زين الشاميصفحات سورية

لماذا نمنع من الفرح؟

null
زين الشامي
منذ أسابيع وخلال تحرك سلمي لعدد محدود من الناشطين، لم تتدخل السلطات السورية عندما تعرض 15 شخصاً للضرب لدى محاولتهم تنظيم تجمع على ضوء الشموع تأييداً للثورة المصرية. لقد قام نحو 20 «بلطجيا» في ثياب مدنية بضرب وتفريق 15 متظاهراً، بينهم سهير أتاسي المدافعة عن حقوق الإنسان، حين تجمعوا أمام مركز للشرطة في منطقة باب توما في دمشق.
للأسف لم يعد الامن يكتفي بمجرد منع الاحتجاجات وقمع المعارضين، بل إنه يشجع في ما يبدو على مهاجمة المتظاهرين المسالمين، في محاولة مسرحية مفضوحة للايحاء أن هناك «مؤيدين» للنظام هم من يردون على «العملاء»، حيث هذه هي الصفة التي تسعى الأجهزة الأمنية لتعميمها بين الناس عن المعارضين السوريين.
الناشطة سهير الأتاسي قالت ان ضابطاً اتهمها بالعمل لحساب إسرائيل وتعامل معها بعنف عندما رفضت الرد عليه. نعم هذه هي التهمة الجاهزة «العمالة لإسرائيل» التي يلصقها النظام ضد أي معارض يقول رأيا مختلفاً.
لا بل إن الأتاسي نقلت عن ذلك الضابط أنه وصفها بالجرثومة، وصفعها على وجهها وهددها بالقتل، في صورة تذكرنا بما كان يتعرض له تماماً أبناء مصر على أيدي عناصر البوليس والأمن المركزي خلال حقبة الرئيس حسني مبارك.
ما نود قوله ان كل المحاولات لتعبير بعض الناشطين السوريين عن تضامنهم مع الشعب المصري بشكل سلمي باءت بالفشل، لقد أرادوا فقط أن يقولوا للمصريين إننا معكم ونؤيدكم وفرحنا لثورتكم، لكن رغم ذلك تم منعهم من التعبير عن الفرح بالثورة المصرية، وهو الأمر الذي يعكس الخشية من انتقال عدوى التظاهرات إلى الشوارع.
لقد انتشر عناصر الأجهزة الامنية في كل مكان من التجمعات وقاموا بتصوير المشاركين وتحققوا من أوراق هوياتهم، هذا يعكس حقاً حجم «الثقة» بين السلطات والمواطنين، ويدل على طريقة التعامل التي تتبعها السلطات مع السوريين.
لقد أثبتت الشعوب العربية خلال الأحداث الأخيرة أن أواصر مشتركة عديدة تجمعها لاسيما وأن الهدف واحد والمعاناة واحدة، وسورية هي إحدى تلك الدول وشعبها أكد على نبل مشاعره حين قرر أن يتظاهر تضامناً مع المصريين وفرحاً لثورتهم. معظم العواصم العربية سمحت بنشاطات سلمية مؤيدة ومتعاطفة مع الشعب المصري… إلا سورية. في هذا الصدد، يشير بعض الخبراء إلى أن سورية، التي يحكمها «حزب البعث»، منذ نحو خمسين عاماً قد تتأثر بحركات الاحتجاج الاجتماعية والسياسية غير المسبوقة التي تهز العالم العربي. من ناحيته برهان غليون مدير «مركز دراسات الشرق المعاصر» في جامعة السوربون في باريس قال إن «ما حدث في مصر وتونس سيكون مثل الطوفان ولا يمكن لسورية أن تكون بمعزل عنه».
لقد دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات السورية إلى احترام حق السوريين في التظاهر السلمي وطالبت بالكف فوراً عن تهديدها ومضايقتها للمتظاهرين المتضامنين مع الانتفاضة في مصر، لكن لا حياة لمن تنادي وغالباً لا ترد دمشق ولا تحترم كل هذه المنظمات وتقول انها «أداة في يد الدول الغربية» وأنها «تتدخل في الشؤون الداخلية للدول»، وتتناسى هذه السلطات أن قضية حقوق الإنسان هي قضية عالمية بامتياز تهم كل الرأي العالمي وأنه لم يعد بعد الآن إمكانية لقمع وسجن الناس بسهولة دون أن تتعرض للنقد.
رياح التغيير آتية عربياً بحكم قوانين التاريخ والجيوسياسة مهما حاولت السلطات إغلاق أبوابها ونوافذها، والشعب لن يبقى بعيداً عما يجري حوله. يكفي أن نرجع إلى الهزات السياسية التي ضربت المنطقة وكيف انعكست على الحياة الداخلية، مثل ما حصل في أعوام 1948، 1952، 1967 وغيرها من المفاصل التاريخية المهمة في المنطقة.
لقد كان نيقولاي تشاوشيسكو في رومانيا يقول باستمرار ان بلده رومانيا لن يتأثر بموجة الاحتجاجات التي تجري حوله في بعض بلدان اوروبا الشرقية، صحيح أن التحول تأخر حتى وصل إلى رومانيا لكنه أتى في النهاية على شكل «ثورة» كما يحب الرومانيون تسميتها.
هل يقرأ أحد؟

زين الشامي
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى