صفحات الناسناهد بدوية

لماذا نحن ممنوعات من السفر؟! “قصة نساء من أجل الديمقراطية”

null
ناهد بدوية
محطّة 1
-كيف كانت مشاركة المرأة عندكم؟
سألني أحد الكتاب السوريين، وكان يعد دراسة عن مشاركة المرأة السورية في الحياة السياسية في القرن العشرين.
–    كانت مشاركة المرأة في حزب العمل جيدة وكبيرة، فقد اعتقل في أواخر السبعينات وعقد الثمانينات أكثر من 100 امرأة.
– كم امرأة وصلت إلى عضوية المكتب السياسي؟
–    ولا واحدة!
-كم امرأة وصلت إلى عضوية اللجنة المركزية
–    ولا واحدة!
-كم امرأة وصلت إلى عضوية اللجنة المنطقية
–    ولا واحدة!
لا لم تكن مشاركة المرأة في الحزب جيدة. كانت مشاركة كبيرة نعم ولكن؟!!
اذن مشاركتنا كانت عددية وليست نوعية.
محطّة 2
قالت لي اليزابيت ممثلة أتاك فرنسا في المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتو اليغري:
–     انظري إلى ممثلي المنظمات من المنطقة العربية معظمهم من الذكور.
–    فعلا لم ألحظ ذلك من قبل. وهذا رغم أننا مناهضي العولمة أكثر من يطالب بتأنيث الحركات الاجتماعية. حقيقةً انه مشهد محرج؟!.
من بعدها صار هاجسا عندي مراقبة المشاركة النسائية واصبح أي تجمع يقتصر على الذكور يثير احتجاجي.
محطّة 3
الانتخابات على مستوى وحدات المكاتب الهندسية في بلادنا حرة بالفعل لذلك رشحت نفسي في وحدة قطنا للمكاتب الهندسية في انتخابات نقابة المهندسين لعام  1998،  كنا ثلاثة مهندسات مرشحات وكان على الناخبين اختيار عشرة أسماء ونسبة المهندسات في هذه الوحدة تتجاوز الثلث، أي أن ثلاث من عشرة كان منطقيا، ولكن لم تنجح ولا مهندسة، وكانت قائمة الناجحين العشرة مغلقة على الذكور.
في انتخابات عام 2004 كنا ثلاثة مرشحات أيضاً إلا أني اضطررت للانسحاب وإعطاء أصواتي لإحداهن حتى تتمكن من النجاح، وفعلاً نجحت وكانت نتيجة الانتخابات تسعة ذكور وامرأة. واعتبرناها نصراً لأن الكثير من الوحدات الهندسية الأخرى اقتصرت قوائمها الفائزة على الذكور.
أدركت منذ ذلك الوقت أن الانتخابات الحرة وحدها في المجتمعات الذكورية لا تكفي كي تأخذ المرأة حقها بالمشاركة ولابد من فرض الكوتا النسائية.
محطة 4
في اجتماع الحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة في برشلونة قال لي أحد المنظمين:
–    عندنا مشكلة، رفيقتنا مريضة ولن تستطيع أن تصعد إلى المنصة كي تلقي مداخلتها.
–    بسيطة تستطيع أن تنوب عنها أنت فأنتما من نفس الحركة.
–    لا لا أستطيع خرق قواعدنا في الحركات الاجتماعية في أن المنصة يجب ان تتوزع مناصفة بين الرجال والنساء. لذلك أطلب منك أنت أن تحلي محلها في إدارة الاجتماع. (وكانت أول مرة في حياتي أصعد على منصة).
–    عجيب حتى أنتم الأوربيون تتقصدون ذلك؟!.
–    ليس عجيبا لأن مجتمعاتنا ذكورية أيضا لذلك فان إصرار الحركات الاجتماعية على مشاركة المرأة ووجودها في كل مستويات العمل ضروري كي نقاوم محاولات تهميشها.
أدركت حينها أننا يجب أن نصر ونضغط من أجل الحضور النسائي ولا نكتفي بالقول والتأسف كالعادة بأن عدد الناشطات قليل. لأن هذا الضغط يساهم في خلق كوادر نسوية جديدة وتطويرها.
محطة 5
“نساء من أجل الديمقراطية”
بناء على هذه المحطات ولدت فكرة تأسيس جمعية نسوية في سورية تهتم بقضية واحدة وهي دراسة ودعم مشاركة النساء في المجتمع وفي الأحزاب والجمعيات، وقد اجتمعت مع عدد من النسوة اللواتي يرغبن بالعمل النسوي واتفقنا على هدف واحد هو الرغبة في دعم المشاركة النسوية. وأطلقنا البيان التأسيسي في أوائل عام 2006 وأطلقنا عليها اسم “نساء من أجل الديمقراطية” للتأكيد على أن حلم بناء مجتمع سوي وديموقراطي لا يمكن أن يتحقق بدون مشاركة فعالة وحقيقية للنساء.
وقبل أن نباشر عملنا، وقبل مأسسة أنفسنا، صدرت قائمة بمنعنا من السفر وبلغنا بأن ماقمنا به ممنوع، عوقبنا ونحن لم نزل مجرد بيان تأسيسي. وأجهض حلمنا قبل ولاته، وتوقفنا طبعا لأن العمل في جمعيات المجتمع المدني هو عمل تطوعي وحر وسلمي وعلني، ولا يمكن أن يعيش في ظروف قمعية  على عكس العمل السياسي المواجه.
لم يهتم بقمعنا أحد.
لذلك أطلق صرختي هذه:
لماذا منعنا من العمل؟ ولماذا نحن ممنوعات من السفر حتى الآن؟؟
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى