خولة غازيصفحات سورية

أسباب لن تجعل السوريين يغضبون : الخوف وغياب الشخصية القيادية و ضعف الثقة بالمعارضة

null
خولة غازي
هل ستصل الثورات إلى سوريا ؟ سؤال تداوله الناشطون السوريين على الفيس بوك ، بعد أن داعبتهم ثورة تونس وحرقت شغاف قلبهم، هناك شعب يتحرك ، يطلب التغيير ، تفاعلوا مع الأمر، كما لو أن الثورة لهم ، ، ولم يكد يلتقطوا أنفاسهم ، حتى قامت ثورة الشباب في مصر ، مع وقع أخبار عن مظاهرات في اليمن والأردن والجزائر .
فماذا حدث في سوريا ؟.سوف أستعير قولة غاندي : “في البدء يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر “ كي أقوم بتقسيم مرحلي ّ للمشهد العام ، وصولاً فيما بعد للنتائج .
مرحلة التجاهل :
لم تذكر أي من التقارير، أن سوريا من البلاد المرشحة لحدوث ثورات على غرار تونس ومصر ، وهذا ما كان لافتاً ، على الرغم من أن السوريين يعانون من فساد وبطالة لا تقل عن غيرها من الدول التي حصلت فيها الثورات ،ولم يختلف الأمر كذلك في مواقع التواصل الاجتماعي ، فقد قلل الكثيرون من حدوث ذلك ، والغالبية كانت ترجع السبب إلى طبيعة وتكوين الشعب السوري في أنه شعب هادئ ومسالم!! . أحدهم علق بالقول: دول صوتهم مش عالي لما بيتكلموا !!
بالمقابل ظهرت بين السوريين الناشطين على شبكة التواصل الإجتماعي الفيس بوك تقسيمات تعكس بنية المجتمع السوري وهي: سوريو الداخل وسوريو الخارج ، ومغزى التقسيم هوعدم زج سوريي الخارج لسوريي الداخل بما ليس لهم فيه ، وأن من بالداخل هم الأجدر في أن يقرروا متى عليهم التحرك ، وكان ذلك رداً على من أطلقوا يوماً للغضب السوري في يومي الخامس والسادس من شباط
وللوقوف على اراء السوريين طرحت السؤال التالي على صفحتي في الفيس بوك :ما مدى جدية ما يقال عن يوم الغضب السوري ، وهل يمتلك المجتمع السوري مؤهلات التغيير على الطريقة المصرية والتونسية ؟؟
.فراس حسن رد متهكماً : خولة أعتذر عن الإجابة على تحقيقك لعدة أسباب أهمها أني حتى الآن مقتنع بعدم كتابة شي عن سوريا ( أقصد كمقال أو ما شابه) وأنا خارجها.
عساف العساف رأى أن الشارع السوري هو المعني الاساسي بهذا الموضوع (في الداخل) ولم ينَلني من أ صداء هذ االيوم غير خوف الناس من القادم وقرارهم البقاء في منازلهم تحسبا لاي شيء…
حسام القطلبي بدوره قال: كل غضب يسكن بالخوف لا يعوّل عليه ، وشاركه بذات الفكرةهوزان شيخي بقوله : فكرة الخوف -التي صارت قريبة جداً من ارتضاء الذل- عند كل السوريين وتابع : أنا مثلاً لن أخرج مع شخص يغطي الدم كل الشعارات التي يرفعها, ولن أخرج مع من يتكلم بطائفية واضحة .
أحمد طيار قال إن أرض الواقع هي التي تبين مدى جدية هذه الدعوات على الفيس بوك.
في المقابل قال علي التركاوي:
لا يوجد تجانس بين من يقود يوم الغضب على النت وبين شباب الداخل ، مشيراً غلى أن المصريين عندهم هامش كبير جداً من الحرية ولديهم حركات شبابية فاعلة على أرض الواقع مثل 26 أبريل وكفاية وجميع المعارضة المصرية موجودة وممثلة في جميع النقابات من الإخوان والشيوعيين والناصريين
ماري جغل بدورها أشارت إلى أن المجتمع السوري يلزمه الكثير .. ولا توافق ابداً على استنساخ التجربة من أي مكان ..علينا أن نخلق تجاربنا بيدنا وقد تكون أجمل وأنسب وأقل كلفة وأكثر مفعولا.
رايسا حيدر لم تر  أن  لدي السوريين رؤية واضحة لأنهم وعبر التاريخ كانت ثوراتهم لتغيير حكوماتهم بيضاء
لكن لا احد يستطيع التكهن متى تقوم ثورة الجياع والمظلومين هي تنفجر وتفاجئ الجميع كما حدث في مصر وتونس
ميادة خليل بدورها أكدت على أن المجتمع السوري لايملك المؤهلات التي تصنع فيه ما يجري بمصر أو تونس ،فالخوف عندنا أعمق بكثير من تمرد الشعب عليه ،إضافةً لدعم فئات كثيرة للنظام ودعمه حتى الموت
أنوار العمر توافق ميادة على عدم جهوزية الشعب السوري وتتابع للأسف ليس عندنا نفس الظروف التي عند الشعبين المصري و التونسي
أما عبير سليمان فتقول إن وجود طرفين : الأول يسعى للتغيير يطرح أفكاراً وحقوقاً مشروعةً مع تأكيدهم على الخروج بشكل سلمي ,لكن تنقلب الصورة حين ينضم إليها أشخاص متعصبين طائفياً، لتصل الأمور إلى نقطة مؤسفة وهي حالة من الكره الحقيقي المتبادل بين الإثنين ،وهذا ما يضعف أية محاولة للتغيير
محمد القاسم رأى أن الغالبية العظمى في سوريا تُجمع على سوء الوضع المعيشي وتبحثُ عن المكرمات دون المرور بهواجس العنف ، كنان قوجة قال :كأنه مرّ يوم الغضب وماحدا غضب فيه ولا من يحزنون
مرحلة السخرية
ما يمتاز به شباب مصر عن غيرهم وتحديداً السوريين وجود شخصيات عامة لها وزن دولي وعلمي مثل : بطرس غالي ،أحمد زويل ، محمد البرادعي والأخرين كان لهم دور كبير في تنمية وتقوية الشباب على التغيير و ضبط إيقاعاتهم بطريقة تجعلهم قريبين من أهدافهم .
،فمن يوجد من سوريا بإمكانه أن يؤثر في الشباب السوري كما فعل البرادعي وزويل ؟
عبد الله الأحمر أم سليمان قداح أم رامي مخلوف أم بدر الدين حسون ؟
ولم يشفع للنائب السوري عبد الحليم خدام انشقاقه عن النظام السوري كي يلتفّ حوله الكثيرون ، كذلك الأمر بالنسبة للنائب رفعت الأسد ، لأنهم ببساطة شخصيات خرجت من عباءة النظام .
جهاد خدام أحد الذين شاركوا فكتب معبراً عن ثقته في أن ما حصل في تونس ومصر لم يكن أحد يتوقعه وهذا ما سيحصل في سوريا ، معرباً في إجابة أخرى في أنه وعائلته غير راغبين في السلطة:( أولا أؤكد لك وللجميع أن لا أحد منا طالب سلطة) لم يوفر أي من المعلقين فرصة توجيه الكلام اللاذع لجهاد خدام كون والده لا يعد النموذج الجيد كمعارضة لأنه كما قلت سابقاً خارجٌ من عباءة النظام وفساده
باسل ديوب رأى أن وجود شخص مشيراً لـ جمال خدام شيئ يدعو للسخرية بالقول 🙁 …بيشمس أعظم ثورة بالعالم وفيني قول أكيد بميدان التحرير ما في حدا من قيادة الثورة الشبابية ابن واحد منشق عن نظام مبارك وعامل حالو شريف مكة ) .
يامن حسين رد على جهاد خدام :
لدي سؤال واحد كيف يتكلم إبن النظام عن الديمقراطية، بعد أعوام من السرقة والبلطجة ؟ وأضاف :عائلتي قضت 7 سنين في سجن صيدنايا وانا فصلت من جامعتي بسبب مقال ولا اقبل ولن اسمح ان يسرقنا عبد الحليم الخدام او غيره ، سرقونا عندما كانوا بالسلطة، ويسرقوننا الان في مايسمى معارضة .
وكالات الأنباء ترصدت ردة فعل السوريين في يوم الغضب ، ولكن الرابح الوحيد كما كتب عساف العساف : (هي شوارع دمشق كانت الرابح الاكبر…مئات عمال النظافة ملؤوها من صباحية ربنا ) ، وردّةُ فعل الحكومة السورية كانت بتخصيص يوم الجمعة يوم عمل وطني كما كتب أحمد العساف .
مرحلة الحرب :
الحرب الفيسبوكية التي شنها مؤيّدو الرئيس السوري ضد الداعيين ليوم الغضب ، امتدت إلى السؤال الذي طرحت ، فكانت مشاركة بإسم على ما أعتقد أنه وهمي وهو باسل فكتب 🙁 عيوني اول شي نحنا عايشين احلى عيشة كلو بفضل الاسد ونحنا بنحب رئيسنا وبدنا ياه واذا اضطر الامر بنموت منشانه ومنشان يضل حاكم بسوريا الشعب السوري يحب رئيسه بس هدول الكلاب يلي عم يحكو على الرئيس عاطينهن شوية مصاري صارو ضد الرئيس هالخونة ).
سألت باسل عن الذي قدمه الرئيس لفئة الشباب ، فأجاب جواباً تقليدياً :
قدم لنا الكرامة ونفتخر أنه مع المقاومة ومع الشعب الفلسطيني و بحياته ماظلمناا،وعندما سألته عن الذي قدمته الحكومة من أسباب للحد من البطالة وزيادة البحث العلمي والحد من الهدر والفساد ، أجاب باسل : “خولة انتي يلي عم تحكي هالحكي ؟ شقد دفعولك لحتى تحكي هالكلام” وقال :”مصاري وعنا وكرامة وعنا كل شي عنا” .
وعلى الرغم من انشغال الرأي العام بثورة مصر ، إلا أن السوريين المؤيدين للرئيس لم يتركوا حماسهم يذهب سدى على شبكة التواصل الإجتماعي الفيس بوك، فمنهم من وضع صورة للرئيس السوري بشار الأسد ، أما المتحمسين لغضب لم يعرف أحد مصدره ، وضعوا شعاراً ليوم الغضب ، وانتشرت في تلك الأونة سلسلة من البروفايلات الوهمية بأسماء حركية داعية ليوم الغضب ، وهذا كان دليلاً بغير حاجة إلى إقناع ، أن من دعا ليوم الغضب ، كانوا قلة يجمعهم حلم تونس ومصر ،وهذا حق مشروع لأي سوري ، ولكن آليات التنفيذ، كانت سورية مئة بالمئة : وتشبه أليات عمل النظام : حشد كبير لأسماء وهمية ، شعارات كبيرة ، تحديد ساعة لنزول المتظاهرين في دمشق وحلب ، الأمر الذي قوبل ببرود شديد من قبل السوريين ، وبتكثيف أمني ، .
في ظل هذه الأوضاع والترقب الأمني اختار عدد من النشطاء السوريين التضامن مع مصر من خلال إشعال الشموع، فكانت ردة فعل المواطنين فيها زجر وممانعة ، والطلب من النشطاء الذهاب للتظاهر في مصر والوقوف معهم وليس في شوارع دمشق .
هذا الأمررغم سوئِه ِ، يتحمله كلا الطرفين : الناشطون والأهالي ، فعدم ا ختيار الوقت المناسب للخروج يعكس عدم نضوج سياسي ، ولا توجد فيه قراءة للواقع الذي كان مستنفراً أمنياً ، أما بالنسبة للأهالي ففي تصرفهم يقبع البعبع الأمني ، والخوف على الاستقرار والحياة الروتينية.
في المقابل خرجت عشرات السيارات التي تحمل صور الرئيس السوري ، وخرج العمال والكادحون في مسيرات تأييد
مرحلة النصر:
هذه المرحلة لم تتشكل بعد ، فما زال المنتصر الوحيد هو النظام والخوف، ولكن الأمر المؤكد أن ارتداداتِ ما جرى في تونس ومصر سوف تُسمع في شوارع العاصمة دمشق إن شئنا أم أبينا ، ولن يكون أحدٌ بمنأىً عن الزلزال الذي بدأ.. .
20 مليون زعيم
نرى من خلال ما تم عرضه سابقاً أنالمجتمع السوري مازال طرياً ، لم يأخذ شكل المجتمع القوي ، أو بالأحرى لم يرتق إلى المجتمع الذي  يملك أهلية أداء ووجوب ، فهو إلى الأن يملك فقط أهلية : الوجوب ، وعلى الرغم من فاعلية السوريين في المجتمعات التي يعيش فيها ، إلا أنه يكون سلبياً تجاه قضاياه الأساسية ،  إضافة إلى عدم وجود شخصية كارزمية يلتف حولها الشباب، نظراً لإختزال كل الشخصيات في شخصية واحدة هي شخصية القائد. وهذا النمط الإجتماعي يكاد يكون واحداً في الدول الديكتاتورية من خلال حزب واحد يوسم الغالبية بطابع واحد، تسهل السيطرة عليه وتعبئته بما يلبي ديمومة النظام الحاكم .
قال الرئيس السوري شكري القوتلي لجمال عبد الناصر إبان الوحدة مع مصر : إني أسلمك بلداً فيها أربعة ملايين زعيم ، فكيف الأن و قد أصبحوا 20 مليون زعيماً، فمن أين نأتي بالشعب ،وهذه ليست مقولة قابلة للتعميم وليست مطلقة ،ولكنها تدخل في باب ما يتصف به السوريين ، حين كتب البعض متهكماً :هل يوجد شعب في سوريا، كان على أحد السوريين أن يرد بخبث: يا عزيزي يوجد زعماء .
وإلى أن يأتي اليوم الذي يكون فيه السوريين قادرين على استدراك ما عليهم دون تلقين ودون مشورة ، لن تمنعه تعزيزات أمنية ولا حجب مواقع الكترونية ، فالشعب أكبر من أن ترمى له فضيلة ( فك حجب المواقع الألكترونية ) ليست ذات تأثير في حال أراد الشعب أن يكون، يخطئ من يقوم على السياسة الداخلية في سوريا عندما يعامل مواطنيه برمي ما كان بالاصل حقاً على أنه إمتياز.
موقع جدار

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رجاء يا سيدة خولة، إذا أردت أن تعبري عن رأيك فأنت حرة شرط أن يكون ذلك في صيغة الرأي الشخصي، وليس على شكل عبارات جازمة وقطعية وتوجيهات استعلائية، وأن يكون هناك ما يثبت الأحكام الضخمة التي تطلقينها بكل ثقة. أتفق مع القارئ إعلاه الذي كتب باللغة الإنكليزية. عنوان كبير رنان لا يسنده شيء إلا بعض التعليقات على الفيسبوك وانطباعاتك الشخصية عنها وعبارة لشكري القوتلي من 50 سنة. ما تقولينه أن الشعب لن يثور قالوه قبلك في تونس ومصر وليبيا، وخصوصاً من يسمون أنفسهم محللين. ولكن الشعب لا تهمه التحليلات، وهو دائما يجد طريقه دون من يعظه ويفرض عليه أفكاره. والوضع كما كان في تونس خصوصاً يشبه الوضع الحالي في سوريا إلى حد كبير، والشعب التونسي كان يبدو هادئاً حتى اندلعت الشراراة التي بدأت الثورة. وهذا ما سيحدث في سوريا، فلكل بلد ظروفه، ولكل انتفاضة آلياتها الخاصة حسب البلد، ولكنها تحدث في النهاية. ولمن لا يعلم فالشعب السوري بكل أفراده مسيس إلى أقصى حد، ولكن معظمهم يلزمزن الهدوء بانتظار اللحظة المناسبة، والتي ستأتي عاجلاً أو آجلاً. وأغلب الظن أن النظام نفسه سيقدم لهم هذه الفرصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى