صفحات سوريةمازن كم الماز

لا ساركوزي سيتدخل و لا نحن نريد أو ننتظر تدخله…

null
مازن كم الماز
يبدأ بشار زيارته لباريس و يبدو الجو مفعم بالتفاؤل بين مستضيفيه أو في أوساط النظام , الغريب أن يبقى البعض يعول على ساركوزي كوسيط متحمس , ليس فقط بين أولمرت و بشار الأسد , بل بين النظام و بين ضحاياه , أو على الأقل معتقلي إعلان دمشق و من قبله ربيع دمشق أو على أقل تقدير المساجين في صيدنايا المهددين بالرصاص العشوائي لسجانيهم أو أقسى العقوبات..جرى ترديد هذه الترهات بشكل اعتقد البعض أنها ربما كانت حقيقة , و اعتقد البعض أن الحرية تنتظرنا عند الزاوية و أنها ستستخدم دبابة أمريكية لكسر أبواب السجون الصغرى و الكبرى التي تملأ عالمنا العربي , بدت الشروط الأخرى “للحرية” الأمريكية تافهة , مثل التلازم الضروري بين البيبسي كولا و الماكدونالدز و الهالبيرتون و البلاك ووترز و شركات النفط الأمريكية و بين هذه “الحرية” التي اختزلت في التحليل الأخير إلى معتقلات للأصوليين أو الإرهابيين و صندوق انتخابات يمسك بمفتاحه رجال الدين و يحميه رجال الشرطة “الوطنية” الجدد و المارينز..عاد ساركوزي بالأمس من هوكايدو , ناقش هناك مع سبعة آخرين من زعماء العالم مصيرنا جميعا و حتى مصير الأجيال القادمة , لكن أرباح كبرى الشركات في العالم كانت نصب أعينهم , لم يقدم ساركوزي و زملاءه أكثر من بعض الوعود للعدد المتزايد بسرعة من الفقراء و الجياع في العالم مع القفزات الهائلة في أسعار الغذاء و النفط , كيف يريد سادة العالم إنقاذ هؤلاء الفقراء ؟ عبر المزيد من تحرير التجارة و فتح الأبواب مشرعة أمام كبرى الشركات لتعمل دون أية ضوابط في سبيل حصد المزيد من الأرباح..قصة ساركوزي و الثمانية الكبار تشبه تماما قصة الحرية و النظام السوري , يعالج سادة العالم الفقر المتزايد بالتشديد على السياسات التي أفقرت العالم , أما قصة بشار الأسد و الديمقراطية فيمكن أن نراها مجسدة في زوار سجن عدرا و صيدنايا , عارف دليلة و ميشيل كيلو و فداء الحوراني , و في الجياع مجهولي الأسماء في دمشق و حلب و حمص و اللاذقية , إن بشار الأسد و هو يتنفس الصعداء اليوم في باريس لا يأبه كمضيفيه لهؤلاء جميعا , على العكس من موقفه من ساركوزي و من بوش و حتى أولمرت , فعندما رفعت حكومته مؤخرا أسعار النفط ثلاثة أضعاف و تبعت هذا موجة ارتفاع جنوني في الأسعار و تردي سريع في أحوال الناس , اعتبرت حكومته يومها , كما كان موقف الثمانية الكبار في هوكايدو من الزيادة الحادة في أعداد الفقراء و الجياع في العالم , أن هذه الإجراءات ضرورية لتخفيف الأعباء عن ميزانية الحكومة التي لا شك في أنها موجودة لخدمة و رعاية و رفاهية الأقلية الحاكمة أو المتحكمة دون الملايين من السوريين , إن الحالة في سوريا , حيث يتمتع من هم على رأس النظام و أزلامهم بخيرات البلد في مقابل إفقار ملايين السوريين , تشبه الوضع الدولي تماما الذي يحرص فيه سادة العالم الثمانية على أن يزداد الأثرياء غنى و لو على حساب انهيار عالم و حياة مليارات الفقراء..لن يفسد ساركوزي حرارة لقائه بضيفه بالحديث عن من ماتوا في صيدنايا أو من ينتظر , و لا نحن نريد منه أن يفعل , ففي النهاية لا يوجد في صيدنايا ممرضات بلغاريات و لا فرنسيين متهمين بتجارة الأطفال , هناك بشر يصر النظام على حرمانهم من حق التفكير و الكلام , و حتى الحلم بالحرية أو حتى حق الحياة..إن حرية السوريين , كل سوري دون استثناء , مرتبطة بحرية كل إنسان على هذه الأرض , و إن أعداء حرية الإنسان على هذه الأرض , جميعهم دون استثناء , هم في نهاية المطاف أعداء لحرية السوريين , إن العبرة الأخيرة تعيدنا إلى حقيقة أننا كسوريين سنكون محرري أنفسنا , أن الحرية , حريتنا و حرية الإنسان في هذا العالم , ليست بمنة تمنحها هذه القوة أو تلك و ليست أبدا منة يمنحها الطغاة أو القتلة , إنها نتاج هذا النضال الذي يخوضه كل عاشق للحرية , و ربما في النهاية كل سوري كل شاب و طفل و امرأة و رجل يسلبهم النظام أبسط حقوقهم , و أننا ربما سنساهم بذلك في تحرير كل إنسان على هذه الأرض..
الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى