صفحات الشعر

في المرة القادمة: ريمة البعيني

null
سأتعلم الفرنسية
والإيطالية أيضاً
سأشتري سيارة لا تتعطل
كل ثلاثة أيام
في طريقي للعمل
وعندما أزور المول في المرة القادمة
لن أنسى متابعة آخر الموضة
وربما أشتري شيئاً أعجبني
لكن في البداية
عليّ أن أجد عملاً براتب أعلى
وأعدّل سيرتي الذاتية
لتتصل بي الشركات
سأفي بكل وعودي
وديوني أيضاً
سأفقأ عيني اليمنى
وأستبدلها بعين ذبابة
فأرى عيوبك أكثرعدداً
وطبعاً حين أطالع تفاصيل وجهي
سأراها أجمل
سأعترف بكل جرائمي
قبل ارتكابها
وسأغير مقاس قلبي
ليتسع لأكثر منك
وسأجبرك على خلع حذائك
حين تقرر مجدداً الجري في عروقي

وسأغفر كل خطاياك
عدا تلك التي ارتكبتها في حقي

سأتصل بأمي وأقول لها بأني أحبها
ولأبي سأقول: ‘اشتقت لك’

وفي المرة القادمة
سأعدّ صحن التبَولة في البيت
ولن أقود سيارتي بجنون
عندما أحاول الهرب مني
….

– ايا لطيف.. كل هذه أعمال مؤجلة؟!!ب

قالتها الدودة لصديقتها التي كانت تمضغ دماغي
على مهل وهي تقرأه كما لو كانت تقرأ قائمة
لأسماء عساكر فارين

– اهل ما زالت آثار البقدونس على أسناني؟ب

و
في المرة القادمة

سأسدّ كل الثقوب التي ستحدثها الديدان
في جسدي
بعد موتي.

اسمعي .. جدي تزوّج عليكِ

جدتي
أيتها القاسية
لماذا تصرين على اقتحام أحلامي؟
وتفرّخين الحزن في رئتي؟

أقسم أني
سمعتك مرة تبكين
لكن أبي لم يصدقني
حين خلطتُ
بين نواحك وأذان الفجر

سأشي بك
سأقول للجميع أنك لم تموتي
وأنك ما زلت تنهرينني كلما تأخرت عن زيارتك
تشربين المتة وتفصفصين البذور
وتتابعين المسلسلات البدوية
وأفلام الكاوبوي

سأقول لهم أنك تضحكين كثيراً
لكن هذه المرة دون ألم
قرأت يوماً عن اعجوز تؤلمه الضحكاتب*
فهل يؤلمك الضحك يا جدتي؟
ألهذا تشبثت أصابعك بكفي؟
وعيناك في عيني؟

ما زالت تخزني عيناك
عودي ولو مرة لانتزاعهما
أو توقفي عن التحديق بي

لا أسمع صوتك
وصمتك بحجم العتمة
والعتمة تغطي شفتيك
والليل أطول من صبري

لا تتوقفي عن التنفس
لا تهدئي الآن
لا تهدئي
عودي
عودي أرجوك
..
بالمناسبة
جدي تزوج عليك
*

مجرم… اسمه الليل
كمتشرد مخمور
يقرفص الليل فوق رأسك
ينبش ذاكرتك المهترئة

ويعبث بأحلامك المعاندة
المزمنة كمسامير القدم
وأنت في جلستك الهادئة
تعد ظلك برفيق لن يأتي
تقضم شرايينك كعيدان قصب جافة
وتنسى دوماً
باب قلبك مفتوحاً
فتفر منه آخر الجثث
لم تعد تذكر لون جلدك المُزرق
ولم تفكر يوماً بنفض الغبار عن رئتيك
ولأنك تحبسه مع الزفير
صار يخنقك الكلام
تخفي كوابيسك تحت الوسادة
وتفكر
لو تقايض فوانيس المدينة بظلك
تمزق عتمة المقابر بها
تقلق راحة الموتى
وتغتال النعاس في كل العيون
لو توزع غضبك على الحمقى
فيسلخون جلد الليل
يجردونه من نجومه
ويجرونه بين الأزقة
مجرم هو.. يقتات من أرقك
ويستبيح أحلامك كلما شارفت على الاكتمال
كفك ينِزُّ حبراً
لا يفهمه أحد
وتدعي فهمه أنت
تمشط أفكارك الشعثاء
وتنظر سراً نحو النافذة
هل غادرت الكوابيس؟
هل طلع النهار؟
الزم مسارك
إشارة ضوئية جديدة أمامك
انعطف نحو اليمين
أنجز هذه الأوراق قبل الغداء
لا تغادر مكتبك
سنحتاج إليك بعد الدوام


وتدعي أن نهاراتك أفضل؟
..
هل تمزح؟!!

عنوان ديوان للشاعر المصري عماد أبو صالح
شاعرة من سوريا تعيش في دبي
Whatonearth1@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى