بدرخان عليصفحات سورية

ملاحظاتٌ شخصيّة بصدد “يوم الغضب السوريّ”

null
بدرخان علي
أُشيع منذ أيام عن “يوم غضب” في سوريا، وجاءت الدعوة إلى المشاركة فيه من خلال “الفيسبوك” بصورة أساسية  وأعلن أنّه سيكون الغضب بعد يومين، في يوم السبت الموافق لـ5شباط الجاري…
هنا هواجسي وملاحظاتي الشخصيّة في صدد الموضوع التي تردّدت في نشرها متمنيّاً أن لا تفهم خطأ:
1– بالتأكيد هناك الكثير من الأسباب والموجبات التي تجعل المرء غاضباً على نظام الاستبداد والفساد في سوريا و معارضاً له، لا غاضباً وحسب، باذلاً كل الجهود الممكنة في سبيل تغيير ديمقراطي عميق في بلادنا التي تتحكّم فيها حالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية والفساد الذي يكاد أن ينخر بنية الدولة بأكملها.. ولا أقصد هنا فقط فساد مدير أو مسؤول في مؤسسة صغيرة أو كبيرة ( يستحصل منها بضعة ملايين من الليرات السورية سنوياً) … ما أدى إلى تدهور الوضع المعيشي للمواطنين و غياب تام للحريات الأساسيّة أي ندرة الخبز و غياب الحقوق الأساسية.
-2- أشياء عديدة تجعلني أتحفّظ،، أنا الغاضب بما فيه الكفاية، دون أن أصادر حق غيري في إبداء رأي مخالف…يصوّب لي رؤيتي من غير تحريف النقاش إلى سويّة من هو جريء و بطل ومن هو غير ذلك .. أو من هو وطني ومن هو غير وطني…. علماً أنني لا أتوخّى من نشر هذه الملاحظات الشخصية سوى حرصي على البلد والناس والوطن،لا لتثبيط الهمم أو خدمة مجانية للسلطة الاستبدادية الحاكمة، الأمر الذي ينبغي ألا يفعله أحد .
-3- غموض الجهة الداعية للغضب السوريّ، ومن عرف منهم شخصياً مقيم في خارج البلاد ولا دور له في الداخل على الإطلاق ..هذا إن كان له خبرة في شؤون السياسة أو اهتمام ملحوظ بالشأن العام.
هذا مع ضرورة التأكيد إنّي لا أحصر اتخاذ قرار هام ( وخطير) على مستوى الوطن بيد قوى سياسية أميلُ إليها شخصياً وفق قناعاتي المعلنة والمعروفة للكثيرين، ولا أدّعي حقّ احتكار المعارضة بيد هذه القوى(المُنهكة حتى الرمق الأخير).
4– الشحنة الطائفيّة المخيفة التي تتخللّ “خطاب الغضب” والمهاترات، الموتورة دوماً، التي يطلقها أصحاب الدعوة أنفسهم هنا وهناك على الفيسبوك لدرجة ترقى إلى التشكيك في نوايا الغاضبين، أو على الأقل في نتائج عملهم …. اللغة التحريضيّة غير المدروسة بالطريقة التي تعرض نفسها لا تخدم هدف لم شمل أكبر عدد من الناس وراء دعوة كبيرة وخطيرة كالتحضير ليوم غضب عام على مستوى الوطن، إن لم يكن في عكس ما يفترض.
5– ما من شخصية معروفة ذات وزن في الخارج أو الداخل ، على الأقل في أوساط المهتمين بالشأن العام ، تقف خلف الدعوة هذه أو تناصرها علانية.
-6- عدم وجود أي تحضير على الأرض حتّى الآن ..لا في السرّ ولا في العلن…فقط رسالة يتداولها مشتركون على الانترنت.
-7- غياب أيّة قوى منظّمة-سياسيّة-اجتماعيّة-ثقافيّة- قد تتدخّل لضبط المجريات وإن لم تكن بادئة.
-8- نقطة مهمة على صعيد الحالة السورية مقارنة بالثورة التونسية التي أنهت حكماً ديكتاتورياً بشعاً والانتفاضة المصرية الجبّارة المندلعة منذ أيام ضد ديكتاتورية حسني مبارك:
لا الثورة التونسية و لا الانتفاضة المصرية انطلقتا من لا شيء كما يراد عندنا وفق الرغبات و “الغضب” وحسب. هناك في مصر وتونس تراكم تدريجيّ للفعل الاحتجاجي منذ سنوات على الأرض…وصلت لشبه ثورة في تونس…. في مصر هناك معارضة ملموسة في الشارع  ضدّ النظام …ومنافسة سياسية حتّى في انتخابات الرئاسة (بصرف النظر عن النتائج) …مجتمع حيويّ لا يقارن بما هو عندنا في سوريا …لأسباب عديدة، على رأسها التفريغ شبه الكامل للمجتمع السوري من المنظمات النقابية والأحزاب السياسية والحلقات الثقافية المستقلّة ( وحتى الأندية الرياضية….) بدرجة لم تصل إليها التسلّطية المصرية أو التونسية.
الغريب أنّ الدّاعين ليوم الغضب السوري لم يعرف عنهم العمل على أشياء ممكنة، تدرجيّة وتأسيسية، ليس بالضرورة أن تصدر في لحظات الغضب أو أن ترضي نفوسنا الغاضبة.
وفي تقديري أن انفجار الوضع في سوريا واردٌ في أية لحظة، لكن ليس استجابة لنداءات غضب من هنا وهناك. لا أحد يستطيع التكهّن بمسارات الأيام القادمة سيما وأنّ المنطقة تغلي على وقع الحدثين التونسي والمصري.
قلبي مع الغاضبين في دمشق… بعيداً عن خطباء الغضب في الخارج وأساتذة النضال عن بعد ومطلقي الهتافات اللامسؤولة .
إخواني الغاضبين السوريين :ما هكذا فعل التوانسة والمصريون…..ما هكذا غضبوا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى