صفحات الناس

هل حقا جرى هذا في سوق الحميدية؟!

null
كلنا شركاء في الوطن
نشر موقع “سورية الحرة” فيلما يدعي أنه صور في سورية، ويتضمن مقاطع عدة تلعب على الوتر الطائفي، بينها لقطة لصور السيد نصر الله، وأعلام حزب الله، التي انتشرت في سورية بكثافة إثر حرب تموز 2006،
ومقطع مبتسر للدكتور أحمد حسون، مفتي الجمهورية، ولقطة “مختارة بعناية” للرئيس بشار الأسد في استقبال لرفسنجاني..
لكن الأهم في الفيلم، هو المشهد الأول الذي يزعم أنه صوّر في الحميدية بدمشق، ويعرض لجموع عارية الصدر تقوم بجلد نفسها في يوم عاشوراء!
في التدقيق بالفيلم المصور، على مايبدو، بكميرا موبايل، يمكن التأكد أن المكان هو فعلا سوق الحميدية (مقارنة اسماء بعض المحلات، رغم عدم وضوحها مع اسماء المحلات في السوق). إلا أن الفيلم لا يشير إلى زمن التصوير، وبالتالي من غير المعروف إن كان ذلك قد حدث اليوم، أو قبل سنوات.
على كل حال، وبسبب رداءة التصوير، لا يمكن التأكد من أنه حقيقي. رغم المؤشرات على أنه كذلك. وهو ما سنفترضه هنا ريثما نسمع توضيحا آخر من السلطات السورية، فيما إذا أوضحت!
إن حرية ممارسة الشعائر الدينية مكفولة في الدستور والقوانين السورية. لكن هذه الحرية مقيدة بالمواطنة حيث يجب أن يكون كل حق آخر يقع تحت حقوق المواطنة. ومن هذه الحقوق أن ممارسة العنف باسم الشعائر الدينية في مكان عام هو أمر مرفوض جملة وتفصيلا. فإذا كان لأتباع مذهب ما، أو دين ما، رأي بأنه عليهم أن يمارسوا شعائر دينهم واعتقادهم بحرية، فإن تلك الحرية يجب أن تكون محصورة حصرا في دور العبارة والمنازل الشخصية. أما الشارع العام فهو لكل الناس: للمؤمنين بهذا الاعتقاد وللمؤمنين بغيره ولغير المؤمنين بأي اعتقاد. فهؤلاء جميعهم أبناء وطن واحد هو سورية، وجميعهم مواطنون فيه. واحترام العقائد المختلفة يقتضي أولا أن تحصر ممارسة العقائد في دور العبادة وما شابهها.
إضافة إلى ذلك، فإن أي شكل من الطقوس العنيفة يجب ان يكون مرفوضا بغير استثناءات. سواء كانت هذه الطقوس لأسباب دينية (كما هو في الفيلم)، أو لأسباب سياسية (كما جرى في تظاهرات دينية استهدفت قضايا سياسية).
ففي دولة المواطنة يجب أن يكون العنف معاقبا عليه بغض النظر عن من يمارسه، وعن أسباب ممارسته. فكيف إذا كان هذا العنف علنيا وفي شارع عام؟ بل في واحد من أعرق شوارع سورية؟
إننا في كلنا شركاء، إذ نحترم كافة المعتقدات، ونحترم حريتها في ممارسة شعائرها ضمن دور العبادة، نرفض رفضا قاطعا نقل هذه الشعائر إلى الأماكن العامة، ونرفض كليا أي ممارسة لمظاهر العنف، وندعو السلطات السورية إلى التحقيق في هذا الأمر، وضمان عدم تكرار ذلك. كما ضمان عدم استخدام أي مذهب أو دين مبدأ حرية ممارسة الشعائر الدينية في ترويج العنف وتشريعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى