صفحات سورية

هل سيحولون سورية إلى لبنان؟

أحمد سرور
لأول مرة ينتابني قلق حقيقي على سورية المجتمع والكيان. فالتفجير الذي وقع على طريق دمشق الدولي قبل أيام هو نذير قرار اتخذته جهة ما بالحاق سورية بالعراق ولبنان، أي تفتيتها على أساس طائفي وعرقي أيضاً. فهذا التفجير لم يستهدف ضابطاً ذهب ضحية صراعات داخلية أو ناشطاً عربياً مؤثراً كان موضع ملاحقة من مخابرات كيان القتلة في فلسطين. إذ استهدف هذا التفجير الناس بالجملة دون أن يترك المجرمون بينة على غاياتهم السياسية.
لأول مرة أسمح لنفسي بتذكير القيادة السورية التي تحتفل هذه الأيام بنتائج تشاطرها السياسي (عدوة التفاعل مع الأسرة الدولية) بأنه ‘مش كل مرة تسلم الجرة’ كما قلت في مداخلة سابقة منذ أشهر. إذ لا يكفي وصف التفجير بأنه عمل ‘ارهابي’ وأن التحقيق جار لمعرفة الفاعلين.
وأياً كان الفاعلون، كأشخاص، فإن الانتباه يجب أن ينصب كلياً وبروح من يواجه أزمة حقيقية على المستهدف (بفتح الدال) لا المستهدف (بكسر الدال). المستهدف هو سورية.
سورية السياسية الراهنة لا تقوى على حماية المستهدف أي المجتمع السوري ما لم تقرر اعادة النظر بكل وسائلها السابقة بل و’فلسفتها’ السابقة الراهنة لحماية المجتمع السوري من خطر اللبننة والعرقنة. فسورية ليست الجزائر أو مصر إذ انها مثلها مثل العراق ولبنان نسيج متنوع ومفاصل القرار السياسي والأمني فيها بيد مسؤولين محسوبين على طائفة معينة.
وقد يستغرب بعض الدكاترة ما سأذهب إليه بعد هذا التقديم من أن هناك ثلاث أطراف في المنطقة لا ترى سبيلاً إلى اقامة مشروعها السياسي أو الحفاظ عليه سوى تفتيت الشعوب العربية. وهذه الأطراف هي كيان القتلة في فلسطين والدولة الايرانية وتكفيريو القاعدة. ولا سبيل لمواجهة هؤلاء إلا بتحصين المجتمع السوري ولن يتحصن هذا المجتمع إلا بقيام نظام سياسي يملك القدرة على الحفاظ على سورية كما ملك القدرة حتى الآن على الحفاظ على سورية النظام.
لأول مرة في تاريخ سورية الحديث أصبح الحفاظ على سورية المجتمع مسألة تتطلب تغييراً جوهرياً وحقيقياً في النظام السياسي. البديل هو انهيار الأثنين معاً.
عدو سورية المجتمع يستطيع الوصول إليها وبسهولة عبر الخاصرة العراقية وعبر الخاصرة اللبنانية. الأطراف المعادية الثلاثة التي ذكرتها باتت تملك قدرات هائلة تستطيع توظيفها في سورية عبر هاتين الخاصرتين.
قد يستغرب بعض السذج إدراجي لمخابرات ايران في ذات خانة مجموعات التكفير وخلايا الموساد. وردي على ذلك هو انظروا إلى ما تفعله الأيادي الايرانية في العراق لا سيما جنوبه ويناغمها التكفيريون وخلايا الموساد. ومنذ متى كان العربي في أي مكان أغلى من العربي في العراق.
على أية حال أجراس الشر قد دقت وسمعها أهل الشام. فهل يسمعها ويفقه رنينها أهل القرار أم أن لسورية قدر لا يختلف عن قدر العراق.
عندما أدرك صدام حسين أن أمريكا ستدخل العراق لا محالة أمر بفتح السجون بعد أن زرع العراق بمخابئ الأسلحة. كل ما هو مطلوب من ساسة دمشق هو فتح السجون ودعوة كافة الفئات السياسية إلى مؤتمر حوار وطني لرسم ‘خارطة طريق’ من أجل الحفاظ على سورية المجتمع والاقتصاد بسورية الدولة.
ليكن الله في عون سورية
ملاحظة: القصر الرئاسي السوري يملك رسالة مفصلة فيما تقترحه هذه المداخلة منذ أكثر من عامين.
– نيويورك
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى