صفحات أخرى

الصورة والجمال المنقّح

أشار احد المواقع الالكترونية التابع لوزارة الصحة السويدية الى كيفية قيام المجلات بتنقيح الصور المنشورة فيها. وضعت الصورة “الطبيعية” في البداية، وأتبعتها بصورة اخرى تلاحظ فيها تغيير لون اللباس وتضييق الخصر وتكبير الصدر وترتيب ثنيات القميص ولون الشعر. وفي الصورة الثانية أشارت الى رفع الخدود وتنعيم الذقن والتخفيف من التجاعيد التي حول العين والفم والانف الخ.
وفي فرنسا قدمت النائبة الفرنسية فيرونيك بواييه، مدعومة من خمسين نائبا في البرلمان، مشروع قانون يفرض على كل الصور الصادرة في المجلات التجارية او الفنية او الاعلانات او الحملات السياسية، ان تضع إشارة صغيرة تقول بأن الصورة تمت معالجتها بالفوتو شوب. وهدف النائبة الفرنسية من هذا القانون “إنهاء التصورات المنمّطة حول النساء”. وحيثياتها ان الناس يجب ان لا تُخدع بالصورة، لأن هذه الاخيرة تتسبّب باضطرابات نفسية وسلوكية لدى الشابات.
صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية (23 ايلول 2009). سألت برنار اندريوه، استاذ الابستيمولوجيا في جامعة نانسي 1. فكان له هذا الرأي في الموضوع:
“ان نوايا هذه النائبة نبيلة. ولكن ان نلصق على طرف الصورة بطاقة نكتب عليها “جسد منقّح”، فهذا لن يفيد في تفكيك ايديولوجية الجسد الكامل الاوصاف: الجسد الرهيف الدقيق الديناميكي والنشط. سوف يكون دائما هو هذا الجسد الذي نظهره في الصورة، حتى لو كان مرفقا بإنذاره الصغير.
“أهمية هذا الاقتراح تكمن في إدانته للصورة المنمّطة. لكنه لن يحرّر من معايير الجمال الاعلامية. هل نحن مستعدون لنشر صور نساء ذات الشعر الكثير في الارجل، او صور اناس متقدمين في السن، او ذوي وزن زائد؟ لا مكان لكل هؤلاء في المجلات والاعلانات. انهم غير مرئيين. ومع ذلك يكفي ان نستقل المترو لملاحظة غنى وتنوع الاجساد المحيطة بنا. وكأننا نعيش في عالمين متلازمين: عالم الصورة المنمّطة، وعالم الواقع.
“وحدها التحقيقات المصوّرة تظهر أناساً ليسوا بالضرورة خارقي الجمال، أو زائدي الوزن، ولا حتى نحيفين… أناس متنوعي الاجساد والهندام والمظهر. السينما احيانا تتجرأ على الخروج من الخط الجمالي السائد. أما التلفزيون فلا. فعندما تعرض شاشته وللمرة الألف صوراً عن فاقدات الشهية ومدى النحول الذي بلغنه، فذلك لأجل هدف محدّد: إستخدام هذه الحالات كنماذج مضادة، تؤكد صحة الموديلات المنمّطة، وإعادة الناس الى الخط الجمالي المعتمد إعلامياً.
“واذا غامر التلفزيون في تنويع الاجساد، يكون التعليق دائما هو نفسه: نعم للبرسينغ (تعليق الحلق في الشفة، أو الانف، أو السرّة) ولكن قليلا. نعم للتاتو (الوشم) ولكن بشرط ان تكوني قادرة على ازالته. نعم لكم كيلوغرام زيادة، ولكن بإعتدال.
“بالعكس من ذلك، علينا ان نأخذ الاجساد المختلفة بجدية. ان نصغى الى ما تقول. هذه الاجساد الاخرى، الخارجة عن الاجساد المنمطة هي نتيجة مسار، نتيجة نمط حياة ووجود مختلف، بديل. ولكن كل هذه الامور تضيع وسط اللامبالاة. لا أحد ينتبه اليها، أو يُنتبه اليها، ولكن بصفتها شكلاً من اشكال مسخ جديد. اننا بذلك نتنكّر للأجساد الواقعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى