صفحات العالم

لماذا يبتسم جورج بوش؟

سعد محيو
هل بدأ الرئيس أوباما يشبه كثيراً الرئيس بوش؟ أجل، عملياً على الأقل.
فأينما يممنا وجهنا، نجد أن أوباما ينزلق بالفعل إلى المواقع التي كان عليها بوش طيلة الأعوام الثمانية الماضية:
في أفغانستان، حيث تسير الأمور سيراً حثيثاً نحو التحوّل إلى حرب متكاملة النمو، على رغم كل محاولات واشنطن للتشديد على أنها ستركّز على الاقتصاد والتنمية والتطوير السياسي، بقدر تركيزها على الأمن والمعارك العسكرية والتجهيزات اللوجستية هناك، فحرب أفغانستان المجددة ستكون حرب اختيار لا حرب ضرورة، كما أشرنا في هذه الزاوية قبل أيام، الأمر الذي يطرح سؤالاً خطيراً حول الأسباب سنجيب عنه بعد قليل.
وفي باكستان، تشي التطورات الأخيرة بأن ضغوط إدارة أوباما على كل من حكومة زرداري المدنية وعلى الجيش وأجهزة الاستخبارات الباكستانية لدفعها إلى إعلان الحرب على طالبان والقاعدة وباقي الإسلام المتطرف، قد تفجّر في خاتمة المطاف الجمهورية الإسلامية الباكستانية نفسها من الداخل.
وفي العراق، لاشيء يؤكد أن رياح الحرب هناك، ومعها التورط العسكري الأمني الأمريكي، ستخف حدتها أو على الأقل تنحسر نسبياً، كما تشتهي سفن إدارة أوباما كي تتمكن من التفرغ لحروب آسيا الوسطى.
ثم هناك بالطبع الملف النووي والإقليمي الإيراني، الذي أوضح دبلوماسيون عرب زاروا واشنطن مؤخراً أن هذه الأخيرة ليست واثقة أبداً من أن انفتاحها وحوارها مع طهران قد يسفران بالفعل عن تفاهمات نووية وإقليمية ما، ناهيك عن صفقات كبرى. وهذا يعني أن الانفتاح الإيراني – الأمريكي قد ينقلب في أي حين إلى انغلاق وصدام.
وحده الانفتاح السوري – الأمريكي يبدو واعداً، حيث تأمل إدارة أوباما بأن تتوصل إلى علاقات دافئة جديدة مع دمشق، حتى لو لم يتضمن ذلك تسوية نهائية في الجولان. ومع ذلك، احتمال وصول الحوار الإيراني- الأمريكي إلى طريق مسدود، سيخلّف بلا ريب بعض الغيوم السوداء فوق سماء دمشق- واشنطن.
وماذا أيضاَ؟
هناك مسألة السلام العربي – “الإسرائيلي”، والتي يتوقّع أن تحوّلها حكومة نتنياهو إلى ركام تحت شعاري “السلام الاقتصادي” في الضفة الغربية وأولوية الحلف العربي- اليهودي ضد إيران. وحين يغيب السلام، فإن آفاق الحرب ستكون مفتوحة على مصراعيها. وهذا على أي حال لم يعد افتراضاً أو استنتاجاً. فتل أبيب أعلنت قبل أيام أنها تعد العدة لإجراء مناورات عسكرية ضخمة في أواخر الشهر الحالي، تحاكي حرباً يمكن أن تنشب على جبهات عدة في المشرق العربي وصولاً إلى الشرق الإسلامي الإيراني.
الآن، إذا ما جمعنا كل هذه المعطيات فوق صفحة واحدة ثم حاولنا صياغة جملة مفيدة منها، فبماذا سنخرج؟
بحصيلة واحدة في الغالب: الرئيس أوباما قد يجد نفسه أسير كل حروب الرئيس بوش، ولن يستطيع حتى لو أراد أن يشق عصا الطاعة عليها لسبب رئيسي: المصالح النفطية الكبرى في مثلث الخليج – أفغانستان – آسيا الجنوبية والوسطى، والتي تفرض عليه أن يجعل كل حرب اختيارية في أي من أضلاع هذا المثلث حرب ضرورة.
وبالطبع هذه الحقيقة ستجعل بوش أكثر من سعيد. لا بل في وسعنا الآن تخيّله يبستم بخبث وخيلاء في مزرعته في تكساس، وهو يسمع أوباما يتحدث عن ضرورة الانتصار في كل هذه الحروب مجتمعة!
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى