جهاد صالحصفحات سورية

المعارضة السورية قرابين العهد الجديد

null
جهاد صالح
في دوامة الكرنفالات والإجراءات المتبادلة بين النظام السوري الرافع لراية الاستجابة للمطاليب الإقليمية والدولية، وبين الحكومة اللبنانية الحديثة العهد وما يرافق ذلك من استعدادات لأجل البدء بتبادل دبلوماسي وإنشاء للسفارات، يستبق البعض من السياسيين اللبنانيين المجريات ويحشون مسدساتهم وبنادقهم وتصويبها إلى قوى المعارضة السورية في بيروت. وليتخندقوا في خنادق نظام الأسد والبعث تحت ظلال المغازلة المتبادلة وحجز المقاعد والمواقع على البساط الذي سينتهي بهم في أحضان السفارة السورية القادمة.
مواقف وأحاديث طفت على السطح، وتعبير عن قلق ومخاوف لدى البعض في لبنان من وجود نشطاء سوريين معارضين على الأرض اللبنانية، مما يسبب الأرق لنظام البعث وينغص عليه الاستمتاع بطبيعة لبنان في المرحلة الانفتاحية الجديدة؟؟؟
تبادل أمني واتفاق يطبخ في المطابخ المشتركة بين القوى الأمنية السورية وبعض الرموز اللبنانية، في سبيل إقامة علاقات لا شائبة فيها، وأول وليمة دسمة لنظام بشار الأسد هو إقصاء النشاط الديمقراطي السلمي للقوى السورية المناهضة لثقافة البعث والاستبداد، والتي نفيت إلى بيروت قسرا، أو لجأت على أثر القمع والاعتقال والإقصاء إلى لبنان لتصبح بحكم العناصر اللاجئة لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أملا في التوطين في وطن آخر وملاذ آمن وحرية مستقبلية.
أصبح في عرف بعض لبنانيي سياسة المستنقعات الضحلة، أن يطبلوا ويزمروا للعودة السورية في ثياب الدبلوماسية، ومحاولاتهم كسب رضاء ومحبة آل الحكم في دمشق، وباتوا يوجهون سهامهم إلى الوجود السوري المعارض في لبنان. وربطهم بالإرهاب المسلح في عملية قذرة الهدف منها تشويه حقيقة نشاط المعارضة السورية داخل لبنان، من نشاط حر وديمقراطي سلمي، إلى نشاط إرهابي يقوض السلم الأهلي في لبنان وفق مفاهيمهم الضلالية؟
طبعا هذا زوبعة في فنجان مكسور، لأن الدولة اللبنانية وشعب لبنان على حقيقة ماهية نشاط كل مثقف سوري يعبّر عن رأيه بصراحة في سياسات النظام السوري بحق الشعب والوطن والانتهاكات المجرمة في ملف الإنسان السوري، وجميع القوى السورية تمارس الأنشطة بعلنية بيضاء وشفافة وفق مبادئ سلمية وعادلة تحت حق حرية الرأي والتعبير ودون مخالفة للقوانين، لا الإقليمية ولا الدولية ولا حتى اللبنانية. ونحن نعلم وهم أن دعاة الحرية والديمقراطية في سوريا، كانوا يقفون إلى جانب طموحات لبنان في وطن ديمقراطي ومستقل وذات سيادة، وما وثيقة إعلان بيروت- دمشق، إلا برهان واضح على مدى تضامن السوريين الشرفاء مع أشقائهم اللبنانيين، واستنكارهم ورفضهم للوجود الأمني والعسكري للنظام الحاكم داخل لبنان خلال ثلاثين عاما من الوصاية والاحتلال. وما زال ميشيل كيلو وموقعو الإعلان في السجن أو المنافي لمطالبتهم بعلاقات صحية بين سوريا ولبنان، ومعظم المثقفين في سوريا وخارجها كان مبدأهم ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان.
ولكن حين نجد بعض الأشخاص يصطفون إلى جانب المؤسسة الأمنية السورية في غطاء دبلوماسي وعلى مسار علاقات صحية مع دمشق وتباكي على الشقيقة والروابط التاريخية، باستغلال الوجود السوري المعارض على الأرض اللبنانية، وتلويثه في مهاترات بالونية ارتزاقية وجبانة، وملوثين للديمقراطية والحريات اللبنانية التاريخية، فإنهم يفتحون أحضانهم للشر السوري القادم من دمشق في حلته الجديدة.
لا غرابة حين نجد النائب \ سليم عون\ من جماعة الجنرال عون يتبجح على تلفزيون الجديد ليعبر عن قلقه من وجود بعض النشطاء السوريين المعارضين، وبحجة أن وجودهم يشكل خطرا على التبادل والعلاقات السورية اللبنانية، وما يقومون به من تحريض ضد نظام الأسد وسياساته؟؟؟
مؤلم أن نجد هذا الانقلاب الكلي من عون ورجالاته، تحوّل من ضحايا نظام الجلاد، إلى زمّارين له في لبنان، ولينسوا أنهم كانوا أول الأحزاب من استبد بهم نظام دمشق بالحديد والنار، وما زالت معتقلات البعث مليئة بأعضاء من التيار الوطني الحر.
إن النشطاء السوريين من مثقفين وكتاب وصحافيين وحتى عمّال لهم الحق في التعبير عن آرائهم في الشأن السوري، ما دام هذا النشاط التعبيري والسلوك الإنساني اجتماعيا وحقوقيا وسياسيا لا يتعارض مع المنظومة الديمقراطية والقانونية لدولة لبنان المستقلة، فما الذي يدفع للحديث عن المنفيين السوريين في لبنان، أو المعارضة السورية؟
الارتزاق والصيد العكر والانسلاخ عن القيم الفكرية والوطنية، وفتح الأذرع قبل مجيء رموز النظام السوري إلى بيروت، هو بهرجة وخنوع رخيص لا متوازن أمام الحكم السوري، ويغير من طقوسهم السياسية المفلسة داخل الحراك السياسي اللبناني، إلى طقوس بروتوكولية وحرس شرف يستعد لأخذ الجلاد في الأحضان، وتفريط بتضحيات دماء الشهداء من أمثال رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني، ورمي لمزارع شبعا والمفقودين والمعتقلين اللبنانيين إلى سلة المهملات. مؤلم أن نجد هؤلاء يعتبرون أنفسهم سفراء نظام الأسد في بيروت.
كاتب سوري – بيروت
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى