صفحات الشعر

الوَرْدِيُّ الحَالِمُ، تِلْكَ هِيَ زَهْرَةُ اللَّيْلَك

null
مَالْكُولْمْ دُو شَازَالْ

تَرْجَمَةُ وَتَقْدِيمِ: أحمد لوغليمي
(المغرب /إيطاليا)

‘نتذكر أرواح الآخرين حينما يفقدون أجسادهم’
مالكولم دو شازال

‘نتذكر أرواح الآخرين حينما يفقدون أجسادهم’
مالكولم دو شازال

الوَرْدِيُّ الحَالِمُ، تِلْكَ هِيَ زَهْرَةُ اللَّيْلَك هَذَا المُورِيسِيُّ الَذِي دَرَسَ هَنْدَسَةَ السُكَّرِ لِتَحْقِيقِ حُلْمِ جَدَّتِهِ، فَتَحَ آفَاقًا جَدِيدَةً لِلْكِتَابَةِ الْأَدَبِيَّةِ، أَوْ كَمَا وَسَمَهُ جُورْجْ بْرَاكْ كِتَابَتُهُ تَتَمَوْقَعُ فِي مَنْطَقَةِ ‘مَا وَرَاءَ الأَدَبِ’.
لَوْ أَنَّهُ لا يَزَالُ بَيْنَنَا، هَذَا المَالْكُولْمْ دُو شَازَالْ( 1902 ـ1981) الَذِي لاَ أَحَدَ يَجْرُؤُ عَلَى أَنْ يَغْصِبَهُ حَقَّهُ المَشْرُوعَ فِي أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا بِعَظَمَتِهِ، لَكَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَخْتَبِرَ سَدَادَ وَمَفْعُولَيَةَ حُدُوسَاتِهِ الَتِي بَذَرَهَا عَلَى امْتِدَادِ أَعْمَالِهِ. تَنَبُّؤِيَّةٌ ، شِبْهُ مُلْهَمَةٍ، رُؤْيَتُهُ الشِّعْرِيَّةُ لِعَالَمٍ كُلُّ أَشْيَائِهِ حَيَّةٌ وَحَيَوِيَّةٌ. مَالْكُولْمْ دُو شَازَالْ كَانَ فِي نَفْسِ الآنِ، شَاعِرًا، رَسَّامًا، فَيْلَسُوفًا، مُنَظِّرًا جَمَالِيًّا، صُوفِيًا وَمَمْسُوسًا عَنْ جَدَارَةٍ بِجُنُونِ العَظَمَةِ كَمَا أَسْلَفْنَا، الفِكْرَةُ الشَّازَالِيَّةُ لَيْسَتْ تَوْضِيحِيَّةً. تَفِيضُ عَنْ إِشْرَاقَاتٍ تَصِلُ العَوَالِمَ المَرْئِيَّةَ بِالمُحْتَجِبَةِ بِخِفَّةٍ. كَانَتْ تُؤَرِّقُهُ الأَخْطَارُ أَلْتُحْدِقُهَا بِكَوْكَبِنَا تَرْنِيمَةُ العَدَمِ. وَكَانَ يُنَاصِبُهَا العِدَاءَ، لِصَالِحِ، السِّلْمِ، الجَمَالِ،الشَفَافِية، إِنْهَاءُ الشِّقَاقِ الثَنَوِيِّ بَيْنَ النَاسِ وَالعَالَمِ…

فِي أَسْرِ المُبَارَزَةِ ذَاكَ، يُتْلِفُ الإِنْسَانُ عَلاَقَاتِهِ بِالكَائِنَاتِ، بِالنَّبَاتَاتِ، بِالمَطَرِ، بِالأَحْجَارِ… وَيَخْتَزِلُهَا إِلَى أَشْيَاءَ عَمْيَاءَ. شَازَالْ، يُحَرِّضُنَا عَلَى إِعَادَةِ بِنَاءِ عَلاَقَاتِنَا بِكَائِنَاتِ العَالَمِ تِلْك. يُعَلِّمُنَا أَنْ نَقْفِزَ مِنْ ‘مَعَهَا’ إِلَى ‘مِنْهَا’، لِيُمَكِّنَنَا مِنَ الدُنُو إِلَى الأَعْمَاقِ الغَائِرَةِ لِحَقِيقَةِ العَالَمِ. ذَاكَ التَوَاصُلُ الشِّعْرِيُّ أَلْيَذُوبُ وَيَنْهَضُ عَلَى حَوَاس أُخْرَى تَبْدَأُ مِنَ الحَاسَّةِ السَّادِسَةِ وَلا يَنْتَهِي عِنْدَ المِئَةِ. بِبَهْجَةِ الجَمَالِ الشَّفِيفَةِ هَذهِ، يَتَجَاوَزُ الشَّاعِرُ العَالِمَ (بكسر اللام) . لَيْسَ الذَّكَاءُ وَحْدَهُ مَا يُسْعِفُنَا لِفَهْمِ العَالَمِ ، إِنَّهَا حُدُوسٌ أُخْرَى يَكْشِفُهَا لَنَا الشُّعَرَاءُ…

فِي عَمَلِهِ ‘الحَيَاةُ مُصَفَّاةٌ La vie filtr’e ‘ يُوَضِّحُ مَالْكُولْمْ دُو شَازَالْ أَنَّ :’ أَحَدَ أَهْدَافِ الشِّعْرِ الجَوْهَرِيَّةِ لَدَيَّ، هُوَ خَلْقُ مُنْحَدَرَاتٍ فِي الكَلِمَاتِ، حَزُّ زَلاَّقَاتٍ فِي اللُّغَةِ، لِإِسَالَةِ الأَحَاسِيسِ إِلَى الخَارِجِ. الشَّكْلُ الشِّعْرِيُّ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فِي حَدْسِي ـ عَكْسَ مَا يَخَالُهُ الشُّعَرَاءُ المُعَاصِرُونَ ـ انه وَسِيلَةٌ لِتَطْوِيقِ، حَفْظِ،أَوْ صَفْدِ الأَحَاسِيسِ، لِأَنَّهُ، كذَلِكَ أَتَوَسَّلُ ‘أُصَصًا’ أُخْرَى…كِتَابَتِي هِيَ الجَسَدُ ـ النَّهْرُ، وَلاَ نَهْرَ يَسْتَسِيغُ الاِحْتِجَازَ.’

– 1 –

آخِرُ
مَا يُحِسُّهُ
الْمَشْنُوقُ
هُوَ أَنَّهُمْ
يَنْتَزِعُونَ
رِجْلَيْهِ

– 2 –

الْنَّدَى
هُوَ الْمَاءُ
وَقَدْ غَدَا
مِزْهَرِيَّةً.

– 3 –

كَانَ الْجَوُّ
حَارًّا.
فَنَضَتْ عَنْهَا
بَنْطَالَهَا
الشِّتَاءُ.

– 4 –

كَانَتْ لَهَا
خُطًى
حَكِيمَةً
فِي قَدَمَيْهَا
الْمَجْنُونَة.

– 5 –

الخَاتَمُ
يَضَعُ الأُصْبُعَ
فِي عَيْنِه.

– 6 –

نَهْدَاهَا
تُثْمِرَانِ
عِنَباً
عَذْباً.

– 7 –

خَشِيَ
المَاءُ
أَنْ يَبْتَلَّ
فَصَارَ
غَيْمَةً.

– 8 –

حِينَمَا
تَنْفَقُ
الصَّخْرَةُ
لا
تَحْتَاجُ
لِمَنْ
يَدْفِنُهَا.

– 9 –

لِكُلِّ
عُصْفُورٍ
لَوْنُ
تَغْرِيدَتِهِ.

– 10 –

كَانَتْ تَقُصُّ
فَسَاتِينَهاَ
مِنْ أَنْسِجَةِ
الغِيَابْ.

– 11 –

الوَجْهُ
عِنْدَ
الهَلَعِ
يَتَصَرَّفُ
كَيَد.

– 12 –

كَانَ الجَوُّ
قَائِضًا جِدًا
حَتَّى أَنَّ
الأَزْهَارَ
اضْطُرَّتْ
لاسْتِعْمَالِ
أَلْوَانِهَا
كَمِرْوَحَة.

– 13 –

مُغَادِرَةً
كُلَّ
زَهْرَةٍ
تَتَعَثَّرُ

النَّحْلَةُ
سَكْرَانَهْ.

– 14 –

النُّورُ
دَسَّ يَدَهُ
فِي حَقِيبَةِ المَسَاءِ
وَاسْتَلَّ
نَجْمَةً.

– 15 –

الأَزْرَقُ
دَائِمًا
تَخْتَمِرُهُ
فِكْرَةٌ مَا.

– 16 –

الأَبْيَضُ
لاَ يَشْحُبُ
قَطّ.

– 17 –

الأَسْوَدُ
هُوَ النُّورُ
مَثْقُوبًا.

– 18 –

امْسَحُوا الأَصْفَرَ
وَهَاهُوَذَا
أَبْيَض.

– 19 –

النُّورُ
يَرْبِطُ
حِذَاءَهُ
فِي الأَحْرَاج.

– 20 –

كُلُّ
جِذْرٍ
تَحْتَ
الأَرْضِ،
يُنَطْنِطُ
كَطُيَر.

– 21 –

لَيْسَ لِليْلِ
مَرْقَدٌ
فَيَنَامُ
أَيْنَمَا اتُّفِق.

– 22 –

بَنْطَالُ
المَاءِ
الزَّبَدْ.

– 23 –

يَتَعَرَّى
الضَّوْءُ

إِذْ
تَسَّاقَطُ
بِتْلاَتُ
الخَرِيف.

– 24 –

تَمُوتُ
العَنْكَبُوتُ
إِذْ تَخَالُ نَفْسَهَا
ذُبَابَةً.

– 25 –

زَهْرَةُ اللَّيْلَكِ
هِيَ
الوَرْدِيُّ
الحَالِمُ.

– 26 –

شَوْكَةٌ
تَخِزُ
أُخْتَهَا
هُوَذَا
الأَلْمَاسُ.

– 27 –

كُلُّ الأَرْدَافِ
تَتَمَايَلُ
يمنة يسْرَة.

– 28 –

لَا شَيْءَ
يُمْكِنُهُ
أَنْ يَكُونَ
أَشَدَّ إِهْلِيلْجِيَّةً
مِنْ ثَمْرَة.

– 29 –

لِلْمَاءِ
عِنْدَ الحَاجِزِ
حَرَكَاتُ
فَرَسِ النَّهْرِ.

– 30 –

يَشْحُبُ
الْأَزْرَقُ
مِنَ الغِبْطَةِ
أَوَانَ
الرَّبِيعِ.

– 31 –

الخَوَنَةُ
لَا يَثِقُونَ
حَتَّى
بِالْمُنْعَطَفَات.

– 31 –

فَخِذَاهَا
كَانَا
فَوْضَاهَا الجَمِيلَة.

– 32 –

عَشِقَتْهُ
حَدَّ أَنَّهَا
يَوْماً
خَالَتْ
أَنَّهَا صَارَتْ
زَوْجَتَهُ.
وهو، مَاذَا صَارَ هُوْ؟
المِسْكِينُ جُنَّ.

– 33 –

لَبِسَتْ
فُسْتَانَهَا
ثُمَّ
لَبِسَتْ أَزْرَقَ فُسْتَانِهَا
وَرَاحَتْ
إِلَى مَوْعِدٍ مَعَ
عَشِيقِهَا
وَحِينَمَا عَادَتْ
كَانَتْ قَدْ ضَيَّعَتْ فُسْتَانَهَا
وَاحْتَفَظَتْ
بِالأَزْرَق.
وَمُذَّاكَ
فِي كُلِّ مَرَّةٍ
لَا تَلْبَسُ فِيهَا
فُسْتَانًا أَزْرَقَ
تُحِسُّ أَنَّهَا
عَرْيَانَة.

– 34 –

النَّارُ
تَشْكُو
أَنَّ
الخَشَبَ
لَا
يَفْهَمُهَا.

– 35 –

لِلَّمْسَةِ
نَكْهَةُ
الأَرِيج
عَلَى
إِيهَابِ
الأَطْفَالِ.

– 36 –

قَوْسُ قُزَح
عِقْدٌ
بَاحِثٌ
عَنْ جِيد.

– 37 –

عَادَتْ
بِالعَسَل
وَنَسِيَت
القَمَرْ.

– 38 –

مِنْ دُونِ
بِتْلاَتِهَا
الْأَزْهَارُ
عَمْيَاءٌ.

القدس العربي
03/01/2009

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى