ” جذور ميتة ” ومجموعة ” نساء بلا هديل ” وامرأة في المحاق ، كان انحيازك للمرأة واضحا فيها .. هل تعتقدين بأن الكاتبة يقودها الخطاب السردي إلى خانة جنسها  في اللاشعور ؟
منذ البداية قسمت ـ بطريقة واعية ـ عالمي إلى قسمين ، في الرواية تحدثت عن الإنسان وأنصفته دون النظر إلى جنسه ، في القص أنصفت المرأة وغصت في عالمها الذاتي ، لكنّي لم أضع الحق تماماً على الرجل فيما تعانيه من ظلم اجتماعي . فأنا أرى الرجل مجرد أداة في يد سلطات أقوى منه ، دينية أو اجتماعية أو حتّى سياسية ، فالرجل مقهور قبل المرأة ويحتاج إلى الحرية ليمنحها لغيره أو لنقل لنصفه الآخر .
ـ  يقول زكريا تامر : معظم الذين يكتبون نقداً، ينطلقون من العواطف التي لا يقف وراءها رصيد فكري صلب وواضح، فيأتي نتاجهم تعابير سطحية عن انفعالات مائعة. ما تعليقك .
زكريا تامر قال ” معظم ” وخيراً فعل ، لأنّ هذا يعني أنّه ترك الباب موارباً ليدخل منه “بعض ” النقاد الذين يرتكزون على رصيد فكري صلب وواضح ، ويمتلكون القدرة على التعبير العميق عن انفعالات حقيقية .
لديّ أمل في الأرض الّتي أنجبت مبدعين في الرواية والقصة والشعر ، أن تنجب المزيد من هؤلاء ” البعض ” لتدحض نظرية زكريا تامر الّتي يؤيدها الواقع للأسف .
ـ هل خرجت المرأة من عباءة الرجل أدبيا و استطاعت تأسيس أدبها الخاص بها ؟
إن قلت : نعم . فمعنى ذلك أنّي أقررت بتسمية الأدب بحسب جنس كاتبه وأنا ضد هذا الفصل ، لأنّي أقيّم العمل الأدبي بغض النظر عن جنس كاتبه . وقد استطعت أن أتجاوز هذه الخصوصية الّتي أطلقها ” الكتاب ” على ما تكتبه المرأة ، في رواياتي . حتّى أنّ الناقد والروائي السوري أحمد يوسف داوود ، حين التقى بي في السويداء بعد حصولي على الجائزة الأولى عن الجزء الثاني من جبل السماق في مسابقة المزرعة ، قال لي : ( طيلة قراءتي للرواية كنت أتصور أنّها لكاتب رجل في الستين من عمره ولكنّي فوجئت حين رأيتك …. ) هذا الرأي سمعته من الكثيرين بشأن الجزء الأول أيضاً لأني تعاملت مع شخصيات ذكورية منها ” الحشاش والمقامر ووو الخ ”
من حوار لجريدة الزمان أجراه الكاتب العراقي إبراهيم السبتي .
-4-
-ما السر وراء انحيازك في رواية قيد الطهو لفلسطين وشتاتها؟
لا يوجد أسرار في انحياز أي مواطن عربي لذاته ، ونحن نعتبر فلسطين جزءاً من وطن واحد ، سيبقى في ذاكرتنا ـ مهما حاولوا تشويهه ـ بلد من بلاد الشام الواسعة ، تذكر خط الحديد الذي كان يمر في جنين ؟ أنا أحتفظ بذاكرتي بتفاصيل الأمكنة كما كانت قبل التقسيم ، كيف كان يتنقل المواطن بين دمشق وطبريا وبيروت بدون جواز سفر ولا حواجز . وسأبقى أحلم بذلك الوطن البسيط الطيب ، الوطن التراب والشجر والسماء الزرقاء على الرغم من كل ما تمارسه الدول الكبرى وابنتها المدللة إسرائيل من اضطهاد وعنف لمحو كل تلك التفاصيل . وأنا على يقين أنّهم لن يستطيعوا سرقة الحلم .
3-باعتبارك أديبة وقاصة سورية، كيف عشت أزمة الاقتتال الفلسطيني-الفلسطيني الأخيرة عن بعد؟
وكأنّي بك تريدني مُشَاهِدة لشاشة بلورية فقط تنقل الخبر ؟ لن أزايد على الفلسطينيين أنفسهم ، لكنّي بصدق تصدّع قلبي ولم أعد أستطيع مشاهدة الأخبار ، وكنت أتمنّى أن ينتهي الصراع بسرعة وبأقل قدر من الخسائر ، ما يوجعكم يوجعنا ، ويبدو أن الوجع امتدّ على مساحة كبيرة من الوطن لم يعد أيّ عربي يستطيع معها احتمال الألم .
4-كامتداد لسؤال انحيازك لفلسطين روائياً، كيف رسمت صورة المرأة الفلسطينية، وهل ترينها مختلفة عن واقعها اليوم؟
سأخبرك عما كتبت في / ذاكرة الرماد / ربّما لم أتعمق كثيراً في دراسة شخصية المرأة الفلسطينية ، لأنّ هدفي الأوّل من الرواية الربط بين شخصية شاب فلسطيني يعيش في بيروت أثناء الاجتياح الإسرائيلي لها ، وصحفية سورية كانت هناك لتغطية الحدث وحاولتُ من خلال قصّة عاطفية أن أبرز المواقف المتباينة من القضية الفلسطينية / السورية الفلسطينية / الفلسطينية ـ الفلسطينية / لم أدخل في العمق السياسي ، فقط أشرت إلى تلك الصراعات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية المتواجدة في لبنان ، وموقف الصحفية التي أحبت الشاب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وانساقت وراء قصة الحب تلك ، فضحت بكلّ ماضيها ولحقت به  ، لكنها فقدت ذلك الشاب الذي غادر بيروت وتركها مع ابنها الذي قتل في قانا . طبعاً ما أشرت إليه من هذه النهاية فشل تلك العلاقة العاطفية في التأسيس لعلاقات سياسية قادمة . من وجهة نظري كان ذلك يعبر عن الفشل السوري في لبنان .
وأشرت إلى مجزرة صبرا وشاتيلا من خلال شخصية فتاة فلسطينية استشهدت في عملية فدائية في الجنوب .
ما أعمل عليه حالياً المرأة الفلسطينية / الفتاة ـ الأم ـ العاملة ـ والمثقفة / أتمنّى أن أوفق في عملي الجديد .
-قد يسألك أحدهم، لماذا قفزت عن الجولان المضطهد في روايتك، ووصلت لفلسطين، فبماذا تردين؟
في كتاباتي أنا ضد التجزئة ، حتّى حين أتحدث عن فلسطين أجعلها قضية عامة تخص الإنسان العربي ، لا أريد أن أفصل قضية الجنوب اللبناني عن قضية الجولان عن القضية الأساسية .
6- أنت من مدينة أريحا السورية، وفي فلسطين هناك أريحا، هل يثير ذلك فيك شيئاً ما؟
هناك تشابه في الاسم ، يحيلنا بطريقة ما إلى وحدة الإنسان على هذه البقعة من الأرض ، المتأمل في جغرافية المكان وأصل الإنسان يشعر أنّ الدم يجري من المرتفعات إلى الوهاد ويطلع من نسغ شجرة واحدة . أكاد أجزم أن الدم مختلط ببعضه ، حين ذهب فوزي القاوقجي إلى فلسطين لم يكن يفكّر أنّه ينتمي إلى سوريا وإلى مدينته حماة ، وكذلك عز الدين القسام ، سأقول لك باختصار أهل فلسطين يتحدّثون عن هذين الشخصين وكأنّهما فلسطينيين أليس كذلك ؟ ونحن أيضاً وهكذا تحل المسألة ولا يبقى للتساؤل والعجب طريق .
11-هل تلوث السياسة الأدب برأيك ؟
نعم ، حين يكرس الأديب قلمه للدفاع عن سلطة ما ، أو حزب أو فكر معين ، لا يكون الأدب وقتها أدباً بل منشوراً سياسياً . وهناك فرق بين السياسة بمفهومها اليومي المستهلك ، والقضايا الإنسانية الكبرى ، حين أكتب عن فلسطين وقضيتها ، لا أعتبر نفسي أكتب في السياسة ، لكن إن انحزت إلى فصيل أو منظمة أكون وقتها قد تلوثت بتلك الحمى القاتلة . وهذا هو الفرق بين ما كتبه تولستوي ـ في روايته الحرب والسلام ـ وبعض ما كتبه دستويفسكي . على الرغم من أهمية وعظمة كتاباته إلا أنّ القارئ يخرج منها وكأنّه خرج من اجتماع حزبي .

من حوار أجراه الصحفي عبد الباسط خلف لجريدة صوت المساء الفلسطينية /جنيين /
-5-
6 ـ كيف تتعاملين مع شخصيات قصصكِ، هل تشعرين أحياناً أن هناك صراعاً بينكِ وبينها، وكيف تعالجين هذا الصراع أو الاختلاف؟
غالباً ما تكون شخصياتي متمردة، غاضبة، تريد الخروج من قوقعة اللغة، والمحرمات، والتمرُّد على قوانين القصّ لتتصرف بطريقة السرد، ولكن الرقيب القابع في ذهني يلجمها غالباً، أطمح لكتابة حرّة، أجربها الآن في روايتي الجديدة ، أتجاوز فيها تسلُّط الرقابة الذاتية. أمّا خلافي مع شخصياتي فيأتي من كوني أتحدَّث غالباً بلسانها عن أشياء بعيدة عن شخصيتي، وأعالج الاختلاف بالحب، دائماً أشعر أنّي أحب الشخصية الّتي أتحدَّث بلسانها وإن اختلفت معها في الفكر والتصرُّفات، وحبي لها يطغى على إحساسي بخطأ الشخصيّة، فمثلاً، في روايتي جبل السّماق، أحببت لحلوحة إلى درجة جعلتني أدافع عنها بتبرير تصرفاتها، وتقديمها إلى القارئ كإنسانة يتعاطف معها ويحبها رغم وضعها الاجتماعي الذي يُفترض بي أن أدينه!
19 ـ دور النشر، وزارات الثقافة، المثقف الأمّي، الجهل والقارئ العازف عن القراءة، إهمال واضح ومخيف بالمبدعين، ألا يقلقكِ ويدفعكِ إلى الإحباط كل هذا الانشراخ، أم أنّ هذه الخيبات تمنحكِ القوّة والمزيد من التحدّي والعطاء؟!
وضعت يدك على الجرح الأعمق في روح كلّ كاتب.
دور النشر : يمكن تسمية بعضها دور النصب والاحتيال، على الكاتب أن يدفع ويلاحق الكتاب ويوزِّعه، ويجد القارئ، بل يشتريه أحياناً. أما وزارة الثقافة فهي مزرعة محسوبيات يسيطر عليها فئة من القرّاء الرقباء، يتحكَّمون بمصير الكاتب وعمله حسب أمزجتهم الشخصية، ومصالحهم أحياناً. وما ذكرته من أسباب تدفع بالكثير من الكتاب إلى اليأس والشعور بعدم الجدوى، وبعضهم يترك الكتابة، فإن لم أستطع أن أجد قارئاً لم َأكتب؟ ما جدوى ما أفعله؟ مع هذا أملك شبه يقين يدفعني لمواصلة الكتابة وعدم التوقُّف، بأنَّ الحال سيتغيَّر، لا بدّ أن يأتي اليوم الذي نستعيد فيه صحونا، وسيكون الكتاب أوّل ما نسعى إليه للمعرفة ، لا أراهن على ذلك، لكن أتمناه، ليدفع عني اليأس ويمنحني القوة على الاستمرار
12 ـ أرى أنّ كتابة عمل روائي طويل أشبه ما يكون بالأشغال الشاقة، لكنّها أشغال شاقة لذيذة، هل فعلاً تشعرين أنّها أشغال شاقة لذيذة وأين تكمن لذَّتها؟!
تكمن تلك اللذَّة في إمكانية عيشي في أزمان وأماكن مختلفة، وتقلُّبي بين شخصيات أحبُّها وأخرى أكرهها، فأخلق زمني ومملكتي وأعيش سيّدتها على مدى رواية! حين كتبت جبل السّمّاق، كنت أشعر أنّي لحلوحة وفاطمة وبدرية وحسنة وكلّ تلك النساء الّلواتي عشت معهن وصرت أراهن في منامي وصحوي، يشاركنني الطعام واللباس والتفكير، وكنت أفتقد الوقت، ألهث وراءه لأحظى بساعات إضافية للكتابة مع عمل المنزل والعناية بالأولاد، وأشياء كثيرة أخرى تفرضها ظروف الحياة.
6 ـ كيف تتعاملين مع شخصيات قصصكِ، هل تشعرين أحياناً أن هناك صراعاً بينكِ وبينها، وكيف تعالجين هذا الصراع أو الاختلاف؟
غالباً ما تكون شخصياتي متمردة، غاضبة، تريد الخروج من قوقعة اللغة، والمحرمات، والتمرُّد على قوانين القصّ لتتصرف بطريقة السرد، ولكن الرقيب القابع في ذهني يلجمها غالباً، أطمح لكتابة حرّة، أجربها الآن في روايتي الجديدة ، أتجاوز فيها تسلُّط الرقابة الذاتية. أمّا خلافي مع شخصياتي فيأتي من كوني أتحدَّث غالباً بلسانها عن أشياء بعيدة عن شخصيتي، وأعالج الاختلاف بالحب، دائماً أشعر أنّي أحب الشخصية الّتي أتحدَّث بلسانها وإن اختلفت معها في الفكر والتصرُّفات، وحبي لها يطغى على إحساسي بخطأ الشخصيّة، فمثلاً، في روايتي جبل السّماق، أحببت لحلوحة إلى درجة جعلتني أدافع عنها بتبرير تصرفاتها، وتقديمها إلى القارئ كإنسانة يتعاطف معها ويحبها رغم وضعها الاجتماعي الذي يُفترض بي أن أدينه!
من حوار أجراه الشاعر السوري المقيم في السويد /صبري يوسف .
-6-
5ـ  كيف ترين الشارع الأدبي السوري وأين أنت منه؟
أرى الأدب في سوريا في حركة نشطة، إنتاج غزير وأسماء مهمة ، لكنّه يفتقد للتسويق ، والإعلام، والشوفينية النّقدية. شخصياً أجد روائياً مثل ممدوح عزام ، لا يقل عن تولستوي فيما كتبه، كلاهما اهتم بالبيئة المحيطة والقضايا المعاصرة له، وكتب بروح العاشق لكلِّ حبّة تراب مشى عليها، لكنّه لم يأخذ حقه في الانتشار الموازي لمستواه الروائي. كذلك فعل نهاد سيريس في تأريخه للشمال السّوري بروايات غاية في الأهمية. ولا يهمني في تقييمي هذا تلك الأسماء التي تلاقي ضجة إعلامية وترويجاً لا علاقة له بالمستوى الفني لما يكتبونه. بالنسبة لي لا زلت أحاول أن أجد لي مكاناً في ركن هادئ بعيداً عن الصخب الذي لا يلائمني. مكان أكتب وأوصل منه صوتي من دون تقديم تنازلات !
من حوار لوكالة أنباء الشعر أجراه زياد ميمان
-7-
شكلت الجوائز محطات في حياتك، بداية من سعاد الصباح، ثم جائزة المزرعة، ثم لها أونلاين .. ثم بوكر العربية .. هل الجوائز مسألة تتعلق بـ ‘أكل العيش’ أم بالقيمة الأدبية؟ أم بالدافعية للكتابة؟
* سؤالك جعلني أبتسم، بل أضحك … لأنّك وضعت إصبعاً على جرح مخفي، لا يراه الآخرون، ونرفض نحن الكتّاب رؤيته أيضاً، نداريه بالتّجاهل ‘أكل العيش’ ربّما لو كان للكاتب العربي مؤسسات تدعمه، وتجعله يعيش حياة كريمة، وتوفر له التأمين الصحي، والعلاج حين يقع فريسة المرض، ربّما توقفت حمى المنافسة على الجوائز، أو خفّت بعض الشيء. لأنّ الجوائز ـ على الرغم مما تتركه من أثر إيجابي في نفس المبدع، ودافع له للمثابرة ـ لا تصنع أدباً جيداً .. لكنّي لا أنكر أنّها تكون في بعض الأحيان دافعاً للكاتب لمنافسة نفسه والتفوق عليها بكتابة الأفضل . قلت بعض، لأنّ البعض الآخر يصاب بالغرور، ويظن أنّه بتلك الجائزة وصل قمة المجد ولا أحد يجاريه. كما ترى كل الأسباب واردة!
* كيف استقبلت ترشيح روايتك ‘عين الشمس’ لقائمة بوكر القصيرة؟
* باستغراب، وفرح. الأوّل لعلمي بمقاييس الجائزة التي شاعت عنها الأقاويل في السنوات الماضية. الثانية، لأنّي ضمن قائمة من كبار الوطن العربي. أسماء لها قيمتها الأدبية وشهرتها.
* كانون الأول (ديسمبر) القادم: هل تنتظرين بأمل أم بقلق إعلان القائمة القصيرة؟
* بأمل … لست قلقة … يكفيني الترشيح والتأهل للمنافسة، ذلك بحدّ ذاته إنجاز كبير بالنسبة لي.
من حوار للقدس العربي ، أجراه الكاتب المصري إبراهيم حمزة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى