التفاوض السوري الإسرائيليمعقل زهور عدي

في مستقبل الصراع العربي – الصهيوني

معقل زهور عدي
في اللحظة الراهنة ثمة شعور يتعاظم أن الطبقة السياسية الفلسطينية الممسكة بالقرار الفلسطيني سواء في الضفة او القطاع قد أفلست ، فتح لم تعد تمثل خيارا شعبيا وطنيا للمستقبل بسبب فساد قيادتها ، وإفلاس نهجها السياسي الذي لم يثمر أملا حقيقيا للشعب الفلسطيني ، وحماس التي حملت راية المقاومة وقعت في فخ السلطة وإغرائها ، وبدلا من ان تنأى بنفسها عن تحمل مسؤولية سلطة وهمية وتنصرف لبناء مرتكزات المقاومة الاجتماعية والشعبية انزلقت نحو التنافس مع فتح في معركة على السلطة لا طائل من ورائها ولانهاية لها .ولم تستطع إدارة حوار داخلي نقدي ديمقراطي يطلق امكانات الشعب الفلسطيني ويقوم الأخطاء التي تكدست في الممارسة وباعدت بينها وبين المجتمع الفلسطيني الذي أولاها ثقته عشية الانتخابات .
على الأرجح ستمر القضية الفلسطينية بمرحلة مخاض جديد ، لن يكون سهلا ولاقصيرا .
في العمق يبدو فشل الحركة الوطنية الفلسطينية فشلا لاستراتيجية فلسطنة القضية الفلسطينية ، فشل يفترض أن يدفع باتجاه تعريب القضية الفلسطينية ، لكن كيف؟
اذا لم يكن سهلا معرفة هذه الكيف مرة واحدة فان التفكير في الطريق نحو انكشافها سيمر غالبا باستعادة المبادرة الشعبية ، مثلا لنفكر في كيفية تحرير المجتمع الفلسطيني وما حوله من القيود التي تمنع إطلاق طاقاته الكامنة .
والمحفزات التي تستفز تلك الطاقات .
لنترك الساحة الفلسطينية قليلا ولنلتفت للساحة اللبنانية ، حيث التيارات السياسية أكثر انكشافا وحرية ، هنا تبدو بوضوح العلاقة بين ما هو لبناني وما هو عربي لدرجة تجعل بعض السياسيين اللبنانيين السذج يصرخون : أوقفوا تدخل العربي والإقليمي بالسياسة اللبنانية ! متناسين أن السياسة اللبنانية الداخلية في التحليل النهائي ليست سوى امتدادات للصراعات العربية والإقليمية .
حسنا مايهم هو ملاحظة كيف يتعمق انخراط لبنان في الصراع العام الجاري على نطاق المنطقة يوما بعد يوم بغض النظر عن أوهام السياسيين أو ادعاءاتهم .
أزعم أن ثمة سياق موضوعي يتعمق فيه انخراط كل ساحة من الساحات القطرية بالصراع العام ، وعي هذا السياق يمكننا من معرفة حركة التاريخ والتوافق معها ، لاحقا ، استعادة المبادرة والقدرة على توجيه الأحداث.
أعود للساحة الفلسطينية ، التي ينطبق عليها ما ينطبق على الساحة اللبنانية ، ازدياد كثافة وتأثير ماهو عربي على ما هو قطري . هذه فقط دعوة للتأمل في واقع يترسخ .
لنستطرد قليلا ، حرب تموز 2006 أسهمت في دفع إسرائيل نحو الوراء ، لكنها لم تكن كافية لدفعها نحو الانسحاب من الضفة والقطاع والجولان .
من وجهة نظر استراتيجية لابد من معركة أخرى مع إسرائيل ، تلحق بها هزيمة أكبر وأكثر وضوحا ، بعد ذلك سينفتح طريق انسحاب إسرائيل من الجولان والضفة والقطاع بدون تنازلات .
بهذا أختلف قليلا مع الصديق د.كمال خلف الطويل ، الذي يرى إمكانية تحرير الضفة والقطاع دون توضيح ضرورة خوض مواجهة مع اسرائيل لتعديل ميزان القوى وعدم ملائمة ميزان القوى الحالي ( لايكفي الحديث عن تنامي الجهد المقاوم فلسطينيا بالتناغم مع الحلفاء الاقليمييين ) وكذلك يرى عقد هدنة مع اسرائيل لمدة طويلة (مقابل ذلك كله، فإن الممكن والمقبول أن تدشّن هدنة طويلة الأمد، على نسق اتفاقية الهدنة عام 49، بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل، تشرف عليها لجنة رقابة دولية ومدتها خمسة عشر عاماً-كمال خلف الطويل – الممكن والعسير فلسطينيا) .
حسب ما ارى فان ميزان القوى لايسمح بهكذا انجاز عربي الآن ، ما يسمح به فقط هو حل تافه ، على طريقة اوسلو وربما اسوأ من اوسلو .
بكسر اسرائيل عسكريا ثانية ( وهذا ممكن عربيا ) لن يكون ثمة داع لأية صفقات ، ستخرج اسرائيل من الضفة والجولان كما خرجت من جنوب لبنان ، بدون ثمن ، فقط لتتفادى ما هو أسوأ .
مثل ذلك الانجاز ، لو تم ، برأيي ، سيكون كافيا لانكفاء الدولة العبرية انكفاء لامرد له ، وسيضعها على طريق الذبول والانحسار .
حسن نصر الله يعي ذلك جيدا ، وربما يخطط له ، بينما نحن جميعا ما زلنا بعيدين عن ذلك ، نحن ننظر لرؤيته باعتبارها حلما خياليا تارة ، وضربا من إطلاق الشعارات تارة أخرى ، بينما الواقع أن السيد حسن نصر الله يعبر عن الاستراتيجية العربية الصائبة في مواجهة إسرائيل للمرحلة القادمة .
هذه حقيقة ربما تكون قاسية بالنسبة لمن يعتقد أن السلام مع إسرائيل قاب قوسين او أدنى ، ما هو أكثر قسوة ، أن إسرائيل ستبادر لشن حرب جديدة في وقت ليس بعيدا لتصفية نتائج حرب تموز 2006 ، فالمعركة مفروضة علينا في الحالتين .

الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق ، سيخلق من جديد نوعا من الفراغ ، أو بتعبير آخر خللا في موازين القوى في المنطقة ، وهناك قوتان مؤهلتان في الوقت الحالي لملئه هما إيران وإسرائيل ، لكن قوة ثالثة ناشئة ربما ستبرز كمنافس حقيقي ، هي قوة المقاومات العربية في الساحات العراقية واللبنانية والفلسطينية ، بالنسبة لاسرائيل سيعني الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق انتهاء فرصة لاتعوض لتوجيه ضربة للخصوم ، لكنه ربما يعني أيضا ضرورة توجيه تلك الضربة لمنع اولئك الخصوم من الاستفادة من الخلل الذي سيحصل في ميزان القوى ، كضربة وقائية يزيد بروز التناقض بين روسيا والغرب من قلق اسرائيل ومخاوفها ، وربما يتوجب علينا الحذر من ان نمو تلك المخاوف سيصب أيضا باتجاه دفع اسرائيل نحو المبادرة بتوجيه ضربة عسكرية .
كل الدلائل تشير أن أوهام السلام ستتبدد قريبا ، لكن قبل ان تتبدد ترى ما هو الثمن الذي سندفعه قبل ان نستيقظ منها ؟
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى