صفحات العالم

اتحاد المتوسط.. تباين واضح بين معارض ومؤيد

null
يستضيف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأحد المقبل في باريس جمعا كبيرا من زعماء منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط لتدشين مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، ولكن المواقف تتباين بشأن المشروع في دول المغرب العربي بين الرفض القاطع والترحيب الشديد.
وترغب دول المغرب العربي المساندة لفكرة الاتحاد, في أن تعامل كشريك كامل العضوية في الاتحاد من أجل المتوسط, رغم الفوارق بين ضفتي المتوسط.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله مشاركته في قمة باريس, رفضت ليبيا المشاركة وأعلن الزعيم معمر القذافي معارضته للاتحاد المتوسطي.
وسارع القذافي بالتنبؤ بفشل الاتحاد قائلا “هذا مشروع مخيف جدا. أنا أبشركم بفشله الذريع”. واتهم القذافي الاتحاد بالتخطيط لقبول إسرائيل, واعتبر أن المشاريع الاقتصادية التي وعد بها الشمال دول جنوب المتوسط “طعم” وما هي سوى “نوع من الإهانة” لتلك الدول.
هذه المخاوف يقاسمه فيها الرئيس السنغالي عبد الله واد الذي أعلن مطلع يونيو/حزيران أن فكرة اتحاد متوسطي إن تمت ستربط شمال أفريقيا بذيول أوروبا.
أما وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي فقد عبرعن خشية دول الضفة الجنوبية من احتكار المفوضية الأوروبية للقرار في الاتحاد, مشيرا إلى قوة الاتحاد الأوروبي المادية التي تجعله مالكا للقرار. وطالب المسؤول الجزائري بشراكة متوازنة تقوم على المساواة والشفافية.
اختلافات واضحة
وتبدو الاختلافات واضحة بين دول ضفتي المتوسط, ففي حين يبلغ الدخل الفردي في بلدان الشمال 26 ألف دولار, لا يتجاوز الدخل سبعة آلاف دولار في بلدان الجنوب. ويعتبر وزن الاتحاد الأوروبي هائلا حيث إنه يمثل 86%  من إجمالي الناتج الداخلي في الدول التي يفترض أن تنضم إلى الاتحاد المتوسطي.
وبناء على هذه الاختلافات دعا رئيس منظمة أرباب العمل المغاربة مولاي حفيظ العلمي إلى “أن تنظر أوروبا إلى شركائها في ضفة المتوسط الجنوبية لا كدول فقيرة. بل كشريكة كاملة العضوية”.
وفي المقابل ترى تونس المساندة الكبيرة للاتحاد أن مشروع ساركوزي هام رغم التغييرات التي طرأت عليه إثر ملاحظات الدول الأوروبية الأخرى. وقالت آمنة شتيوي الوزيرة المنتدبة للشؤون الخارجية إنها مبادرة واعدة من شأنها أن تضمن لدول جنوب المتوسط وسائل تحقيق طموحاتها من تكامل واندماج مع الاتحاد الأوروبي.
وقد تراجع ساركوزي صاحب فكرة المشروع عن بعض مكونات الاتحاد مثل إقامة بنك للاستثمار في حوض المتوسط وعقد اجتماعات وزارية على غرار الاجتماعات الأوروبية.
ومن مشاريعه الطموحة للاتحاد تطهير مياه البحر وبناء طرق سريعة برية وبحرية ومشروعات لتطوير الطاقة الشمسية وبرامج للتبادل الطلابي.
تناوب الرئاسة
ومن المنتظر أن يحضر قادة وزعماء 44 دولة تدشين الاتحاد في غياب زعمين هما الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يعارض المشروع، وملك الأردن عبد الله الثاني الذي قال إنه لن يستطيع الحضور لأسباب شخصية.
وستكون فرنسا ومصر أول من يتقاسم رئاسة الاتحاد, لكن لم يتضح بعد إذا كانت رئاسة فرنسا ستنتقل بشكل دوري كل عامين مثل مصر أم كل ستة أشهر مع تغيير رئاسة الاتحاد الأوروبي.
كما أن اختيار دولة مقر أمانة الاتحاد لم يحسم بعد، واقترحت فرنسا تونس، الأمر الذي أثار احتجاجات بسبب سجل تونس في حقوق الإنسان. ويقول دبلوماسيون فرنسيون إن من بين الدول المرشحة أيضا المغرب ومالطا, فيما يقترح البعض برشلونة كحل وسط.
وإن لم يحسم الأمر بعد فإن لفرنسا ميولا نحو دول الجنوب, إذ أعلنت أنها تفضل بلدا على ضفة المتوسط الجنوبية لاحتضان مقر الاتحاد.
قمة للمتوسطي في باريس بحضور كبير وطموحات مقلصة
تبدأ غدا الأحد في باريس قمة يوم واحد لقادة أكثر من أربعين دولة من الاتحاد الأوروبي والبحر المتوسط, في إطار مشروع اتحاد من أجل المتوسط أطلقه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
ويريد ساركوزي القمة -التي تأتي عشية العيد الوطني الفرنسي- نجاحا دبلوماسيا له, لكن المشروع يولد نسخة غير أصلية لفكرة كانت تريد جمع خمس دول من الاتحاد الأوروبي تطل على المتوسط, بدول الحوضين الجنوبي والشرقي لهذا البحر.
وواجهت المشروع منذ بدايته متاعب داخل الاتحاد الأوروبي نفسه, فألمانيا لم تستسغ عدم استشارتها, وتخشى تداخل مشاريع الاتحاد الجديد مع مشاريع الاتحاد الأوروبي بشكل يستنزف موارد التكتل الأوروبي لتمويل الطموحات الفرنسية.
حفنة مشاريع
مشاريع كبرى أعلنها ساركوزي كبنك استثمار متوسطي ولقاءات وزارية على طريقة الاتحاد الأوروبي تركت المجال لحفنة مشاريع كتنظيف مياه البحر وتطوير الطاقة الشمسية.
أما خارج الاتحاد الأوروبي فتخشى دول عربية كالجزائر أن يكون المشروع بوابة تطبيع مع إسرائيل.
وكانت ليبيا الدولة العربية الوحيدة التي حسمت موقفها من البداية, وقررت عدم الانخراط في المشروع.
أما تركيا فقالت إن رئيس وزرائها سيحضر القمة “إن استطاع”, رغم امتعاضها من مشروع تريده فرنسا أن ينسيها آمال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
سوريا وإسرائيل
وإن كان للقمة أن تكتسب ألقا, فربما من حضور سوريا وإسرائيل حيث تتركز الأنظار على قادة البلدين اللذين سيجلسان حول طاولة واحدة.
وقال ناطق باسم الخارجية الإسرائيلية “كما الحال مع كل لقاء دولي, نأمل أن يوفر فرصة لقاءات مباشرة” مع القادة العرب.
وقال مساعد لساركوزي إن بشار الأسد وإيهود أولمرت قد يلتقيان على هامش القمة, لكن مراقبين يرون الأمر مستبعدا.
واعتبر مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق ألون لييل أن مجرد مصافحة بين الرجلين ستكون حدثا مثيرا.
ويحاول القادة العرب أن يدرجوا في مسودة إعلان نهائي دعوة إلى شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل, وهي أسلحة يعتقد أن إسرائيل هي الوحيدة التي تملكها في المنطقة.
مراد مدلسي
حضور إسرائيل
ودعا وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي إلى توضيح تبعات وجود إسرائيل في اتحادٍ “يجب أن لا يطبع العلاقات بين الدول العربية وبين إسرائيل, وهو ما فشل فيه مسار برشلونة”, ليضيف أن الدول التي ليس لها علاقات مع إسرائيل “يجب أن لا يفرض عليها أن تكون جزءا من مشاريع مشتركة” في الاتحاد المتوسطي.
أشياء أخرى تبقى غامضة كطريقة تدوير رئاسة الاتحاد ومقره, فقد اقترحت فرنسا تونس, لكن سجلها الحقوقي أثار اعتراضات.
قمة الأعمال
وانتقدت منظمة العفو الدولية الاتحاد الجديد, وقالت إنه يضحي بحقوق الإنسان لصالح الأعمال.
ودعت في رسالة إلى ساركوزي -الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي- إلى تأكيد الالتزام الأوروبي بمبادئ حقوق الإنسان التي تحكم العلاقات الخارجية للتكتل الأوروبي.
وقال خبير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية دومينيك مويسي إن “جمع هذا الحشد الضخم إنجاز في حد ذاته.. لكن هناك مخاوف من أن النتائج ستكون هزيلة للغاية”، وذلك في اتحاد يرى باحث مركز دراسات السياسات الأوروبية في بروكسل مايكل إيمرسون أنه صمم وعرض بشكل سيئ و”المادة السياسية فيه غامضة لدرجة تكاد تكون منعدمة”.
ملف الشرق الأوسط يعرقل الاتفاق على بيان المتوسطي
كشف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن وجود خلافات بشأن مشروع البيان الختامي لقمة الاتحاد من أجل المتوسط الذي سيطلق الأحد في باريس, وقال إن هناك نقاطا معلقة تخص الوضع في الشرق الأوسط.
وأوضح أبو الغيط عقب اجتماع في باريس مع نظرائه العرب يهدف إلى تنسيق المواقف قبل القمة، أن هناك إشارات في مشروع البيان إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وإلى المبادرة العربية للسلام.
كما قال إنه سيجري تشاورا حول هذه المواضيع في الساعات القادمة، موضحا أنه “إذا لم يحدث انفراج يطرح على اجتماع وزراء الخارجية غدا والذي يضم جميع وزراء خارجية الدول الـ43 المشاركة في القمة.
وفي إطار الخلافات أيضا ذكرت رويترز أن هناك نقاطا عالقة تتعلق بكيفية الإشارة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، مع مقاومة إسرائيل لأي ذكر لمبادرة سلام الجامعة العربية أو لدعوة إلى منطقة شرق أوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
كما لم تحسم قضية الرئاسة المزدوجة للمنظمة الجديدة ومدة الرئاسة المشتركة للدول الواقعة جنوبي المتوسط. كما أن هناك قضايا خلافية أخرى جرى تأجيلها إلى نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل مثل مقر الأمانة العامة.
وتنعقد عصر الأحد قمة الاتحاد المتوسطي بمشاركة 43 رئيس دولة وحكومة، بمن فيهم الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت. كما تشارك كافة الدول العربية المطلة على المتوسط في هذه القمة باستثناء ليبيا.
من جهة ثانية قالت وكالة الصحافة الفرنسية -نقلا عن مصدر وصفته بالقريب من الحكومة المغربية- إن ملك المغرب محمد السادس لن يتوجه إلى باريس الأحد للمشاركة في القمة, وإن الأمير مولاي رشيد شقيق الملك هو الذي سيشارك. وأرجع المصدر غياب ملك المغرب إلى “جدول أعماله المثقل”.
دور تركي نشط
من ناحية أخرى شدد وزير الخارجية التركي علي باباجان على أن بلاده ستؤدي دورا نشطا في مبادرة فرنسا بشأن الاتحاد المتوسطي، معتبرا أن المبادرة ستعزز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
وكانت تركيا بداية قد نظرت بعين الشك إلى مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي عارض طويلا محاولة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة, لكن باباجان قال إن دور أنقرة في الاتحاد الجديد سيكون نفسه في الشراكة الأورومتوسطية الحالية المعروفة باسم “مسار برشلونة” والتي تقول فرنسا إنها بحاجة إلى تنشيط.
وجاءت تصريحات الوزير التركي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي برنار كوشنر, حيث قال أيضا إن تركيا تتوقع أيضا من خلال رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي أن تتواصل عملية انضمامها بطريقة طبيعية إلى الاتحاد.
وكانت فرنسا قد شددت على أن مشروعها ليست له علاقة بطموحات تركيا نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي, في حين قال مصدر فرنسي إن باريس لن توقف فتح المفاوضات بشأن مجالات جديدة تتعلق بسياسة الاتحاد مع أنقرة أثناء رئاستها له المستمرة ستة أشهر.
يشار في هذا الصدد إلى أن دول الشمال الأوروبي أبدت تخوفا من سعي باريس للحد من نفوذها عبر الاتحاد المتوسطي. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي انتقدت الشكل الأولي للمبادرة “في المستقبل نريد بحث المشاكل مع الدول التي تقع على البحر المتوسط من موقف الند”.
واضطرت فرنسا في مواجهة ذلك إلى إسقاط بعض الاقتراحات الخاصة باتحاد المتوسط مثل إنشاء “بنك استثمار متوسطي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى