ما يحدث في لبنان

حزب الله يتأرجح بين منطقي القوة والسياسة

null

إيلي الحاج

إيلي الحاج من بيروت: يجب أن يكون المرء عونيًا ليصدق أن السعادة تنتظر اللبنانيين بعد أيام قليلة، فما يحصل منذ ثلاثة أيام أن القتلى والجرحى يتساقطون بالعشرات في أنحاء البلاد هنا وهنالك في غياب أي اتفاق سياسي في الأفق،
فإذا لم تكن هذه الحرب فكيف تكون الحرب؟ أما الحلول التي تقتصر على سحب المسلحين والتهدئة وإطفاء النار من دون حل سياسي فقد شهد لبنان مئات بل آلاف المحاولات منها خلال حربه الأهلية التي بدأت عام 1975 وكان الناس بين كل جولة وجولة خلالها يعتقدون أنها انتهت.

لكن نورًا يبعث على الأمل، الموقت على الأقل، ظهر في النفق اليوم مع تولي قيادة الجيش دور الوسيط بين الحكومة و”حزب الله” الذي تبين أن رأيين تنازعا قيادته . أولهما لجماعة العسكر الذين يعتبرون أن الطرف الآخر أي الحكومة والموالين لها لم يفهموا درس بيروت الغربية وما زالوا يكابرون ويرفضون التراجع سياسيًا وإعطاء الحزب الشيعي وحلفاءه أي شيء الأمر الذي يستدعي درسًا ثانيًا أقوى وأشد هولاً. مثل كسر شوكة رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط في عقر داره في الجبل- وقد بدأ عمليًا تقديم المبررات والذرائع لذلك اليوم من خلال الحديث الإعلامي الكثيف في وسائل إعلام الحزب عن “إعدام” أنصار جنبلاط اثنين من مسلحي الحزب الإلهي “بوحشية” خلال اشتباكات عاليه مساء الجمعة والسيطرة على طريق بيروت- دمشق وبيروت صيدا بالقوة ومنع أي حضور لأنصار الحزب التقدمي الإشتراكي و”تيار المستقبل” عليهما ، أو مثل تدمير قصر قريطم أو السراي الحكومي على من فيها .

أما الرأي الآخر داخل الحزب الشيعي فلجماعة سياسيين يرون خطورة كبيرة في ما أقدم عليه من إنزال قهر بالطائفة السنية في بيروت وقمع لوسائل الإعلام بالتهديد والنار يصعب إزالة آثارهما من النفوس على المدى المنظور بما ينعكس سلبًا على علاقة أنصار “حزب الله” ومعه حركة “أمل” بغيرهم من اللبنانيين أبناء الطوائف الأخرى وهم الأكثرية، وكذلك تضر بصورة الحزب بل تهشمها في العالمين العربي والإسلامي حيث بات كثيرون ينظرون إلى “حزب الله” على أنه امتداد لمشروع إيراني يثير خشية شديدة . وفوق ذلك يدفع حلفاء للحزب في مناطق عدة من لبنان ثمنا غاليًا لوقوفهم معه في بيروت الغربية ، على غرار الحزب السوري القومي الإجتماعي الذي قتل أكثر من عشرة من عناصره في منطقة عكار شمالاً حيث بدت الأوضاع متجهة إلى السواد مع انتشار روح الثأر والإنتقام لما جرى في العاصمة .

لذلك فضل هؤلاء السياسيون أن يتخذ الحزب قرارًا عاجلاً بسحب مسلحيه من شوارع بيروت والتسليم للجيش اللبناني بمهمته الأساسية ومبرر وجوده وهما حفظ الأمن والإستقرار، ونزع مسألة قمع وسائل الإعلام في سرعة من التداول من خلال السماح بمعاودتها البث والصدور في أقرب فرصة . وقد عبّر عن هذا التوجه بيان صدر عن قناة “المنار” الناطقة باسم الحزب الإلهي تضامن مع وسائل الإعلام التي يقمعها الحزب نفسه.

وطبعًا كان يفترض الرأي السياسي للسير فيه أن يساعد الحزب الشيعي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وداعميها في التوصل إلى نقاط مشتركة رسمها رئيس “تيار المستقبل” النائب سعد الحريري عندما عرض تجميد قراري الحكومة اللذين أثارا اعتراض الحزب والمتعلقين بنقل قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير المحسوب على “حزب الله” والملاحقات في شأن تمديد شبكة الإتصالات الهاتفية التي اعتبرها الأمين العام لـ “حزب الله ” السيد حسن نصرالله سلاحًا للإشارة. ومع توافق أولي على هذين البندين كان اللجوء إلى قيادة الجيش لإعادة الوضع إلى حد ما وفي أفضل الأحوال إلى ما كان قبل الأيام الثلاثة الماضية، فتتوسط بين الطرفين من أجل حل موقت ينقذ ماء الوجه المدمى. هكذا أعلن الحزب سحب مسلحيه ولكن مع إستمرار “العصيان المدني” . وماذا يعني العصيان المدني غير الإعداد لجولة جديدة في أقرب فرصة ؟


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى