صفحات الناس

عن الرقابة والاستمرار

null
تقاطرت نخبة من المدونين العرب إلى بيروت في عطلة نهاية الأسبوع الفائت، للمشاركة في ورشة عمل حول التدوين وناشطي الإنترنت. هذه الورشة نظمتها مؤسسة “هنريش بل” الألمانية. منصات شاركت حصريا في حضور اللقاءات، وعقدت طاولة مستديرة مع بعض المدونين المشاركين عقب انتهاء ورشة العمل.
ساسين كوزلي وألكسندرا ساندلز
bloggers2
المدونون العرب ومدوناتهم
منصات: حول الرقابة على التدوين والانترنت، ما هي الأدوات التي تستخدمها الدولة لممارسة  هذه الرقابة؟ وما علاقة شركات التزويد بالحجب؟
وائل عباس- مصر
الرقابة موجودة في مصر، لكن الحجب غير موجود حاليا.
كان الحجب مفروضا على مواقع الاخوان المسلمين، حزب العمل والمعارضة خارج مصر.
لكن حاليا، تتبنى الدولة الليبرالية وتحرير الاقتصاد.
فوزارة الاتصالات بالتحديد تقف ضد الحجب لأنها لا تريد أن يكون لمصر سمعة سيئة في مجال الانترنت لأنها تود استقطاب الاستثمار في مجالي الانترنت والاتصالات.
لكن وزارة الداخلية التي لا علاقة لها بوزارة الاتصالات تراقب المواقع، ولديها أقسام خاصة في أمن الدولة بالانترنت والمدونات والحركات الشعبية والحركات الاسلامية على الانترنت.
مسألة حجب المواقع في مصر أسهل مما هي في الدول العربية الأخرى، لأن معظم أقطاب المعارضة يكتبون من داخل البلد، لهذا من السهل الوصول إلى الشخص وراء الموقع أو المدون، أو صاحب المنتدى.
هذا ما حصل مع أحمد ماهر الذي اختطف في الشارع وتعرض للتعذيب للحصول على كلمة سر مجموعته على موقع فايسبوك.
هناك وجه آخر للرقابة وهي التي تفرض على مقاهي الانترنت التي كانت تطلب الاسم، والبطاقة الشخصية لمستخدمي الانترنت.
الجديد في الرقابة أنها تستهدف مقاهي الطبقة المتوسطة والبرجوازية، وتلك المنتشرة في المناطق الراقية والتي يلجأ إليها الناس لاستخدام خدمة wi-fi.
بات الآن على المستخدمين استخدام بطاقات خاصة تحمل رقما تدخله في الصفحة الالكترونية التي تظهر أمامك لتضع اسمك ورقم هاتفك.
هذه السياسة منتشرة حاليا في كل المقاهي مثل ستارباكس وكوستا… عليك إعطاء رقم هاتف حقيقي لا رقما مزيفا.
يمكن إعطاء اسم مزيف لا رقم مزيف. ثم يرسل إلى رقم هاتفك، رقم تأكيد.
التحرش بالأشخاص يأخذ أشكال مختلفة، فقد تعرضت شخصيا لتجربة سيئة بالتشهير والإشاعات والاتهامات.
واتهمت على التلفزيون بأني ذو سوابق ولدي سجل إجرامي، وأني اعتنقت المسيحية أو أني مثلي. كما تعرضت للتهديدات عبر الهاتف.
أحمد العمران- السعودية
المشكلة في السعودية أن سمعتها سيئة فيما يتعلق بحجب المواقع، لأن عدد المواقع المحجوبة كبير لكن شركات التزويد لا علاقة لها بالأمر، الجهة المسؤولة عن الحجب هي “هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات”، وهي هيئة حكومية.
هم يدعون أن سياسة الحجب واضحة وتستهدف المواقع الإباحية، فيما عدا ذلك، لا يحجبون إلا ما يصل إليهم عبر جهات أمنية. لكن العملية ليست بهذه الدقة، فهناك عشوائية، مدونتي حجبت في صيف 2006 بدون سبب واضح.
وحين سألنا الجهات المعنية، قالوا أن الحجب جاء عن طريق الخطأ وأعادوا فتح المدونة.
حين تحاول فتح صفحة وترى أن الموقع محجوب وبرأيك هذا خطأ، يمكنك الاتصال بالجهات المعنية لإخبارها بالأمر، وفي الوقت نفسه، يمكنك تقديم شكوى عن المواقع، فيقومون بالمراجعة ويقررون حجب الموقع أم لا.
على مستوى المدونات، لم نشهد الكثير من الحجب. عملية الحجب لم تعد مجدية كثيرا، لأنه أصبح من السهل تخطيها.
علي عبد الإمام- البحرين
في 2002، شهدنا أول عملية حجب لمنتدى البحرين. لكن الناس كانوا يبتكرون الطرق لدخول الموقع، عبر proxy أو virtual IP أو غيره.
المضحك في الأمر أن الموقع الوحيد المحجوب هو “منتدى البحرين”، أما المواقع الإباحية، فهي مفتوحة.
أما عن طريقة الحجب، فتبدأ مع وزارة الاعلام المختصة بالمطبوعات والنشر التي ترسل خطابا إلى النائب العام في النيابة الذي بدوره يرسل خطابا إلى Bahrain Exchange التي تصدر قرارا إلى جميع شركات التزويد بحجب الموقع.
وأحيانا كثيرة، يكون الحجب غبيا، فمثلا يصدر القرار باسم “ملتقى البحرين” فيما يكون اسم الموقع “منتدى البحرين”.
محمد العبدالله- سوريا
في البداية، كان الهوتمايل والياهو ممنوعين، ولم يسمح لنا سوى باستخدام البريد الإلكتروني الذي توفره شركة التزويد.
بعد ذلك، سمح باستخدام هذه المواقع.
ثم في 2006، أعيد حجب الهوتمايل لثلاثة أشهر. المواقع المحجوبة متنوعة، منها خدمات عالمية,، مدونة الدومري السوري كانت أول مدونة تحجب ثم تلاها أكثر من 100 ألف مدونة وموقع منها الجولان، فايسبوك، يوتيوب وحتى ويكيبيديا العربية التي تحتوي على آلاف صفحات المعلومات، إضافة إلى مواقع المعارضة ونشطاء حقوق الانسان.
تعتبر مراسلون بلا حدود الرئيس السوري من أكبر معادي الانترنت في سوريا.
أما عدد الذين اعتقلوا في سوريا منذ بداية أنتشار الانترنت فكثر.
ومنذ أيام، اعتقل صاحب موقع النزاهة عبدالله العلي ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أقفل الموقع.
العلي هو أول شخص يرفع دعوة ضد وزارة الاتصالات فتبين بأن الوزارة ليست هي المسؤولة عن الحجب بل جهاز الاستخبارات هو المسؤول.
فأجبر العلي على إلغاء الدعوى وغير اسم موقعه لكنه عاد وحجب الموقع من جديد.
كان المستخدمين السوريين خلاقين في تجاوز البروكسي فلجأت الحكومة حجب أكثر من 6000 موقع بروكسي.
وزير الاتصالات السابق عمر سالم أصدر تعميما يطلب فيه من كل شخص يكتب على أي مدونة أو موقع، إعطاء اسمه ورقم هاتفه وعنوان الالكتروني. ونشر التعميم على موقع هيومن رايتس ووتش. ما حصل أن موقع “ذا لاست بوست” لم يلتزم بالتعليمات ونشر تعليقا من دون ذكر المعلومات المطلوبة، فتعرض للحجب لـ24 ساعة، ولم تتكرر المخالفة منذ ذلك الوقت.
رشيد جنكري- المغرب
في المغرب، لدينا نظام ليبرالي بعض الشيء. حاليا، غوغل إرث محجوب عندنا لكن maps.google مفتوح. لدينا فضيحة فايسبوك.
لا يمكننا التحدث عن حجب مطلق بل عن تضييق.
على موقع مراسلون بلا حدود، يوجد صفحة عن خروقات تاريخية للانترنت في المغرب.
يوجد حجب لبعض صفحات يوتيوب.
لكن عموما وبصراحة، أظن أننا نظام ليبرالي، ولدينا لوبي اقتصادي مهم جدا سيدافع عن الانترنت، فهناك استثمارات كبيرة في القطاع الخاص. كما هناك جانب تحرير السوق مع الشركات الأجنبية. وأطلق في المغرب مؤخرا خدمة انترنت الجيل الثالث, ما يجعل الحجب أكثر صعوبة.
شهناز عبد السلام- مصر
أريد إضافة أمر عن قسم المدونين الذي أضيف مؤخرا في أمن الدولة. سأتحدث عن محاكمة عبد الكريم وهي أشهر قضية في مصر. حوكم عبد الكريم لأنه أضاف تعليقا على مدونة، وحكم عليه لأربع سنوات منها سنة لإهانة رئيس الجمهورية وثلاث سنوات بتهمة ازدراء الأديان.
لكن هذا القمع لم يمنع المدونين من الاستمرار بعملهم.
رزان الغزاوي- سوريا
بالنسبة إلى قضية عبد الله العلي، أود القول أنها ثاني قضية ترفع ضد وزارة الاتصالات في العالم العربي بعد مصر. وهذه القضية أظهرت أن الحجب قرار لا مركزي، ولا تعرف من أين يصدر.
هذا الأمر خطير.
إضافة إلى كل ذلك، فإن الشعب يبرر الحجب.
التعاطف الشعبي مع المدونين المعتقلين مفقود، لوحظ ذلك في قضية طارق البياسي مثلا.
فالفكرة أن الحجب ليس من الحكومة السورية فحسب، بل برأيي انتشرت ثقافة أطلقتها الحكومة السورية لتبرير الحجب عند الناس.
وهذا برأيي هو الأخطر.
منصات: كيف أثر التدوين على كل منكم؟ و هل ستستمرون به؟
رزان الغزاوي- سوريا
بقيت لسنتين أعمل بالتخفي على نشاطات مختلفة قبل أن أنشأ مدونة خاصة بي.
فعلت ذلك لأني لم أر أن عملي يصل للشعب السوري بل كان في مجال حقوق الانسان ككل.
والآن بدأت أشعر أن عملي هذا غير صادق وأنه علي البدء بالتحدث أكثر عن نفسي، و لن أقول للناس ما عليهم فعله.
مدونتي الآن شخصية حتى في الأفكار التي أطرحها، لا أحاول أبدا تقديم النصح.
شهناز عبد السلام- مصر
بالنسبة لي، التدوين جعلني أقوى، فحين أرى ما أعتبره خطأ أينما كان، أكتب عنه.
لكنني واجهت المشاكل مع الكثير من الناس، لأني صريحة ولا أهتم لرأي أحد.
سأستمر في التدوين لأنه أفضل ما حصل لي.
رشيد جنكري- المغرب
التدوين مليء بالتناقضات.
بعد أن نشرت مدونتي الخاصة، تلقيت التهديدات كثيرة. لقد تلقيت صفعة من التدوين.
منذ فترة افتتحت شركة.
الآن اعمل مستشارا في الصحافة الالكترونية حول استخدام التدوين في الشركات ومستشارا لجمعيات دولية.
محمد العبدالله- سوريا
بدأت بالتدوين بعد اعتقالي لمرتين في قضايا غير متعلقة بالتدوين.
بدأت بجرأة واستعملت اسمي الكامل لكن من خارج البلد.
يمكنني القول أن تجربتي في هذا المجال جديدة.
ربما ما شجعني أكثر هو وجود كم هائل من المدونات السورية، كما تأثرت بأخي الذي كان يملك مدونة ويدون من الغرفة التي أنام فيها أنا ومن الكمبيوتر الذي أستخدمه أنا من دون أن أعلم أنه يدير تلك المدونة. اكتشفت أن التدوين في سوريا خطر وصعب، والمدونون في الداخل مجهولون.
أتمنى أن أنجح في هذا المشروع، علما أن عدد المتابعين لمدوني يزداد تدريجيا.
علي عبد الإمام- البحرين
بدأت باستخدام الانترنت منذ 1996، لذا الانترنت هو ما أثر بي.
لا أعتقد ان التدوين أثر بي على الصعيد الشخصي بصورة كبيرة.
الانترنت فتح أمامي أفق تفكير واسع.
اعتقد أن التدوين سيفتح أمامي أبواب أوسع لأكتب آرائي الخاصة، لكن مدونتي لا تحمل كل أفكاري. تحدثت عن بعض المحرمات كالدين والله وغيره. لكن التعليقات التي وصلتني دفعتني إلى وقف التدوين.
أرى أن سلطة المجتمع متوحشة وأقوى من سلطة الدولة. أتوقع الاستمرار بهذه الظاهرة.
أحمد العمران- السعودية
أردت التسلية ولم أتوقع أن أصبح جزء من المشهد السياسي في السعودية.
تفاجأت بهذا الأمر، لكنها كانت مفاجأة لطيفة لأنها فتحت آفاق كثيرة وتعلمت أمورا كثيرة وتعرفت على العديد من الناس.
ولطالما استمتع بالتدوين، سأستمر به.
وائل عباس- مصر
بالنسبة لي، للتدوين جوانب سلبية وإيجابية ولا أعلم أيهما اكثر.
عموما، أنا أفعل ما أحبه وأنا راض عنه واعتبره عملا وطنيا.
سمح لي التدوين أن أعرف أمورا جديدة، وأقابل أشخاص جدد.
حصلت على الشهرة وأصبحت أسافر إلى أماكن جديدة. لكن معظم ما كسبته كان معنويا.
من الناحية المادية، أؤكد أن الخسائر فادحة.
فأنا عاطل عن العمل من سنة ونصف في مصر.
كنت أعمل في صحيفة مصرية أسبوعية ثم انضممت إلى وكالة أنباء أجنبية وكان من المفروض أن أنتقل إلى وكالة أكبر أو أستلم إدارة مكتب لكني طردت بسبب ضغوط أمنية.
تقدمت ثلاث مرات للعمل في إذاعة أوروبية شهيرة لكني لم أقبل، وعرفت لاحقا أنهم اعتبروا أني سأؤثر على سياسة الحياد لديهم.
الصحف الأميركية طلبت مني إقفال مدونتي أو وقف التدوين ضد النظام إن أردت العمل لديها..
أنا لا أريد العمل حاليا خارج مصر لأنها في حالة غليان وأريد أن أكون قرب الحدث.
أحاول أن أعمل عملا حرا لكنهم لا يسمحون لي حتى بهذا، حتى حين لا يتعلق الأمر بالصحافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى