بيانات وتقاريرصفحات سورية

نهج ظالم وسياسة خطرة

null
افتتاحية موقع النداء الناطق باسم إعلان دمشق
يستمر النهج الظالم من دون مبرر فيما يخص القضية الكردية في سوريا، ويتابع النظام ما درجت عليه الأنظمة المتعاقبة منذ الإحصاء الظالم في عام 1962 الذي جرّد ستين ألفاً من الأكراد من جنسيتهم، أصبحوا ثلاثمائة ألف اليوم بحكم التزايد السكاني الطبيعي. وزاد على ظلمه ظلماً بإصدار المرسوم 49 لعام 2008 مؤخراً.
لم تجد المشاكل الناتجة عن إحصاء عام 1962 حلاّ لها، رغم الوعود الكثيرة وغير الصادقة، بل العكس من ذلك، فقد تراكمت عليها وتفرعت منها مشاكل من نوعٍ آخر زادها الاستبداد السياسي توتراً وخطراً.
وآخر ذلك أن المرسوم 49 المذكور يمنع ” عمليات البيع والشراء والإيجار والاستثمار لأية أراضٍ أو عقارات بعمق 25 كم من الحدود السورية لأكثر من ثلاث سنوات، إلا بموافقة خاصة من وزير الداخلية”. وهذا المرسوم يخصّ مناطق التواجد الكردي في محافظات حلب والرقة والحسكة ويقصدهم، ما دامت الحدود المعنية في محافظة القنيطرة ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967، والحدود التركية السورية لا تعاني من المشاكل في محافظتي اللاذقية وإدلب.
إن المرسوم المذكور يستهدف المواطنين السوريين الأكراد، وسوف يكون – بتطبيقه- تحديداً جائراً لمصادر رزقهم ولحياتهم عموماً، وهو سوف يدفع لاحقاً وبشكل قسري لهجرة أعدادٍ كبيرة منهم لأراضيهم ومناطقهم باتّجاه أحزمة البؤس حول مدينتي دمشق وحلب. ولن يصعب – والحالة هذه – التنبؤ بمستقبل يسمه التوتّر، وتؤججه المعالجات الأمنية التي ما برحت السلطة تعتمدها في معالجة مشاكل اجتماعية وسياسية تعاني منها بنيتنا المأزومة، لتعمق بذلك شروخاً في لحمتنا الوطنية لم تعد خافية على أحد، وطالما حذّرنا من عواقبها.
وبالمناسبة هذه، دعت القوى الكردية إلى اعتصام رمزي أمام مجلس الشعب في صباح الأحد 2/11/2008، حضره المئات من الناشطين الأكراد. فما كان من “فرقة مكافحة الشغب” إلا أن تواجههم وتعتقل 286 مواطناً منهم، ثم تخلي سبيلهم جميعاً في وقت متأخر من ليلة اليوم نفسه، بعد أن أسمع نائب وزير الداخلية عدداً من قياداتهم كيلاً من المدائح والصفات الوطنية، من دون أن يشرح لهم ولشعبنا سبب اعتقالهم أساساً ما داموا كما يقول، ونحن نعتقد بقوة أنهم كذلك حقاً.
تُضاف هذه الحادثة إلى غيرها، لتشير إلى نمط تسلكه القوى المتطرفة داخل النظام بإصرارها على النهج الأمني الذي طالما أثبت فشله أمام الأزمات التي مررنا ونمرّ بها. لا بدّ لتلك القوى أن تدرك أن التطرّف يستجرّ تطرفاً مقابلا لا يريده الشعب السوري بشكل من الأشكال.
إن هنالك قوى سياسية كردية وازنة ومعتدلة في سورية، وأغلبها يندرج في ائتلاف إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي. إنها تؤمن وتسعى إلى حلٍّ ديمقراطي لمشاكل لأكراد في بلدهم، في إطار دولة مدنية ديمقراطية تعترف بجميع مواطنيها وتحترمهم وتساوي بينهم، على قاعدة المواطنة والحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً. وبخاصة وأن حجم الظلم الواقع على الأكراد في سورية لم يرقَ – بعد- إلى مستوى ما عانوه في العراق وتركيا وإيران، وهو بالتالي قابل للتفهم والتجاوز من قبل القوى الكردية إذا ما وُجدت الإرادة الجادة والصادقة في التعاطي الإيجابي مع المشاكل السياسية والاجتماعية التي يعانيها الأكراد.. ويعانيها معهم شعبنا بكلّ شرائحه وتنوّعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى