صفحات ثقافيةمنذر مصري

العنف منذ اللحظة الأولى حتى النهاية

null
منذر مصري
أظن على الصورة أن تكتمل. جيد أن ننظر من زاويا مختلفة. جيد أن تؤخذ لقطات توضيحية لكل جزء.
ليبيا ـ وهذه المرة للأسف لا أستطيع أن أقول: جيد ـ سوف تجرب احتمالاً لم يحدث من قبل. ليبيا المختلفة كبنيان سياسي واجتماعي عن جارتيها تونس ومصر، سيكون عليها أن تقدّم جواباً عن سؤال سئل كثيراً لكنه بقي معلقاً، ألا وهو: ماذا لو كان النظام في هذه الدولة العربية أو تلك يعلم أن دوره التالي؟ ماذا لو كان قد أجرى استعداداته التامة للمواجهة، وذلك باختيار العنف منذ اللحظة الأولى، ومتابعته حتى النهاية؟ الاحتمال الذي يقال إن كلا نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك قد قصر عنه، أكان ذلك عن سوء تقدير أولي، أو ربما نتيجة لطبيعة النظامين اللذين رغم كل ما يمكن أن يقال عنهما لا يتوفران على هذا القدر غير المسبوق من التغول في السلطة والابتلاع الكامل للدولة وللبلد.
معمر القذافي وأبناؤه الذكور الموعودون بجنة ليبيا لأبد الآبدين: الساعدي وسيف الإسلام والمعتصم بالله وسيف العرب وهنيبعل وخميس القذافي، قد أفهمونا أنه لا خيار أمامهم سوى أن يغرقوا ليبيا بنهر عظيم من دماء الليبيين، لطالما وعدوا أنفسهم به وتعطشوا له،. وبأنهم سيخوضونها حرباً مصيرية، حرب حياة أو موت، في مواجهتهم مع شعبهم. غير أن النتيجة المحسومة، ذاتياً أو شعبياً أو ربما بتدخل خارجي غير محدد السمات بعد، قد تستدعيه الأحداث، هي هزيمة ونهاية نظام القذافي. وبذلك تكون ليبيا، رغم فداحة الثمن، قد أكملت لنا، شعوباً وحكاماً، ذلك الدرس: بأنه حتى لو اختارت الأنظمة العنف من البداية إلى النهاية، ومهما نوعته ومهما رفعت درجته، لا يمكن لهكذا مستبدين نصبوا أنفسهم آلهة، لهكذا مجرمين، أن ينجوا بفعلتهم. العالم يمضي هكذا، البشرية هكذا، التاريخ هكذا. ما أصدق أنه الله، يقول كلمته.

(شاعر سوري)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى