صفحات ثقافية

الخلاء المختال

null
أمجد ناصر

يومٌ برَبْعي كأنَّ زُهَاءه
إذا هبطَ الصحراءَ حَرَّة راجلِ

لم تذهب، هذه المرة، بسيارة والدك. الذهاب في اتجاه “الحَرَّة”، التوغل في عمق ذلك المسطح البركاني الهائل، يتطلبان سيارة ذات دفع رباعيّ، وهذا مسعى لا تقوى عليه السيدة الألمانية العجوز. اتصل أحمد بصديقه سامي. سامي اتصل بابن عمه ذيب. سامي وذيب يتحدران من عشيرة الزبيد المتفرعة من قبائل أهل الجبل. إنهم سكان تلك المنطقة بدءاً من القاعدة الجوية وصولاً إلى الرويشد، بوابة العراق. جاء ذيب ضحى. كان ينبغي أن يكون أمام بيتكم صباحاً. لكنه لم يهتد إلى البيت على رغم الإرشادات التي زوّده إياها أحمد. لا أحد هنا يعرف أسماء الشوارع. هذا إن كان لها أسماء. لا أرقام للبيوت كذلك. الأهلون يعلِّمون بيوتهم بمصبغة هنا، بائع فلافل هناك، أو بمدرسة، أو بمصلحة عمومية. كانت الشمس تقف عمودية عندما انطلقتم من أمام بقالة بالقرب من بيتكم حيث ابتعتم عبوات مياه معدنية باردة ومرطبات، وتبادلت مع ذيب حديثاً سريعاً حول خطتكم. لو كانت أمك على قيد الحياة لقالت: إنكم مثل “النَوَر” لا يحلو لهم الرحيل سوى في الهاجرة! مثل “النَوَر” الذين يهدّون “خرابيشهم” ويرحلون في الهاجرة، على حد تعبير أمك المجافي لـ”التصحيح السياسي”، انطلقتم بسيارة ذيب التويوتا في اتجاه الشرق.
دير الكهف. ما هو اسمها القديم؟ لا أحد يعرف كذلك. مثلها مثل أمّ الجمال، تحمل اسماً، حديثاً، على الأغلب. الكهوف الموجودة بالقرب منها قد تكون هي التي أعطتها جزءاً من الاسم. أما الدير فلعلّه ذو علاقة بما يشاع عن انتشار المذهب النسطوري الاعتكافي في هذا الصوب من الصحراء. لكن الكهوف يمكن أن تكون أديرة المنقطعين عن العالم في مكان منقطع، أصلاً، عن العالم. كانت هنا مدينة مثل أمّ الجمال. ومثل أمّ الجمال، يتداخل النبطي والروماني بإسمنت اليوم. ليست على طريق تراجان الدولية، بل طريق خلفه، ديوكلتيان التي تتفرع من الأولى ذاهبةً في اتجاه الجزيرة العربية عبر وادي السرحان. المهدم من دير الكهف، أكثر من القائم. خرائط الأمبراطورية وشواخص طرقها الدولية محتها الريح. لا أثر لحوافر الخيول التي رمحت في الصحراء، ولا للعربات التي كانت تئنّ تحت ثقل حمولتها على طرق مرصوفة بحجارة مربّعة. الصحراء تبتلع الخطى والرجوم والعظام وتذرو الأصوات على بيدر الرياح. لكن الريح تبقى. كذلك الخلاء المختال. ثمة حنية تشبه ممراً مسقوفاً بالحجر البركاني الأسود. بناء مربّع الشكل له أكثر من باب. شبه متداعٍ. ما إن دخلت حتى تغيرت، فوراً، درجة حرارة الساعة الثانية. الساعة التي ينام فيها الناس والحيوانات هنا، غصباً، من شدّة الحرّ. لا يبدو أن الحجر البركاني يخزّن أشعة الشمس. لو أنه كذلك، لكان الحرّ لا يطاق في الداخل. على العكس، نزلت الحرارة عشر درجات على الأقل. مقياسك البرودة المنعشة التي هبّت. من بقايا التبن الذي يُرى في أرضية إحدى الغرف وبين حجارتها السود، واضح أنها استُخدمت، إلى وقت قريب، مخزناً لعلف البهائم. ليس ذلك البناء سكنياً. يبدو أنه حصن قديم. فثمة أبراج. بركة مياه. كان قطيع من الغنم “يُقيِّل” بالقرب من البركة. للأغنام طريقتها الخاصة في صنع ظلٍّ تقي به رؤوسها. كل رأس في ظلّ إلية أخيه. يبدو القطيع العنبري من بعيد بلا رؤوس. غمامة عنبرية تحطّ على الأرض. الأغنام، مثل راعيها، تقي رؤوسها فقط من شمس تسكب نحاساً مصهوراً. ثمة كتابة وأرقام على بعض الجدران البركانية التي تتوسط البلدة. تعتقد أنها لاتينية.
إلى مكان لم تصله، ربما، جيوش الفراعنة التي كانت تفيض قوتها، أحياناً، على الخريطة المصرية المربّعة الشكل، وصل مصريو اليوم. اليد العاملة التي كفَّت عن الزراعة والصناعة والأشغال العضلية في بلادها، طافت على محيطها. في نقطة بين دير الكهف والصفاوي، كان هناك شخصان يقفان بتحفّز. يلفّان رأسيهما بشماغين على الطريقة المحلية. أشارا إليكم من بعيد. توقفتم. ظننتم أنهما عاملان أردنيان. على رغم محاولتهما التحدث باللهجة الدارجة، إلاَّ أن لسانهما المصري المتفوق لم يُوَفَّق في استيعاب لهجة لا تُسمَع كثيراً خارج نطاقها الجغرافي. كانا يريدان الذهاب إلى المنصورة، فقلتم لهما إنكم ذاهبون إلى الصفاوي. فقالا بصوت واحد: ماشي.
قليلةٌ هي الأشياء التي تقطع سيادة هذا الفراغ الهائل. البناء هنا عارضٌ. متقطّع. الطرق المسفلتة المتناسلة من بعضها أفاعٍ تلمع بجلدٍ أسود وسط الصفرة الضاربة الأطناب. تترك البناء العارض. إنه لا يرافقك طويلاً، إذ هو محطة استراحة. البناء الذي شُيِّد منذ أكثر من ألفي سنة طوفٌ مترجرجٌ وسط بحر من الخلاء. هودجٌ يترنح في سراب خلاّب. البناء الحديث لم يغادر مواقع الأولين. قلما يبتعد بناء الأزمنة المعاصرة عما تركه السابقون من منشآت في قلب الصحراء. الأمر ليس مصادفة. فالحياة هنا تلتصق بالماء. لا تجرؤ على الابتعاد عنه كثيراً. لم تتغير مصادر المياه منذ ألفي عام. إنها نفسها التي شرب منها الأنباط. الإغريق. الرومان. الأمويون. القبائل التي تغزو. القبائل التي تستقر. الصحراء تعود. الفراغ الأصل يسترجع أوصاله كاملة ويبسطها على أملاكه الشاسعة. الأرض المفتتة من فرط الجفاف مستوية كراحة كفّ. الجفاف يطقطق. لا علوّ لشيء. الانبساط. التماثل. الشبه الملتبس. التكرار. التيه. أحرف أليفة في حلق الصحراء. لكن دقِّق النظر قليلاً، ستجد حياة ضئيلة تناضل. تكدح في الصهد. الحرمل. الشيح. القيصوم. البعثران. القبقاب. الحَرَاثين. تطأطئ رؤوسها كأنها تصلّي. تقف على رجوم وتطأطئ. تنظر إليك، بلا فزعٍ أو اهتمام، بين صلاتين. قُبَّرة تفرّ. لم ترها. لونها من لون محيطها. صوت رفرفة جناحيها مسموع بقوة في الصمت السادر. “جربوع” يهرب من خطى العبور النادرة إلى جحره الظليل. تتذكر حيلتك القديمة: سكب الماء في جحر الحيوان الذي ظن أنه نجا من ظلك الكبير.
“الفقراء” يسكنون الروضة. الاسم يحيل في بلادك على المشتغلين في جيومتريك الأرواح. “الفقير” قد يكون رجل دين وقد يكون كاتب حجب ورقى، وربما يختلطان في عمامة واحدة. الخلاء المرتاب يحدّهم بأكثر من جهة. بيوت قليلة متناثرة. بالقرب منها حيوانات قليلة رافقت الإنسان طويلاً. يخشاهم الناس المبعثرون مثلهم، هنا، غير أنهم يحتاجون “خدماتهم” أحياناً. تمرّ من جنب بيوتهم. لا شيء غير عادي سوى التوتر المكتوم في صوت ذيب، لكنك لا تعرف الدواخل. تسمع واحداً منهم يقول نحن قوم نخاف الله. جِنّه مثل إنسه، موجود. بعضه صالح وبعضه طالح. أمراض الجنّ كثيرة ويصعب تصوّرها. يعالجون أولئك الذين يخشونهم بالأعشاب والكَيّ والحُجب التي تحمل آيات لطرد سكنة الأجساد ومتلبسي الأرواح. تسمعه يضيف: ليس لنا قدرات خاصة سوى علمنا بهذه الأمور. لا نصنع معجزات. ولكن من يؤمن بالله، عليه أن يؤمن بوجود جنِّه. إنهم مذكورون في القرآن. أنت تعرف أن لك شيطانك أيضاً. لا، ليس ذاك الذي يصطاد كلمات محلّقة في السديم، فهذا لم يربّت كتفك، بل ذلك الذي لا يدعك تنام ما إن تضع رأسك على المخدة.
هذه هي الطريق إلى العراق. البلد الداخلي الذي لم يعرف شعبه هجرات فعلية، يقذف اليوم بشره خارجاً. الدم والأشلاء خَبَرُ الصباح اليوميّ في مدينة السندباد هذه الأيام. السيارات الآتية من هناك أكثر من الذاهبة. لكن الحركة لا تقارن بما رأيتَه قبل خمس سنين عندما زرتَ المنطقة. كان القادمون يصنعون موكباً متصلاً من سيارات “جي. ام. سي” و”شوفروليه”. وجوه طالعة من الأهوال. منهكة. مغبرة. قسمات تكافح للاحتفاظ بكبريائها الجريحة. نساء بعباءات سود. بثياب أوروبية. بمناديل على الرأس. بقصّات شَعر لم تعد دارجة. رجال بشوارب ضخمة، بلا شوارب، أو بلحى نامية. موظفون عموميون، متعهدون، تجار جملة، خردة، طلاب. كانوا كثيرين. يعبرون إلى صباحات بلا مئة جثة مجهولة الهوية. السوق التي تراها على جانبي الطريق، تحرّكٌ غريزيٌّ لقرون استشعار التجارة المحلية. لم تكن هكذا قبل تدفق الدبابات على أرض السواد. السكّر والملح والمعلّبات وإطارات السيّارات وبطاريات الأجهزة الكهربائية وزجاجات المياه المعدنية وحبوب الصداع والسجائر والولاعات وأغطية الرأس العربية والقبعات الأجنبية والمرطبات والأراجيل، تنتقل في مركبات الشحن الصغيرة من المركز إلى الأطراف. آلاف الصحافيين وعمال الإغاثة الأجانب، رابطوا هنا. بهواتف نقّالة. كاميرات. صحون بثّ فضائي. سجلات. بثياب كتّانية فضفاضة. قبّعات عريضة. قبّعات بيسبول. وجوه قادمة من الأطلس. في قلب الصحراء لم يفتقد الصحافيون الأجانب وأولئك الذين لا يشاهَدون إلاَّ في الكوارث “رموز العصر” التي اخترقت كل بقعة في العالم. ربما كان ينقص المكان الذي أصبح، برهة وجيزة، برج بابل صغيراً “ماكدونالد” أو “برغر كينغ” أو “بيتزا هات” ليصبح قرية كونية هزلية!
اترك هذه السوق المرتجلة التي صنعتها حركة العابرين المتقطّعة، إمش في أيِّ اتجاه، ستعود إليك الصحراء المنتظرة بلا تلهف. هناك شجرة كبيرة مستوحدة من فصيلة البطم المُذكَّر تكاد تلامس أغصانُها الأرضَ. لا شيء حولها سوى ظلّها المتراجع تحت تهديد مخلب الشمس. المرويات الرائجة هنا تقول إنها الشجرة التي استظل بها النبيّ العربيّ مرتين قبل أن يعرف رعدة الغار: الأولى مع عمّه والثانية في قافلة السيدة.
تجزم المرويات الشائعة أنه هنا، بالضبط، قابل الراهب بحيرى، فكشف النسطوري المعتكف عن “خاتم النبوة” السريّ مطبوعاً بين كتفيه. قبل ذلك رأى غمامةً تتحول مظلةً فوق رأس الصبيّ اليتيم.
الآثاريّ المتخصص في أوابد المنطقة، لكن المشغول بحسِ إناثٍ في قصر مهجور، يقدّر عمرها بأكثر من ألف وخمسمئة عام، فيجزم، وهو يضمّها إلى سلسلة أوابده الفريدة، بصحة المرويات.
والله أعلم!

الشاب الذي ابتعتَ من دكّانه زجاجات مياه باردة له قَََصّة شَعر حديثة. خصل شعره الأسود مسمَّرة بـ”الجلّ” القاسي. يرتدي قميصاً مزموماً وبنطالاً من الجينز ساحل الخصر. نحيفٌ. لسانه بدويٌّ بنبرةٍ لا تُسمع في هذه النواحي كثيراً. تسأله عن أصله. فيقول إنه من المنطقة. تلحُّ، فيجيب بشيءٍ من الامتعاض: “صْخري”. طبعاً ليست هذه أرض “الصْخور” المعتادة. إنها هناك. تتوسط البلاد كبيضة قبّان بين حمائل الجنوب وحمائل الشمال. أغنية “موعود” تصدح من مذياع صغير على الرفّ الخلفي. عبد الحليم لا يزال يغني. ينوح. “موعود معاي بالعذاب يا ألبي”. بسرعة. مثل لمح البرق. عادت إليك صورة شاب تتلوى عظامه اللدنة مع عذابات المغنّي المصري. بشعرٍ طويل. بقميصٍ مزمومٍ، أيضاً، وبنطال جينز وحذاءٍ ذي كعبٍ عالٍ. عادت صورة بنت وراء نافذةٍ خشبية. لها غمازتان وذيل فرس، وعلى شفتيها شبحُ قُبلةٍ طُبِعت، خلسةً، في الظلام. “عمرك ما شفت معاي فرح… كل مرة ترجع المشوار بجرح”. المغنّي يموت. الشاب يكبر بجرحٍ وهميّ. يرحل ويشيب. الجرح الذي رمته الأغنية في مشواره اللولبي يتأكد. مصدره يظل مجهولاً. لكن الاسطوانة لما تزل تدور. الأغنية تبرح قلباً وتنقل عسلها وخردلها إلى قلبٍ آخر. تقول لنفسك: سيكون هناك دائماً قلبٌ يخفق لطلَّة معبودة، وأغنيةٌ تنوب عن خشب اللسان. ستكون هناك، دائماً، تذكاراتٌ تُهدى تحت قَسَمٍ عظيم: قلوب مطعونة بسهام إلهٍ لعوب، فراشات وزهور محنطة، علاّقات مفاتيح، أقلام ذهبية، سلاسل وتعاويذ لِعَين الحسود، رسائل ملطخة بشفاهٍ مضرجة بالروج، إلخ إلخ.
بقايا منشآت شركة النفط العراقية التي توقفت عن العمل منذ “النكبة” أكلها الصدأ. مهجورة في الصحراء. لم تعد أنابيبها الفولاذية الضخمة تؤدي إلى حيفا. الإنكليز الذين كانوا يديرونها رحلوا بغلايينهم وقبعاتهم الفلّينية، وحيفا التي تغيّر اسمها قليلاً صارت تُكتَب بأحرفٍ جُمِعتْ أضلاعها المبعثرة على عجل.
الشبيكة تظهر. طفحُ الأحشاء يغطي وجه الأرض كقناعٍ مشدود. المادة السوداء التي تفور وتبقبق في المراجل العميقة وجدت لها خاصرةً رخوة فنفذت منها، كنيّةٍ سيئة مبيَّتة أو كقناع محاربٍ صحراويّ ثلّمته الريح. قناع أو مرآة. لا فرق. السواد الفاحم المقذوف في سَوْرة غضب، أو ألم، يغطي أرضاً مستسلمة على مد النظر. يلبسها كجلد أسود قاس. كحراشف. يضاعف حرارة الشمس ويعطي لمحة سريعة عن الجحيم. أي نسمة هواء تتسرب من هناك قادمة من معدن النار نفسها. لن ترى الأثلام الصغيرة في ذلك الوجه المحروق إلاّ إذا اقتربت. ليست أثلاماً. بل مربّعات شطرنج آلهة مهجورة، لكن مع ذلك يمكن سماع بقايا التعزيم الذي أشفى، كما يقال، البُرص والعُمي والأجساد المسكونة بأثيرٍ قاتم.
إنها “الحَرَّة”.
بِِرْكة مياهٍ ضحلة اجتازت، بمعجزة، لهيبَ الصيف. حدوةُ شمسٍ محْمَرَّة تنعكس على صفحة المياه. ثلاثة كلاب هزيلة منبطحة بجانب البِركة تلهث من شدة الحرّ. تفتح أفواهها وتلهث. تتدلى ألسنتها الزهرية أمامها. لم تتحرك. ثمة طيورٌ صغيرة. يمامٌ صحراوي، بحسب ذيب، يمدّ مناقيره في الماء ويشرب. هذه المنطقة المؤدية إلى الحدود السورية كانت مسرحاً للتهريب يصعب ضبطه. ذيب خدم كعسكري هنا. قال إنهم طالما اشتبكوا بالأسلحة مع المهربين في هذا الصوب. المهربون يعرفون أن المركبات، من أيّ نوع، يستحيل أن تتحرك في “الحَرَّة”. الخيل، أيضاً، يستحيل أن تمشي في “الحَرَّة”. الجِمال لا تستطيع. فقط قدم الانسان يمكنها أن تنتقل، بتعثر، بين مربّعات البازلت. الثعالب والكلاب والذئاب في مقدورها أن تفعل. يقول ذيب: تفتّق خيال مهرّبي المخدرات، خصوصاً، عن فكرة جهنمية. كانوا يربطون “البودرة” على بطن، أو ظهر، كلبة وضَعَتْ حديثاً. يأخذون جراءها إلى الجانب الآخر من “الحَرَّة”، فتلحق بهم!
ليست هناك “حَرَّةٌ” واحدة. ثمة “حَرَّاتٌ” كثر قطعت الحدودُ الحالية، في الخرائط فقط، امتدادَها السياديّ. هذا القناع البازلتي القلوي أكبر بكثير مما تخيلتَ. إنه يبدأ من هضبة الجولان، يعبر الجزء القصي من البادية الشمالية في اتجاه شبه الجزيرة العربية، وصولاً إلى نجد. في الأردن نحو أحد عشر ألف كيلومتر مربع من هذا الفيض البازلتي الناتج من سلسلة براكين أخرجت أخلاط الأعماق إلى وجه الأرض قبل نصف مليون سنة أو أكثر. أحصى ياقوت الحموي 29 “حَرَّة” في معجمه الشهير. يُعرِّفها صاحب “معجم البلدان” هكذا: أرضٌ ذات حجارة سوداء نَخِرة كأنها أُحرِقت بالنار. كما ترد هذه “الحَرَّات” في أيام العرب، ومنها “حَرَّة تبوك”، “حَرَّة تقدة”، “حَرَّة حقل”، “حَرَّة الحمَّارة”، “حَرَّة راجل” إلخ ¶
النهار الثقافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى