التفاوض السوري الإسرائيلي

ثلاث “أساطير” حول النظام السوري

null
جهاد الزين
انتهى، على الارجح، الزمن الذي يحسب فيه نظام عربي كالنظام السوري، ان الصلح مع اسرائيل يهدد مصيره نفسه.
لقد تغيرت المعطيات، أو هي آخذة بالتغير السريع، نحو وضع اقل ما يقال فيه انه زمن مدهش للاجيال التي عاصرت المعادلة القديمة وهي معادلة عجز الأنظمة العربية الايديولوجية التكوين والخطاب عن عقد اتفاق سلام شامل مع اسرائيل.
العكس صحيح الآن، ففي الحالة السورية، وبالتوازي مع وضع عربي ينشأ فيه تقارب سياسي فعلي – إن لم يكن تحالف فعلي – بين انظمة عربية كبيرة وبين اسرائيل ضد الامتداد الاستراتيجي الايراني الذي اصبح داخل الوضع العربي بعد سقوط صدام حسين في العراق،
… في هذه الحالة السورية، اصبح السلام مع اسرائيل (على قاعدة الحد الادنى وهي الانسحاب الاسرائيلي من الجولان) ضمانة مؤكدة، لثبات النظام السوري، تعيد إدخاله في “النظام العالمي”.
حتى زمن قصير، كان الانطباع السائد في العالم العربي، بل كان الرئيس حافظ الاسد نفسه حتى آخر رمق من حياته، يعتقد ويتصرف على اساس ان صلحاً كاملاً مع اسرائيل، حتى مع عودة كاملة أو شبه كاملة للجولان الى احضان الدولة السورية، سيعني خلق وضع يفقد فيه نظامه مبرر وجوده الايديولوجي، وهو الصراع مع اسرائيل، ويصبح معرضاً للسقوط الداخلي. ولذلك ردد العديد من المحللين الاميركيين، وعن حق، ان ما كان يهم الرئيس حافظ الاسد هو مسار المفاوضات وليس وصولها الى اتفاق.
أظن انه خلال سنوات قليلة، وتحديداً منذ سقوط بغداد عام 2003، بل منذ الخروج القسري لجيشه من لبنان، يعتقد الرئيس بشار الاسد ويتصرف على اساس، ان الضمانة “النهائية” لاستمرار نظامه هي قبول “النظام العالمي” بقيادة الولايات المتحدة الاميركية عقد معاهدة سلام سورية – اسرائيلية. معاهدة لا تهدد مباشرة ابداً وغير مباشرة على المدى المنظور، وجود نظامه السياسي، عكس تماماً ما كان يعتقد والده. لا لأن والده كان على خطأ في حساباته بل لأن الزمن فعلاً تغير وغيّر معه اشياء كثيرة. فالدول الاساسية في العالم العربي لم تعد لديها مشكلة حالياً مع اسرائيل سوى تسوية تضمن قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. واعني تحديداً هنا المملكة العربية السعودية، على اعتبار ان مصر والاردن دخلتا اصلاً وبشكل ناجح وثابت في السلام مع اسرائيل، وحولهما دول عربية في الخليج والمغرب لم تعد تنتظر لاقامة العلاقات الرسمية سوى الحل الفلسطيني.
هذا هو المتغير الاول في المناخ العربي.
أما المتغير الثاني بالنسبة لنظام مثل النظام السوري، فهو الوضع الداخلي في سوريا. فكنظام عسكري، كان حافظ الاسد، بخلاف صدام حسين قد عقد منذ العام 1970 “تسوية” مع البورجوازية التجارية الدمشقية، يضمن فيها مصالحها مقابل تسليمها له بالسلطة السياسية والامنية. بهذا المعنى نظام حافظ الاسد “طوّع” المجتمع السوري سياسياً وأقام تحالفاً مع بورجوازيته المدينية في العاصمة تحديداً. بينما نظام صدام حسين دمر المجتمع العراقي ليتمكن من الحكم. وهذا فارق جوهري. أما بشار الاسد فتابع منطق الصفقة الداخلية مع البورجوازية التجارية نفسه، بل وسّعها لتشمل البورجوازية التجارية في حلب التي لم يكن والده ليخصها بحسابات ودودة عكس علاقاته المتينة مع البورجوازية الدمشقية. (هناك كتاب مهم صادر عام 2006 في هذا السياق للباحث الفرنسي فابريس بالانش يُظهر بالارقام سيطرة البورجوازية الدمشقية والحلبية والسنية عموماً على حركة التجارة الخارجية والقطاع الخاص في سوريا وبما يبدو انه استراتيجية متعمدة للنظام السياسي الذي اكتفى بالسيطرة على الاقتصاد الخدماتي المرتبط بمرافق الدولة المباشرة).
باختصار ورغم حركة القمع التي طالت رموزاً من المثقفين اليساريين السوريين الذين سعوا الى شكل معتدل ومحصور من الممارسة الديموقراطية عبر المنتديات الليبرالية، فقد أظهرت التجربة ان القوى الاجتماعية الاساسية في المجتمع السوري ليس لديها مشروع للديموقراطية في سوريا، وان المشروع الديموقراطي لا يتجاوز طروحات نخبة محدودة من المثقفين المقيمين في سوريا وبعض الشخصيات الاسلامية الموجودة في لندن، فيما الطبقة الوسطى البيروقراطية الواسعة والتجار والصناعيون ورجال الدين التقليديون يطمحون الى نوع من التحديث الاقتصادي المفصول في وعيهم عن الديموقراطية السياسية. وهو نزوع اجتماعي عام قد لا يكون مقتصراً على سوريا. فالعديد من المجتمعات العربية لا تبدو حاملة لمشاريع “دمقرطة” ضمن النموذج الغربي، بل هي أقرب في تصوراتها الى “النموذج الصيني”.
علينا أن نضيف الى كل هذه العوامل والمتغيرات التي تمنح النظام السوري قدرة داخلية على حماية نفسه بعد الاقدام على معاهدة سلام مع اسرائيل، ان المجتمع السوري يعيش حالياً مزاجاً عميقاً من اعتبار الاستقرار السياسي والامني القائم مكسباً رئيسياً بذاته لسوريا، قياساً بما حصل في العراق بل بسبب ما حصل ويحصل في العراق. مع الاشارة هنا ايضاً الى “حس الاستقرار” الامني لدى البورجوازية السورية في التاريخ الحديث للدولة السورية كان دائماً أقوى مما هو عليه في العراق، حتى لو تعددت الانقلابات العسكرية في فترة معينة. لكن تماسك الدولة – المجتمع هو الظاهرة السائدة.
كل هذه المعطيات باتت تجعل النظام مهيأ للدخول في معاهدة سلام مع اسرائيل، خلافاً للفكرة السابقة القائلة بأنه غير قادر على تحمل تبعات هذا السلام. هذا زمن ولّى سورياً (وعربياً لو تكتمل التسوية الاسرائيلية – الفلسطينية البادئة في “أوسلو” عام 1993). فكيف اذا تأطرت هذه الصورة بالعامل الذي اصبح اكيداً وهو خوف الاقليات المسيحية داخل سوريا من صعود الاصولية الاسلامية، وهذه الاصولية تعيش اليوم جيلها الثاني “البن لادني” الاكثر تطرفاً.
***
في الحالة الفلسطينية الذي ينكشف أكثر فأكثر هو العجز الاسرائيلي عن بناء السلام مع الفلسطينيين، حتى في ظل سلطة فلسطينية صديقة للغرب في رام الله بالمعنى الحرفي للكلمة، وتحديداً للولايات المتحدة الاميركية.
لكن اذا كانت المؤسسة الامنية – السياسية الاسرائيلية عاجزة عن الدخول في سلام شامل مع الفلسطينيين، فإنها في ما يتعلق بسوريا لا تريد حتى الآن، رغم كل ما يقال، الدخول في هذا السلام، لكنها ليست عاجزة عنه، على العكس يتشكل تيار “عاقل” في اسرائيل تمنعه حالياً الادارة الاميركية في عهد الرئيس جورج بوش من الدخول حتى في مفاوضات رسمية مع سوريا…
ما هي أسس صفقة سورية – اسرائيلية ممكنة؟ من حسن الحظ (أشدد على الكلمة: من حسن الحظ) ان دولة حديثة متقدمة ديموقراطياً واقتصادياً كتركيا باتت تعتبر، من موقعها كقوة استقرار في المنطقة، ان التحضير لها (أي للتسوية السورية – الاسرائيلية) أمر ضروري لبناء نظام اقليمي جديد وسلمي وراسخ في المنطقة.
الطواقم المحيطة بالمرشحين الرئيسيين الثلاثة في الانتخابات الرئاسية الاميركية والمعنية بقضايا الشرق الاوسط، ليست بعيدة عموماً عن هذا التفكير الذي ينطلق من اعادة حوار “واقعي” سوري – اميركي اذا توفر شرطان اساسيان من وجهة نظر إدارة آتية في واشنطن:
الاول هو دور سوري ما مُقنع في الحد من التوتر العراقي والمساعدة على مخرج اميركي مُشرف (وملائم) من العراق وفي العراق.
الثاني هو ان تحمل أية تسوية ضمانات نهائية لعدم الاستخدام السوري للوضع اللبناني، سواء حيال تهديد أمن اسرائيل في الجنوب، أو تهديد الاستقلال السياسي للدولة اللبنانية.
ربما يكون المرشح الجمهوري جون ماكين الاكثر حساسية سلبية حيال الدور السوري في العراق وفي فلسطين ولكنه هو ايضاً مختلف عن الرئيس الحالي جورج بوش من حيث قابليته (أي ماكين) لفتح حوار جاد مع سوريا، الامر الذي يمتنع عنه تماماً جورج بوش. (على أي حال “برنامجا” ماكين وهيلاري كلينتون في السياسة الخارجية اللذان نشرتهما مجلة “فورين افيرز” في عدد كانون الاول 2007 لا يعطيان أي انطباع عن “تركيز” على سوريا بعكس الحضور الايراني المحوري في مجالين: النووي و”الارهاب” وهو الانطباع نفسه الذي يتولد عموماً من خطب اوباما وكلينتون وماكين خلال الحملة الانتخابية).
يعتقد جورج فريدمان، المحلل الاساسي في مؤسسة “ستراتفور” المرموقة في مجال التحليل الامني الاستراتيجي في مقال أخير له ان اتفاقاً – أو حتى تقارباً – سورياً – اسرائيلياً يصطدم في الوقت الراهن ليس فقط بمعارضة الولايات المتحدة الاميركية بل ايضاً بمعارضة ايران و”حزب الله” والفصائل الفلسطينية الاساسية.
المعارضة الراهنة التي تبديها ادارة بوش لإعادة اطلاق مفاوضات سلام سورية – اسرائيلية هي معارضة واضحة بلغت حد ان مراقباً عربياً للعقد الاول من القرن الحادي والعشرين اصبح بإمكانه القول أننا عشنا الزمن الذي لم يكن ممكناً تخيله قبل عشرين عاماً، بل حتى قبل عشرة اعوام:
ضغط اميركي على اسرائيل، لا للانخراط في مشروع سلام مع دولة عربية اساسية معادية لاسرائيل منذ تأسيسها بل ضغط اميركي على اسرائيل لمنعها من الانخراط في عملية السلام.
مرة قال لي استاذ علوم سياسية بارز في جامعة اسطنبول في معرض اعتذاره عن تلبية دعوة الى حضور مؤتمر في بيروت حول العلاقات العربية – التركية وكان ذلك عام 1993:
“أنتم العرب ستتحالفون في القرن الحادي والعشرين مع الاسرائيليين ضد الاتراك”.
… لا زال هذا الكلام خيالياً اليوم رغم نبوءة استاذ العلوم السياسية التركي الذي كان متأثراً بمصير جده الضابط في الجيش العثماني الذي قُتل على يد بعض الثوار العرب خلال تراجع هذا الجيش مهزوماً الى الاناضول امام الهجوم البريطاني المتقدم من مصر الى سوريا خلال الحرب العالمية الاولى.
تركيا هي اليوم البلد المسلم الكبير المنخرط بصورة طليعية في المشروع الغربي – الاوروبي وهي نفسها البلد الذي يتوسط بين اسرائيل وسوريا في وقت يندر فيه الوسطاء غير المسلمين فكيف ببلد مسلم بحجم تركيا؟
المتغيرات تدهمنا، صحيح ان جوهر الصراع العربي – الاسرائيلي وهو القضية الفلسطينية يبدو حتى أمد طويل صعب الحل امام المعضلات البنيوية التي تمنع اسرائيل اساساً من اتخاذ قرار التسوية النهائية، وهو ما يهدد كل شيء… الا ان معطيات عميقة في قابليات العرب لبدء حقبة جديدة مع اسرائيل أخذت فعلياً في الظهور…
بين هذه القابليات تتجه الازمة في لبنان مع تعقيداتها الداخلية والاقليمية والدولية المتمادية الى تعويم حقيقة مهمة وهي ان النظام السوري وحده في الوضع الراهن يبدو قادراً على حل مشكلة المشروع العسكري الضخم الذي يحمله “حزب الله” في جنوب لبنان. لكن هذا مرهون طبعاً بتسوية مع اسرائيل تضمن عودة الجولان (ومزارع شبعا!).
ولربما هنا وبسبب القلق العميق على المصير الذي بات ينتاب الحكم في دمشق من جراء تواصل الهجوم السياسي الاميركي عليه بعد الخروج من لبنان فإن تسوية سورية – اسرائيلية برعاية اميركية يمكن أن تحقق ما يلي:
– عودة الجولان ضمن صيغة تحفظ الكرامة الوطنية السورية.
– معاهدة سلام سورية – اسرائيلية وقيام سفارتين في البلدين.
– إنهاء سلمي للمشروع العسكري لـ”حزب الله” تقبل فيه ايران اولوية ضمان الامن الاستراتيجي لحليفها السوري وتتخلى عن استخدام جنوب لبنان في مواجهتها مع الولايات المتحدة. إنه لبنانياً التخلي عن هذا الاستخدام المرهق للطائفة الشيعية كما للطوائف اللبنانية الاخرى.
– إنهاء أي تدخل سوري في الشؤون اللبنانية على اعتبار ان معركة النظام في دمشق منذ خروجه من لبنان لم تعد العودة الى لبنان وانما الدفاع عن بقائه في دمشق نفسها، في اطار تسوية لبنانية – لبنانية تجسد صيغة توافق اقليمي وتحديداً سوري – سعودي على إطلاق يد الدولة اللبنانية. يمكن أن نسمي التوافق السوري السعودي ايضاً “انسحاباً وفاقياً” سورياً سعودياً من الصراع على لبنان.
صحيح ان فك العلاقة الايرانية – السورية امر مستحيل، لكن الممكن هو تسوية سورية – اسرائيلية تعيد ترتيب الاولويات داخل التحالف السوري – الايراني، تكون نتيجته العملية الاولى إنهاء الاستخدام الايراني العسكري لمناطق جنوب سورية، أي جنوب لبنان، واحترام الارتباطات الجديدة النوعية المختلفة للنظام السوري.
“صفقة” بهذا الحجم مع سوريا – أي السلام الشامل مع اسرائيل – هي وحدها الحل المتاح للوضعية الخطرة التي ادخلت فيها ايران “حزب الله” بعد انجازه تحرير الاراضي اللبنانية عام 2000 بسبب اعتبارات صراعها العام مع الولايات المتحدة والذي أضيف عليه طموحها النووي.
السؤال الفوري الذي يطرح هنا هو: هل يستطيع النظام السوري ان يقوم بمهمة إنهاء التسلح الصاروخي الاستراتيجي لـ”حزب الله” كقوة كوماندوس متقدمة – ردعاً أو قتالاً – في الصراع مع اسرائيل والولايات المتحدة؟
الجواب: نعم، وبالحد الادنى، اذا لم تستطع سوريا ان تقوم بهذه المهمة فلا أحد يستطيع ذلك بدون ثمن كارثي على المنطقة كلها.
***
يفترض الحديث عن آفاق المفاوضات السورية – الاسرائيلية التصدي – كما ظهر – لعدد من “الاساطير” السائدة المتعلقة بسوريا الحالية ودحضها.
نعيد هنا ترتيبها في نهاية هذا المقال:
1- اسطورة عدم قدرة النظام السوري الحالي على عقد صلح شامل مع اسرائيل خوفاً من فقدان شرعيته الوطنية، وبالتالي مبرر وجوده.
2- اسطورة رغبة النظام السوري الدائمة بالعودة الى لبنان، أي ممارسة النفوذ العسكري – السياسي المباشر. وانه مهتم بالتالي بلبنان لا بالجولان.
3- اسطورة عدم قدرته – بسبب تبعيته لايران – على انهاء التسلح الاستراتيجي الاقليمي لـ”حزب الله” في جنوب لبنان.
الاجوبة “الداحضة” لهذه الاساطير الثلاث هي التالية باختصار شديد:
1- نظام بشار الاسد بات في وضع لاسباب سورية، كما لاسباب عربية، يستطيع فيه أن يتحمل مسؤولية معاهدة كاملة للسلام مع اسرائيل تضمن صيغة مشرفة لاعادة الجولان، فمبرر وجود النظام دخل في طور مختلف عن مجرد مبرره الايديولوجي في علاقته مع المجتمع السوري.
2- بعد إخراجه القسري من لبنان، لم يعد الخيار بالنسبة للنظام السوري هو خيار بين لبنان والجولان يختار فيه واقعياً لبنان. لقد اصبح الخيار الفعلي هو بين وجوده في لبنان وبين وجود في … دمشق نفسها. فهو منذ 26 نيسان 2005 تاريخ خروج آخر جندي سوري من لبنان يواجه أزمة بقاء على قيد الحياة حيال هجوم النظام العالمي ضده. لهذا هو يعرف ان جوهر معركته هي تأكيد استمراريته في النظام الدولي والاقليمي. استمرارية لم تتهدد كما تهددت في السنوات الاخيرة.
3- مستوى عمق المصالح بين النظامين الايراني والسوري سيضع النظام الايراني امام خيار “الانسحاب الاستراتيجي العسكري” من جنوب لبنان – وبالتالي من “اقليم بلاد الشام” لصالح مكسب استراتيجي هو تكريس وجود حليفه النظام السوري في المعادلة الدولية الاساسية للمنطقة … حتى لو وجدت تيارات ايرانية معارضة لهذا الانسحاب، فلا خيار آخر لايران عندما تسلك سوريا هذا الطريق.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى