صفحات سوريةغسان المفلح

إعلان دمشق، إلى أين؟

null


غسان المفلح

هدأت الأمور! والشباب المعتقلون سيبقون في السجن إلى أجل غير معلوم. لعبت السلطة بورقتين: الأولى اعتقال قسم يرى أهل النظام أنه الأنشط، وأنه يضرب رمزية حركة الإعلان ونشاطه، والثانية جلست تتفرج علينا كيف نتقاتل! ونملأ الإعلام هذيانات،
وتمت القطائع الجديدة بين صفوف المعارضة والنخب المساندة لها، ودخلنا مرحلة صمت القبور، والشباب في داخل السجن يعيدون قراءة التجربة! قلت نتقاتل لأن الحوار لم يكن بلا مردود على مستوى القطيعة الشخصية بين المتحاورين، بل كان له مردود أعاد إعلان دمشق، إلى مربع السكون، باستثناء موقع النداء اليتيم والمحجوب، والذي من الواضح أن القائمين عليه يعانون من ضغط العمل والمخابرات معا، لأن الموقع من أفقر المواقع السورية، ولا أعرف إن كانوا معذورين أم لا؟ هم أدرى. التشكيك طال الإعلان من جانبيه: طائفي لا علماني من قبل بعض العلمانية، وأمريكي من قبل بعض القومية، مع ذلك هذا الجو من الحوار التشاحني والاتهامي يعزز الأمل في عمل بناء، لولا أن السلطة دخلت على الخط كعادتها وشلت مؤسسات الإعلان باعتقال نشطاءها من جهة والضغط على البقية من جهة أخرى. من الواضح على الأرض أن التيارات الأخرى بشكل غير مباشر استفادت لحظيا من هذه العطالة القهرية التي أصابت مؤسسات الإعلان فطرحت مبادئ إعلان جديد، وهي تعقد الاجتماعات وتقوم بالاتصالات من أجل هذا الإعلان الجديد، ولكن دون فائدة تذكر. كنا نتوقع أن يكون حال التيارات الأخرى أفضل، نشهد لها حركة ما، تجمعا بمناسبة أحكام الطوارئ، وليس بمناسبة قيام الوحدة بين مصر وسورية فقط، مع أهمية الحدث المختلف عليه بين نخب سورية.

باستثناء قيام الحركة الكردية وقدمت الشهداء في نوروز هذا العام، و ببعض النشاطات قبلها بمناسبة الاجتياح التركي لشمال العراق! وبمناسبة 12 آذار، لا نجد حراكا ما. الإعلان يتجه إلى خيارين، إما الموت البطيء كما تريد له السلطة، أو العودة إلى أحضان الثوابت الممانعة، والتي تؤسس لجان لنصرة أهلنا في العراق وفلسطين ولا تؤسس لجان لنصرة أهالي المعتقلين. هذا حق بالطبع، لكن على هامشه هنالك أهلنا في سورية، بات من الواضح أن النظام، انحاز نهائيا وإلى غير رجعة، بأنه لن يقبل أبدا بالحديث عن تعددية في سورية. وعلى كل من يريد المعارضة أن يعارض تحت هذا السقف. بلا قانون، و بدون مؤسسات لهذه المعارضة، حتى تحت سقف النظام، ممنوع التأسيس! هذا الخيار يزيد من إقفال الباب أمام أي حراك سلمي، والدخول في حالة موات من جديد.

الإعلان لم يستطع ترجمة عمله عبر أية فعالية كانت، باستثناء تحوله إلى منتج بيانات بين الفينة والأخرى، حتى هذه من الواضح أنها باتت في حدها الأدنى، وهذا بالضبط ما يريده أهل النظام. مثال يبدو أنه خارج هذه المعركة غير المتكافئة أبدا، بين الإعلان وأهل النظام، كيف يمتلك الإعلان آليات لتجديد دمه بالأجيال الشابة؟ هذا أمل يتوقف عليه استمرار الدفق في حياة الإعلان. وكي لا يفهم كلامنا على غير محمله، ندرك أنه في ظل هذا النوع من الأنظمة لا حياة لمعارضة ديمقراطية. وإن دخل الإعلان مجال العمل السري، وهذا ما يريده أهل النظام أيضا. لأنه يتيح بلا حاجة إلى من يهاجم الإعلان إلى البطش به بقضه وقضيضه. العمل السري له وجه مؤامرتي يريده أهل النظام، لكي يلصقه بالمعارضة. ما نريد قوله هنا أن أهل النظام من خلال تصعيد الوضع الإقليمي، يجعلون الحديث عن أوضاع سورية الداخلية، حديثا بلا وزن. مفارقة أخرى: قبل أن يجف حبر إعلان الإدارة الأمريكية عن وضع سورية في اللائحة السوداء لحقوق الإنسان في تقرير وزارة الخارجية، حتى استيقظنا صباحا على مقالات، تندد بهذا السلوك ذو المعايير المزدوجة، وتتساءل عن التوقيت؟ وما الهدف؟دون سؤال ما العمل المطروح على قوى الإعلان وشخصياته؟ في ظل وضع دولي مترد، وعربي يكفيه ما هو فيه، وإن كان حاله أفضل فإنه ليس بوارد أن يلتفت إلى أوضاع السوريين، عسى أن يسمعنا السيد عمرو موسى. ربما في وقت من الأوقات سيتحدث العرب، عن حزب الله السوري! ربما من يدري؟ فإيران شغالة، في غزو تحتي وممنهج للمجتمع السوري. بالتأكيد من يمنع تشكيل مثل هذا الحزب حتى اللحظة هو النظام نفسه، لكنني من باب الهذيان أعتقد أن إيران باتت تملك في سورية قوام إعلان حزب لله عرمرم، في حال رأت الظرف مناسب. ربما تنعقد قمة بعد لأي من الزمن، في دمشق ويفتتحها الرئيس الإيراني في ذلك الوقت، وإعلان دمشق، سيجد وقتها من يتهمه أنه ضد وحدة الشعوب الإسلامية!

غسان المفلح


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى