صفحات سوريةهوشنك بروكا

الأسد، الرئيس الذي يساوي العالم

null
هوشنك بروكا
تعيش “سوريا الأسد” هذه الأيام حالةً من الإستنفار الأمني غير المسبوق، على كل الأصعدة، تحسباً ل”قيامة شعبية”، عفوية، متوقعة أو منتظرة، على غرار ما حدث في “تونس زين العابدين” و”مصر مبارك.
اجتماعات أمنية كبيرة وصغيرة، طويلة وقصيرة، قائمة على قدمٍ وساق.
حجبٌ للمواقع والجهات الإنترنتية، التي لا تروق أراؤها وأخبارها، لرأي وأخبار النظام ورئيسه، تجييشٌ ل”بلطجية” النظام من أقصى البلاد إلى أقصاها، أوامر بمحو كل من يخرج على السكوت “الذهبي”، الذي رسمه النظام للناس، منذ أكثر من أربعين عاماً، تسليحٌ غير مسبوق لبعضٍ من العشائر العربية في الشمال السوري ذات الغالبية الكردية، لضرب الشعب بالشعب، وقطع الطريق أمام أي تحرك كردي محتمل، أو مشاركة كردية في الغضب السوري القادم، تهديدٌ صريح للمعارضة السورية بكل أطيافها وتلاوينها، تخويفٌ وإرهابٌ لكل من “تسوّل له نفسه”، الخروج إلى الشارع، والسير فيه بعكس سير النظام، توعيد أهل الشارع الممكن القادم، ب”قيامة النظام”، لوأد أية “قيامةٍ شعبيةٍ” قادمة، وإعدامها عن بكرة أبيها.
كل هذا التجييش الأمني، والإرهاب المنظم، فقط لأجل شعار “إلهي” واحدٍ وحيد، نسمعه الآن، كما سابقاً، في كلّ دائرةٍ من دوائر النظام الرسمية ومؤسساته، من المدرسة إلى البرلمان، ألا وهو:
سوريا، بشار وبس”!
أنه الشعار المفتاح، الذي يمكّن كل عقلٍ، من فتح “عقل” النظام وفهمه.
أنه الشعار “المقدس”، الذي لا فكاك منه، إلى “يوم الدين”: سوريا، وبشار”.
هكذا يقول كتاب الديكتاتور: نعم إلى الأبد لبشار الأسد!
الشعب السوري حفظ هذا “الدرس الإلهي” عن ظهر قلب، ولكن الدرس القادم الباقي، الذي لم يحفظه بعد، مع كل العالمين من حوله، هو الآتي:
“الشعوب تحرق نفسها لعزل رؤسائها، ونحن نحرق العالم ليبقى بشار الأسد رئيساً إلى الأبد”!
هذا هو “الدرس الفاشي العظيم”، الذي يردده النظام، الآن، علناً على مرأى ومسمع كل العالم، في البرلمان والوزارات وأجهزة الأمن وفرق الجيش ومجالس القضاء والجامعة والمدرسة والشارع والأزقة والحارات.
هذا هو “الدرس الديكتاتوري”، الذي يتقدم عقل النظام، الآن، ويريد أن يلقّن به الشعب السوري، وكل العالم من حوله، درساً ما بعده درس.
هذا هو “الدرس الطوفان”، الذي يمشي به عقل النظام الآن، للدوس على كلّ العقل السوري، وكل ما حواليه من عقولٍ عالمية.
هذا هو “الدرس الفاتحة”، الذي سيقرأه النظام السوري، على روح كل من يريد الخاتمة لرئيسه.
هذا هو “الشعار العفلقي” الأخير، الذي سيطلقه “البعثي الأخير”، لحياة ديكتاتور سوريا الأخير.
هذا هو “الدرس العدمي” الأخير، الذي يجب أن يحفظه الشعب السوري، أخيراً، مع العالم جيداً:
“إما الأسد أو حرق العالم..إما الأسد أو قيامة العالم..إما الأسد أو إعدام العالم..إما بقاء الأسد أو إسقاط العالم!
تلك هي الرسالة التي يريد أن يبعثها النظام السوري، هذه الأيام، لشعبه وللعالم كله في آن.
قضية النظام السوري، مع شعبه وكل العالم من حواليه، هي قضية “وجود أو لا وجود”: إما أنا أو الشعب..إما أنا أو العالم.
قضية النظام السوري الأساسية، إذن، لم تكن يوماً، مع إسرائيل “العدوة المفترضة”، قضية “وجود شعب أو لاوجود”، كما عوّدنا النظام على اسطوانته المشروخة، في أدبياته “المناضلة”، وإنما كانت ولا تزال قضية “وجود رئيس مقابل لاوجود شعب”، قضية “حياة رئيس مقابل إعدام شعب”!
ليحفظ السوريون وكل العالم من حولهم، من الآن فصاعداً، هذا “الدرس الفاشي” جيداً:
“إما الرئاسة مدى الحياة وما بعد بعدها، أو حرق سوريا وما حولها من عالم”!
“إما بقاء الأسد، أو فناء العالم”
“الأسد رئيسٌ يساوي العالم”!
هذا هو الدرس العاجل، الذي ينتظر السوريين، في أقرب قيامةٍ سوريةٍ عاجلة.
ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى