قضية فلسطين

“المقاومة كلما قاومت قويت”

د. أديب طالب
عسير جداً ان تكتب وشلال الدم يغرق بر غزة وبحرها بالكامل ـ 40 كم طولاً، 4 الى 12 كم عرضاً، مليون ونصف لاجئ.
يشرب الغزاويون دماءهم ودموع مليار ونصف مسلم. يأكلون اشلاء اطفالهم وكسر الخبز ان وجد. أي رعب هذا؟ أي وحشية هذه؟ الحضارة خرساء صماء عمياء، وان نطقت ساوت الجلاد بالضحية.
عسير جداً ان تكتب! ولكن الكتابة قدر، ولا مرد لقضاء الله.
صرح مساء 5/1/2009 داعية اسلامي شيعي مشهور لمحطة “روسيا اليوم”: “المقاومة كلما قاومت قويت”. وقد علمونا في الطب البشري ان العضو الذي لا يعمل يضمر… حسناً توافق العلم مع الايديولوجيا. ولعل مأثرة الداعية الاسلامي ناقصة؟ والحجة على نقصانها ما ورد في قوله تعالى “ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة”.
قال الاديب الفرنسي اليهودي، مارك هالتر، انه التقى في دمشق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وانه عاد من لقائه برسالة سلام الى اسرائيل.
وقال هالتر: نظم اللقاء بواسطة مساعدي الرئيس السوري بشار الاسد.
وواصل مشعل فقط “حماس” هي التي تستطيع اليوم استيفاء الشروط للمفاوضات. وقال مشعل، حسب الاديب الفرنسي هالتر، ان حماس لم تكن قد خططت لادارة حرب مع اسرائيل، وكل ما أرادته هو اجراء استفزاز بسيط لا اكثر. ولم تتوقع ابداً ان يأتي ردها بهذه الضخامة.
قال الرئيس السوري، بشار الاسد، في حديث لشبكة CNN ان حركة المقاومة الاسلامية “حماس” التي تخوض مواجهات دامية مع الجيش الاسرائيلي منذ أيام في قطاع غزة مستعدة للموافقة على السلام اذا اوقفت تل ابيب عمليتها العسكرية وانسحبت من القطاع، مشدداً على ان دعم بلاده للحركة لا يتجاوز الطابع السياسي.
وقد اوردت الصحف الاسرائيلية عن معلومات مخابراتية ان قادة حماس يفضلون لو انهم ما رفضوا تمديد التهدئة!
نقطة الانطلاق السليمة هي ان الشعب، الجماهير، الامة، خلق الله، بأمس الحاجة لنخب وقادة ودعاة تعقلها لا ان تهيجها وتبيع وتشري، بهياجها وشهدائها، في سوق الكراسي المحلية بضمانات اقليمية ودولية.
دفعنا ثمناً باهظاً، بشرياً ومادياً قبالة انتصارنا في حرب تموز، ومنذ انتهائها، وحتى الآن، ما يقارب سنتين ونصف ولم “نقوص” من لبنان رصاصة واحدة على اسرائيل. هل ستكون نتيجة ما ندفعه من اثمان مرعبة في غزة هو الا “نقوص” على اسرائيل من غزة ولا رصاصة واحدة لعشر سنوات مثلاً؟ ألا يعني هذا ان ليس صحيحاً تماماً “ان المقاومة كلما قاومت قويت”، لأنها لو كانت كذلك “لقوصت” من جديد.
إذا كانت اسرائيل لا تعيش وتستمر إلا على أسنة الحراب كما يقول الفاشي اليهودي “جابوتنسكي”؛ فهل من الضروري ان نتمسك بـ”لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” ونسن حرابنا ونشرعها و”عليهم ياعرب”؟ والمحصلة ان نحصد الهزيمة والندم ويحصدوا النصر، ان يقووا وان نضعف، ان يتماسكوا وان نتفكك.
الستون سنة الماضية شاهدة على ما أقول! بدهي ان تستمر اسرائيل في سن حرابها طالما انها تحصد النصر، وما ليس بدهياً ان نكرر “ان المقاومة كلما قاومت قويت”.
تقول اسرائيل انها لا تجد امامها شريكاً للسلام؛ لذا تشن الحروب، ماذا لو كنا حقاً شركاء في السلام؟ وماذا ستقول اسرائيل عندها؟… لعلنا لن نفعلها طالما اننا ننتظر الحجر او الشجر ليقول لواحدنا: هذا يهودي خلفي تعال فاقتله!
يقول البعض: “المشروع الاسرائيلي مشروع ابادة سياسية واجتماعية وثقافية” أقول لهذا البعض ارني بحق الله ما بقي لنا من سياسة واجتماع وثقافة! في السياسة نهلل للحذاء وفي الاجتماع نتذابح أسوأ من القبائل البدائية وفي الثقافة، يقرأ العربي ربع صفحة كل عام ومثالاً على ما يقرأه العربي نورد تعليقاً واحداً لكاريكاتير مصري “ليفني ليفني يا مفترية وشك في الحيط وقفاكي ليا”.
منذ انسحبت اسرائيل من غزة وحتى الآن واستناداً لكرامتنا وارادتنا المقاومة وبفعل صواريخنا؛ قتلنا 20 اسرائيلياً ولن اذكركم كم قتلوا منا في هذه الفترة وهم مستندون الى ارادة الحرب العبرية العدوانية؟ ليس باتساع الاشداق وبحة الحناجر وانتصاب اصابع التهديد والوعيد وعبر “جيوش المزاودين والديماغوجيين والحذائيين”؟؟ العبرة دائماً في النتائج.
قالت صحيفة اسرائيل اليوم: “ايران التي شجعتهم على خرق الهدنة لم تنجدهم، كذلك لم تنطلق اية صواريخ على شمال اسرائيل. وحماس امام خيارين اما الاستسلام انقاذاً لحياتها واما مواصلة القتال حتى لو ادى ذلك الى انهيارها” والسؤال كم ستصمد مقولة “المقاومة كلما قاومت قويت” وبالذات على ضوء الخذلان وحين اكتفى اهله بالارشادات المسبقة الصنع؟! “بيروت لا تقوص” ودمشق وطهران بعيدتان! وعلى سوء التقدير لميزان القوى والنابع اصلاً من لفظية المقولة المقاومة هل تدرك حماس انها استخدمت ورقة لا اكثر؟ ولا تزال كذلك ان لم تدرك، والادراك المتأخر جداً لن يفيد الا اسرائيل وجمعية الخاذلين.
حماس الباقية على قيد الحياة والمعقولة المطالب افضل مئة مرة من حماس مدمرة عاجزة حتى عن الطلب. وبقدر ما هو صعب ومهم التصالح مع الاخوة فالاسهل هو التصالح مع الحقائق والوقائع لا مع الاوهام.
لحظة البكاء ماضية ولحظة البقاء قادمة.
ما رأيناه على الشاشات ابكانا وابناءنا واحفادنا. لحظة البكاء قصيرة ولن تلبث ان تنقضي ليعود العقل العاقل الى العمل ليبحث عن الحل الممكن والمساعد على البقاء وعلى احتمال قيام حياة منتجة تسد خسارات الماضي وتمكن لحاضر متوازن وتهيئ لمستقبل قد يكون افضل اقرب الى الحضارة وابعد عن الغرائز وادمان الاحزان.
() معارض سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى