صفحات العالمما يحدث في لبنان

أحرسوهم

راجح الخوري!
تماماً كما قال سعد الحريري. هذه بداية عمل المحكمة الدولية لا نهايتها او احكامها النهائية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهداء الآخرين.
من الطبيعي ان يثير اطلاق الضباط الاربعة دويا يساوي، وربما يتجاوز، دوي احتجازهم. وسيمر لبنان الآن في حقبة من هذا الدوي والغليان قبل ان تهدأ الامور. لكن من الضروري الآن ان يتوقف المراقب امام مجموعة من النقاط والامور انطلاقا من هذا الحدث:
❑ أولا: كان من الطبيعي ان يسارع سعد الحريري وقيادات في 14 آذار الى القول، انهم يقبلون بقرار المحكمة اطلاق الضباط الاربعة، وبكل قرار تتوصل اليه في سعيها لكشف الحقيقة ولو استغرق الامر مزيدا من الوقت. فقد دأب هؤلاء دائما على الدفاع عن عدالة المحكمة في وجه اتهامات التسييس التي اطلقتها المعارضة.
❑ ثانيا: من المفيد ان يتوافر الآن اجماع عند الاكثرية والمعارضة على ان المحكمة غير مسيسة، بما يعني ان 8 آذار انضمت اخيرا الى 14 آذار في القول ان المحكمة لا تقع تحت التأثيرات السياسية. وبما يفترض ان يؤدي استطرادا الى قبول كل القرارات التي ستصدر عنها، واعتبارها بعيدة عن التسييس، وخصوصا عند قيادات المعارضة.
❑ ثالثا: ان التحقيق الدولي، وتحديدا المحقق ميليس، هو الذي طلب توقيف الضباط. وعندما جاء برامرتس من بعده، لم يطلب اطلاق سراحهم، وتأخر قيام المحكمة كثيراً بسبب مواقف المعارضة منها وآخر هذه المواقف الامتناع عن توقيع مذكرة التفاهم معها والتي ما زالت عالقة.
ووسط تشابك في الاجراءات واختلاف في المعايير، استمر احتجاز الضباط الذين طلبت المحكمة الدولية اخلاء سبيلهم بعدما اخيرا درست ملفهم، ولم تجد من الادلة والقرائن ما يوجب استمرار توقيفهم. لم يكن في يد القضاء اللبناني ان يطلقهم في وقت كانت التحقيقات الدولية مستمرة، ثم ان معايير التوقيف على ذمة التحقيق تختلف بين لبنان والمحكمة الدولية التي تحدد 90 يوما حدا اقصى للتوقيف على ذمة التحقيق، بينما الامر مختلف في لبنان.
هذه هي اسباب استمرار التوقيف الذي كان فعلا سيكون اقصر واسرع لو ان الاتفاق الداخلي لبنانيا على المحكمة لم يأخذ كل هذا الوقت.
❑ رابعا: ان الذهاب الى القضاء الدولي كان نتيجة تقرير المحقق الدولي فيتزجيرالد الذي شكك في امكانات التحقيق اللبناني في الجريمة وحتى في نياته كشف الحقيقة والجناة!
❑ خامسا: ان الذين رغبوا دائما في اتهام المحكمة الدولية بانها مسيسة، وقد تكون مجرد غطاء قضائي لمؤامرة بدأت باستصدار القرار 1559 الذي صدر قبل التمديد بساعات، وسط سباق واضح في عض الاصابع يومها بين واشنطن ودمشق، هؤلاء ليس من الملائم الآن ان يسارعوا الى تسييس قرار المحكمة على الصعيد الداخلي بتوجيه الاتهامات الى قسم من الجسم القضائي، والى الاكثرية وجماعة 14 آذار.
❑ سادسا: اذا كان من حق الضباط المطالبة بتحصيل حقوقهم المعنوية والمادية وما الى ذلك، ففي وسع القانون وفي اطاره ما يتيح لهم هذا الامر المشروع.
❑ سابعا: في السياسة التي تمارس في لبنان من دون قواعد او اسس او حدود فتجيز للسياسيين التراشق بكل انواع الاتهامات والمؤامرات والقباحات وما الى ذلك، في هذا النمط من السياسة من المفهوم ان تحاول المعارضة استغلال اطلاق الضباط على خلفية البراءة وانعدام وجود القرائن التي تستدعي توقيفهم، وخصوصا اننا في زمن الانتخابات التي تجيز عندنا كل شيء.
ولكن ان يصل الامر بالبعض الى حد تحميل الرئيس ميشال سليمان المسؤولية عن القضاء الذي يريد البعض هدمه على رأس بعض من اهله، والى حد الدعوة الى تفكيك 14 آذار وسوق قياداتها الى الاعتقال واتهامهم بالتآمر، بعدما قيل ان عليهم الآن ان يذهبوا كما ذهب بوش واولمرت، فان ذلك يعيد البلاد الى الفتنة والخراب. ولا نظن ان هناك عاقلا في المعارضة والموالاة يريد دفع لبنان الى الوقوع مجددا في العبث الدموي المجنون.
❑ ثامناً: لنتذكر جميعا ان هناك في لبنان قوانين واضحة وعادلة يمكن اتباعها وسلوكها، والاساتذة المحامون الذين تولوا الدفاع عن الضباط هم من خيرة رجال القانون ويعرفون الطرق التي يجب سلوكها.
ولنتذكر ايضا ان المحكمة في بدايتها، وان هناك من يسعى لكشف الحقيقة ومعرفة من قتل رفيق الحريري والشهداء الآخرين.
❑ تاسعاً: وهي الملاحظة الاهم. لقد طلب قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين مرتين من السلطات اللبنانية اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان سلامة الضباط الاربعة وقال ان المحكمة الدولية ليست مسؤولة عن امنهم.
اسمعوا جيدا:
هذا الكلام مهم جدا ولافت جدا. فمن الضروري والضروري والضروري حماية هؤلاء الضباط حتى بدموع العينين، لان الحديث عن مؤامرة كبرى وراء كل ما يجري، يستدعي اخذ اقصى الحيطة وكل اجراءات الحماية لضمان سلامتهم، لان اي عمل ضد احدهم لا سمح الله، قد تنفذه المؤامرة فانما على خلفية انه سيشعل فتنة تحرق لبنان، لان الاتهام التلقائي سيذهب الى الاكثرية التي يفترض الآن انها تمسك بالدولة.
لنتذكر ما حصل بعد اغتيال كمال جنبلاط وبسلامة قلب الضباط الاربعة. ولنتذكر غباء السلطة ايام اميل لحود، عندما كان يفترض وسط الحملة الشرسة التي شنتها على رفيق الحريري ان تحرسه هي ايضا بدموع العينين، بدلا من ان تخفف الحراسة من حوله، وسط صراع محموم خاضته معه والبلد مشرع على المؤامرات والمتآمرين.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى