صفحات سورية

جهات خارجية وداخلية عكست تحفظ سوريا عن الكتلة الوسطية

null
روزانا بومنصف
تلتقي معلومات متعددة المصدر محلياً وغربياً على تأكيد وجود تحفظ سوري عن حصول رئيس الجمهورية ميشال سليمان على كتلة نيابية يمكن أن تشكل دعماً لحكمه في السنوات الخمس المقبلة. وهذه المعلومات نقلت مباشرة عبر مسؤولين، تردد انهم فرنسيون الى جانب آخرين، كما نقلت عبر قوى من 8 آذار الى بعض المعنيين الى رئيس الجمهورية نفسه في معرض دفعه نحو تأكيد رفض حصوله على كتلة نيابية، وحضه على القيام بمسعى من اجل التوفيق بين رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون والنائب ميشال المر.
وثمة معلومات تتحدث عن تساؤلات مباشرة طرحها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي امام الرئيس سليمان لدى زيارته الاخيرة لبيروت في هذا الاطار بدت غير معبّرة عن هم مباشر لدى الرئيس الفرنسي ما عبّرت عن هواجس سورية.
وهناك من يقول ان الرغبة في ابتعاد سليمان عن الحصول او السعي الى كتلة وسطية لا تعود الى اسابيع خلت بل الى أشهر. وتفيد هذه المعلومات ان الرئيس سليمان عمل فعلاً على رصد أصداء التوفيق بين الجانبين في المتن الشمالي والتقى لهذه الغاية تباعاً كلاً من الوزير الياس المر والنائب ميشال المر ولكن واجهته عقبات تمثلت في نية المر الاب تأليف لائحة بالمرشحين المحتملين ثم قبوله بترك مقعدين لتيار العماد عون في اللائحة التي سيؤلفها وليس اكثر من ذلك، الامر الذي لا يقبله عون الراغب في عدد اكبر.
والمعلومات الاخرى نقلت الى الوزير الياس المر مباشرة خلال زيارته الاخيرة لدمشق، وقبل ذلك عبر زوار اوروبيين لكل من سوريا ولبنان.
كما تتحدث معلومات عن كشف ساركوزي الموقف السوري من الكتلة الوسطية امام الوزير المر لدى انتقاله معه في المروحية التي اقلتهما الى الجنوب لتفقد القوة الفرنسية العاملة في القوة الدولية هناك. ذلك ان خسارة مقاعد المتن الشمالي في الدرجة الاولى او غالبيتها ستكون آثارها بالغة على كل من “التيار العوني” في الدرجة الاولى كما على المعارضة والحلفاء الإقليميين. وكان أحرج الرئيس سليمان اعلان المر الاب لاحقا ان كتلة مستقلة ستدعم الرئيس سليمان وتمتد من المتن فكسروان الى جبيل نتيجة هذه المعطيات، وما لبث النائب المر ان اوضحها حرصا منه على عدم التسبب باحراج للرئيس سليمان.
ولهذه الاسباب ترسم أوساط سياسية علامات استفهام تلي الشكوك حول احتمال اجراء الانتخابات او تعطيلها. ففي ظل تأكيدات من كل الجهات لحصول الانتخابات في مواعيدها تبرز علامات استفهام تتمحور على ما يمكن افتعاله من حوادث امنية في الدرجة الاولى أو سياسية للتأثير في نتائج الانتخابات، اذا ظهرت مؤشرات جدية الى أن فريقاً معيناً لن ينال الاكثرية النيابية، علما ان ثمة معلومات افادت عن تحذيرات من حوادث كبيرة معينة يمكن ان تقع، وقد سمعها بعضهم، في حال لم يفسح في المجال امام مواقع معينة لحلفاء لهم في مناطق محددة، في حين لا يبدو ان لهؤلاء حظوظاً كبيرة فيها، او قد يواجهون احتمالات عدم الفوز.
والى هذه المعلومات، هناك المواقف التي عبّر عنها العماد عون نفسه مهاجما الكتلة الوسطية، وكذلك فعلت القوى الاخرى المتحالفة مع سوريا، الى جانب الصحافة السورية التي نعت “كتلة الوسط”، في ما يفهم موقفاً سورياً واضحاً برفضها. علما ان ثمة قلقاً حقيقياً يثيره معنيون على الوضع المسيحي نتيجة لهذه المعطيات. فكلام الرئيس نبيه بري مثلاً وقبله اشارة مسؤولين في “حزب الله” الى انه في حال فازت قوى 8 آذار بالاكثرية النيابية فانها ستصر على موقع للنائب سعد الحريري في الحكم وكذلك للنائب وليد جنبلاط. وهذا يفيد ان هناك مجالاً لتوافق في الحكم بين السنة والشيعة اياً تكن حسابات التوازن بين فريقي 14 و8 آذار، في حين ان رفض الكتلة الوسطية لرئيس الجمهورية سيحد من قدراته على ان الحكم. بل ان هذا العهد ربما يكون محكوما بالشلل بصرف النظر عن الجهد الكبير الذي يبذله الرئيس سليمان من اجل انجاح بعض المسائل الحادة والشائكة، وهذا يترجم مثلا في موضوع الموازنة على الاقل إن لم يكن في مجموعة مسائل اخرى ايضا.
وفي موازاة ذلك، فان غياب التوافق بين الافرقاء المسيحيين واستحالة المصالحة في ما بينهم في اي شكل، على رغم توافقات محتملة بين الطوائف الاخرى في بعض المناطق، سيعززان انقسامهم وتشرذمهم وعدم قدرتهم على التأثير في هذا الجانب او ذاك او في السياسة العامة للدولة، بمعنى انه لن تكون هناك أي قيمة فعلا للصوت المسيحي لا من رئيس الجمهورية ولا من القوى الفاعلة، في حين يعتبر كثيرون، حتى بين قادة الطوائف الاسلامية، ان فرصة تاريخية أُتيحت للمسيحيين من أجل اظهار مدى اهمية قوتهم وحضورهم في لبنان في المدة الاخيرة فلم يحسنوا استغلالها وتوظيفها، بل على النقيض من ذلك ساهموا في اضاعتها من خلال الاصطفافات التي قاموا بها. ولذلك يدفع البطريرك الماروني الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير في اتجاه دعم موقع رئاسة الجمهورية لادراكه أبعاد هذه الطروحات وانعكاساتها الفعلية وإن لم يقصد القائلون بها ذلك مباشرة، والبعض يقول انه يشجّع العائلات الكبرى على استعادة حضورها ومعها الحضور المسيحي بعيدا من الاصطفافات التي انهكت المسيحيين.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى