سمر يزبكصفحات ثقافية

«ديموتكس» تلفزيونياً

null
سمر يزبك
لنفرض مثلاً، أن قناة تلفزيونية تبنت فكرة الموقع الالكتروني «ديموتكس» الذي يقدم نموذجاً عن صحافة الشارع، بحيث يحق لكل مواطن الدخول والمشاركة في تغطية الأحداث، بالصورة والكلمة.
الموقع الالكتروني الذي يطرح نفسه وجهاً مغايراً ومختلفاً للإعلام،  يبدو خطوة جريئة للوصول بالصورة إلى أقصى درجات الواقعية والحقيقة، وبذلك نستطيع الافتراض أن قناة تلفزيونية على نمطه، قد تحدث تغييراً جذرياً في عالم الصورة المرئية.
لنتمادى بالافتراض ونقول: إن كل فرد من أفراد هذا العالم الواسع، يحق له أن يحمل الكاميرا، ويصور الأحداث، غير الرسمية وغير المعلن عنها في وسائل الإعلام.
هذا الفرد، لا يصور لقاءات الرؤساء واجتماعات الحكومات، ولا يتابع المؤتمرات الرسمية، ولا تدفع له جهة معينة أجراً نظير عمله وتحدد له المقبول والمرفوض أو تدفعه  لتسليط الضوء على خبر من دون آخر. في هذه الحال سيكون كل فرد مدفوعاً بهواجسه وأفكاره، ورؤيته الخاصة للحياة.
الفكرة تنتمي إلى الأحلام أكثر من انتمائها الى الواقع، إذ يستند التساهل مع الشبكة العنكبوتية الى كونها عنكبوتية غير مرئية، يتعامل معها بعض الحكومات وكأنها غير موجودة، بينما تلاحقها حكومات أخرى بالمنع والتشفير، فماذا لو أصبحت حرية الإنترنت متاحة في العلن عبر شاشة التلفزيون؟!
صحيح أن بعض القنوات التلفزيونية أفرد جزءاً من بثه لجمهوره، وأتاح لصوت المشاهد الظهور، لكن هذا الخيار بقي محكوماً بتوجه القناة والخط السياسي الذي تتبعه، أي أنها في الغالب تتيح للمشاهد حرية أن يتبعها، مع بعض التسامح مع الصوت المعارض إتقاناً للعبة، بينما يبقى الاعتراف بديموقراطية الصورة محل مقاومة شديدة من سلطات البث.
ولكن الصعوبات لا تنفي أهمية وجود قناة كهذه، تسوق أولاً لهذه الفكرة، وربما تقوم كشركة مساهمة غير ربحية بين الأفراد، أو تتبناها الجماعات المضادة للعولمة، وبالتأكيد يجب ألا نحلم بأن تتبناها كبريات القنوات العالمية على رغم أن هذا بمقدورها تماماً.
وربما يعي المسؤولون عن موقع «ديموتكس» أهمية تحول هذه الفكرة من صورة على مواقع الانترنت إلى صورة تلفزيونية، لأننا قد نصبح أمام تغيير جذري في عالم الإعلام المرئي، هذا التغيير قد ينحو به نحو إحداث ثورة حقيقية في تحول الصورة، إلى انعكاس حقيقي لوضع الشارع، وللقضايا التي يعمل الإعلام الموجه على طمسها، بالتالي سيفسح في المجال أمام حرية الاختلاف والتعبير، بحيث تتعادل موازين القوى بين الاحتكارات التلفزيونية الفضائية العالمية، والحقيقة التي يسعى إليها المشاهد.
توري مونتيه المدير التنفيذي لـ «ديموتكس»، يقول إنه «يحلم بتحويل أغلفة الصحف والتقارير الإخبارية لتصبح فعلاً من أرض الحدث».
فهل يمكن لقناة تغيير وجه الشاشة التلفزيونية، لتصبح من أرض الحدث؟
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى