صفحات سورية

هل يستفيق النظام السوري قبل أن يثور براكوس؟!!

null
محمد زهير الخطيب
النظام السوري يتذاكي ويضيع الفرصة تلو الفرصة، ويتصور أنه غير. إنه يكذب على نفسه ويزعم أن الناس ثارت في تونس ومصر وليبيا من أجل كامب ديفيد!!!، وهذا تهريج وسخافة، لقد أصبح واضحاً أن الثورات السابقة قادها شباب عاطل عن العمل، تمرغ بالفقر والحرمان وسُلبَ الحرية والكرامة، وعرف الدنيا من الانترنت والفيسبوك وقرر أن يقول لا كبيرة حتى النصر. ومن قبلُ قال مبارك وأبو الغيط أن مصر غير تونس، وقال القذافي أن ليبيا غير مصر، ويقول النظام السوري أن سورية غير تونس ومصر وليبيا، ذلك قولهم بأفواههم يخادعون الناس وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
الدور جاء على سورية ولكن يبدو أن ثمن الثورة في سورية سيكون باهظاً لان النظام دموي مثل نظام القذافي ولن يتورع عن إغراق البلد في بحر من الدماء كما فعل سابقاً في حماة، وكما يفعل القذافي اليوم، غير أن النظام سيكون الخاسر الكبير هو ومن يدور في فلكه ممن يعاكسون حركة التاريخ. لان الايام تغيرت والعالم تبدل وهم في غيهم يعمهون، أولم يروا أن حادثة بسيطة جرت في الحريقة كانت بعد بضع دقائق على الفضائيات واليوتيوب!!، أولا يرون أنهم بعد أن أوردوا القصة المفبركة على الشابة طل، تصدى لتكذيبهم وفضح روايتهم السخيفة عشرات الكتاب والمحللين!!!، عبثاً تحاولون وكفاكم لعباً في الوقت الضائع.
وسائل النظام السوري في تأخير الثورة هو الترهيب والكذب ومساحيق التجميل، ولكن ما تفعل مساحيق التجميل مع مواطن يعيش تحت خط الفقر؟، ما يفعل الترهيب مع من أُهمل وأُهين حتى أصبحت الحياة عنده مثل الموت!!!، وكيف لا يثور من بات يتوقع أن يضربه أي شرطي في الحريقة او يعتقله اي مخبروهو في طريقه.
لاشك أن حول الرئيس ثلة من المنتفعين يجعرون (بالروح بالدم…) كلما طُلب منهم ذلك، وهؤلاء أول الهاربين عندما تأتي لحظة الحقيقة ويثور المظلومون والجائعون والمحرومون.
إن النظام واهم عندما يظن أن سياسته الخارجية ستشفع له عند شعب يعيش ثلثه تحت خط الفقر ويرى بعينه ثروات البلد تنهب من عائلة الرئيس وأقاربة ومافياته، إن هذه الامور ليست سراً وبات يعرفها القاصي والداني في سورية، والشعب السوري بات يراقب الثورات من حوله ويتعلم منها وينتظر لحظة الحقيقة التي سيهب فيها ليقول للظالم إرحل وليضع حداً للاستبداد والفساد والكذب الخداع الذي أذل الشام لاربعة عقود.
سمعت اليوم لصياح العقيد المجنون في ليبيا ورأيت فيه صورة الرئيس السوري بعد حين يخوّف الشعب من الارهابيين وهو أكبر إرهابي، ويحذرهم من أميركا واسرائيل وهو الذي قرر أن السلام مع إسرائيل خيار استراتيجي، بما يعني أن اتفاقية كامب ديفيد هي غاية مناه لولا أن اليهود لا يستجيبون له تقليلا من شأنه ولسكون جبهة الجولان لعشرات السنين.
يبدو أن نظام أسد قد اختار خيار نيرون أو ما يمكن أن نسميه في العصر الحديث خيار القذافي الذي أعلنها صريحة أنه سيحرق البلد فوق رأس أعدائه وفوق رأسه، إنه جنون العظمه وغرور القوة ونشوة الظلم التي لابد من نهاية لها عندما يريد الشعب الحياة والحرية، وقد عرفت الشعوب العربية طريقها وسقطت أحجار الدومينو واحدة تلو أخرى، ولا بد أن يأتي الدور على جميع المستبدين الفاسدين إن عاجلا ً أو آجلاً، فاذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
والتاريخ مليء بسير الطغاة والمستبدين ونهاياتهم الشنيعة، وهذه نبذة عجيبة عن واحد منهم اورد موجزاً عنها للعبرة والعظة.
هذا الطاغية إسمه كاليجولا وهو امبراطور روماني لعله أشهر طاغية في التاريخ الإنساني المعروف بوحشيته وجنونه وساديته وله صلة قرابة من ناحية الام بالامبراطور الشهير نيرون الذي أحرق روما.
لم يكن كاليجولا مجرد طاغية حكم روما بل كان نموذجا للشر وجنون العظمة والقسوة المجسمة في هيئة رجل أضنى الجنون عقله لدرجة أوصلته إلى القيام بأفعال لا يعقلها بشر أو يتصورها عقل والتي فسّرها علماء النفس على أنها نتيجة اضطرابه النفسي والذهني.
كان يعتبر نفسه روما!! وكان يقول: ” أما أنا فأسرق بصراحة ” – وهي عبارة يتبعها كثيرون من اللصوص اليوم، كان يري أنه طالما اعترف بسرقته فهذا مباح. وهذا يذكرنا بالذين سألوا عن عائدات النفط في سورية ولماذا لا تدخل في الميزانية السورية فجاءهم الجواب من الرفيق الفريق إنها في أياد أمينة!! وهل هذا إلا السرقة بصراحة؟
وكان إضطرابه النفسي يظهر واضحا في التلاعب بمشاعر حاشيته الذين أفسدوه وجعلوه يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل ما يقوم به خوفا من بطشه وطمعاً في المزيد من المكاسب من وراء نفاقهم له وهذا حال كل طاغية في التاريخ لا يتجبر الا عندما يسمح له شعبه بذلك ويجبنوا عن مواجهته ويستخفهم فيطيعوه.
وكانت عبارته التي يرددها لتبرير وتشريع القتل لنفسه ” غريب إني إن لم أقتل أشعر بأني وحيد ” وقد أبدع الكاتب الفرنسي (البير كامو) في وصفها في مسرحيته (كاليجولا) والتي قدم فيها رؤيته لحياة هذه الطاغية ببراعة. ومن المضحكات المبكيات في حياة كاليجولا ما قام به عندما أراد أن يشعر بقوته وأن كل أمور الحياة بيديه ورأى أن تاريخ حكمه يخلو من المجاعات والاوبئة وهكذا لن تتذكره الاجيال القادمة فأحدث بنفسه مجاعة في روما عندما أغلق مخازن الغلال مستمتعا بأنه يستطيع أن يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تقف أيضا بأمر منه، فمكث يتلذذ برؤية أهل روما يتعذبون بالجوع وهو يغلق مخازن الغلال!!.
حتى الاتباع لا يأمنون غدر الطغاة و قد أخذ جنون كاليجولا يزداد يوما بعد يوم والذي أسهم أكثر في تعاظم جنونه وبطشه أن الشعب كان خائفاً منه وكذلك كان رجاله رغم أنهم كان بإمكانهم أن يجتمعوا ويقضون عليه لكنهم استسلموا للخوف فزاد ظلمه و ظل رجاله يؤيدونه في جبروته حتى لحقهم أذاه عندما دخل كاليجولا مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده العزيز”تانتوس” ولما أبدى أحد الاعضاء إعتراضه علي هذا السلوك قال له كاليجولا” أنا لا أدري لما أبدي العضو المحترم ملاحظة علي دخول جوادي المحترم رغم أنه أكثر أهمية من العضو المحترم فيكفي أنه يحملني “! وطبعا كعادة الحاشية هتفوا له وأيدوا ما يقول فزاد في جنونه وأصدر قراراً بتعيين جواده العزيز عضواً في مجلس الشيوخ! وطبعا هلل الاعضاء لحكمة كاليجولا في تعبير فج عن النفاق البشري وانطلق كاليجولا في عبثه إلى النهاية فأعلن عن حفلة ليحتفل فيها بتعيين جواده المحترم عضواً في مجلس الشيوخ وكان لابد لأعضاء المجلس من حضور الحفل بالملابس الرسمية. ويوم الحفل فوجئ الحاضرون بأن المأدبة لم يكن بها سوي التبن والشعير!! فلما اندهشوا قال لهم كاليجولا إنه شرف عظيم لهم أن يأكلوا في صحائف ذهبية ما يأكله حصانه وهكذا أذعن الحضور جميعاً لرغبة الطاغية وأكلوا التبن والشعير!! إلا واحداً كان يدعي” براكوس” رفض فغضب عليه كاليجولا وقال من أنت كي ترفض أن تأكل مما يأكل جوادي؟ وأصدر قراراً بتنحيته من منصبه وتعيين حصانه بدلا منه!! وبالطبع هلل الحاضرون بفم مليء بالقش والتبن وأعلنوا تاييدهم لذلك الجنون!. ألا يذكرنا هذا بمجلس الشعب السوري الذي عدل الدستور في خمس دقائق ليكون على مقاس الابن الوريث؟
نهاية الطاغية
إلا أن “براكوس” قد ثار وصرخ في كاليجولا والاعضاء وأعلن الثأر لشرفه وصاح في أعضاء مجلس الشيوخ” إلي متي يا أشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا” وقذف حذاءه في وجه حصان كاليجولا وصرخ ” يا أشراف روما إفعلوا مثلي إستردوا شرفكم المهان” فاستحالت الى معركة بالاطباق وكل شيء وتجمع الاعضاء وأعوان كاليجولا عليه حتى قضوا عليه وقتلوه ولما وصل الخبر إلى الشعب خرج مسرعاً وحطم كل تماثيل كاليجولا ومعها أيضا تماثيل نيرون.
هل يستفيق النظام السوري قبل أن يثور براكوس؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى