صفحات الناس

حياتي مليئة بالأغاني، ردًا على الموقع البورنوغرافي الأول في العالم العربي حياتي بلا أغاني

null
شعرتُ بالحزن وأنا أدخل إلى موقع مصمّم فقط لتدمير الفطرة الموسيقية في عقل الإنسان العربي. موقع كامل يظهر أنّ المسئولين عنه والذينَ يديرونه قد وضعوا جلّ طاقتهم التقنية و – العقلية – في محاولة منهم لكفّ الناس عن الاستماع الى الموسيقى بهدف أنّها (حرام) كما يقولُ (فقهاء الظلام) المحلّلين والمحرّمين على أهوائهم. وفعلاً شعرتُ بغضبٍ شديد، خاصّةً أنّ تعرفي على هذا الموقع جاءَ مصادفةً حينَ كنتُ سعيدًا لقراءة تدوينات كاتبة ليبية في مقتبل مراحل كتابتها وهي تزكّي في تدويناتها نفسها وكتاباتها وثقافتها، إلى أن استوقفتني فجأةً شعار في زاوية صفحة المدوّنة كتبَ عليها: “حياتي بلا أغاني”، وبدافع الغضب وجدتُ نفسي داخلَ ذاكَ الموقع، أرى فيهِ كامل الانحطاط الفكري للهوية العربية والاسلامية. هذا بالإضافة لفتاوي أخرى لـ فقهاء (((كبار))) يتحدّثونَ فيها عن الموسيقى في التراتيل الدينية للـ ((الكفار))، وغيرها من هذهِ العقائد البذيئة والمثيرة للاشمزاز.
***
في هذهِ التدوينة سأوجّهُ أولَ سبّابة نقد لـ الكاتبة الليبية الشابة. للأسف لا نملكُ إلاّ كاتبات ليبيات محصورات على أصابع اليدين، وبكلّ ثقة أقولُ بأنّ الباقيات لا أعتبرهن كاتبات ولا مثقفات ولاصحافيات. فهنّ للأسف لسنَ على قدرٍ واعٍ من القراءة والإطّلاع، ومعظم اطلاعاتهن الثقافية تنحصر على المنتديات والمواقع الاخبارية والمدونات، ولا أظن – حسب قراءتي لكتاباتهن الابداعية والصحفية – أنهّن حاولنّ يومًا قراءة كتاب حقيقي (غير روايات عبير وأخواتها). هوايتهن التقليد، وان أطرأ أحدٌ ما على كتاباتهن الصحفية أو الابداعية اعتبرنَ أنفسهن “سيمون دو بفوار” أو “حنان الشيخ”، وأنا متأكدٌ الأن أنّهن لا يعرفن هاتين الكاتبتين. والمشكلة ليست في ذلك، بل المشكلة تكمن في أنّهن تجردنَ من هويتهن الثقافية كنساء كاتبات وصرنَ صورةً لزوجات أصحاب اللحي. فالكاتبة المثقّفة الحقيقية – في نظري – هيَ التي تخرجُ من هذهِ السلطة، وخروجها عن هكذا سلطة ليسَ فقط لمجرّد الخروج والتمرّد، بل على قراءة ودراية وثقافة ووعي ومعرفة، وليسَ بحثًا عن شهرة أو هدف شخصي. ولكنّني لا أرى شيئًا من ذلك أبدًا في عددٍ كبير من الكاتبات والصحافيات الليبيات… لا أرى سوى أنّنا نسيرُ إلى الحضيض بخطى ثابتة ومستقيمة. حتى أنّ كاتباتنا الشابّات اليوم بتنَ يقلن أنّ (الموسيقى حرام).
***
النقطة الثانية التي أودّ أيضًا التعريجَ عندها هي الموقع الإباحي الأول في العالم العربي (حياتي بلا أغاني).
http://www.no4songs.ws/
فهذا الموقع هدفهُ تحريم الأغاني وتكسير التلفاز والألات الموسيقية. فأولُ خطوة تنجزها للدخول إلى الجنّة والفوز برضا الله هي كسركَ للتلفاز وطمس أذانك، وان كنتَ ذو موهبة موسيقية فأحجبها وأقتلها لأنّكَ في الجنّة ستعزف وستغنّي، ولكن في دنياكَ عليكَ تدمير فطرتكَ ومواهبك. (لا فرقَ بينَ فقهاء الظلام والنظام الليبي، فكليهما يحبّذ لعبة تدمير الألات الموسيقية لأنّها تراث غربي وثقافة استعمار، والضحية هو مجتمع النعامة الذي يضعُ رأسهُ في التراب).
من أهم ما جاءَ في الموقع المذكور أعلاه: (حكم الاستماع إلى الأغاني العاطفية – حكم دعوة الكفار بأناشيد دينية مصحوبة بالمعازف)، ثمّ بعدَ هذهِ الأحكام الشهوانية، تبدأ مرحلة اللذّة البورنوغرافية عبرَ مقالات مبتذلة ومدعاة للسخرية. كما يتوجّبُ علينا أنّ نذكّر بأنّك بينَ كلّ مقال ومقال تقرأ أيةً من القرآن يقالُ أنّها تعني حرمة الاستماع للموسيقى حسبَ تفسير أحد فقهاء الظلام. ولكي تذرفَ عيناكَ الدمع وتصل إلى اللذّة فإنّكَ ستجدُ بعضَ الدعوات (الهادفة) التي تقولُ بأنّ هناكَ ما ينتظركَ في جنّة الخلود ان استغنيتَ عن (لهو الحديث)، وأنّ أمامكَ فرصةً كبيرة للإصلاح من نفسكَ وكسر تلفازك والمسجّل والآيبود، هذهِ الصناعات الغربية التي أنتجت خصّيصًا في أوروبا وأمريكا بدعوة من الصهاينة لفكّ عقيدة الشباب المسلم وتدمير هويته الاسلامية، وجعلهِ خاتمًا في اصبع الشيطان.
اذن، حينَ ينتهي الفيلم البورنوغرافي، ستدركُ أخيرًا أنّ بيتهوفن وموزارت وفيروز وعبد الحليم وكيني روجرز والأخوان الرحباني ومارسيل خليفة وحسن عريبي ليسوا سوى عملاء للغرب وهدفهم تدمير هويتنا الاسلامية، ولهذا يجب القضاء عليهم ووضعِ شعار الموقع في مدونتك أو موقعك (حياتي بلا أغاني).
***
الموسيقى غذاء الروح. الرقيّ بالمستوى السمعي للأذن. الثورات الاجتماعية قامت بنهضة الموسيقى. الموسيقيون قدّموا ما لم يقدّمهُ أي نظام سياسي في العالم. الحياة موسيقى، والثقافة موسيقى.
لماذا تدميرها بهذا الشكل؟ لماذا لا نفهم الموسيقى جيّدًا قبلَ العودة إلى أجندة فقهاء الظلام الذينَ لا يتبعونَ سوى شهوات أنفسهم عبرَ حلقات تلقينية سطحية؟
نحنُ لا نملكُ وعيًا، ولكنّنا نصنعُ العقم… ولا أزالُ أتساءلُ ككلّ مرةٍ: أينَ المثقّف؟ أينَ أنتَ أيها المثقّف؟
لا ثقافة، لا ثقافة، لا ثقافة!
———————
فقهاء الظلام: عنوان رواية للكاتب السوري الكبير سليم بركات.
لتوضيح بعض النقاط، أرجو الضغط على الكلمات والجمل التي تحوي على رابط.

عن ما كتبتهُ حولَ الكاتبات الليبيات ليسَ بقصد التجريح والتعميم، ولكن لوضع جلّ أملي في المرأة الليبية أولاً للخروج بالمجتمع من عتمته السياسية والاجتماعية.
http://mesrati.blogspot.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى