ذاكرة الصفحاتياسين الحاج صالح

الكتابة السياسية وسياسة الكتابة

null
ياسين الحاج صالح

اعتاد الكتاب السوريون في الربع الأخير من القرن العشرين على نقد أحوال “الوطن العربي” أو هجاء “الأنظمة العربية”، بينما غرضهم نقد الأوضاع السورية والتعبير عن الضيق حيال النظام وسياساته. كانوا يدسون في نقدهم أوصاف وملامح نظام حكمهم تحت العنوان العربي العريض.
النقد الصريح للنظام كان خطيرا ومكلفا. الصفة العربية، بالمقابل، كانت مباحة ومبذولة للعموم، تصلح قناعا أو حيلة كتابية. فأن تسدد إلى الأنظمة العربية جميعا (تصفها بالاستبداد مثلا)، فإن كلامك “يمرق” بلا صعوبة، أما أن تقول إن النظام الفلاني غير ديمقراطي فأمر مورد للمهالك. وأن تنسب التخلف والطائفية إلى بنية المجتمع العربي أو إلى “العقل العربي”، أو إلى مرحلة من مراحل تطور مجتمعات “العالم الثالث”، أمر يمكن التسامح به بل تشجيعه (لأنه يجمع بين تجهيل الفاعل، ومنح شرعية تطورية وتحديثية لنظام امتيازي وطغياني، وتغطية شذوذه بإغراقه في حالة عامة)، أما نسبتهما إلى سياسات محددة لنظام محدد فمجلبة لعواقب لا تحمد.
لقد اضطر جيل كامل من المثقفين السوريين إلى ممارسة السياسة في الكتابة السياسية. هذا ينطبق على مثقفين مرموقين من أمثال ياسين الحافظ وإلياس مرقص وصادق جلال العظم وجورج طرابيشي وبرهان غليون وطيب تيزيني وميشيل كيلو وكثيرين غيرهم. في البداية دفعهم سخطهم إلى نقد لاذع للأوضاع العربية وللفكرة العربية بعد هزيمة 1967. وبعد قليل توفرت لديهم أسباب للخشية من نظام كان يجنح نحو استبداد أرعن ويبدي استعدادا سريعا للجوء إلى العضلات. ولعل في حدة نقد جيل الكتاب ذاك للشأن العربي نوع من تأنيب الذات على انسياقها فيما سيبدو بعد الهزيمة حماسة غير عقلانية، أو ربما نوع من استعادة اعتبار الذات عبر الإفراط في النزاهة. من يقرأ كتب تلك الفترة اليوم قد يرصد هذه المفارقة: القسوة البالغة لكتاب عروبيين مخلصين على العرب والعروبة. أصل ذلك في تقديرنا انفصال مطلب النزاهة والتجرد عن مطلب الالتزام والفاعلية، بل تناقضهما. كأن المثقف يعاهد نفسه أن لا يعود لذلك الالتزام العاطفي أو تلك الحماسة الساذجة التي أفقدته احترامه لنفسه، كأنه يصطنع القسوة كي يوفر على نفسه مزيدا من الخيبة والإحباط. إن العامل النفسي الذي لعب على الدوام دورا مهما في تفكير المثقفين السوريين والعرب، أمسى العامل الحاسم بعد دوخة الهزيمة.
كان غرض الكتاب شريفا. لقد صدر هجاؤهم للأشياء العربية عن حرص على العروبة وعن ضن بها عن الأذى، لا عن كفر بها. وما سهل لهم ممارستهم هذه أن أكثرهم عروبيون في الأصل، وأنهم مروا بمرحلة كان نقدهم للأحوال العربية والأنظمة العربية ينطبق في أحسن ظنهم على أحوال سوريا ونظامها. ولعله خالط موقف بعضهم خشية غائرة من أن الاستغراق في الكتابة عن سوريا قد يعطي الكيان السوري شرعية لم يكونوا يقرون له بها.
بالإجمال، كانت العمومية العربية في نقد الكتاب السوريين نقطة التقاء ثلاثة أشياء: الخوف من سلطة كانت تغدو مخيفة أكثر وأكثر، الالتزام العروبي إثر هزيمة وتدهور متفاقمين، وبالتأكيد رغبة المثقف التلقائية في التعميم وما يدره من سلطة معرفية.
ورغم أن الأمر يتعلق بسياسة كتابة فإن الضرر الذي ألحق بالعروبة (أعني دوما بالصفة العربية المشتركة) حقيقي. إن جانبا مما لحق بالعروبة من تبخيس وزراية يعود إلى مناورات عروبيين مخلصين لتجنب سلطات مخيفة لا مجال لتسميتها بأسمائها. بالنتيجة، ترسخ وضع الدال “العرب” أو “العربي” في سياقات هجائية وسلبية بفضل كتاب عروبيين ساخطين وخائفين. لقد تسببت هذه الممارسة الخطابية بمتاعب إضافية للعروبة التي لم تكن تنقصها المتاعب.
ونميل إلى إقامة علاقة بين تفاقم استبداد دول المشرق العربي في النصف الثاني من السبعينات وانهيار الخط القومي التقليدي لفشله في المهام التي انتدب نفسه لها، التحرير والتوحيد (نقطة التحول النهائية زيارة السادات للقدس)، وبين تحول الكتاب نحو شؤون الثقافة، أي الشؤون التي تمنح للكلام عن “العربي” و”العرب” شرعية أكبر، أكبر من شؤون السياسة المسورة بالقمع والخوف والمتميزة بالعينية والاختلاف.

زمن الحجاب والهجرة
كانت سياسة الكتابة هذه تسوية بين مطلبين مشروعين من مطالب الكتاب: مطلب نقد السلطات ومطلب النجاة من أذاها. لكن
استقرارها نهجا في الثقافة أفسد الكتابة والسياسة معا. الكتابة بدفعنا إلى فنون المراوغة والتستر والتجنب واستبطان الرقابة وعدم تسمية الأشياء بأسمائها، ما يحد من نفع الكتابة في تمليكنا أدوات لاستيعاب شروط حياتنا والتحكم فيها، أفسدتها أيضا عبر إنتاج معرفة مموهة، عمومية، لا تقول شيئا، معرفة تحتاج إلى ترجمة إلى لغة أكثر عينية؛ وأفسد السياسة بتحرير النظام السياسي من النقد وتسهيل فرصة تواطؤه مع كتابة يعلم أنها تغمز منه، لكنها تغمز فحسب. ثم إن سياسة الكتابة تسوية بين مطلبين للسياسي أيضا: مطلبه بان لا ينغص عليه نقاد وقحون هناءة حكمه الطغياني، أو يشجعون الناس على الاجتراء عليه، ومطلب إيجاد قناة تنفيس لا تضطره إلى السفور عن أقبح وجوهه. وتتجلى التسويات هذه في ما يسم كثيرا من نصوصنا من تدوير للزوايا، وازدواج الموقف في النص نفسه (نقول شيئا ثم نخففه)، والتمويه، والباطنية (نضمر خلاف ما نعلن)، والمراهنة على شطارة القارئ وقدرته على إجراء نوع من الترجمة الضمنية لما يقرأ. في اختصار، تعني سياسة الكتابة إدخال منطق غريب على الكتابة السياسية هو منطق حماية الذات بدل قول الحقيقة. وهي، بمجملها، عملية مرهقة ومذلة للكاتب، ومنفرة للقارئ، ومخربة لأخلاقيات الكتابة.
ولعل عسر التسوية بين نقد السلطة والنجاة من شرها، بين الكتابة والسياسة، دفع كتابا كثيرين، بعض من ذكرنا فوق منهم، إلى مغادرة الكتابة السياسية نهائيا، إلى الفرار منها كأنها طاعون، متحولين نحو مجال الثقافة: الفلسفة أو دراسة الذهنيات أو نقد التراث (التراث هو الموضوع المناسب تماما للمثقف المعزول). والحال إنه الفرار الثاني في الواقع: الفرار الأول كان نحو التسييس المفرط للثقافة مرتبط بالهزيمة 1967، والثاني مرتبط بالدكتاتورية وجنح نحو فصل مطلق بين السياسة والثقافة. والفرار الثاني، المبتعد عن السياسة، لا يسهم أكثر من سابقه في حماية استقلال المعرفة من الإيديولوجيات الحزبية ومقتضيات الصراع على السلطة. إنه فرار خوف سياسي لا قرار مواجهة معرفية. وليس من التنطع القول إن هذا الفرار إفراط لا يليق بالمثقف النقدي. وهو مسؤول عن صمت مثقفين متمتعين بالحصانة عن فجائع أصابت مواطنيهم خلال ربع القرن العشرين الأخير.
لكن ثمة شرط تخفيفي: مر وقت كان النظام السوري لا يتسامح حتى بنقد من وراء حجاب. هذا بالخصوص في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، عقدي هجرة الكتاب السوريين إلى خارج البلاد أو إلى “الثقافة” أو إلى الصمت. بالمناسبة، تحجب المثقفون وراء التعميم أو تحولوا نحو الثقافة في وقت تحجبت فيه النساء وراء براقعهن، والأسر علي حياتها الخاصة، وهجر الجميع الميدان العام: زمن الحجاب والهجرة الذي غطى تقريبا الربع الأخير من القرن العشرين.
نذكر أيضا أن العجز عن تسمية الأشياء بأسمائها يفتح الباب أمام قيام بعضنا بتسمية الأشياء بغير أسمائها، بل وبعكس أسمائها. فهو ايضا مصدر للتساهل الأخلاقي ولانتشار نموذج الكاتب الكاذب أو شاهد الزور، كاتب السلطة. بعبارة أخرى، يتحمل المثقف النقدي، المعارض والمستقل، جانبا من مسؤولية تسهيل انغماس الكاتب السلطوي في الفساد والتزوير.

معرفة بلا موضوع
على أن أسوأ ما في هذا النوع من الممارسة الخطابية ليس استخدامه للعروبة جارة يكنى بها عن كنة تستحيل مخاطبتها؛ أسوأ من ذلك أن اللغة التعميمية هذه لا تتيح تراكما للمعلومات والتحديدات والمقاربات والملاحظات حول البلد المعني، سوريا في تناولنا هذا. فالبلاد العربية تختلف، والأنظمة العربية تتفاوت، وهو ما لا يعني أنها لا شبه بينها، لكن العلم إنتاج معرفة بالاختلافات والفوارق. ودراسة كل من الدول العربية بصورة مستقلة، والتفكير والكتابة في كل منها على حدة، هو ما يمكن أن يملّك مواطنيها أدوات فعالة للاستيعاب العقلي والعملي لشروط حياتهم. والواقع أن مثابرتنا على عادات الكتابة العمومية تجعلنا عاجزين عن تجاوز السطح ومضطرين للاكتفاء بالتشابهات العريضة بين الدول العربية. إن علما بلا موضوع هو ما تنتجه عادات خطابية مستقرة بلا ذات عارفة. بالمقابل، من شأن الإمعان في وصف وتحليل أوضاع بلد بعينه يقود بالضرورة إلى مبارحة تلك العادات، ويفتح الباب لمعرفة قابلة للتطور والتراكم. إن فائض قيمة الكتابة المعرفي يتناسب عكسا مع شمولها البلاد العربية أجمع.
لا يفوتنا الإشارة إلى أنه أسهمت في مد عمر هذه الممارسة الخطابية صحف ومجلات ودور نشر ومراكز دراسات وأقنية فضائية..، يحركها هي ذاتها مزيج من الخوف ومن الرغبة في الانتشار والتسويق، وربما جزع على العروبة. هذا يصح بالخصوص على صحف عربية تطبع في أوربا، وتوزع في معظم البلاد العربية، وتهتم بأخبار البلاد العربية جميعا، وتستقطب إعلاميين وكتابا منها جميعا كذلك. وعلى هذه الصحف وحدها تقريبا (“الحياة”، “القدس العربي”، “الشرق الأوسط”…) ينطبق اليوم اسم “صحف عربية”. وفي بعض الصحف هذه نجد مفارقة معاكس للمفارقة التي رصدناها فوق، أعني بناء كتاب عروبيين مخلصين لأكثر السياقات التبخيسية الثالبة للعرب. المفارقة المعاكسة أن كتابا وإعلاميين لا عروبيين أو ضد عروبيين هم أكثر من يبقى الاهتمام بالعروبة حيا ومتجددا،. وهذا لأنهم “يعيشون” من نقدها ومتابعة أحولها ومصائرها.

سقف أعلى لسياسة الكتابة؟
في بضع السنوات الأخيرة أمكن لنا في سوريا أن نكتب عن سوريا. أن ننتقد نظامنا علنا وأن نسمى أشياء كثيرة (ليس كلها قطعا) بأسمائها. صارت ممارستنا للسياسة في الكتابة السياسية اقل. ما زلت تجد ممارسة خطابية تجعل من العروبة كيس ملاكمة بديل عن النظام، لكنها لم تعد مهيمنة، ولا بالخصوص طليعية. بل إنها تقوم اليوم بوظيفة لم تخطر على بال المثقفين المعارضين غير القادرين على نقد نظام بلدهم المخيف: فبعض المستولين على نقد العروبة، بالخصوص الموجة التالية لاحتلال العراق، يكنون بها اليوم إما عن الإسلام أو عن الثقافة العربية، وليس عن النظام. بعبارة أخرى، وراء الاستمرارية الظاهرية بين موجتي نقد العروبة، ثمة سياسة كتابة أخرى، غرضها التعريض الجوهري بالإسلام أو بالعرب. لكنها بالفعل تستفيد من عادات أسلوبية وسياقات كتابية شكلها عروبيون في سياق مختلف ولغرض مختلف.
التقى في تمكننا من الكتابة عن سوريا بسياسة اقل عدة أشياء: أولها تغير العهد في البلاد عام 2000، وما اضطر إليه العهد الناشئ من وعود انفتاحية لتحبيب الناس به، أي لتشريع ذاته؛ الثاني هو قرار تجاسر عليه عدد متزايد من الكتاب والمثقفين على الإصرار على عدم العودة إلى “لغة الوما” (طيب تيزيني)؛ الثالث هو ظهور “رأي عام” نخبوي، لكن مؤثر وحائز على سلطة نسبية، مكون من مثقفين وناشطين ومعارضين سياسيين توحدهم شبكة الانترنت وما يتم تداوله عبرها من بيانات ومقالات وحوارات (السلطة لجأت لسياسة عزل وتطويق بدل سياسة الاستئصال والإخراس السابقة، سياسة تتمثل في محاصرة “الرأي العام” المحدود هذا ومنع انتقال عدواه إلى قطاعات أوسع من المجتمع السوري: منع التجمعات، إغلاق المنتدى الوحيد، ضغوط على صحف، مراقبة الانترنت…)؛ وقد يكون لتسهيل الشبكة الاتصال داخل سوريا ومع صحف ومنظمات عربية ودولية ما شكل شبكة حماية نسبية للكتاب السياسيين. مجمل هذه الظروف التي هي التي جعلت المقالة السياسية هي النوع الكتابي المهيمن في سوريا في بضع السنوات الأخيرة. فالمقالة هي الوسيط الكتابي المناسب للتجرؤ على نقد السلطة، وإن لم تكن الأنسب لإنتاج معرفة مستقلة وحماة استقلال المعرفة.
على أن “ارتفاع سقف” الكتابة، حسب التعبير الدارج في سوريا والدال جدا، لا يعني أن الكتاب السياسيين السوريين كفوا عن ممارسة السياسة في كتابتهم. الأمر بعيد جدا عن ذلك. لا يزال ميدان التحريم السياسي واسعا، ولا يمكن لأي منا أن يزعم انه قادر على تسمية الأشياء (أو الأشخاص بخاصة) بأسمائها (أسمائهم) الحقيقية. هذا بالطبع يقلل من المردود الفكري والسياسي للكتابة. ويعوق تطوير مقاربات أنضج لقول الحقيقة. يتفجر هذا المحرم في صورة كتابات فضائحية مسرحها الانترنت، وعمادها: تسمية أشياء غير مؤكدة بأسماء حقيقية؛ أو كثير من الأسماء، لكن قليل من الأشياء الموثوقة. تشترك الكتابات هذه بأنها توحد في عنفها الخطابي بين السلطة والمعارضة، وتستثمر ما يفترض أن تمنحه حدة تعريضها بالسلطة من شرعية بطولية للتنديد بالمعارضة والكتاب الآخرين.

تفاهم ضد الفهم، فهم ضد التفاهم!
هناك جانب آخر لسياسة الكتابة لا يتعلق بالخوف من السلطة، بل بالأحرى بالخوف من “المجتمع”. يتعلق الأمر هنا بالقضايا الدينية والجنسية التي تشكل، مع السلطة، ما سماه المرحوم بوعلي ياسين “الثالوث المحرم” (في لغة أيامه تحدث بوعلي ياسين عن “الدين والجنس والصراع الطبقي”).
في الشأن الديني ،والعلاقات الدينية بالتحديد، تردع الكتاب عن تسمية الأشياء بأسمائها مخاوف على التفاهم الوطني وليس فقط مخاوف من السلطة أو من جماعات دينية ومذهبية. في هذا الشأن، نحن في شرط يضع مقتضيات الفهم في صدام مع مقتضيات التفاهم الوطني، ويجعل حاجات التفاهم الوطني المشروعة عائقا في وجه تلبية مطالب الفهم الحيوية. بعبارة أخرى، يتسم اجتماعنا السياسي الحديث بتعارض نظامي الحقيقة والسياسة. الحقيقة تفرق ما تسعى السياسة لدمجه، والسياسة تقمع تطلب الحقيقة أو تخضعه لمنطقها. هذا أحد أوجه اللاعقلانية في نظامنا الاجتماعي، وهو يوجب إعادة تأسيس نظامي الفهم والتفاهم، السياسة والحقيقة، على أسس تكفل الحرية واستقلال المعرفة.

هذه، أخيرا، بنود مقترحة للعقد الكتابي:
1. لا شيء ينبغي أن يحول دون قول الكاتب للحقيقة. سياسة الكتابة الصحيحة هي قول الحقيقة.
2. قد لا نستطيع تسمية الأشياء بأسمائها، لكن يتعين دوما الامتناع عن تسمية الأشياء بعكس أسمائها أو بغير أسمائها. وإذا كان قول الحقيقة مستحيلا فلا ينبغي بحال قول الكذب، أو إبراز احد جوانب الحقيقة فحسب.
3. ينبغي طي صفحة التواطؤ الضمني بين المثقف والسلطة، بين الكاتب والحاكم. ينبغي أيضا أن يندرج ذلك في التحول المحرّر سياسيا وأخلاقيا نحو رواية أمينة ومفصلة لسيرة السلطة القمعية.
4. بدل حدة النبرة وتشوش الفكرة، وهو شرط سائد في الكتابة السورية الراهنة، يتعين أن نجمع بين اعتدال النبرة ووضوح الفكرة. الاعتدال يلبي مطلب التفاهم، فيما يفترض أن يكون الوضوح فضيلة الفهم. التوازن الأمثل لاعتدال النبرة ووضوح الفكرة مسألة عملية، مسألة حصافة. الحصافة فضيلة سياسة الكتابة، حلية الحقيقة.
لا ضرورة لإزالة التناقض بين هذه القضايا، بالخصوص بين الأولى والأخيرة. التناقض منبعه الواقع. وتغيير الواقع هو الذي قد يتكفل بإزالته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى