رزان زيتونةصفحات الناس

الشعب يريد إسقاط السجون

null
رزان زيتونة
الاعتقال التعسفي جريمة ترتكب كل يوم في سوريا بحق السوريين. صمتنا عنها أو اكتفاءنا بالتنديد والمناشدة  والمطالبة أصبح فوق ما نحتمل. خسارة شبابنا وتدمير أسرهم لا يمكن أن يستمر موضوعا للمناشدة والمطالبة. كفى، وانتهى. الأجدى أن ننضم إلى قوائم المعتقلين من أن نسير في جنازات المعتقلين السابقين وأفراد أسرهم.
العريس مضى إلى مثواه الأخير في جنازة مهيبة. زينة وعراضة شامية وألعاب نارية، وفي الخلفية نواح النساء وصفوف طويلة من السواد الداكن تتمايل على وقع الألم. رحيل شاب بعمر كريم عربجي وجع لا يمكن الإحاطة به بالكلمات. لكن رحيل شاب بعمر كريم بعد أقل من عام على الإفراج عنه،  هو خطأ كبير إن لم يكن من أهل السماء فمن أهل الأرض.
كريم قضى أقل بقليل من ثلاث سنوات في المعتقل بسبب قصيدة. عاش جحيم أحداث سجن صيدنايا بكل أهوالها. لماذا اعتقل ولماذا كان في سجن صيدنايا أصلا؟ انقطعت أخباره عن عائلته كبقية المعتقلين في ذلك السجن أشهر طويلة. أصيب والده بالجلطة والشلل قهرا على وحيده، ولم يحظ بفرصة معانقة كريم بعد الإفراج عنه لأنه كان على فراش الموت.
بقية الشباب في سجن صيدنايا، منهم من تساقط شعره ومنهم من تساقطت أسنانه، ومنهم من أصيب بأمراض نفسية. لم يشاهدوا ضوء الشمس منذ سنوات. لماذا اعتقلوا؟ ولماذا هم في سجن صيدنايا؟ وكم شاب سنودع بالجلطات القهرية بعد أيام وأسابيع وأشهر؟
اليوم الذكرى الثانية لوفاة فارس، لماذا اعتقل ثلاثين عاما؟ ولماذا منع من السفر للعلاج؟
والدة عمر العبد الله زوجة علي العبد الله التي رحلت مؤخرا، لماذا اعتقل عمر خمس سنوات ولماذا اعتقل علي؟
نحن هذا البلد وهذا البلد لنا، لكل من أراق دمعا على قهره أو قهر غيره، ولكل من صلب على جدران السجون ولكل من فقد حياته الخاصة وأحلامه الخاصة غرقا في وحل القهر اليومي من أجل سوريا أقل ظلما.
نحن هذا الوطن وهذا الوطن لنا، ولا يليق بأبناءنا العيش في جحور مظلمة في المعتقلات، ولا يليق بنا العيش ندبا على أعمارهم وحيواتهم.
وإذا كانت السلطات لا ترانا إلا ككائنات طفيلية يجب عزلها ونفيها، يجب أن نتسلق جدران القهر لنثبت أننا نبتة الأرض، وإذا كانت المعارضة غير قادرة إلا على إصدار البيانات، يجب أن نتطفل على أقلامها ندعوها للحياة أو للصمت، وإذا كان مثقفونا غير قادرين إلا على التنظير لحال قهرنا وتوصيفه، فلنتسلق إلى وعيهم ونقلب بضع كلمات.
يعني خلص، بكفي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى