صفحات مختارة

الثورة في كتاباتٍ سوريّة .. استعاراتٌ دون اعتراف وخبزٌ بائت

ثائر ديب
دفعةً واحدةً، نشرت «السفير» في عدديها ليومي الجمعة والسبت، 4 و5 شباط 2011، سبعة مقالات لكتّاب سوريين تناولوا هذا الوجه أو ذاك من انتفاضتي تونس ومصر الباسلتين. وفي حين أكتفي بتحية أستاذنا ميشيل كيلو على ما كتبه، والقول إنَّ مقالة د. طيب تيزيني تعيد النَّسج على مفهومه المعروف عن « الدولة الأمنية»، أتوقف عند مقالتي الصديقين ياسين الحاج صالح وسلامة كيلة لما تثيرانه من قضايا جديرة بالنقاش.
يسعى ياسين، في مقالته «ثورات الكرامة»، إلى فَهْمِ «ما يحرّك» انتفاضتي تونس ومصر، فيجد ذلك في فكرة «الكرامة»، وفي أنّهما «تردّان على شعور عميق بالمهانة وفقد الاعتبار، وأنّه يحركهما معاً طلب الاحترام الفردي والجمعي». وطبيعيّ تماماً أن يذكّرنا هذا بمفهوم هيغل عن «نَيْل الاعتراف»، وربما قبله بمفهوم روسو وآدم سميث عن «التقدير»، إلا أنَّ ياسين، الذي اعتاد أن يخفي مصادره مستفيداً من حجّة الكتابة الصحفية ومن قلّة القراءة هذه الأيام، لا يشير إلى ذلك مطلقاً. لكنَّ الأهم من ذلك أنَّ لجوءه إلى هيغل يبقى ذلك اللجوء الناصل، الذي لا يفي الأَخْذَ مقتضياتَه بل يكتفي بالانتزاع العابر والنزول كثيراً بمستوى المأخوذ.
يقيم هيغل فلسفة التاريخ وتطور المجتمع الإنساني على أطروحة أساسية هي «الصراع من أجل الاعتراف» أو» جدلية السيد والعبد» التي يعدّها محرّك التاريخ الذي يدفع البشر إلى صراع حتى الموت يسعى فيه كلُّ فرد لنيل الاعتراف به، ليس ككائن موجود إلى جانب بقية الكائنات، بل ككائن آدمي له كرامة ومنزلة في الطبيعة. وبذلك تتفوّق تطلعات الإنسان إلى الاعتراف به وتقديره على احتياجاته الطبيعية والفطرية ورغبته في أشياء خارجة عنه، كالطعام والشراب والمأوى وحبّ البقاء، وتدفعه إلى المغامرة بحياته في صراع من أجل المنزلة والاعتراف. فإنْ حدث وأدّى الخوف الطبيعي من الموت بأحد المتصارعين إلى الخضوع والإذعان بات عبداً، أما من تمسّك بالرغبة في اعتراف الآخر فلا بدّ أن ينضم إلى السادة، والتالي أنّ الصراعات الدموية من أجل الاعتراف هي التي تقف وراء انقسام المجتمع الإنساني إلى سادة وعبيد. لكنّ هذا النظام سرعان ما توانى عن إشباع رغبة الجميع بالاعتراف، سواء كانوا عبيداً أم سادة. فالعبيد هم العبيد، لا اعتراف بهم ولا بآدميتهم، أما السادة فقد غدوا ناقصي الاعتراف لأنهم لا يحظون باعتراف السادة الآخرين. وهذا، بحسب هيغل، ما دفع إلى البحث عن نظام جديد للخروج من التناقض الذي خلقه وضع كلٍّ من السيد والعبد والتغلّب على صراعهما باتجاه نظام أفضل جسّدته الثورتان الفرنسية والأميركية هاتان الثورتان الديمقراطيتان اللتان كسرتا نظام السيد والعبد، وأحلّتا التكافؤ والسيادة الشعبية وسيادة القانون بين أفراد المجتمع محل الصراع من أجل الاعتراف وبلغتا بالبشرية نهاية التاريخ.
وبالطبع، فإن الانتقادات التي وُجِّهَت لمفهوم هيغل هذا أشهر من أن نضطر لذكرها خاصةً ذلك النقد الماركسي الذي رأى أنّ انقسام البشر إلى سادةٍ وعبيد ينجم عن عمليّة موضوعيّة تطالهم كطبقات لا كأفراد وتحددها علاقة البشر بوسائل الإنتاج وموقعهم من هذه العلاقة، وليس أيّ خوف أو شجاعةِ أو حب للمغامرة. ومن الطبيعي أيضاً أن الإيمان بجدلية السيد والعبد لدى هيغل يقتضي الإيمان بأسس منظومته، وأولها مفهومه الأساسي الذي يقضي بأنّ العقل هو جوهر التاريخ ومبدؤه، ذلك أننا أمام منظومة معروفة بتماسكها ويصعب أن نقضم منها قضمةً ونفرّ. وإلى هذا، فإنّ المرء لا يستطيع أن يهبط من المنزلة المجرّدة والفرد المجرّد اللذين يتحدث عنهما هيغل هنا إلى مستوى وضعيّ يقف قبالة الأكل والشرب بمعناهما الحرفيّ، فضلاً عن ضرورة الإجابة عمّا إذا كانت ثورات عالمنا المعاصر (من أوروبا الشرقية إلى مصر وتونس) تجري في إطار أرستقراطي أم في عالم سبق للرأسمالية بمختلف أشكالها أن اخترقته حتى العظم. غير أنّ ياسين لا يعرّض نفسه لأيٍّ من مصاعب التصدي لمثل هذه المشكلات، ولذلك سأنسى استعارته من هيغل، وأتعامل مع مقالته مجرّدة من هذا البعد.
يضع ياسين مفهوم «الكرامة» رداً على من يقولون إنّ ثورتي تونس ومصر ثورتا جوع وخبز. وبذلك لا تعود «الكرامة» عاملاً من عوامل الثورة -إلى جانب الجوع، واليأس، والأمل، والوعي الثوري، وانكسار حاجز الخوف، ورغبة التحرر، وتفجّر الكبت…- بل تغدو السبب المحرِّك الذي ينتظم بقية العوامل أو المطالب التي تتصل بالعمل والمعيشة وسواهما من الحاجات. فما فجّر انتفاضتي تونس ومصر، بحسب ياسين، «هو ضآلة ما يستطيع النظامان توفيره من اعتراف بمواطنيه (كذا) ومن احترام لهم وتقدير لإنسانيتهم» . وهو لا يشير إن كان «إهدار الكرامة» هو السبب المحرك لشتى انتفاضات العالم وثوراته أم أنه يقتصر على هاتين الانتفاضتين، وما أراه هو أنّ مثل هذا الإعلاء لعامل «الكرامة» لا يقلّ بؤساً عن إعلاء عامل «الجوع»، كما لا يقلّ ابتعاداً عن فهم «السبب في التاريخ»، وعن تراث كامل وبالغ الثراء في فهم ثورات الشعوب وانتفاضاتها.
كان من أبلغ تجليات الحداثة على المستوى المعرفي تقسيم العالم إلى حقول أو ميادين يطال كلاً منها علمٌ بعينه هو الذي يحدد إمكانية تدخّل علوم أخرى أو مشاركتها له، بهذا القدر أو ذاك، فَهْمَ حيثيات الحقل المعني. وكانت هذه نقطة حاسمة نأت بالمعرفة عن الكلّيات الدينية وجعلت فهم العالم بكليّته تعبيراً عن تكامل تلك العلوم واندراج منجزاتها في كلٍّ نظريٍّ قادر إلى هذا الحد أو ذاك على التفسير الموضوعي دون اللجوء إلى قوى خارجية أو ذاتية ضبابية معمّمة. وتوفيراً للوقت، أسارع إلى القول إنّ «الثورة» في الفهم الحديث للعالم، وحتى مجيء ياسين، كانت تدخل في باب علم السياسة وليس في باب علم النفس أو الأخلاق اللذين يضعها ياسين فيهما، وإنّ مساهمة هذين البابين وسواهما في فهم الثورة لا تحضر إلا على النحو الذي يؤطّره ويحدّده وينتظمه علم السياسة. وعلى هذا الأساس، فإنّ السبب في ثورة، أيّةَ ثورة، لا يمكن أن يكون الجوع أو الكرامة أو سواهما من العوامل والدوافع التي لا يكاد يحصرها العدّ، بل تبدل العلاقة بين الحاكمين والمحكومين على نحوٍ لا يكتفي بأن يَحُول بينها وبين الجري على سابق عهدها، بل يفجرها أيضاً فاتحاً أمامها احتمال نسفها برمّتها وإقامة علاقات جديدة. وبذلك، لا يكون ممكناً لعامل من العوامل مهما اشتدّ حضوره أن يُحدِثَ ثورةً ما لم يُفْضِ إلى تبدّل تلك العلاقة الذي ينتظم مختلف عوامل الثورة، ويؤدي تغييبه إلى العودة بعلم السياسة وفهم الثورة والتعامل معها قروناً إلى الوراء.
قد يكون لمفهوم «ثورات الكرامة» فائدته الغنائية أو التحريضية المحقّة، لكني أشكّ في قدرته على الإجابة عن أسئلة تتعلق بمدى جذريّة ثورتي تونس ومصر واختلاف هذه الجذرية باختلاف الفئات الاجتماعية والأحزاب السياسية. فهل تقف درجات مختلفة من» الكرامة» وراء المواقف المختلفة التي تعبر عنها تلك الفئات والأحزاب؟ وما درجة «الكرامة» التي دفعت الشعب التونسي تلك الاندفاعة الفذّة في البداية، وما مقدار انخفاضها عند تلك القطاعات منه التي أتاحت ولا تزال لرئيس وزراء بن علي أن يقف على رأس صياغة المرحلة الانتقاليّة؟ ما مدى نَوَسَان الكرامة بين الأيام التي رفع فيها المتظاهرون المصريون شعار «إسقاط النظام» وتلك التي رفعوا فيها هم أنفسهم شعار «إسقاط الرئيس»؟ ماذا عن اللجان الشعبية في تونس وما درجة اختلافها عن تلك التي في مصر، وهل ينبغي دفعها هنا وهناك لأن تكون نواة سلطة بديلة، وكم يلزم من «الكرامة» لإنجاز ذلك؟ لقد سبق لفيلهلم رايش أن تساءل، في كتابه «ما الوعي الطبقي؟»، عمّا يدفع عاملين لهما الوضع الاقتصادي_الاجتماعي ذاته لأن يكون أولهما شيوعياً والآخر فاشياً، وكان يسخر بذلك من الفهم الاقتصادوي الطبقوي المبتذل، وأتساءل بالقدر ذاته من السخرية، ما الذي يدفع مصريين يعانيان شعور المهانة ذاته والرغبة ذاتها في نيل الاعتراف، لأن ينزل أولهما إلى ميدان التحرير في حين يبقى الآخر في البيت أو يكون مع «البلطجيّة»؟ ولماذا لم تثر كرامة الشعب المصري مثل هذه الثورة العارمة الباسلة خلال الثلاثين عاماً الماضية، مع أنّ إهانتها لم تكن أقلّ، وكيف لنا أن نقيس درجة الإهانة التي تدفع إلى القيام بثورة؟
ثمّة أسئلة كثيرة يمكن طرحها على هذا الفهم لثورتي تونس ومصر وسواهما من الثورات العربية القادمة لا محالة بسبب تهرّؤ أساليب الحكم السائدة وما ينطوي عليه استبدادها وفسادها من دفع المجتمع إلى مهاوي الانهيار إذا ما استمرت على هذا النحو. ولعلّ نقاشاً مفيداً أن يتركز على مفهوم «الطبقة الوسطى» بالمعنى الذي ورد لدى ياسين. غير أني أقتصر هنا على تناول مفهوم «السبب» في ظاهرة كبرى كظاهرة الثورة مشيراً إلى أن مفهوم «الكرامة» لدى ياسين ينطوي على عودة إلى مكان أكثر تخلفاً مما كان عليه الوعي السياسي السوري المعارض في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته، وتكاد فائدته تنحصر في استكشاف ما «يُحْتَمَل» أن ينطوي عليه الذلّ من طاقة ثورية.
الطبقات
وبخلاف ياسين، يقرر سلامه كيلة في مقالته «النظم العربية كلها فلترحل»، أنّ «المسألة باتت تتعلق… بتغيير نمط اقتصادي جرت صياغته خلال العقود الأربعة الماضية، وأفضى إلى نشوء تمايز طبقي واسع… وعدم مقدرة كتلة أساسية من الطبقات الشعبية على العيش نتيجة البطالة أو تدني الأجور»، وذلك بعد أن يضع ما يجري في إطار ما يعيشه «النمط الرأسمالي ذاته (من) أزمةٍ عميقةٍ لا تجعله قادراً على الضبط» مما يدفعه إلى نقل أزمته إلى الأطراف «من خلال زيادة نهبها بأشكال مختلفة»، الأمر الذي «يزيد من أزمة العيش في الأطراف بشكل جنوني» كما «يزيد من فرص الثورة، ومن استمرارها إلى حين تحقيق التغيير العميق في النمط الاقتصادي»، هذا التغيير الذي سيشمل «كل الوطن العربي، الذي خضع للسياسات الاقتصادية ذاتها المفروضة من قبل الطغم الإمبريالية وبالتبعية لها». وباختصار، «إن جوهر الأمر يتمثل في طبيعة النمط الاقتصادي الذي يجب أن يجري بناؤه من أجل استقرار الوضع».
ولا شكّ عندي أن مصطلحات سلامة، «الإمبريالية» و«النمط الرأسمالي» و«الأطراف»…، على الرغم من عدم رواجها هذه الأيام، أدقّ بكثير وأقرب إلى فتح باب المعرفة العلمية والممارسة السليمة من مفاهيم مثل «الكرامة» و«المهانة» و«الجدارة»…، دون أن ينتقص ذلك من أهميّة هذه الأخيرة أو ضرورتها. غير أنّ مشكلة الإطار المفهومي الذي يقدّمه سلامة هي عموميّته، بمعنى صلاحيته الواسعة لأن ينطبق على أيّ مكان في الأطراف ولأن يفسّر الشيء ونقيضه، فالإمبريالية واستغلال الأطراف يمكن أن يكونا سبباً لثورة شعب كما يمكن أن يكونا سبباً لاستكانته، ولا بدّ، في فَهْمِ ثورةٍ ما، من إدراك «توسطات» و«خصوصيات» كثيرة تتعلّق، في نهاية المطاف، بمدى اضطلاع البشر بمسؤولياتهم في التغيير أو في الحيلولة دونه بحسب طبقاتهم وفئاتهم ومواقعهم ومداركهم. فمهما يكن ثقل الظروف الموضوعية الدافعة إلى الثورة، قد يبقى الاستنقاع إلى أمد غير مسمَّى، بل وقد ينتهي إلى الانتحار الحضاري إذا ما تنصّل البشر من مسؤولياتهم ولم يبادروا إلى تقرير مصيرهم. والقول الصحيح إنّ السياسة في المآل الأخير هي الصراع الطبقي، كما يبدو منطق سلامة، لا يعني المطابقة بين ما هو اقتصادي وما هو سياسي. فهذان مستويان مختلفان من مستويات البنية الاجتماعية على الرغم من ارتباطهما وتحديدهما المتبادل. والثورة، أكثر من أي شيء آخر، أمر سياسي، يقتضي فهمه الدخول في المناطق التي يجري فيها تعبير الجماعات عن أنفسها، وتشكيلها قوى وتحالفات سياسية، وممارستها السكون أو الانتفاض، وصياغتها سيناريوهات وبنى جنينية بديلة، وإقامتها توازناً متجدداً للقوى، فضلاً عن تناول عفويتها أو وعيها، وتكتيكاتها، و…، و…، مما لم يعد أحد يهتم به هذه الأيام، وأخشى أن يكون ثمن إهماله فادحاً.
وإلى هذا، فإنّ «اقتصاديّة» سلامة توحي بأن ما يجري في كلّ من تونس ومصر عبارة عن «ثورة اجتماعيّة» تريد أن تُحِلّ نمطاً من الإنتاج محلّ نمط آخر، لا يغير من ذلك كثيراً مصطلح «النمط الاقتصادي» الذي يخفف به سلامة من جذريّة مصطلح «نمط الإنتاج» جاعلاً منه نوعاً من الطريقة في إدارة فئات أو طبقات معينه أمور البلد. والحال، إنّ الثورة ليست كذلك بعد؛ أي أنها ليست «ثورة اجتماعيّة» بالمعنى المشار إليه، بل إنها لم تَغْدُ حتى «ثورة سياسية» إلى الآن، بمعنى أنها لمّ تغير النظام بعد وتكتفي بإزاحة رأسه. ولا نعلم بعد إن كانت ستنجلي حتى عن تغيير شكل الحكم، ذلك أنّ هذه الأمور جميعاً لا تزال تُحْسَمُ في الميدان. وبعد رحيل بن علي، لم يكد الشعب التونسي يستريح يوماً واحداً حتى هبّ رجالات النظام لالتقاط الأنفاس واستجماع القوى، تعينهم أحزاب «بكداشية» في الحفاظ على بقيّة أركان النظام برمّتها (الدستور، القوانين، البنى والمؤسسات السياسية والعسكريّة، وحتى الأشخاص…). أمّا في مصر، فتترجّح المطالب بين «إسقاط النظام» و «إسقاط الرئيس»، بينما تتلاعب أحزاب المعارضة (ومعظمها جزء من النظام في حقيقة الأمر) بثورة الشعب المصري لتوقفها عند حدود الحفاظ على النظام ومعاهداته، في حين تعطي الانتفاضة إشارات إلى احتمال تحولها إلى ضرب من الاعتصام فضلاً عن إشارات تصاعدها وتطورها، وذلك في الوقت الذي ينمُّ فيه النظام ذاته على إمكانيّة إحلال «جناحه» الأمني محل «جناحه» المكوّن من رجال الأعمال في موقع السيطرة والتحكم، ولعلّ هذا أن يكون الأسوأ.
ومثل هذه الأمور الحاسمة – توقف الثورة عند حدّ أو تعمّقها وانفتاح آفاقها- لا تحسمها عموميات «الفقر» و«الامبريالية» و«الأطراف» التي تنطبق على معظم بلدان عالمنا، سواء كانت في ثورة أم لم تكن. غير أنّ أخشى ما أخشاه هو أن نكون، في فكرنا عموماً وفكرنا السياسي بوجه خاص، في حال من «تطور التخلف»، كي نستعير تعبير سمير أمين، هذا التخلف الذي يتجلى أكثر ما يتجلى في ضروب من العودة إلى الدفاتر ما قبل القديمة، وفي تحويلنا الصحفي إلى مفكر، وفي توقف الفكر عند حدود ما تقتضيه الكتابة الصحفيّة المتواصلة من استعجال وإيهام الفهم في كلّ شيء (أي في لا شيء عملياً). هل كان ماضي الفكر السياسي السوري القريب، على هناته وبؤسه، أفضل مما هو سائد الآن؟ هل بتنا نغلّب التأمل على السعي وراء المعرفة العلميّة التي تصوّبها الممارسة وتتصوّب بها؟ وهل ينجم ذلك كُلّه عن أننا بدلاً من أن نكتب ثورةً، رحنا نكتب عنها أو نتوهم أنّ ما نمارسه من «حرتقات» هو ذاته الثورة؟
(كاتب سوري)
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى