صفحات أخرى

وداعاً صالح بشير

طلال سلمان
حين جاءنا في «السفير» ذلك الفتى التونسي النحيل لم نطارده بالأسئلة. كانت المقاومة الفلسطينية في بيروت قبلة العديد من الشباب العربي، معظمهم جاء مندفعاً ليقاتل بالسلاح ضد العدو الإسرائيلي، وبعضهم جاء لعله يفيدها في العمل الصحافي أو الثقافي عموماً، لا سيما وقد كان ثمة مركز للأبحاث فضلاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
قال صالح بشير إنه ـ إذا ما خيّرناه ـ فهو يفضل أن يكتب في صفحة الرأي، وقد يساهم في ترجمة بعض النصوص ذات الأهمية الفكرية أو الوثائقية، وقد يشارك في بعض المحاورات والندوات الثقافية الطابع.
لم يكن ممن يفرضون صداقتهم على الآخرين، بل لعل بعض زملائه قد أخذ عليه انطواءه على ذاته… ولم يكن ذلك رأي جوزف سماحة (الذي سبقه إلى الرحيل ولا بلال الحسن وحازم صاغية وجهاد الزين أطال الله أعمارهم)، فقد رأوا فيه مشروع كاتب مميز في صحافة الرأي.
مع الاجتياح الإسرائيلي في صيف العام 1982 كان على العديد من أركان «السفير» في التحرير والكتّاب في صفحة الرأي أن يخرجوا من لبنان إلى حيث يمكنهم أن يكملوا ما بدأوه… وهكذا ذهب البعض مع بلال الحسن إلى باريس، حيث أنشأ «اليوم السابع»، وبعض آخر اختار لندن ليعمل مع جميل مروة في «الحياة» التي لم تلبث ملكيتها أن انتقلت إلى الأمير خالد بن سلطان.
وهكذا استقر صالح بشير كاتباً في صفحات الرأي في «الحياة». وكان يطل كل يوم أحد بمقال يبذل فيه الكثير من الجهد ويلخص فيه قراءاته ومتابعاته التي تشمل الكتب والدوريات فضلاً عن المجلات والصحف العالمية.
أمس، جاءنا الخبر الموجع: لقد رحل صالح بشير.
ولأن الموت خبر مفاجئ دائماً، خاصة موت من نعرف ومن نحب، فقد صعقنا الغياب المبكر لهذا الكاتب التونسي الذي يغفر له وضوح أفكاره صعوبة أسلوبه المثقف.
وداعاً يا رفيق السلاح الذي لم يحمل مرة السلاح، ولكنه أعطى بقدر ما أعطى بعض حمله وأكثر مما أعطى معظم من حمله في لبنان.. من أجل فلسطين.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى