صفحات ثقافية

سمر يزبك تكسر الحواجز وتتكلم في العلاقات المثلية النسائية

null

جورج جحا : ميدل ايست اونلاين

كاتبة سورية ترسم لوحات واسعة وحيّة لعلاقة سيدة دمشقية بخادمتها الصغيرة في روايتها ‘رائحة القرفة

تشكل رواية “رائحة القرفة” للكاتبة السورية سمر يزبك عملاً من الاعمال الرائدة في العربية التي تتناول في شكل أساسي موضوع العلاقات الجنسية المثلية بين النساء.

والكاتبة ذات أسلوب تبرز فيه قدرة مميَّزة على رسم المشاهد “الخارجية” و”الداخلية” في ما يبدو مثل لوحات واسعة وحيّة وموحية في الأولى.

اما في الثانية فهناك غور في النفس وفي الجسد احياناً بل انصراف وتركيز على اعادة رسم النفسي في صور مختلفة قد يشعر القارئ بانها مع جودتها تفوق احيانا قدرته على التمتُّع بالجيد منها وقد تدافعت صور متعددة لنقل ما قد يكون حالة واحدة في احيان.

وليزبك اعمال في الرواية والقصة القصيرة وهي اعلامية وكاتبة سيناريوات وهذه سمة تبرز في روايتها التي صدرت عن دار الآداب في بيروت وجاءت في 167 صفحة متوسطة القطع.

وجاء في كلمة دار النشر عن عمل يزبك الاخير “تحكي رواية رائحة القرفة عن علاقة سيدة دمشقية بخادمتها الصغيرة وتغوص في عالميهما..العالم السفلي المدقع الفقر وعالم الطبقة المترفة. وتحول هذه العلاقة الى لعبة قوية في يد الخادمة وتجعل منها المبرر الوحيد لشعورها بانسانية مفقودة“.

وفي الاهداء تقول الكاتبة “إلى نوار..حين غبنا وحيدتين في هذا العالم المجنون“.

ولا تحصر يزبك وصفها لما يدفع بالانسان أي المرأة هنا إلى عالم العلاقات المثلية في أسباب نفسية وجسدية بل تضيف إلى ذلك دون ان يبدو في كتابتها وعظ أو تحليل “واضح” عوامل اجتماعية وتربوية واقتصادية منها عادات اجتماعية تتسم بتخلف وظلم واستبداد عند الرجل ومنها الفقر الذي قد يكون أحيانا أبا الجهل ويتبادلان الأدوار في أحيان أخرى فيصبح ذاك ابن هذا.

إلا انها في رسم احداث عديدة في روايتها تقول بوضوح ودون مداورة ان انصراف الرجل فقيراً كان او غنياً الى عالمه ذي الحرية الفائقة الحدود قياساً الى المرأة جعل المرأة غنية او فقيرة تعيش في حالات كثيرة نوعاً من العزلة التي سرعان ما تنشأ عنها علاقات من هذا النوع.

ونقرأ في الرواية انه فرض على الصبية حنان الهاشمي ان تتزوج ابن عمها انور.

وكان انور وهو ابن عمها نسباً كأنه “اخوها” الاكبر فهما يعيشان مع اهليهما في مكان واحد.

وعرفها انور طفلة واعتنى بها وبقي على هذه المعاملة هو وزوجته التي فرض عليه ان يطلقها كي يرزق باطفال فلا ينقطع نسل بيت ابيه. ولم ينفع قوله انها ليست هي السبب.

وبعد ذلك جرى تزويجه بحنان ابنة عمه. ومن الطبيعي انهما لم يرزقا باولاد. وبعد زمن صارا من الناحية الزوجية غريبين في بيت واحد. الا انه كان بيت غنى.

وتبدأ القصة بما يشكل “بداية النهاية ” وبما يبرز للقارئ قدرة الكاتبة على الوصف والتصوير ونقل المشاعر وكل ذلك في لغة ليست “حيادية” ولا تشكو من برودة بل من “عكس” ذلك احياناً.

وتنهض بطلة الرواية من نومها وكوابيسها. ونقرأ هنا كيف جرى ذلك. تقول “انه خط الضوء المائل..الباب كان مواربا. ولولا الضوء المنبعث كخط مائل نحو مرآة الممر لما انتبهت حنان الهاشمي الى الهسيس وهي تمشي حافية القدمين. بعد ان قفزت من فراشها كملسوعة تحلم انها تحولت الى امرأة بخمس اذرع وثلاثة اثداء…”.

الا ان هذه اللحظة التي يتوقع القارئ الكشف عن نهايتها او نتيجتها بسرعة تتحول الى ابعاد وحالات. فالمرأة المسرعة لتعرف ما الذي يجري في غرفة زوجها سرعان ما تستغرق في تأمل نفسها في المرآة وتاخذ اصابعها بتمسيد وجهها وتشعر بغبطة في تأمل تفاصيل جسدها.

كل ذلك والقارئ ينتظر بعد ان تركته الكاتبة متشوقاً لمعرفة ما يجري.

وبعد حوالي صفحتين من الوصف والتصوير الدقيقين الموحيين وان في شيء من “الحشو” من الناحية السردية نقرأ..”هسهسات ناعمة. ضحكات خافتة وانين ملتاع مشت ببطء وتثاقل محاولة التكهن بمصدر الصوت. جسدها يرتجف بشدة. وقفت امام مقبض الباب. التصقت به. فتحته بحركة عنيفة. صارت وجها لوجه امام ما يحدث في الغرفة…كان زوجها العاري ممدداً على السرير…وهناك مثل نفق عميق وسط الضوء كانت..عليا“.

وعليا هي الخادمة التي اتى بها ابوها طفلة لتعمل عند حنان. كان قاسياً ينفق كل ماتصل اليه يده ويسلب امراته وبنته جنى تعبهما في العمل في البيوت وغيرها. تركها ولم يكن يحضر الا لقبض أجرها. حنان التي صارت تعتبر عليا “ملكاً” خاصا لها بعد علاقات مستمرة بينهما صرخت بالفتاة وطردتها ثم اخذت تبكي على فقدها وتتمنى عودتها.

الا ان الفتاة قررت عدم العودة.

واقامت حنان علاقات مع اخريات وبشكل خاص مع نازك الثرية زوجة الرجل الثري التي كانت تجتمع باستمرار مع صديقات لها يعشن في عالمهن، فكأن تلك الممارسات تقليد يلتزمنه هن وكثيرات غيرهن من النساء وكل منهن “تفلسف” السعادة والمتعة اللتين تنطلقان من علاقات كهذه او يمجدن “المتعة الذاتية” احيانا. اما عالم عليا فهو عالم الفقر.

وتصف الكاتبة بعض وجوهه وصفاً مؤثراً فتقول في احد المجالات عن احيائه وهي عديدة “الا انها تتشابه وتتشابك وامتدت عشوائياً الى قلب المدينة…لكن حي الرمل الذي تعيش العائلة فيه كان خليطاً غريباً من الفقراء الذين هبوا بفقرهم المدقع الى جنوب دمشق وصنعوا غرفاً صغيرة من صفائح التنك والحجر الاسمنتي الرديء الصنع…”.

وشكلت تلك الاماكن مجالات نفوذ لبعض المتنفذين “وغيتوات في تشكيل موزاييكي لونه الموحد الفاقة والبؤس…ومن اتوا من الارياف البعيدة والقريبة حالمين بحياة كريمة تحولوا الى مرتزقة وازلام ورجال مخابرات ومهربين…واخرون حولوا بناتهم الى خادمات…فيما تحول الاباء بدورهم بعد ذلك الزمن الى عمال مياومة يفترشون ساحات دمشق العامة ويقومون باي عمل يطلب منهم..”.

وتختتم الرواية بتصويرية شعرية رافقت معظم صفحاتها. حنان تفتش عن عليا عبثاً وتدور في سيارتها من طريق الى طريق “كان المكان خاليا الا من اسراب طيور بعيدة. تصرخ بصوت عال “عليا “. كان الصوت قوياً. تشعر انه ليس صوتها. تكرر النداء دون ان تحصل على رد او تتآلف مع الصوت.

صعدت الى سيارتها وانطلقت بسرعة افزعت سرب حمام اخذ يدوّم عالياً وواصلت الاندفاع مخلِّفة وراءها سحابة من الغبار الخفيف“.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سمر يزبك

    ربما

    تعلن عن جفاف محبرتها وافلاسها الأدبي بهذه الوريقات المسماه رواية

    وهي لا تكسر الحواجز بل تتبع التيار السائد من أجل طرق عوالم غير متناوله في الأدب العربي

    لكنها للأسف برأيي

    فشلت وأصبحت (كروائيه بالطبع) نسخه مكررة عن الآخرين من الروائيين

    المتواجدين على الساحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى