صفحات الحوار

حوار مع الناشط والقيادي في حزب العمل الشيوعي صفوان عكاش


دمشق – الراية – شادي جابر: صفوان عكاش ناشط سوري وقيادي في حزب العمل الشيوعي. عضو لجنة التنسيق والمتابعة في إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي. ولد عام 1954 وانخرط في الشأن العام منذ سبعينيات القرن الماضي.

اعتقل ثلاث مرات قضي في أقساها خمسة عشر عاماً خلف القضبان. شارك في لجان إحياء المجتمع المدني. بعد انقضاء سنوات الاعتقال الطويلة قرر استكمال دراسته في الهندسة الكهربائية وتخرج بتقدير جيد جداً.

لكنه اضطر للعمل في الترجمة من وإلى الانكليزية. للوقوف عند رؤيته في قضايا ومستجدات الراهن وواقع وآفاق العمل السياسي والشأن العام في سوريا، الراية التقت صفوان عكاش وكان الحوار التالي:

أنت عضو لجنة التنسيق والمتابعة في إعلان دمشق.. إلي أي مدي استطعتم كتيار يختلف مع السلطة وينتقد سياساتها أن تمارسون دوركم بفاعلية في الوسط السياسي وأوساط الرأي العام في سوريا؟

أولاً أحب أن أوضح أنني لا أتكلم في هذا الحوار بصفتي عضواً في إعلان دمشق. صحيح أنني عضو في الإعلان وهذا يشرفني، ولكن في حوارنا هذا أنا أتكلم بصفتي أحد الناشطين السياسيين في المعارضة السورية، إلي جانب كوني عضوا في حزب العمل الشيوعي.

أنا أعتقد بأن لا وجود لأي وسط سياسي في سوريا خارج المعارضة. ولنكن صريحين في مجتمعنا هذا لا توجد سياسة، بل هناك إملاءات وتوجيهات وأجهزة… أما بالنسبة للسياسة فهي منعدمة وأي باحث أو صحفي أو سياسي أو مراقب يحاول أن يتلمس هذا الواقع سيكتشف أنه لا وجود للسياسة خارج المعارضة السورية، أو بالأحري لا وجود للسياسة السورية بدون المعارضة، بمعني أن عماد السياسة السورية الحالية هي المعارضة السورية، وأقصد المعارضة الوطنية السورية في الداخل، وهناك أطراف خارجية فرضت ظروفهم القسرية أن يكونوا في الخارج.

أما مدي قدرة المعارضة علي أن تفرض نفسها فهو يرتبط بعاملين: الأول هو استعداد المجتمع للدخول في العملية السياسية، وهذا الاستعداد منخفض للغاية، والسبب الأساسي هو هذا التاريخ من الغياب السياسي إلي جانب الإقصاء والتهميش. حتي يدخل المواطن السوري العمل السياسي وحتي ينتبه لما يجري في الوسط السياسي هو بحاجة لأن يطمئن علي حريته وعلي مصدر رزقه، وهذا الاطمئنان غير موجود فهو دائماً بحالة خوف. لذا يلزمنا الكثير من العمل لدفع هذا المواطن إلي خضم العملية السياسية. من جهة أخري هناك ضرورة لأن يقوم النظام بانفتاح ما، وبغير ذلك لا يمكن إقناع الناس مهما حاولنا بضرورة العمل السياسي إذا كان مصدر الطمأنينة هو السلطة.

دور المعارضة

بالنسبة إلي الخطوات التي حققها إعلان دمشق منذ إصداره هل يمكن إيجازها باختصار؟

حقق الإعلان خطوة نوعية في تاريخ السياسة السورية المعاصرة تمثلت في اجتماع عدد كبير من الأطياف والتيارات السياسية والثقافية والفكرية من إيديولوجيات مختلفة علي طاولة حوار واحدة، ثم الانتقال إلي التنسيق المشترك. ويكفي الإعلان أنه حقق تربية ما باتجاه ثقافة الحوار والديمقراطية، هذا كان مفقوداً في الماضي، حيث إننا لم نكن نتحاور ولا نرغب حتي في الحوار فيما بيننا، أما الآن فنحن نستمع إلي بعضنا وينتقد بعضنا بعضاً… يجب أن نقر بأن هناك خلافات سياسية كبيرة بين أطراف المعارضة السورية، لكن مع ذلك نحن مصرون علي الاستمرار في الحوار وفي تبني اتجاه يتبني ثقافة ديمقراطية تقوم علي القبول بالآخر والتعاون والتنسيق فيما بيننا.

هل من صدي لعملكم ولنشاطكم هذا؟

أعتقد أن هناك نخبة آخذة في التشكل تتبني رؤية العمل المشترك وضرورة التغيير الديمقراطي السلمي، وكما قلت في السابق لا يمكن بروز هؤلاء الناس علي سطح العملية السياسية دون توافر الظروف الموضوعية لذلك.

هناك من يري أن المعارضة السورية في الداخل ضعيفة وعاجزة، ويقتصر نشاطها علي إصدار البيانات، فضلاً عن أنها غير قادرة علي تقديم مشروع بديل عن مشروع السلطة في شكلها الراهن. ما هي أسباب ذلك في رأيك؟

أنا أختلف مع من يقول بأن المعارضة لا تقدم بديلاً، المعارضة السورية بحد ذاتها تمثل بديلاً موضوعياً، هي تطرح خيار التغيير الديمقراطي وهو مشروع تاريخي. الآن هذا المشروع لا يلحظ في جوانبه كيفية حل المسألة الاقتصادية والوطنية والموضوع السياسي، وهو غير مهيأ ليلحظه، ذلك أن القوي السياسية داخل هذا الإعلان تختلف في هذه الرؤي، فما نتحد عليه حتي الآن هو أن التغيير الوطني الديمقراطي هو البوابة لحل المشكلات الموجودة. هذا لا يعني أننا لا نعمل لحل هذه المشكلات قبل إجراء هذا التغيير، علي العكس تماماً نحن نعمل باتجاه حل هذه المشاكل وتقديم تصورات ورؤي سياسية حولها سواء في الموضوع الاقتصادي أو السياسي أو الفساد… نحن نتناول كل هذه المواضيع لكننا نتناولها كقوي سياسية مختلفة حتي الآن. وأعتقد أن علي أطراف دمشق الآن أن تبدأ بطرح السؤال التالي: نحن نتبني موضوع التغيير الديمقراطي لكننا الآن لا نستطيع تطبيق هذا المشروع إذاً كيف يمكن إعداد وتهيئة قوي اجتماعية قادرة علي إنجاز هذا المشروع الوطني الديمقراطي هنا يكمن الرهان الأساسي، أي في تقديم تصورات وبرامج تعالج القضايا السياسية الجوهرية والملحة معاً. وأعتقد بأن هذه الرؤية قائمة عند العديد من أطراف إعلان دمشق.

ثقافة المشاركة السياسية

التجربة السياسية في عالمنا العربي غير مشجعة فهي عادة ما تقوم علي الصدام ومحاولة تغييب الآخر. انطلاقاً من هذه التجربة، لنفرض جدلاً أنكم وصلتم إلي السلطة، ما هو مشروعكم وما هي الإجراءات التي ستتخذونها تجاه السلطة الحالية. وما الذي يضمن أنكم لن تقوموا بعملية استئصال للبعث وأحزاب الجبهة علي الطريقة العراقية مثلاً أو غيرها؟

ما جري في العراق لم يكن تغييراً وطنياً ديمقراطياً أفرزه المجتمع العراقي، إنما هو تركيبة من الاحتلال العسكري الأمريكي مع واقع اجتماعي عراقي متخلف. الولايات المتحدة لا تتبني موضوع التغيير الديمقراطي لا في العراق ولا لبنان ولا سوريا ولا أي منطقة. هي تتبني مصالحها الامبريالية الذاتية والأنانية، وهي تتدخل من هذا المنطلق، وعلي كل حال فإن التجربة العراقية التي أرادت الولايات المتحدة تقديم مثال جذاب من خلالها تحولت إلي كابوس مرعب وساهمت مع أفاعيل الأنظمة المستبدة في الوصول إلي الانحسار الذي يشهده المشروع الديمقراطي في المنطقة. لكن مشروع التغيير الوطني الديمقراطي هو مشروع سوري، مشروع القوي الوطنية في سوريا، وهذا المشروع يشمل جميع المواطنين من مختلف الأحزاب والاتجاهات السياسية بما فيها حزب السلطة، بمعني أنه سيكون في أية عملية تغيير ديمقراطي أمكنة متساوية للجميع بما فيها السلطة أو المعارضة أو غيرها من الأحزاب. القلق الآن ليس علي مكانة النظام أو حزب النظام وإنما هو علي الأحزاب الأخري. مشروع التغيير الوطني الديمقراطي هو مشروع لكل المجتمع السوري، وهو لا يستثني أحداً، وهذا المشروع أكبر من إعلان دمشق بل إن إعلان دمشق جزء منه.

إذن أنتم توافقون علي إشراك حزب البعث الحاكم في مشروعكم؟

إن أي شخص يرجع إلي وثيقة إعلان دمشق الرئيسية يجد أن هناك دعوة إلي أهل النظام للانضمام، والآن ليست المشكلة أن نقبل بإشراك النظام أم لا، المشكلة أن النظام لا يقوم بأي خطوة باتجاه إشراك المجتمع.

أنتم في المعارضة وفي إعلان دمشق تحديداً تدعون إلي التغيير الديمقراطي السلمي بالاشتراك مع النظام، هل ما زلتم تنتظرون من حزب البعث أن يتنازل عن السلطة أو يفتح الباب علي الأقل لكم لتشاركوه فيها؟

أولا أريد أن أصحح بأننا لا ندعو إلي التغيير الوطني الديمقراطي بالاشتراك مع النظام، بل هذا المشروع هو مشروعنا، وكل من يريد الاشتراك من هذا النظام أهلاً وسهلاً به، فهناك مكان لكل من يريد أن يشارك في هذا المشروع، والآن نحن ندعو إلي التغيير الوطني الديمقراطي في ظل هذا النظام وليس لدينا أي نية للقيام بعمليات انقلابية أو أعمال عنف.

حزب البعث الحاكم هل يمكن أن يقود عملية التغيير التي تدعون إليها؟

أعتقد بأنه غير قادر علي ذلك لأنه لا يستطيع ولا يرغب بذلك، هذا اعتقادي الشخصي، ولكن أرجو أن يكون هذا الاعتقاد خاطئاً، وليتفضل هذا الحزب بقيادة هذا التغيير وبإتاحة ولو هامش بسيط لانطلاقة هذه العملية.

التحديات والأولويات

المنطقة الآن تمر بظروف في غاية التعقيد. وأي مراقب يستطيع أن يلاحظ ذلك. والاضطرابات والفوضي والحروب تحيط بسوريا من كل جانب. أليست كل هذه التحديات التي تواجهها سوريا كافية لإعطاء الأولوية القصوي إلي الأمن والاستقرار في الداخل وتجنيب البلد الفوضي والاضطراب؟

التحديات لا تعطي أبداً الأولوية للأمن والاستقرار. عندما تُطرح التحديات تُعطي الأولوية لحل هذه التحديات، فعندما نقول لدينا تحدي كذا وكذا نكون قد حددنا سلم الأولويات بأننا يجب أن نحل هذه التحديات. التحديات الخارجية موجودة بالطبع وهي ليست كلها علي النظام بل هي تحديات مطروحة أمام الدولة السورية، أمام النظام، وأمام المجتمع السوري. ولحلها يجب أن يشارك المجتمع في تقديم رؤاه، يجب أن يُسأل كيف يتم حل هذه التحديات؟.

أليس من المناسب أن يسأل الشعب السوري هل تري في الاشتراك في المفاوضات مع إسرائيل إمكانية أم لا؟ ومن المناسب أيضاً أن يكون للقوي السياسية رأي في هذه التحديات، لكن لا أحد يسألها ولا أحد يهتم أيضاً بمشاركة المجتمع بالتصدي لهذه التحديات. سوريا تعرضت للكثير من التحديات في تاريخها ومع ذلك كان المجتمع السوري يساهم في مواجهتها. مع تركيا ومع الأحلاف الاستعمارية وأثناء الوحدة والانفصال. كلنا يذكر هذه التواريخ وقد كان للشعب السوري المساهمة الأساسية في حل هذه التحديات. لذلك أعتقد أن الأولوية هي لحل هذه التحديات.

أما بالنسبة لموضوع الأمن والاستقرار، فأعتقد أن ما نراه في مجتمعنا ليس أمناً واستقراراً بل هو كبت يمنع انفلات الغرائز لكنه لا يهذبها ولا يربيها. عندما يُرفع الكبت قليلاً تجد أن هذه الغرائز تنقلت. قد تقول لي فليكن إذا كانت هذه الغرائز مضرة كالطائفية مثلاً وبالتالي من الأفضل كبتها. سأجيبك بنعم ولكن الكبت ينال الغرائز وأيضاً ينال التوجهات النبيلة لبناء المجتمع. علي أية حال سلعة الأمن والاستقرار تآكلت بفعل كثرة التداول، وكذلك بسبب ما يلاحظه الجميع من تزايد الحالات المخلة بالأمن نتيجة البطالة والغلاء والفساد وانهيار القيم.

في مجتمع كمجتمعنا يعاني من هذه المشكلات يجب أن يشارك المجتمع بأكمله في مواجهة هذه التحديات. أعتقد أن الضغوط الحالية تتنوع في استباقاتها تنال النظام وأفراداً معينين من هذا النظام كما جري في قرار تجميد أرصدة بعض الشخصيات. هذه الضغوط مثلاً لا تنال من الوطن بل تنال أفراداً وليس النظام بأكمله، لكن هناك ضغوطاً تنال النظام بأكمله وهناك ضغوط أخري تنال البلد بأكمله.

نحن نقول نعم أي عدوان عسكري هو عدوان موجه إلي سوريا الدولة والنظام والمجتمع معاً، ونحن لا يمكن أن نقبل بأي تدخل عسكري أو بأي عدوان، بل سنقاوم ذلك، نحن من الأطراف المقاومة لأي عدوان أو احتلال والمسألة الوطنية ليست حكراً علي النظام، بالعكس نحن مقصيون عن المساهمة في حل المسألة الوطنية والمشاركة فيها.

نحن معنيون بالدفاع عن وطننا بشكل أساسي لأن الوطن ليس ملكاً للنظام وحده فقط، وللأسف فإن بعض أطراف المعارضة التي تهمل أو تقلل من أهمية المسألة الوطنية تساعد النظام في الخلط المتعمد بين مقاومة التغيير الديمقراطي المطلوب داخلياً ومقاومة التدخلات الخارجية.

 

السياسة الخارجية والعلاقة بإيران

هل تؤيدون إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من كامل هضبة الجولان؟

أعتقد أن إبرام معاهدة أو عدمه هي مسألة تتعلق بسياسة الحكومة السورية والأطراف الدولية وخصوصاً الولايات المتحدة، وسواء أكان الأمر يتعلق بمعاهدة أم بغير ذلك، فنحن ننظر إلي أي خطوة سياسية ونقيمها، ثم ننظر في انعكاساتها، هل هي إيجابية أم سلبية ونتخذ موقفاً بناء علي ذلك. فلا يمكنني أن أقول بأنني مع معاهدة أو ضد معاهدة إذا لم أعرف ما هي هذه المعاهدة، فهناك معاهدة سلام عادلة وأخري مجحفة. إذا حصل وتمت مثل هذه المعاهدة سوف نري في حينها ماذا تتضمن ونحدد بالتالي موقفنا منها.

بالنسبة إلي التحالف السوري الإيراني الذي يقال إنه تعزز في الفترة الأخيرة… كيف تنظرون إلي هذا التحالف؟ وما موقفكم من الدور الإيراني في العراق ولبنان وفي المنطقة العربية عموماً؟

ا أعرف إذا كان التحالف السوري الإيراني قد تعزز في الفترة الأخيرة أم لا، هناك تحالف قديم، لكني أعتقد بأن العلاقة بين النظامين السوري والإيراني هي أدني من تحالف أطراف متكافئة. ليس هناك تكافؤ في القوي بين طرفي هذا التحالف. النظام الإيراني أقوي بكثير وهو الطرف المؤهل ليملي ما يريد وما لا يريد في المشاريع القائمة في المنطقة، وعدم التكافؤ هذا أمر غير مريح.

هل تري أن عدم التكافؤ هذا جديد أم كان موجوداً في السابق؟

أعتقد أن الأمر جديد. في السابق كان هناك تكافؤ في القوي بين طرفي هذا التحالف السوري الإيراني، أما الآن هذا التكافؤ غير قائم ويخشي من أن يصبح تحالفاً تبعياً. أضف إلي ذلك أن النظام الإيراني وبمنطوق دستوره هو نظام شيعي، إيران هي دولة شيعية كما ينص الدستور، وبالتالي هو نظام طائفي. من منطلق مبدئي نحن ضد أي نظام طائفي سواء كان سنياً أو شيعياً. إن انعكاس الممارسات الطائفية للنظام الإيراني علي مجتمعنا هي انعكاسات سلبية، وقد أثارت مخاوف وتوترات نحن في غني عنها. وأنا أعتقد أن الإيرانيين في مسألة التشيع لا يراعون خصوصية مجتمعنا ولا يأخذون بالاعتبار مصالحنا الوطنية في الوحدة الوطنية، وأعتقد بأنهم يعملون لما يفيدهم دون النظر إذا ما كان ذلك يضرنا أم لا، وهذا شيء مقلق.

المشروع السياسي لإيران هو مشروع طائفي لكنه مشروع قومي أيضاً يهدف إلي زيادة قوة إيران علي الصعيد الإقليمي، وبالتالي تعزيز تأثيرها ونفوذها في المنطقة ككل. إذن هذا المشروع هو مشروع إيراني بحت ينطلق من المصلحة الإيرانية الأنانية، وأنا أعتقد أنه ليس لدينا أي نقاط لقاء مع هذا المشروع من زاوية المصلحة القومية الإيرانية.

بالنسبة للسياسة الإيرانية في لبنان فهي تختلف عنها في العراق وهذا شيء ملموس، إذ بدت في المرحلة السابقة أقل حدة وأقل رغبة في دفع الأمور إلي الهاوية. هم يدعون أيضاً سعيهم إلي التوافق مع الآخرين، بعكس الأطراف الأخري. أما في العراق فالنظام الإيراني يتعامل مع هذا البلد كمجال حيوي له، ويري أن هذا المجال يجب أن يكون في أضعف حالاته مفككاً ومنخوراً وضعيفاً وساحة لخوض معاركه مع الأمريكيين. أصابع النظام الإيراني تبدو متغلغلة علي مختلف المستويات، لذلك نجده يدعم الأطراف المتصارعة سواء الأطراف الشيعية أو ما يسمي منظمة القاعدة من أجل استمرار العنف، فمن المعروف أن هذه الأطراف متعادية ومتقاتلة وفيها من ينفذ عمليات إرهابية هدفها الوحيد تفتيت العراق.

لكن أليس ذلك ناجماً عن غياب مشروع عربي يتصدي لهذا المدّ أو النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة؟

لاشك في ذلك. ليس هناك مشروع عربي، فالعرب الآن هم في أضعف حالاتهم في التاريخ الحديث. والطرف الضعيف المفتت لا يمكن أن يربح في أي وضع سياسي. نعم ليس هناك مشروع قومي عربي. تيارات المعارضة والقوي الشعبية العربية غير مسموح لها بالمشاركة في صنع القرار السياسي، وغير مهيأة للعب الدور المفترض أن تمارسه. ومن هنا أنا أعتقد بأن الأنظمة القائمة لا يمكنها أن تقوم بأي مشروع ولا حتي بمجرد دعوة لأي مشروع قومي عربي لأنها فقدت مشروعيتها.

في ظل هذا الضعف والتفتت العربي الذي أشرت إليه.. أليس من حق سوريا أن تتحالف مع إيران؟

المسألة ليست مسألة حقوق، إن المشروع الإيراني لا يريد بالمنطقة العربية خيراً، والآن علي النظام أو غير النظام أن يتعامل مع هذا الواقع.

هل يمكن أن نقول مثلاً إنك مع هذا التحالف في حال كان متكافئاً؟

أنا لا أريد تقديم وصفات، الواقع الحالي ليس مرضياًَ علي الإطلاق، ولكن التحالف غير المتكافئ مع طرف متلاعب ليس إجابة صحيحة في كافة الأحوال.

المعارضة في الخارج

 بالنسبة للمعارضة السورية في الخارج من جبهة الخلاص إلي حزب الإصلاح وحركة العدالة والبناء. كيف تري التحركات والنشاطات التي تقوم بها، لا سيما تلك التي تدعو فيها الناس للانقلاب علي النظام وماذا عن دعوة فريد الغادري إلي إقامة فيدراليات في سوريا؟

المعارضة السورية واسعة الطيف. بالنسبة إلي رؤاها السياسية وتواجدها الجغرافي هناك معارضة في الداخل وأخري في الخارج، وليس لدي الحق بأن أقول إن فلاناً داخل المعارضة وفلاناً خارج المعارضة. إعلان دمشق ليس له علاقة بجبهة الخلاص علي الإطلاق، لا علاقة سياسية ولا علاقة تنظيمية. لا يجوز خلط الحابل بالنابل فحركة العدالة والبناء التي تأسست في الخارج مثلاً ذات شخصية متميزة في المعارضة السورية، أما بالنسبة إلي حزب الإصلاح فأعتقد أن هذا الرجل لا يمثل أحداً ولا يأخذ المشاعر الوطنية لشعبه بعين الاعتبار، وقد تلقي من الإجابات ما يناسبه خلال زيارته للكنيست الإسرائيلي وهو يستحقها.

هل توافقون علي دعوة جبهة الخلاص الشعب السوري إلي الانقلاب علي النظام والإطاحة به؟

أنا لم أسمع بأن جبهة الخلاص دعت إلي انقلاب. حصلت دعوات إلي التظاهر والاعتصام وما إلي ذلك من أشكال التحرك الشعبي. من حيث المبدأ أرجو أن يكون في كل يوم تحرك شعبي فنحن بحاجة إلي تحركات شعبية تزج المجتمع في العملية السياسية. لماذا يحق للمواطن الفرنسي أن ينزل إلي الشارع ولا يحق للسوري أن يتحرك، لا غبار علي التحركات الشعبية أبداً وهي حق يكفله الدستو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى