ما يحدث في لبنان

تذاكر سفر

null

ساطع نور الدين

حوار في قطر، هو في التوصيف الأول حوار في منتصف الطريق، عند نقطة تقاطع مهمة بين مجموعة من الخيارات اللبنانية والخارجية التي وصلت في السابع من أيار الى الصدام العسكري، ثم توقفت من أجل إجراء عملية استكشاف أولية لنتائج ذلك اليوم الأسود، وفرص استثماره، على طاولة الحوار والتفاوض.

الانطباع العام، هو أن التسوية النهائية، اذا جاز التعبير، للأزمة التي انفجرت الاسبوع الماضي، نتيجة تراكمات ثلاثة أعوام من التوتر المتصاعد بين فريقي الاغلبية والاقلية، وصراع سوري سعودي ايراني لم يسبق له مثيل، شهد في قمة دمشق العربية في آذار الماضي واحدة من إحدى جولاته المؤثرة.. لن تخرج من الدوحة بالتحديد، إلا بشروط لا يبدو أنها متوافرة حتى الآن، بالرغم من الجهود الجدية والنوايا الحسنة التي يبديها المسؤولون القطريون.

لا شك في أن الدوحة لم تتحرك من فراغ، لكنها تسد فراغا كاد يؤدي الى احتراق لبنان. فقد سبق لها أن عرضت مساعيها الحميدة في مراحل سابقة من الأزمة، وكانت المبادرة العربية الشهيرة التي أطلقت في كانون الاول الماضي، بمثابة بديل من مبادرة قطرية كانت تنص يومها على الكثير من عناصر المبادرة الحالية، لا سيما دعوة الفرقاء اللبنانيين الى الاجتماع في العاصمة القطرية، وكانت تتضمن بندا يفتح الأفق أمام حوار وطني حول مستقبل سلاح حزب الله، الذي لم يكن قد استخدم بهذا الشكل المروّع في شوارع بيروت.

ثمة حيوية دبلوماسية قطرية أكيدة، دفعت تلك الدولة الخليجية الصغيرة الى القيام بأدوار إقليمية كبرى، ووساطات عربية عديدة، في فلسطين والسودان والصومال واليمن. لكن هذه الحيوية لا تستبعد السؤال، لا سيما في الحالة اللبنانية، عما اذا كانت الدوحة حصلت هذه المرة على الضوء الأخضر الأميركي الذي يمكن أن يكون ضمانة نجاح حاسمة لأي وساطة، ام انها تكتفي فقط بإحياء المبادرة العربية التي دفنت في بيروت الاسبوع الماضي، واستكمالها بما يتناسب مع متطلبات التحول الاستراتيجي الذي فرضه حزب الله على الوضع اللبناني برمته.

الغطاء العربي للمبادرة القطرية ظاهر للعيان. فالقرار اتخذ في الجامعة العربية واللجنة الوزارية الثمانية كانت حاضرة على الاقل في الصورة خلف رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم. لكن ذلك ايضا لا يجيب عن السؤال عما اذا كان التحرك القطري ينفي الصراع السوري السعودي الايراني على لبنان، أو يعمد الى تحييده أو ربما الى تأجيله فقط. المؤكد أن أحدا لم يكن لديه أدنى وهم بأن هذا الصراع الذي بلغ ذروته في بيروت، قد انتهى، وجاءت المبادرة القطرية للاحتفال بالنهاية السعيدة.

لم يكن من قبيل الصدفة أن الجميع تابع ردود الفعل الأميركية والدولية والسعودية والمصرية على المبادرة القطرية الجديدة، لكي يتحقق مما اذا كان المتحاورون اللبنانيون سيعودون الى بيروت الأسبوع المقبل، بتذكرة سفر مغلقة، أم بتذاكر سفر مفتوحة على أكثر من اتجاه.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى