صفحات ثقافية

‘الحصار’ رواية اسماعيل كاداريه بالانكليزية بعد اربعين عاما: ظلال أنور خوجة وربيع براغ وقصة انتصار لم يوقف جحافل البرابرة ‘العثمانيين’!

null
ابراهيم درويش
في كتاب اندريه كلوت عن ‘حياة وزمن سليمان العظيم’ مشهد للجيش العثماني المعسكر في احدى الحملات الاوروبية، حيث ينظر السلطان العظيم من خيمته الى بحر من الجنود والخيام التي غطت الارض واليابسة والسلطان عندما نظر كان ينظر لاعظم جيش في العالم في وقته. ويسجل كلوت مظاهر من اعداد سليمان لحملاته العسكرية اما في الاراضي الاوروربية غربا واما في حملاته مع الشاه اسماعيل الصفوي واحفاده شرقا، حيث يشير الى ان درجة الانضباط والالتزام بتعاليم القادة وصلت درجة ان الخيل كانت تسير في بحر من جنود الانكشارية بلا صوت لحوافرها. تحضر هذه المشاهد وغيرها اثناء قراءة رواية اسماعيل كادريه ‘التاريخية’ عن حصار الجيش العظيم لاحدى القلاع الالبانية والثمن الباهظ الذي دفعه هذا الجيش الذي كان بعدد ‘صرار/حجارة’ الشاطئ في محاولته لاضعاف وفتح ثغرات في دفاعات القلعة التي استعصت على الفاتحين. من المعروف تاريخيا ان حملات السلطان العظيم واحفاده وسلفه في اوروبا كانت تواجه باشكالية الجو وبرودته وعدم استعداد هذا الجيش للمواصلة في ظروف برد قاسية، كان هذا من اسباب تراجع السلطان وجيوشه امام ابواب فيينا وكان هذا سببا في تراجعات الجيش في جبهات اخرى في البلقان ووسط اوروبا والتوقف بعيدا عن غربها. لكن رواية ‘حصار’ وان كانت مشغولة بالتاريخ والجيش الرابض حول القلعة والمهاجمين المرتلين القرآن والدروايش برقصاتهم والشيوخ المذكرين الجنود بالشهادة ومعانيها، يحاولون اختراق قلعة يدافع عنها مدافعون مستميتون ، حاملين الصليب ويستمدون عونهم من السيدة العذراء، لا عزاء لهم الا الغيوم ورايتهم التي يحرسها النسر. لقد اختار المحاصرون قدر المواجهة مع جنود السلطان مراد لانهم رفضوا بعثته التسليم والتبعية للامبراطورية التي يخشاها العدو والصديق. الرواية وان لم تكن عن التاريخ فهي عن هوية الفاتح وهوية البانيا الموزعة بين ماض يمثله المحاصرون وحاضر يمثله نظام انور خوجة (كتب كاداريه الرواية في عمر الثلاثين وكان شاعرا وروائيا معروفا). امام حقيقة تاريخية يرسم كاداريه تجادل اقدار وتدافع ارادات تعمل على تقرير مصير الارض والزمن في القلعة التي ترمز لالبانيا. وقد كتبت الرواية في ظل الحكم الشيوعي القاتم الذي كان يقوده انور خوجة. يعمل كاداريه على مستويين في السرد، فهو ينقل رواية المدافعين، شعورهم بما يحدث حول القلعة من تحضيرات، ولكنه لا يدخل في تفاصيل ما يجري في القلعة، فنحن نترك من دون شخصيات، رواية مظللة باللغز، ابطالها من دون وجوه او اسماء لكنهم صامدون موقنون انهم امام معركة مصير، اما حياة او موت، لكنهم يوقنون ان مجريات المعركة ونتائجها ستنعكس سلبا او ايجابا على مصير الارض التي تمثلها القلعة. مما ما يقدمه لنا الرواي، بدون وجه اسم، ان هناك خوفاً من القادمين من الشرق محملين ‘يثيرهم ضوء القمر ويعكرهم في الوقت نفسه، ما رأيناه ممتدا تحت اقدامنا، كانت اسيا بصوفيتها وبربريتها، قبوراً مظلمة جاهزة كي تبتلعنا’، ومع ان السارد الاخر (المسيحي) هنا يشعر ببعض من الضعف امام الريح المخيفة الا انه متمسك وجنوده المخفيين في ثنايا القلعة بالصمود والقتال حتى اللحظة الاخيرة. في الجانب الاخر (المسلم) نتعرف على وجوه حقيقية وجنود، رجال، جنود، بشجاعة وشهوة للنساء الالبانيات ذوات البشرة الحليبية وقائد للجيش ‘طورسون باشا’ موزع بين فكرة عقاب السلطان وثوابه ومهووس في اللحظة الاخيرة او فرصتها. يجد نفسه موزعا بين موقفين في مجلس حربه، الهجوم يوم الاثنين على القلعة تنفيذا لما يراه العراف ويدعمه المفتي، او تأجيله ليوم الثلاثاء حيث تكتمل الاجراءات ويكتمل تصنيع المدفعية القادرة على دك دفاعات القلعة وفتح ثغرات للجنود المشاة كي يدخلوا اليها ويجهزوا على مدافعيها. طورسون باشا قائد متردد بين الامل والخيبة، بين رضى وغضب السلطان عليه، بين ما يراه تجديفا ورميا بالغيب وما يقوله العقل. بين ترك زوجاته في اسطنبول وبين احضارهن معه، لكنه يحمل في داخل نفسه حسا وخوفا من الخيانة وعدم الولاء فاذا كان المعماري غياوور يقول العقل، فماذا يضمن له صدق نواياه والفريق الذي يرى الانتظار حتى تنتهي عملية الاستعدادات. وهو ان كان يعرف خطل وعبثية ما يقوله العراف والمفتي فما الذي يضمن له انهم يعرفون حقيقة وآثار قرارهم. طورسون في توزعه هو مركز معسكر الجيش في شاعره ساديد وموثق حملاته الذي سيبحث لاحقا عن كلمات لوصف هزيمة الجيش وتراجعه امام القلعة وانكشاريته وقادة فرقه الكردية والفارسية والتتارية والاستشهاديين، والقراء، والفرق الصوفية برقصاتهم التحريضية والاعيبهم. هنا في معسكر طورسون الذي يحن وهو في فسطاطه العظيم لبلده بورصة والاناضول حياة ونقاشات حول الشعر والتاريخ. وفي داخل الحوارات والنقاشات ثقة عالية بالانتصار، فالجيش الذي لا يهزم جاهز لكي يحمل معه السبايا والثروات التي ستباع في الاسواق، وجاهز لتأكيد رؤيته. لكن هذه الثقة ظلت معلقة بقرار القائد الذي اختار موقف العراف، على ما قاله العالم. انتصرت النبوءة اذا والخوف من خراب العالم على ما يراه المعماري والمهندس من ضرورة دك اساسات القلعة لان فيها ضعفا، فبدلا من تجهيز الادوات لدكها واضعافها اختار القائد بدء الحرب وقرع طبولها في الليلة القمراء وكان القرار مكلفا وباهظا، لقد تمت ابادة فرق وحرق سلالم وحبال كانت تستخدم من اجل الوصول الى اعالي القلعة وتم اسر فرق، تحولت فكرة الانتصار الاكيد الى محرقة للموتى، والمستشفى الى مجزرة وفقد شاعر الجيش عينيه. واجتمع مجلس الحرب مرة اخرى ليلملم جراح الهزيمة. لبس المعسكر الذي كان قبل ايام يضج بالحياة ثوبا من الصمت، وخيم الهدوء، ربما هدوء الدهشة عليه.
يرسم كاداريه مشهد حرب مفعماً بالتوتر، فخلف الثقة في صفوف الجيش الواثق يلاحظ مؤرخ الحملة مولى جلبي ان الجنود يشربون العرق في محاولة لاخفاء خوفهم ليلة المعركة. في الجانب الاخر خوف من سلاح جديد احضره الجيش لاستخدامه ضدهم.
بعيدا عن خفاء المدافعين وغموض القلعة التي يقدمها كاداريه بلا اسم او عنوان، فالحكاية هي مغروسة في فكرة بناء الدولة القومية ومجدها، انور خوجة ونظامه اقرا الرواية لتاريخيتها، فألبانيا بجبالها الملعونة كانت قادرة على صد المعتدين ‘العثمانيين’ ومع ان السارد في المستوى الالباني/ المسيحي يظل غائبا الا ان الحكاية مغروسة في تاريخيتها من ناحية اشارتها للبطل القومي الالباني، الذي تبجله المصادر المسيحية باعتبارها حامية حماها ضد الاسلام والعثمانيين. وهنا فما هي دواعي النظام الملحد دعم رواية بطلها مسيحي، الامر مرتبط بأنور خوجة الذي كان يرى في جورج كاستوريوتي او اسكندر بك او بيه لانه كان يقدم اساسا لرواية النشوء الالبانية القومية، البطولية والمجيدة. فقد صدرت رواية ‘الحصار’ عام 1970 بالالبانية تحت عنوان ‘كيشتجلا’ (القلعة). وظل اسكندر بيه حجر عثرة امام تقدم القوات العثمانية حتى وفاته، حيث وقعت البانيا تحت الحكم العثماني حتى عام 1912. ومع ذلك يظهر اسكندر بيه كقائد ملغز يتواصل مع جنوده عبر الصقور والغيوم. ان صورة السارد المسيحي وهو هنا اسكندر بيه نعرفها من السارد الجانب المسلم، فهو تحول الى شبح او ظل عصي على الامساك، فهو في هذا السياق عدو يتحكم بضده، قادر على الصمود لانه يقاتل على ارضه. في الجانب الاخر، يؤكد لنا كاداريه على لسان مؤرخ الحملة ان السلطان وقائده كان يجب ان يعرفا حدود قوتهما فبدلا من السيطرة على القلعة/ البانيا كان من الافضل لو ركزا على ترويع السكان وحرق الاراضي واحتلال القرى اولا قبل ان يقوما بحصار لا معنى له. القصة مليئة باشكال الحرب القديمة وفظاعتها، تتحول البارانونيا الى معسكر الاتراك، حيث يلعب الجواسيس دورهم وتقام محاكم في وقت يحاول فيه المهندسون تدمير اساسات القلعة بحفر خنادق تحتها لكن المدافعين العصيين يكتشفون لعبة المعتدي ويقومون بتدميرها. ولم يجد طورسون باشا بدا من قطع المياه عن المتمترسين في القلعة، لكن السماء التي لم تكن الى جانب الاتراك تهطل مطرا يعيد الحياة للعطاش في القلعة. يقول احد الابطال ‘لا يستطيع ملك الملوك ‘باديشاه’ ان يمنع الغيوم’، ومع هطول المطر يرى طورسون باشا ان لا مجال للبقاء والحصار الطويل، فيحمل امتعته واسلحته ويسافر خارجا من محيط القلعة ومن محيط اوروبا. في نهاية الرواية نسمع حوارا بين زوجات القائد وهن يسرن في رحلة العودة والمطر ينز قائلا ‘يجب ان نكون خرجنا من اوروبا الان’. ‘تواصل العربة سيرها عبر المطر’. لا يخفي كادرايه في استعادته لتاريخ المواجهة انحيازه تجاه المحاصرين لانهم يمثلون الاسطورة القومية التي قامت عليها البانيا الحديثة، وهو لا يحتاج لان يطلعنا على مواقف المحاصرين وقائدهم بل ان المحاصرين بكسر الصاد هم الذي ينشغلون بالتاريخ ويقدمون صورة قاتمة عن اسكندر بيه، الكافر والخائن والمخادع، وحتى يعزوا انفسهم يستعيدون تاريخ القتال والمواجهات بين الامبراطورية التي لا تقهر ومناطق البلقان خاصة موقعة كوسوفو. لا شك ان الظرف اثر في كتابة هذا العمل كما التاريخ فقد كتب كاداريه الرواية بعد عامين من دخول الدبابات السوفييتية براغ عام 1968، ولان انور خوجة كان يقود النظام الشيوعي الوحيد في اوروبا الخارج عن موسكو، فقد شعر بالخوف وامر ببناء مئات الخنادق والملاجئ في كل انحاء البانيا من اجل حماية البلد من المعتدين. وقد فهم النقاد الرواية على مستويين: الاول وهو ان انتصار المدافعين عن القلعة ضد العثمانيين لم يكن مهما لانه بوفاة اسكندر بيه عام 1468 عاد العثمانيون وضموا البانيا لامبراطوريتهم. اما المستوى الثاني فهو ان البانيا تظل عصية على المحتلين. اعتمد كاداريه في خلقه المزاج التاريخي العام على رواية كتبها مؤرخ لاتيني عن حصار شكودرة، مارتين بارليتي. لا يتعامل كاداريه مع الرواية، كرواية ادبية تاريخية، فهو لا يؤمن بوجود هذا النوع من الروايات، لكنه يظل في ظروف الرواية بحاجة للتاريخ، وهو وان ركز على الجانب الاخر، الا انه المح لاسكندر بك الذي يظل في الادبيات المسيحية المنافح عنها ضد انتشار الاسلام في اوروبا الغربية وتماثيله تملأ ساحات روما وفي بداية النهضة في البانيا، وتحديدا في عهد الملك زوغ تمت استعادة شخصية اسكندر بك. وفي عهد الشيوعية اعيدت تسمية الساحة العامة في تيرانا باسم اسكندر بك وكذا قلعة كروجي التي قاتل فيها البطل معركته الاخيرة حيث اعيد بناؤها وحولت لمتحف وطني.
كان العنوان الاصلي للرواية هو ‘طبول المطر’ لكن الرقيب الالباني اختار عنوانا اكثر وطنية وهو ‘القلعة’. وقد ظهر العنوان الاول في الترجمة الفرنسية التي قام بها يوسف فيريوني. ولان كاداريه قام باعادة مراجعة لكتاباته التي صدرت اثناء الحقبة الشيوعية ومنذ خروجه من البانيا، تمت اعادة الاشارات للمسيحية التي حذفها الرقيب في طبعة عام 1969، وتم حذف بعض الحوارات ذات الدافع السياسي فيما تمت صياغة واعادة صياغة حوارات اخرى. طلب كاداريه من مترجم النسخة الحالية ديفيد بيلوس، المحاضر في جامعة برنستون ان يخترع عنوانا جديدا وكل ما توصل اليه ‘الحصار’ الذي يقول انه لا يعبر عن روح الرواية وعنوانها الاصلي. في رواية كاداريه كما قلنا فالتركيز كان على الاتراك العثمانيين وعلى المحاصرين في القلعة، ولم يقدم لنا كاداريه اية تفاصيل او حتى لمحة عن سكان البانيا. تعتبر الرواية من اولى الروايات التي قدم فيها كاداريه الماضي العثماني حيث اشار اليه في رواياته ‘الجسر بالاقواس الثلاثة’، ‘الامر المعمي وقصر الاحلام’ وفي تعامل كاداريه مع العالم العثماني، قدمه لنا في هذه الرواية بمجده ونخبته وقادته، حريمه ومخصييه، شعرائه ودروايشه وباشا تسير المياه من تحت قدميه وهو لا يدري ويقيم محاكم تفتيش ويلقي بجنوده للمهالك. ومع الصورة المجيدة فان عالم الاتراك العثمانيين يخفي وراءه وحشية وطقوساً قاسية ورعباً وظلاماً، فالاتراك في عالم كاداريه هم ‘الاخر’ الذي لم نكن نريده او نحلم بان نكونه ولكنه ‘الاخر’ الذي وصلنا اليه عندما حكم البانيا النظام الشيوعي. وكما يرى المترجم الانكليزي فالرواية تقدم صورة عن امة معقدة محاصرة من نفسها تعيش ازدواجا ومعاناة، فهي ليست عن المزج بين الماضي والحاضر وليست رواية تاريخية بل هي ضد التاريخ.
ولد اسماعيل كاداريه في جنوب البانيا عام 1936 وبدأ حياته الادبية كشاعر. معظم روايته ترجمت الى الفرنسية حيث بدأ الاهتمام باعماله في سبعينات القرن الماضي مع صعود سمعته الادبية. وكانت هذه السمعة سببا في حمايته في ظل نظام انور خوجة مع انه قدم تنازلات لارضاء ناقديه وروايات اخرى عن القمع مثل ‘بيت الاحلام ‘ (1981). مع انهيار الحكم الشمولي في بلده البانيا، طلب اللجوء السياسي في فرنسا عام 1990 ونشر كتابا برر فيه قراره الخروج من بلده. وواصل منذ تلك الفترة الكتابة ومراجعة كتبه من اجل اعادة نشرها في فرنسا. ونشر اعماله الكاملة باللغتين الفرنسية والالبانية حيث صدرت حتى الان في 16 مجلدا. ورغم حضوره باللغة الفرنسية الا ان كاداريه لا زال غير معروف في اللغة الانكليزية مع بعض رواياته مترجمة للانكليزية ، وهذا الغياب مرتبط بموقف الناشرين من كتاباته التي تعتمد على التاريخ والفولكلور الالباني وفيها حس من السخرية والغموض، مما جعل عددا منهم يشعر بعدم امكانية تسويق اعماله. بعد فوزه عام 2005 بجائزة ‘بوكر الدولية’ عاد الاهتمام به لكن العديد من الكتاب الالبان في المنفى ظلوا يعارضون كاداريه ومواقفه خاصة انه حصل على مميزات اثناء الحكم الشيوعي وكان عضوا في مجلس الشعب. وفي امريكا تلقى كتابات كاداريه معارضة من المحافظين الجدد. فقد نشرت احدى المجلات التابعة لهذا التيار مقالاً دعت فيه الى عدم منح جائزة نوبل لكاتب وصفته بانه (عضو حزب ‘شيوعي’ الباني اشتراه الحزب). كاداريه التزم بالواقعية الاشتراكية التي اكدها نظام الحزب الواحد لخوجة ومع انه اعترف انه لم يكن منشقا على الحزب والنظام كما فعل آخرون في دول اوروبا الشرقية والستار الحديدي، فقد اكد ان المعارضة تظل عبثية وان من رفع عقيرته ضد النظام كان يعني الاختفاء. ففي بلد يحاكم فيه المثقف على ما يفكر به علاوة على ما يقوله فان الصمت او الانحناء يبدو خيار من لا خيار له.
‘ كاتب من اسرة ‘القدس العربي’
The Siege
by Ismail Kadare
translated from the French of Jusuf Vrioni
by David Bellos
Canongate.
London/New York – 2008
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى