صفحات الناسفلورنس غزلان

عنف السلطة بحق الوطن وبحق عائلة الحوراني

null


فلورنس غزلان

أسماء كالمنارات ..حروفها لنا إشارات ،تترك لنا معالماً من معالم صبرهم واقتحامهم ..قطيعتهم مع الخوف وكسرهم لجدرانه من خلال تجاربهم معه، وانعتاقهم من سطوته ..تجعل منهم رموزا ونجوماً تنير ظلمتنا الطويلة في ليل خوفنا، الذي لا يزال مسيطراً على فرائصنا، ينخر سوسه عظامنا ويخرس ألسنتنا…
نلهج بأسمائهم خفية وندعو لهم بالفرج ..وندعي بقلوبنا على سجانيهم…نناصرهم في السر ونلتف بعباءة الصمت ونلوذ بحائط العار…نريد أن نغيب ونختفي عن الأنظار…هزيلة قدراتنا ، وسخيفة عطاءاتنا أمام تضحياتهم، ومع هذا نتناحر ونتفاخر بما يبدو للبعض أنه قام به كعمل وطني ينتظر عليه شكراً واعترافاً !! مع أنه ..هشيماً…تذروه الرياح عند أول عاصفة تُوَّلد الخوف محتلاً كل خلية من خلايانا النهارية كما الليلية….لكن البعض منا يتمظهر بقوة العمل على التشظي من باب التشبث بالرأي والانكماش عنده! ، فهل يمكن لهذا الخائف من الإقدام ــ كي لا يخسر موطيء قدم ــ أن يقاتل بقايا من تنظير أقدم من عباءة الاستبداد وتتعاقد معه بأكثر من موقع؟ ، كي يتيح لروحه الفكرية أن تتنفس ولروحنا الجماعية أن تخرج من تكالب الطحالب في جسدها المسيري والمصيري….هل يمكننا ويمكن لهذا البعض مقاتلة الخوف كُل بطريقته وحسب درجته واستعداده للمواجهة والتضحية؟ .. كي لا نظل الضحية ، فقد كثرت أشلاء الضحايا من حولنا وتعددت أسبابها ومصادرها ، لكن موقعنا كضحايا سوريين للعنف..ضحايا للعنف السلطوي…يحتاج لشحن الطاقة ولإعادة النظر بصبرنا، الذي يحمل غالبا طابع اللامبالاة…وينحصر في الذاتية ..مع أنه يتعرض يوميا للعنف بكل صوره وألوانه…فإلى متى؟ ولماذا؟ وكيف؟.

إلى متى يستمر الخوف؟.نخاف من خيالنا …من جارنا…من الليل …من أي صوت يقرع أو يطرق بابنا..من أي سيارة تمر تحت نافذتنا…من الأخبار حين تمر مع ما تحمله من صور للقتلى والجرحى، من صور للمآتم تحف بنا وتملأ جوانبنا وتزيد من ارتجافنا اليومي وكوابيسنا الليلية التي غدت عادة…لكنها حين تمر ونتحسس بعدها رؤوسنا..فنجدها مازالت تقف مطأطئة فوق أكتافنا …فتمنحنا بعض الهدوء الآني…لنعد أياما جديدة بانتظارنا تتطلب مزيدا من القوة ومزيدا من صبر أيوب.

لماذا؟..

لأننا…أبناء سورية…لأننا ننتمي لسورية…سورية الأسد!… سورية( مملكة الخوف والرعب والصمت)، سورية …مملكة العنف على أنواعه…يبدأ بالأسرة وينتهي بالدولة…

كيف؟

المرأة في سورية حالها أتعس من حال أختها العربية أو الإسلامية أو المشرقية أو العالمثالثية..

تتعرض لعنف يومي دون برمجة أو منهجة اجتماعياً ، لكنه مخطط ومُعَد سياسياً…..عنف من الأخ..من الأب، من الزوج ..في الشارع …في المدرسة …في الحي والجامعة…في العمل…في التكسي والسرفيس…في وسائط النقل برمتها … تتعرض للوأد…كإنسانة …للنيل منها ومن كرامتها وتتعرض لكل أساليب القهر والاستغلال بقوانين مجحفة لا تنتمي للعصر ولا لموقعها في المجتمع والحياة العامة…لأنها أنثى..

وفي السياسة تظل موضوعاً للمساومة …موضوعا…للانتقام…من أسرتها…من عائلتها…من فكرها من عنفوانها، لو كانت ممن لا يرضخ…لو كانت ممن يتمرد…لو كانت ممن لا ينحاز..لو كانت ممن يستعصي على التطويع والتركيع….

المثال:ــــــــــــ فداء حوراني…شاهدا حياً ملموسا …يقبع خلف القضبان …لأنها قالت للطغاة:ــ…لا… وألف لا…..تدفع ثمنها أولاً:ـــ لكونها ابنة أكرم الحوراني… وفي نفس الوقت لأنها ابنة سورية الحرة ….سورية، التي رفع صوت حريتها تآلف معارض يريد التغيير ويهدف للخروج من العزلة ومن التردي ومن الجوع والفاقة والفساد واختارها هذا التحالف لتكون رئيسته( رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق)..لأنه رأى فيها صورة سورية الحلم …

وثانباً:ـــ… يدفع معها الثمن فلسطيني آخر …فلسطيني هو الزوج….الذي تدعي حكومتنا( الممانعة) أنها معقل العروبة ومعقل المدافعَة والمنافحَة عن فلسطين وقضيتها القومية! …لكنها …تعاقب الفلسطيني عندما ينحاز لسورية…تعاقبه عندما يقول أنا عربي أولاً…أنا زوج وأب …أولاً …أنا فلسطيني أولاً ودائماً …وكلها في شرعه وميزانه تقف على صف ونسق واحد …

لكنه يعاقبه… على فلسطينيته، وعلى سوريته، وعلى عروبته!….

فمَن قال له أن يكون غير ما يُراد له أن يكون ؟ مَن قال له أن يقول غير ما تُخطط له الحكومة ؟ وما تُفكر له وما عليه أن يفهمه في موقعه الفلسطيني وفي موقعه السوري …؟!

الحكومة تخرجك يا دكتور غازي…من ثوب العروبة، ومن ثوب الأسرة …ومن ثوب فلسطين …وانطلاقا من هذا السبب ومن غيره ترفض قانون الجنسية للمرأة السورية…ولو كنت فلسطينيا سورياً …وهذا لا يجوز باسم العروبة الممانعة!! …

لأنها تخشى عليك التخلي عن فلسطينيتك!.

.وهي أدرى منك بأهمية إلتزامك.!.

.وهي أدرى منك بمغزى تشريد أسرتك!.

..وهي أدرى منك بأهمية انتمائك

…لأن الفرق واضح بين أن تكون فلسطينياً أو سورياً!…ويبدو أن كلمة عربي بعد الكلمتين أو قبلهما لا تفي بالغرض..!. لأنها في حقيقة الأمر، تريدك ألا تكون أياً منهما…

ويبدو أن حملك الجنسيتين أيضا يخفف من حدة انتمائك للوطن الأول ( فلسطين)…فاحمد الله أنهم لم يتهموك بمحاولة إضعاف الشعور القومي لدى آخرين ، لكنهم يبدو وبحكم بصيرتهم الوطنية الزائدة…وحدسهم التشخيصي لحالات ضعف الشعور القومي المتكررة كوباء سوري!.. (إ ضعاف الشعور القومي ).وجدوا لديك أعراض تهدد بخطر إصابتك وعدواك محتملة لا ريب فيها، ومن باب حرصهم على سلامة الوطن من هذا الوباء، وحرصهم على سلامة أسرتك أيضاً!! خاصة وأنك متزوج من .امرأة متهمة بأنها أحد مصادر الوباء، وتسعى الحكومة( الوطنية) لمعالجته وتخليص البلاد منه من خلال الحَجر على مصادره وزوجتك الكريمة( فداء حوراني)….حتى لو كانت طبيبة ..مصابة بهذا الفيروس، الذي يمكن أن يعم ويصيب الشعب السوري بأكمله، فما بالك بشعورك وأنت الزوج؟!. لهذا عمدت السلطة العارفة والمدركة لأبعاد ومغزى أسرة كهذه، إلى إبعادك نحو الأردن، أو نحو إسرائيل…وهناك ستتدرب قليلا على استعادة الشعور القومي الذي بدأتَ بفقدانه من خلال زواجك بابنة أكرم الحوراني!…وإلا فإنها ستضعك كما وضعت نجومنا الاثنا عشرة في سجن يجمع بينهم وبين اللصوص والمجرمين والقتلة …لأن وجودهم مع القتلة يعيد تأهيلهم ويقوي شعورهم القومي ويشد من عزيمتهم العربية ويكسبهم مناعة بالضبط كالمناعة بعد التلقيح!!…ألم تقبل محاكمنا شهادة سارق وقاتل بحق كمال اللبواني وأنور البني؟

ماذا يمكن أن نسمي هذا؟ أليس عنفا وإرهابا؟

هذا العمل بحق هذه الأسرة ..ماذا يمكننا أن نطلق عليه؟…أليس عنفاً؟ …أليس إرهاب سلطة؟

ألا تتعرض المرأة ( فداء ) هنا لكل صنوف العنف من سلطة بلدها …ليس فقط بحبسها ..بل بحرمانها من حقها كمواطنة …فهي منقوصة المواطنة…أي نصف مواطنة…فمن لا يمنح الجنسية مواطن غير كامل…ومادامت نصف مواطنة…فكيف تُتَهم بإضعاف الشعور القومي ووهن عزيمة الأمة؟

ثم كيف تُحاكم من قبل قضاء اعتبره أهل البلاد ، ومن خلال بحث نُشر في صحف النظام نفسه، أنه فاسد ووضعه في قمة الهرم الفسادي في البلاد؟! …ألا يعني هذا أن كل ما تحكم به محاكم القضاء هو في حكم الباطل؟.

إن أي ممارسة للعنف من أجل إخضاع الآخر لرأي أو فكر معين أو مذهب معين أو دين معين، هي ممارسة مرفوضة ومدانة عرفاً وقانوناً وإنسانية..هي اعتداء على حرية الإنسان الفرد وحرية الجماعة حين تخالف باعتناقها مذهبا أو فكرا مغايرا، لأن هذه الفئة لا تقوم إلا بممارسة حقها المشروع..

ــ باريس 03/08/2008

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى