التفاوض السوري الإسرائيلي

قناة اسطنبول

null

ساطع نور الدين

الخبر سيئ للموالاة كما للمعارضة اللتين التزمتا الصمت إزاء الإعلان عن مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل في اسطنبول.. في اللحظة التي كان فيها الفريقان اللبنانيان المتحاربان يوقعان في الدوحة اتفاقا على حل الأزمة الداخلية، التي اسقطت عليها طوال السنين الثلاث الماضية مختلف الحروب والصراعات العربية والاقليمية.

وبلغ الامر بالبعض من الموالين حد الاعتقاد ان توقيع صلح الدوحة اللبناني كان نتيجة فتح قناة اسطنبول السورية الاسرائيلية، كما بلغ الامر ببعض المعارضين حد الاشتباه بأن إيران التي شعرت او ربما علمت بأن شيئا ما يدور في الخفاء بين سوريا وإسرائيل، قررت محاولة تعطيله من خلال تشجيع حزب الله على القيام بذلك الانقلاب العسكري والسياسي في بيروت..

حتى الآن ليس هناك تفسير مقنع لذلك التزامن المذهل بين التوقيع اللبناني في الدوحة وبين الاعلان السوري الاسرائيلي الذي كان ثمرة الاتفاق الاول بينهما. لعلها المصادفة فقط، على الرغم من صعوبة هذا الاحتمال.. لان احدا من الموقعين في الدوحة لم يكن على علم بما كان يجري في اسطنبول، ويوحي بأن إيقاع السياسة الخارجية لكل من سوريا وإسرائيل لا يعتمد على ما يدور في شوارع بيروت، وحدها!

وليس هناك تقدير واضح لما يمكن أن يتركه هذا التحول الجوهري في الموقفين السوري والاسرائيلي من أثر على التوافق الداخلي اللبناني، الذي لا يمكن أن يستفيد من قناة اسطنبول بأي حال من الاحوال، حتى ولو كانت مجرد لعبة إعلامية، على ما قال الكثيرون من الاسرائيليين، أو مجرد خدعة سياسية، حسبما فهم من تسريبات المصادر السورية.. لا يمكن ان تصل الى مفاوضات فعلية مباشرة، قبل الانتخابات الاميركية ثم الاسرائيلية.

لكن هذا التوصيف الدقيق على الارجح لقرار فتح قناة اسطنبول في هذا الوقت بالذات، لا يريح احدا في لبنان ولا يطمئنه: لا تستطيع الموالاة ان تنكر استياءها لان اسرائيل اقدمت على خطوة غريبة، عندما قررت وبشكل مفاجئ الانفتاح على المفاوض السوري واختراق جدار العزلة العربية والدولية عليه، لاسباب عديدة بينها، بل ربما اهمها دوره في لبنان، الذي لا يمكن لاي كان ان يزعم انه اكتسب الطابع الايجابي المطلوب من قبل واشنطن وتل ابيب ، نتيجة ما جرى في بيروت، او في الدوحة.

ولا تستطيع المعارضة ان تنفي شعورها بالحرج إزاء هذه القفزة السورية الواسعة، التي قد تساهم في فك الحصار العربي والدولي على دمشق، لكنها تشدده على حليفها الاقوى في لبنان، حزب الله، الذي زادت مخاوفه على نفسه منذ اغتيال قائده العسكري عماد مغنية في دمشق قبل ثلاثة اشهر، وهو ما جرى التعبير عنه من خلال الرد العصبي على قراري الحكومة اللبنانية بشأن شبكة الاتصالات والمطار.

الثقة مطلقة لدى الجميع، بأن قناة اسطنبول لم تفتح من اجل التفاوض المباشر ولا طبعا من اجل الصلح الثنائي. وهذا بالتحديد ما يفاقم كوابيس الموالاة وهواجس المعارضة، ويجعلها تبدو اقرب الى الوقائع.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى