أحمد مولود الطيارصفحات سورية

هل يستقيل الرئيس بشار الأسد؟

null
أحمد مولود الطيار
لم يعد السؤال مفاجئا ويدخل في باب الرغبات والأمنيات أو ضرب من المستحيل، بل غدا طبيعيا وأقل من ذلك بكثير. فعندما تتدحرج ثلاثة رؤوس لثلاثة أنظمة طغيانية وفي غضون أيام قليلة، يغدو السؤال ملحا، بل ويفرض نفسه بقوة، متبوعا بالسؤال الرئيس: وماذا ينتظر سوريا؟
زمن التنظير، واللت والعجن، وقلب الوقائع، وأننا شعوب غير مؤهلة لقيادة أنفسنا، ولّى. ولم يُعرف عن الشعب السوري الا أنه كان سباقا ورائدا وديناميكيا في مجالات شتى، وان أقعده الخوف والجوع لفترة، فهو كُمون مؤقت وسيعاود ابداعه من جديد. ولن يرضى أن يبقى في المؤخرة وهو يرى أشقاءه ان كان في تونس أو مصر أو ليبيا أو البحرين يسابقونه. ويدرك تمام الادراك أن أسباب ثوراتهم موجود لديه مثلها بل أكثر، حتى ليصح القول هنا أن هذه الأنظمة الطغيانية استطاعت أن تقيم الوحدة العربية انما عبر مشتركات الخوف والقمع وانعدام الكرامة وتشابه أجهزة الأمن والمخابرات، فكانت النتيجة “مواطن” عربي فاقد لكل مقومات انسانيته ووجوده. انما هذا أصبح من مخلّفات الماضي. يولد الآن مواطن بدون مزودجين، بدون أغلال، كسر حاجز الخوف، وكما اكتشف قوته وارادته، تكشّف له وراء ذلك الحاجز أنظمة كرتونية لا يستر عورتها الا بقايا أجهزة مخابراتية موغلة بالفساد لا تحتاج سوى اسبوعين أو ثلاثة لتكنس بالكامل، كذلك بقايا بلطجية أو مرتزقة كما في ليبيا، سينتهي مفعولها مع انتهاء الدولارات التي دفعت لها.
اذن، انها لحظة الحقيقة، انها القاعدة الذهبية التي تقول: “في النهاية لا يصح الا الصحيح” أو المثل الشهير”الحق كالزيت يبقى دائما في الأعلى”. لحظة الحقيقة في تونس طلعت بعد 23 عاما وفي مصر بعد 30 عاما وفي ليبيا بعد 42 عاما وفي البحرين تمد برأسها وفي اليمن كذلك وفي الجزائر وقبلها في ايران. وماذا يمنع أن تنبثق قوية مجلجلة في سوريا بعد أن طُمرت، لا أقول منذ عام 1963 تاريخ انقلاب البعث، انما منذ عام 1970 تاريخ مجئ والدكم يا سيادة الرئيس الى الحكم، وبعد وفاته سلّمكم سوريا عبر توريث، ولا أظن يوجد تسمية أخرى غير أن نصارحكم ونسمي الأشياء باسمائها.
وهنا النقطة الأولى والبند الأول للتفكير مليا من قبلكم بالاستقالة، حرصا على أنفسكم وعلى البلد كله وتوفيرا لجهود فاشلة شاهدتموها بأم أعينكم من نظرائكم التونسي والمصري والليبي ومحاولتهم التشبث بالحكم وكيف كانت النتيجة.
وبالعودة الى النقطة الأولى وأعني بها مسألة التوريث وكيفية مجيئكم الى الحكم، حيث حاول اعلام سيادتكم المموّل من قبل دافع الضرائب السوري، حاول التضليل – رغم أنه يعلم حق العلم أنه بات غير مرئي من قبل أغلب المشاهدين السوريين في عصر قناة الجزيرة – بأن سبب الثورة على حسني مبارك هو اتفاقية كامب ديفيد وزين العابدين بأنه رجل الغرب وأمريكا ولا ندري ماذا سيقول عن صديقكم القذافي وصديق والدكم!. تعلمون أن المصريين كانوا قد رفضوا التوريث قبل أن يحصل وجزء لا يستهان به من ثورتهم ان لم يكن الجزء كله هو عدم قبول تزوير ارادتهم ومحو كرامتهم عبر المجئ بجمال مبارك، وأظن أنّ اعلام سيادتكم، وان حاول هنا الكذب على المواطن السوري وايهامه بما هو غير موجود فهذا بالتأكيد لا ينطلي على سيادتكم. كذلك الشعب السوري يعرف تماما أن كل شعارات الثورة المصرية التي رفعها المتظاهرون في ميدان التحرير خلت من كل البروباغندا التي تعيّش عليها هكذا اعلام ساقط وفاقد لأي مصداقية. لذلك يا سيادة الرئيس هذا زمن الشعوب، زمنكم شاخ وهرم وأظن وكما قلت مرة عن نفسك في احدى لقاءاتك الصحفية بأنك قارئ ومهتم بالتاريخ، تدرك اذن، بأن لكل شئ دورة ونهاية، والعقل هو التبصر في المآلات والخواتيم، والشعوب تستعد كلها لتضع لكم نقطة نهاية السطر. وان كنتم تعتقدون، أنّ الشعب السوري خارج العصر وخارج التاريخ وخارج الكرامة فانكم تعاندون، فتحت السطح، تحت الجلد غليان يحرق، فلا يغرنّكم آيات المديح ولا يغرنّكم سطوة أجهزتكم الأمنية، فانها ستنفضّ من حولكم عندما تقع الواقعة، فهذا ملك ملوك أفريقيا يضاهيكم ويتفوق عليكم في أجهزته الأمنية أين أصبح الآن!!
قدموا استقالتكم واعتذروا للشعب السوري، لا تدرون، ربما يعيدكم ذلك الشعب عبر طريق اخر، ربما يغفر لكم، ربما ربما… كلها طرق أفضل من تلك التي سلكها العابدين ومبارك والقذافي وآل خليفة . الشعوب لا تريد في النهاية الا كرامتها وحريتها.
سيادة الرئيس:
منذ تنصيبكم رئيسا لـ”لجمورية العربية السورية” عبر تغييرات النصف ساعة التي شاهدها العالم كله، هناك الكثير من الفرص تم منحها لكم ومن فعاليات سورية مختلفة وهناك مئآت العرائض وآلاف التواقيع قدمت اليكم لتُخرجوا سوريا من فسادها وطوارئها وأن يعود لها وجهها الحقيقي. لكنّكم عاندتم وكابرتم ورميتم بخيرة السوريين في السجون والمعتقلات. وحتى ايام قريبة جدا، هناك من يتوجه اليكم لتعيدوا النظر بكل سياساتكم، حتى أن البعض تمنّى أن تكونوا غورباتشوف سوريا تقودون اصلاحا من داخل النظام، لكنكم لا زلتم تعاندون التاريخ وترفضون الرضوخ لمشيئة الشعب. شخصيا لم اراهن عليكم منذ مجيئكم الى السلطة بالطريقة المعروفة وانتقدت تلك العرائض والتواقيع التي تتمنى عليكم اختصار طريق الجلجلة ولا زلت اعتقد جازما أنكم يا سيادة الرئيس في آذانكم صمم وأنكم لم تتركوا للصلح خط رجعة عبر سياساتكم المدمرة لروح المواطن السوري، ولكن ما لا تقبلون على سماعه الآن ستضطرون الى سماعه غدا، فأصوات الشعوب غدت عالية ولن يستطيع كائنا من كان اخراسها. هل تتعظون قبل فوات الأوان؟
أشك في ذلك.
* كاتب سوري
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى