ما يحدث في لبنان

أخيراً

null
خالد صاغية
أخيراً، قرّر أحد السياسيّين أنّه لا رغبة لديه في دخول «السيرك»، ولا في التحوّل إلى بهلوان. أخيراً، خرج صوت من الطاقم السياسي ليعترض على ما اقترفته أيدي زملائه. أخيراً، خرج صوت لينهي حفلة الرقص فوق القبور. ليعلن حالة الحداد بعد فضيحة الدوحة، والاستهزاء بعقول المواطنين، والعبث بالدستور والجمهوريّة.
أخيراً، خرج صوت ليوجّه أصابع الاتّهام إلى «الطبقة السياسية» وأبناء عائلاتها الذين يريدون «تأبيد» تحكّمهم برقاب الناس، وإلى الاحتكار الاقتصادي الذي يمارس عملية نهب منظّم باسم المنافسة في النظام الاقتصادي الحرّ، وإلى عجز المثقّفين وتخاذلهم وابتعادهم عن قضايا مجتمعهم.
أخيراً، خرج صوت من داخل ساحة النجمة، ليعلن أنّه لا يزال يمتلك قراره المستقلّ، وأنّه ينطلق في مواقفه من قناعات ذاتيّة لم تُملِها عليه لا العشيرة ولا الطائفة، ولا سوريا، ولا إيران، ولا السعوديّة، ولا رسل الشرق الأوسط الجديد.
أخيراً، تحرّك نبضٌ ما في جسم حسبنا أنّ أعضاءه فقدت قدرتها على الحركة والتفكير.
أخيراً، خرج صوت ليذكّرنا ببرنامج العمل الحقيقي لبناء دولة القانون والمؤسّسات، بعدما بات شعار بناء الدولة جزءاً من عدّة الشغل الخفيفة لسياسيّين أخفّاء.أخيراً، خرج صوت ليذكّرنا بأنّنا مواطنون في بلاد اجتازت مراحل طويلة من المخاض الصعب والمؤلم كي تقترب من استحقاق الدولة، وإذا بأولئك أنفسهم الذين أجهضوا التجربة الشهابية يعودون اليوم بأقنعة مختلفة، وأسماء مختلفة، ليتقاسموا الجبنة داخل ما يعتبرونه مزرعتهم الخاصّة.
فليفرح فؤاد السنيورة بالثقة. وليهلّل ميشال عون لقانون الستّين. ها نحن نعود خمسين عاماً إلى الوراء. الأدهى أنّنا نفعل ذلك بغبطة وحبور، وبادّعاء ما لا نملكه، عبر إطلاق تسميات المعارضة والموالاة والديموقراطية على واقعنا المزيّف. الحقّ أنّنا لا نملك إلا خيبتنا، ووجعنا، والكثير من أوقات الفراغ نمضيها أمام الشاشات نتفرّج على موتنا يقترب على شكل سنافر في مقاعد وزاريّة.
الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى