التفاوض السوري الإسرائيلي

دور الولايات المتحدة في محادثات السلام السورية-الإسرائيلية

null
روبرت بيليترو وإدوارد أس. واكر
من شأن المحادثات الجارية بين إسرائيل وسوريا عبر الوساطة التركية أن تبدّل وجه الشرق الأوسط بأكمله وأن تحدّد السياسة الخارجية الخاصة بالرئيس الأميركي الجديد في المنطقة وأن تعزّز المصالح الأميركية البارزة.
في هذا الإطار، قال الدكتور سامي طاقي وهو أحد المعاونين المقرّبين من الرئيس السوري بشار الأسد، في أواخر تموز، إن سوريا كفيلة بأن تغيّر حلفها مع ايران اذا تحقّق السلام مع اسرائيل.
أمام الولايات المتحدة الكثير لتكسبه من اتفاق إسرائيلي – سوري. بعدما كنّا سفيرين للولايات المتحدة إلى خمسة بلدان في الشرق الأوسط، أصبحنا مقتنعين بأن سلاماً شاملاً بين العرب وإسرائيل هو أساسي لمصالح الأمن القومي الأميركي.
وفيما تحاول الولايات المتحدة بناء صورتها ونفوذها ومكانتها من جديد في العالم العربي والعالم الإسلامي، فمن الضروري لها أن تساهم في تحقيق السلام بين إسرائيل وكافة البلدان المجاورة لها.
من هنا، على إدارة بوش أن تباشر بهذه العملية. وبالتالي، إذا كانت قادرة إلى إرسال الشخص الثالث الأعلى شأناً في وزارة الخارجية الأميركية للمشاركة في اجتماع مع مسؤولين إيرانيين، فمن المؤكد أنها تستطيع التشجيع على إجراء المحادثات بن سوريا وإسرائيل المعروفة بأنها البلد الصديق والحليف للولايات المتحدة. ورغم أن الإنتخابات الرئاسية على مسافة شهرين، فإن الفترة الإنتقالية، بين يوم الإنتخاب ويوم تقلّد المنصب، هامّة من حيث تحديد أولويات الإدارة الجديدة. إذا كان الرئيس المقبل يتوقّع حصول تقدم على أي صعيد إسرائيلي – عربي، فمن المرجّح أن يشارك في هذه المساعي في بداية ولايته.
تجدر الإشارة إلى أن سوريا تؤثّر على مصالح أميركية عديدة، أبرزها تدخّلها في العراق وترسيخ الإستقرار عند الحدود العراقية – السورية. في حين أن بوادر الاستقرار بدأت تنجلي تدريجياً في العراق، قد تفضي المحادثات الأميركية – السورية المتوازية مع المحادثات الإسرائيلية – السورية إلى اتفاقات تثمر مكاسب جوهرية لبغداد، في حين أنها تساعد على تحرير سوريا من عبء اللاجئين العراقيين الذي يثقل كاهلها.
من بين المصالح الأميركية الأخرى، هناك دور “حزب الله” في لبنان وفي الصراع الإسرائيلي – العربي وقدرة إيران على إحباط الجهود الأميركية المبذولة في سبيل عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية التي تمثّل التحدّي الجوهري لعملية السلام العربية – الإسرائيلية.
إذا تم التوصل إلى اتفاق سوري – إسرائيلي، سوف تكون الولايات المتحدة من عِداد الفائزين، إلى جانب إسرائيل وسوريا. أما، إيران و”حزب الله”، فسوف يكونان الخاسرين.
لكن لا يمكن التوصّل إلى اتفاق كهذا بدون مشاركة الولايات المتحدة. تريد سوريا إشراك هذه الأخيرة، لأن وجودها يسهّل الأمور ويقدم ضمانات أمنية ويذيب جليد العلاقات بين واشنطن ودمشق. ويرجّح البعض أنّ رغبة سوريا في إقامة علاقة ودية مع الولايات المتحدة أكبر من رغبتها في استرداد هضبة الجولان من إسرائيل. ولكن إذا أرادت دمشق علاقة إيجابية مع واشنطن، فمن الضروري لها أن تقدّم تعاونها في قضية العراق وأن تبدي احترامها لاستقلالية لبنان.
لا شكّ أن إيران هي البلد الأكثر نفوذاً في الساحة. هذا وأن معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل تنطوي على تغيير أساسي في العلاقة بين دمشق وطهران. وسوف يحتاج الرئيس السوري بشار الأسد إلى موطئ قدم آمن يستقرّ فيه لدى تخلّيه عن تحالفه مع إيران التي لا تزال عدائية تجاه إسرائيل. وهذا المكان هو الولايات المتحدة.
هذا يعني أن الاتفاق الإسرائيلي – السوري يجب أن يسحب سوريا من الفلك الإيراني. ومن شأن نتيجة كهذه أن تزيد احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين إسرائيل وكافة البلدان المجاورة لها. فإذا تم عقد اتّفاق السلام، قد تحقّق الولايات المتحدة وإسرائيل مكاسب إضافية، منها:
– إضعاف مكانة إيران.
– كفّ يد سوريا عن دعم العمليات الهجومية التي تنفّذها حماس والمجموعات الفلسطينية المسلّحة الأخرى.
– إفساح المجال أمام إسرائيل لتحقيق سلام مع لبنان بصفة رسمية.
– وضع حدّ لتزويد “حزب الله” بالأسلحة.
– تعزيز استقلالية لبنان ودعم تبادل السفراء بين سوريا ولبنان وترسيم الحدود السورية-اللبنانية بشكل رسمي.
– تحقيق سلام شامل على كافة الأصعدة من شأنه أن يُساهم في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي بأسره، وفقاً لمبادرة السلام العربية.
يجب أن توفّر إدارة بوش الوسائل الديبلوماسية أمام المحادثات الإسرائيلية – السورية، على غرار ما تقوم به بالنسبة لإيران وكوريا الشمالية. وإذا قرّرت عدم القيام بذلك، يتعيّن على الرئيس التالي الذي سيشغل المكتب البيضوي أن يواصل السعي إلى السلام، علماً أن تحقيق السلام سيكون نقطة إنطلاق نحو سلام ومصالحة أوسع نطاقاً في المنطقة ولن يخيب أمل أحد غير المتطرّفين ومن يرعاهم.
روبرت بيليترو، سفير الولايات المتحدة السابق إلى مصر وتونس والبحرين وإدوارد أس. واكر، سفير الولايات المتحدة السابق إلى إسرائيل ومصر الإمارات العربية المتحدة. كانا مساعدين سابقين لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وهما عضوان في المجلس الإستشاري الأميركي الخاص بمنتدى سياسة إسرائيل.
Boston Globe

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى